هذه الدراسة تقدم وصفا جيومورفولوجيا بحتا لبعض الأشكال الأرضية على طول خط الساحل بين مسقط ورأس الحد. قبل البدء في هذا الموضوع سنقدم نبذة مختصرة عن بعض المحاولات لتطوير نماذج تصف وتصنف خطوط الشواطيء.
فمنذ مطلع هذا القرن كانت هناك عدة محاولات لتطوير نماذج لتصنيف خطوط الشواطيء والأشكال الأرضية فيها. بعض هذه المحاولات تعاملت مع هذه المشكلة من وجهة نظر أصولية (نشأة خط الساحل ) مكر تصنيف جونسون (1919) وتصنيف كرتون ( 1954 لم والبعض تعامل معها من وجهة نظر وصفية بحتة مثل تصنيف شيبارد (1976) وبعضهم فضل مزيجا من الاثنين مثل فالنتين 1952. وهناك تصنيفات أخرى بعضها قائم على المفهوم الجيولوجي لتكتونية (حركة ) صفائح القشرة الأرضية مكر تصنيف إنسان وفوردوستروم ( 1971) وهناك تصنيفات أخرى اعتمدت وجهة النظر الديناميكية مكر تصنيف بلوم (1965) . ومن الجدير بالذكر أن لكل تصنيف من هذه التصنيفات عيوبه ومحاسنه التي تجعل من الصعب تطبيقا . نظرا للتنوع والتعقيد في الأشكال الأرضية الساحلية في هذه المنطقة ونتيجة لعدم توافر معلومات كافية عن كيفية نشوء خط الساحل هذا ولا عن العمليات التي تشكلا،كانت هناك صعوبة في اختيار واحد من تلك النماذج التي حاولت تصنيف الأشكال الأرضية الساحلية . لذلك تم اتباع وصف جيومورفولوجي بحت للأشكال الساحلية المنتشرة في هذه المنطقة دون التقيد بتلك النماذج .
الوصف العام لخط الساحل :
يمتد هذا الساحل مسافة 200 كم تقريبا عل طول خط الساحل الجنوبي الشرقي من خليج عمان بين مسقط في الشمال الغربي ورأس الحد في الجنوب الشرقي. والجدير بالذكر أن هذه المسافة هي شبه خط مستقيم ولو أضيفت اليها أطوال الخيران الكبيرة المنتشرة على طول الساحل (مثل بندر الحيزان ، خور البطح ، خور جراما وخور الحجر) لأضافت الى ذلك الطول .
بخلاف خطوط الساحل المجاورة مثل ساحل الباطنة والساحل الغربي للخليج العربي التي تتميز بانخفاض وتجانس أشكالها الساحلية التي في الغالب كانت سهلا ساحليا متسعا ومنخفضا تكثر فيه الحواجز الرملية فإن ساحل هذه المنطقة يتميز بو عورته وتغلب عليه الجروف الصفرية خاصة في المنطقة بين مسقط وقريات حيث صخور الأوفيوليت والحجر الجيري ترتفع مباشرة من خط الساحل . في بقية أجزاء الساحل تكون الجروف الصخرية منخفضة نسبيا وتكثر فيها الارسابات البحرية القديمة المتماسكة التي تكونت في الزمن الجيولوجي الرابع . وجود الارسابات البحرية القديمة يعطي هذه المنطقة أهمية خاصة لدراسة نشأتها وبالذات دراسة تغيرات مستوى سطح البحر فيها. من جهة أخرى فإن الرصيف القاري المحاذي لهذا الساحل يمتاز بضيقه وعمقه اذا ما قورن بالرصيف القاري للسواحل المجاورة التي يكون الرصيف القاري فيها ضحلا ومتسعا. فمثلا نجد أن خط العمق 0 20متر يكون على بعد 5 الى 10 كم من خط الساحل بينما في ساحل الباطنة يكون الرصيف القاري ضحلا ومتسعا ويكون خط العمق 0 20م على بعد 25كم تقريبا.
