ها هو يطل من بيت الزجاج
يعقد صفقة مع حالة الطقس
كائناته الزرقاء
تحتفل بترتيبه الجديد
وتتيح لانحناءات الغرف
اتساعا
تملأ الشمس فراغاته بانتظام
يقلقه
ها هو يدخل مسار الشمس
كأنه في فيلم خرافي
وبجسده الضئيل يتحكم في شكل ياقة البلوفر
وألوانه
وأحيانا.. ببقايا الفتيات المبهورات،
بالخارج من عزلته الان
الذي يبدو وحيدا
مثل كافكا
في لوحة، أرضيتها الصفراء
كانت تلائم أحيانا برنامج أيامي
المزدحمة.
مثل كافكا
والدهشة تخبط هواء المقهى
تسحبه الى حجرات سرية
تتجول معنا
وتصحبنا الى بيوت مألوفة
يستعير أسقفها ليكتب عليها رواية
ونستعير السرير لننام في انتظار
طويل
كأنه سيقابله بعد لحظات
يتقاسمان الزجاجة الصغيرة
وتفاصيل وجهيهما المنحوت
سنسمع قصصا مختلفة
عن نحات يعبر الشوارع
بخريطة قديمة للقوافل
وزميله الذي احترف سكن الحانات
الرخيصة
والحجرات الملتصقة بالبنايات
العملاقة
يتحركان
ايقاع حركتهما المختلف
يلفت نظر العابرين الى منتصف
الميدان
وبائع الكتب
الذي سيبتسم لاختفائهما معا.
على باب البيت
صورة كبيرة
إنهم كانوا هنا
والتليفون يدق بانتظام كل أربعين دقيقة
رحلة
أعبر فيها ممر صور متكررة
تصغر كلما اقتربت
من صوت الجرس
أعرفهم الان
كل واحد اخترعت له حكاية
يعبر معي
الى الحجرة التي أصبحت مقهى
نترك فيه حكايات أصغر
يسميها الشحاذ العابر:
الناي
الذي يبحث عن شجرته
كلماته مضحكة
نصفر على ايقاعها..
وعلى ما نتخيله يدور
تحت سطح الميدان الصامت
ليست هناك امرأة تمر الآن
لكن الاسفلت يحتفظ بصوت حذاء جديد لامرأة نحيفة
كانت تبحث عن
قطعة نقود معدنية
لا يختفي رنينها
التليفون
أكل صوتها
وترك هيستيريا الشارع
لأرقص عليها
على باب البيت
بقايا الحكايات
التي امتصت الألوان القديمة،
ضجيجها الخافت
ومنحت لشخوصها حضورا
يصاحبنا في غزواتنا الليلية.
وفي المرات النادرة التي لمسنا فيها صوت تنفس امرأة.
وفي نصف المرآة
التي جرحت انتصارنا على الرجل المهندم
نرى أساطيرنا
تطل من الجيب الخلفي لراكب الاتوبيس المزدحم
وهو يقفز فجأة
ليفتح باب البيت.
… وتصعد كبالونة صابون
من الممر الذي يضيق عند الحجرة
قبل تهيؤ جلدي للرذاذ
أرى رغبتي: كائنات تولد في فراغها
وصرخة ألمي مكتومة، تتسلل
السلم معها
إلى باب بيتنا الموارب
لتنام على ملاءات تطل في الصباح
برسومات دقيقة
يعكسها الليل
على زجاج نافذة جارنا الصامت
الذي يجعل مدخل بيته متحفا
لصفائح ماء يسكبها ليرى
في مرآة السلم
كائناته تولد في فراغ…
أحب كتابة قصائدي القديمة
وأقنعها بأن الشعر لا يصلح للمناسبات السعيدة
علاقتنا الناقصة
دليل على ذلك
ولأن ظلالنا المرصوصة.
على حائط، اعتنت هي بألوانه الناعمة.
لا تغير أوضاعها
اعتبرتنا كسالى
لا ننتظر المترو
ونظل طوال ليلة كاملة
ننظر الى راقصات ضوء هارب
رشيقة
كفراشة دخلت علبة السكر
تعبر
مع ذرات الهواء التي كلما
خرجت من شباك الصالة
عادت…
رحلة ممتعة.
لكائنات لا تمر إلا من الفتحات
المواربة.
وائل عبدالفتاح(شاعر من مصر)