شهدت سلطنة عمان خلال العقدين الماضيين ظاهرة انتشار الكتابات بتنوعها نسبيا. ولكن أهم ما يمكن رصده، خصوصا في ظاهرة الكتابة الثقافية الأدبية لدى بعض من يكتب مقالة ما، أن يضع اسمه وصورته في فوهة قلمه. أو أن (بياض القرطاس ) يجب أن ينحني ليرسم ما يحلو له ويلغي ما لا يعجبه. فذائقته يجب أن تكون قبسا من نور ويجب أنيكون سيفه قاطعا في الحكم وابداء الرأي. فهو أولا وأخيرا طاهر والآخرون في فلك الطهارة بأقل منه سائرون. وان قدم وآخر بأسماء رائع هذا اللهاث، ورائعة هي الكتابة، ورائع جهد من يجاهد خصوصا بالكلمة الحقيقية الفاعلة والصادقة. الكلمة التي تقول شيئا لتحرك الساكن لتفتح دوائر الماء نحو الحركة من سكونية الحال، دون ادعاء بأولوية السبق والفاء الآخرين (كم من غيور (غيز) أسالت فلجا واحدا فقط ) دون أن تدعي واحدة منها نقاء سريرتها وعرقها الحي وموت الآخرين. فالكتابة ليست أولية بالاسم الواحد أو الاسم الفردي فهي نهر جار يرفد بعضه بعضا. والمحاولات الرائعة في الكتابة.. ستظل رائعة، وهي التي تقول عن نفسها. صحيح أن الكلمة النافعة مطلوب المجاهرة بها والدفع بها أيضا نحو فضاء المعرفة والانتشار. فالأيام تمضي كأنها تحرق بعضها بعضا من شدة سرعتها الطاحنة والمملة مع بوادر تتبدى ضئيلة وخجولة الى درجة السكون على ساحة المشهد الثقافي العمان. هل يعقل لحد الآن ونحن في الألفية الثالثة بأن سلطنة عمان لا يوجد بها اتحاد أو هيئة (هيئات ) ثقافية فاعلة. وكما هو معروف ومتداول في القول ان النادي الثقافي والمنتدى الأدبي لم يعد لهما وجود في الواقع الثقافي الا كواجهتين فقط، وهناك فرص كبيرة لأن يتم تفعيل دورهما بتغيير بعض القوانين الداخلية التي تم بموجبها انشاؤهما.
وهذا القول ليس بجديد. كتبت عن هاتين الواجهتين الثقافيتين (خلال السنوات الأخيرة ) العديد من المقالات والأعمدة الصحفية، ولكن يبدوان الأمر لم يثر اهتمام أحد لهذا بقيت الأمور على حالها الى أجل غير مسمى وكما يقال الشئ بالشئ يذكر حول ضبابية المشهد الثقافي العماني وبطء مسيرته. هنا أستذكر لقاء جمعنا بالمسرحي المغربي الطيب الصديقي (83/1984)الذي زار السلطنة والتقيته بعد عودته في الرباط.
قال : (الزمن هناك منعدم ) ويقصد هنا اختفاء وانعدام الزمن الثقافي وتفاعله وليس الأزمان الأخرى الاقتصادية.. وغيرها.
فهي التقاطات عين وحياة فنان زائر، تطابقت تلك الهواجس مع هواجس زوار عديدين تمت اسضافتهم في ملتقيات شعرية وأدبية في عمان حول ضرورة الادراك بأهمية، كما يقال : لم الشمل الثقافي صعودا بالابداع، وامتدادا بالانتشار والاشهار.
وحسب ما تناهى الى علمي (قبل الالفية الثالثة ) ان هناك تصورا جاهزا لوجود (اتحاد كتاب ) ولكن كيف يظهر، أو ينبلج فجره، أو تطل اشر اقته فهو في علم الغيب. ولكن حسب ما تؤشر اليه الحالات ليس ببعيد.
نتمنى قرب المسافة باشهاره واعلانه. كما نتمنى أن يكون هذا الاتحاد في حالة اشهاره وظهوره واجهة ثقافية لكل مبدع ومبدعة. كاتب وكاتبة. فهو بيت عمان الثقافي، المكان الذي تلتقي فيه الابداعات بتنوعها وهذا يتطلب مسؤولية مضاعفة من قبل الافراد القائمين عليه والمنتسبين اليه في العطاء والتفاني والعمل التطوعي دون مأرب شخصية.
أمنيات تبدو في مناحيها الحلمية سابقة لأوانها لكنها صخرة صغيرة تتدحرج في مسالك الأودية العمانية هل تصل البحر أم تفرق في ضوء الشمس.