الاشكال الساحلية الموجودة على خط الساحل:
أولا: شواطي الجروف الصخرية
تشكل الجروف الصخرية ما يقارب من ثلثي مسافة خط الساحل . ويختلف التكوين الصخري لهذه الجروف من مكان الى آخر فهناك السواحل الصخرية شديدة الوعورة والارتفاع مكر خط الساحل بين مسقط وقريات حيث ترتفع الحواف الجبلية الى 1000 متر فوق سطح البحر كما هو الحال في جبل أبو داؤود. أما نوعية الصخر في هذا الجزء فتغلب عليه صخور الأوفيوليت (قشرة محيطية ) والحجر الجيري. تقطع هذه الحواف الجبلية مجاري مائية بعضها قصير والبعض الآخر كبير مكونة خوانق عميقة وضيقة تتوافق مع خطوط الانكسارات مما يشير الى أن هذه الأودية صدعية .
وقد نحتت الأمواج على هذه الحواف الجبلية أرصفة نحت بحري على شكل مدرجات متتالية يصل ارتفاعها الى 300 متر فوق سطح البحر. هذه المدرجات شواهد قاطعة على التغيرات النسبية في مستوى سطح البحر ودليل على عمليات الرفع التكتوني في الزمن الجيولوجي الرابع .
من جهة أخرى هناك شواطيء صخرية مكوناتها من ارسابات بحرية متماسكة (متحجرة ) خاصة في الجزء الساحلي بين ضباب وصور حيث تبتعد الحواف الجبلية عن خط الساحل مكونة سهلا صخريا ضيقا لا يزيد ارتفاعه عند خط الساحل على 4,5متر. وتتثل هذه الجروف الصخرية في المصاطب الحصوية والمرجانية والشواطيء المرفوعة التي تتكون من حصى وبقايا قوا قع ومحار ومرجان متماسكة بفعل كربونات الكالسيوم (مادة لاحمة ).
ثانيا :الشواطيء:
توجد الشواطيء في هذه المنطقة الساحلية بشكلين من حيث التكوين فهناك الشواطيء الرملية وهناك الثسراطيء الحصوية وجميعها يمثل )33% من طول خط الساحل تقريبا.
1 – الشواطيء الرملية : توجد عادة في هيئة شواطيء صغيرة مغلقة بين حواف صخرية عند مصبات الأودية . أما الشواطيء الرملية التي يزيد طولها عل الكيلومتر فتوجد في السيفة وقريات وصور وشياع ورأس الحد.
شاطيء مكلا وبر مثال على الشواطيء الصغيرة المغلقة . يقع هذا الشاطيء بين قريتي فنس والشاب الساحليتين . يبلغ طوله 250 متر ا وعرضه 50 مترا تقريبا واحده حافتان صخريتان . هذا الشاطيء يتكون لم منة غيره من شواطيء هذا الساحل لم من رمال نظيفة وشديدة البياض تتراوح أحجامها بين الناعم والخشن
( 1, – 2ملم ) . نظافة الرمال تعود الى أنها عرضة لعمليات الفسل بفعل الأمواج أما شدة البياض فتعود الى أن هذه الرمال لم يتكون على سطحها بعد غطاء من الأكسدة مما يعني أنها حديثة التكوين .
ان الفحص الميكروسكوبي لعينة من حبيبات الرمال أظهر أن ترتيب الرمال من حيث الحجر صعيف ( ناعم وخشن ) وكذلك في شكل حبيبات الرمل التي تتراوح بين المتضرس (الزوي) الى شبه المستدير وهذا يعكس بيئة بحرية ذات طاقة عالية نسبيا.
أما من حيث التكوين فإن 90الى 95% من حبيبات الرمال كون من كربونات الكالسيوم (أي من بقايا قوا قع ومحار وجان مفتت بفعل طاقة الأمواج ) بينما تمثل المواد غير الكربونية عير العضوية ) مثل الكوارتز والفلسبار النسبة القبيلة المتبقية . هذه النسبة في مكونات رمال الشاطيء تعكس اعتماد هذه شراطي، شبه الكلي على المواد الكربونية التي تتكون في البحر . ربما تعكس أيضا مستوى عاليا من الانتاجية للمرجان والقوا قع بحرية الأخرى.
