أطلت برأسها علي ذات ظهيرة ،وأنا جالس ، المترو. قررت بعد قراءة رسائل أهلي أن اسرق السوبرماركت الكبير في المدينة وأسفره الى هناك. اتقدت أول الأمر في ذهني امارات لشك من النجاح ، غير اني استعنت نتهوري،فأطاح بما تبقى من ترددي.
كان السوبرماركت لا يبعد عن محل عملي إلا بضعة أمتار، والعاملون فيه يعرفونني،أي أنهم سيتعرفون علي بسهولة لو حدث واشتبه البوليس بي. ولأجل حل هذه العقدة قررت شراء تذكرة طيران الى احد البلدان القريبة من هنا، تكون دليلا ل غيابي عن البلد وقت السطو على السوبرماركت.
أخبرت زوجتي بالخطة ، فلم تتحفظ أو تمانع ، `نها وجدت فكرتي نبيلة وهي التي تعاني مثلي ، الجوع المحيط بأهلنا هناك.
في ليلة التنفيذ، وكانت ليلة صيفية ، حلت علينا حرارة غير منتظرة ، كان الفسق يلتف على المدينة من جهاتها، فلونها بالقرمز الفيروز. ودعت زوجتي، وسمعتها تقول لي أنا أعطيها ظهري "الله معك ولا تهن ".
كان جزء من داخلي نائما وقت التخطيط ، فإذا به يستيقظ أثناء التنفيذ، فلخمته بحبة فاليوم.
أنا الآن في باب السوبرماركت ولا أحد يراني، ولكي انتهي من الأمر بأسرع ما يمكن ، فقد وضعت تحت أركان السوبرماركت عجلات معدنية. دفعته فبدأ يتحرك ، ثم ازدادت حركته ، فأصبح شبيها بالكرسي المتحرك الذي يجلس عليه رئيسنا.
أخرجت حبلا من حقيبتي، وربطته بواجهة السوبرماركت القضبانية ثم سحبت الحبل ، فانصاع لي وتخيلت وأنا غارق في الضحك ، بأنني أسحب سجنا من قضبانه.
واصلت سحبا، وتوجهت الى الديسكو الذي يعطف العرب عليه ، اخليت بثلاثة منهم ، فباركوا همتي. وكان أحدهم يسمونه بالفقيه ، فالتمست منه أن يحلل غنيمتي، وأن يقرأ عليها ما تيسر من أدعية ، كي تصل سالمة الى مقصدي. فعل الرجل ، فإذا بالسوبرماركت يرتفع عن الأرض ، ويختفي في الأفق مثل دخان سيجارة.
عدت الى البيت ، فأطفأت ظمئي بزجاجة جعة مثلجة. رن الهاتف بعد لحظات. كان أخي على الجانب الآخر، شكرني أولا وضخم افتخاره بي في جمله اللاهثة ، لكنه أضاف بأن القوانين الجديدة
تحظر دخول بعض السلع ال هناك ،وكل موجودات السوبرماركت من النوع المحظور، لذلك فانه ملزم بإخراج السوبرماركت من البلد خلال ساعتين.
تحسرت أول الأمر، وبعدها طلبت من أخي أن يمهلني ساعة كي أحصل من الفقيه على السر الذي يمكنه من إعادة السوبرماركت الي. انطلقت الى الديسكو، وفتشت عن الفقيه ،كان مرافقاه يقفان في باب الديسكو لشم الهواء أو ربما لبيع الحشيش. سألتهما عن الفقيه فأخبراني بأنه في الداخل ، دخلت وتفحصت الوجوه ، فلم أجده. وجدت نفسي وقد هاجمتني الحاجة للبول ، سرت ال المرحاض ، فلمحت الفقيه خارجا من أحدى لكابينات.
سردت له ما جرى، فأعطاني السر على عجل. مدت الى منزلي وهاتفت أخي مخبرا إياه بما يفعل.
بعد قليل كان السوبرماركت يربض أمام داري وقد علته طبقة من الغبار، أخرجت الحبل من حقيبتي، وربطته بواجهته القضبانية ثم سحبته حتى أعدته الى مكانه الأول.
في طريق العودة الى داري،أحسست بأن حشائي تكاد تخرج من فمي لشدة ضحكي.
صلاح عبداللطيف (قاص عراقي مقيم في المانيا)