في المقابل فإن محدودية (قلة ) نسبة المواد غير الكربونية( كوارتز) بين حبيبات رمال الشاطيء تعكس مستوى منخفضا ن وصول الارسابات ذات الأصل القاري التي قد تصل عبر مجاري المائية القصيرة في هذه البيئة شديدة القحولة .
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الشكل العام لخط الساحل الممتد في اتجاه شمال غرب – جنوب شرق يتوازى مع الشكل العام لامتداد جبال الحجر الشرقي المطلة على هذا الساحل مما يعوق وصول الارسابات الرملية المحمولة بواسطة الرياح الى الساحل .
هناك أشكال أخرى من الشواطيء الرملية في هذه المنطقة وهي الرؤوس والألسنة والحواجز الرملية . يتطلب أن تكون هذه الأشكال امتدادا كبيرا من الرمال سواء كان من البر أو البحر. لذا نجد أن هذه الأشكال توجد أمام ساحل قريات (مثلا ) حيث تصب أودية عديدة وكبيرة أهمها وادي ضيقة ووادي مجلاس حاملة معها الارسابات الرملية فتقوم الأمواج والتيارات البحرية بتشكيلها في هيئة رؤوس وألسنة وحواجز رملية ممتدة داخل البحر.
لكن من أحبر وأشهر الرؤوس الرملية رأس الحد وهو لسان بحري كبير مثلث الشكل قاعدته في البر بينما أحد اضلاعه يمتد أكثر من 3كم بموازاة خليج عمان والضلع الأخر يمتد3 كم بموازاة بحر العرب ويلتقي الضلعان ليكونا رأسا رمليا يمتد في البحر .
هذا النوع من الرؤوس الرملية الكبيرة المثلثة الشكل تتكون في أماكن التقاء نظامين سائدين من الرياح التي بدورها تولد نظامين سائدين من الأمواج التي بدورها توليد نظامين سائدين من الامواج البناءة . وبما أن رأس الحد هو نقطة التقاء الرياح الجنوبية الغربية السائدة في بحر العرب والرياح الشمالية الشرقية السائدة في خليج عمان فقد تكون هذا الرأس الرملي بفعل نظامين من الأمواج البناءة تولدت عن هذين النظامين من الرياح السائدة .
2- الشواطيء الحصوية :
تكثر الشراطيء الحصوية في المنطقة الواقعة بين قريات وقلهات وعادة تكون عند مصبات الأودية خاصة الكبيرة منها حيث يتكون بروز على شكر مروحة من الرواسب الحصوية تمتد على جوانبها ولمسافات طويلة شواطيء حصوية . وفي كثير من الأحيان تحيط بجوانب هذه الشواطي؟ مصاطب حصوية مرفوعة .الجدير بالذكر أن الشواطيء الحصوية تفوق عدد الشواطيء الرملية في المنطقة الواقعة بين ضباب وصور وذلك بسبب طوبوغرافية المنطقة التي تتكون صخور جبالها من الحجر الجيري من جهة والمسافة القصيرة التي تنتقل عبرها هذه الصخور بواسطة المياه الجارية الى خط الساحل فتتشكل الصخور الكبيرة نسبيا لتصبح مستديرة فتكون الشاطيء الحصوي أما الصخور صغيرة الحجم فإنها تتفكك وتتحلل كيميائيا حتى تتلاشى. وبخلاف الشواطيء الرملية فإن تصنيف الحصى من حيث الحجم في هذه الشواطيء أكثر وضوحا. فالحصى صغير الحجم يكون في نطاق المد الواطي أما الحصى الأكبر حجما فيكون في نطاق المد العالي .ويعود هذا التصنيف الى الحركة المرجعية للأمواج (المياه العائدة ) التي تدحرج الحصى الصغيرة الحجم الى الشاطيء الأمامي ويبقى الحصى الأكبر نسبيا في الشاطيء الخلفي.
من الجدير بالذكر أن هناك أشكالا ساحلية أخرى منتشرة على طول خط الساحل منها الخيران التي في كثير من الأحيان يصاحبها وجود غابات من أشجار القرم وكذلك السبحات الساحلية . وهناك أيضا الأشكال الكاريستية التي تشكلت بفعل الإذابة لكن هذه تمثل نسبة ضئيلة من خط الساحل .