ميلا محمد سالم
أبو محمد عبد الله ابن محمد الأزدي، المعروف بابن الذهبي، كان طبيبًا وعالم نبات وصانع طب، وكيميائيًا ولغويًا من أصل عُماني، واستقرّ فيما بعد بطوائف فالنسيا حتى نهاية أيامه (1061).
من بين الأعمال التي ربما يكون ابن الذهبي، قد كتبها، فإن الكتاب الوحيد الذي نجا حتى يومنا هذا هو كتاب الماء. إنها تركيبة واسعة النطاق مكرسة في مجملها لدراسة اللغة العربية والطب وعلم النبات، وكذلك علم الحيوان وعلم صناعة الطب وعلم المعادن، ويغطي بشكل أساسي الأوصاف النحوية والطبية للمفردات التي تتألف منه.
عثر محقق هذا الكتاب، د. هادي حسن حمودي، على نسختين من مخطوط كتاب الماء في مكتبة خاصة في مدينة غرداية الجزائرية، وكلا النسختين، بعد العنوان: كتاب الماء، تحتويان على اسم المؤلف: أبو محمد عبد الله الأزدي وفي النسخة الثانية أضيف بعد الاسم “ابن الذهبي”.
مالك تلك المكتبة، الشيخ ابن عاشور، عارض أي تسليم لتلك الأوراق لأي نسخ آلي، ولم يسمح بنقلها خارج منزله. ومع ذلك، فقد سمح للمحقق بعمل نسخة، هناك، في مكتبته، ولكن في شكل مخطوط.
هكذا حصل المحقق على نسخة واحتفظ بها قرابة خمسة عشر عامًا، إلى أن أصدر عام ١٩٩٦ الطبعة الأولى من كتاب الماء بالتعاون مع وزارة الثقافة العمانية.
يقدم المحقق عنوانًا فرعيًا لافتًا للنظر لإصداره، “الماء: أول معجم طبي لغوي في التاريخ”. ان هذه العبارة حقيقية بالفعل، لأنها تلبي جميع شروط المعجم الذي يشمل اللغة والطب في البعد نفسه. حتى الآن، الكتاب الذي يتمتع بهذه المكانة، “أول معجم لغوي طبي في التاريخ”، هو “سينونيما سيمونيس خنونسيس”، الذي يرجع تاريخه إلى عام ١٢٨٨.
في المصادر التاريخية العربية نجد بالفعل ذكر هذا المؤلف: ابن الذهبي ودليل واضح عن هذا الكتاب. من بين هذه المصادر، يمكننا ذكر كتاب “عيون الأنباء في طبقات الأطباء”، وهو من تأليف ابن أبي أصيبعة (القرن الثالث عشر) الذي يقول فيه:
هو أبو محمد عبد الله ابن محمد الأزدي ويعرف بابن الذهبي، أحد المعتنين بصناعة الطب، ومطالعة كتب الفلاسفة، وكانا كلفا بصناعة الكيمياء مجتهدا في طلبها. وتوفي ببلنسية في جمادى الآخر سنة ستة وخمسين وأربعمائة.
ولابن الذهبي من الكتب: مقالة في أن الماء لا يغدو”1 .
آخر خبر لدينا عن هذه المخطوطة ونسختها أنه عندما اتصلنا بالدكتور هادي حسن حمودي لطلب المزيد من المعلومات حول مجريات تلك المكتبة وتلك الأوراق من كتاب الماء، ذكر أن المكتبة احترقت، ولذلك فقد احترقت جميع محتوياتها. بالإضافة إلى ذلك، أكد أنه يحتفظ بصورتين فقط، نفس الصور التي يلتقطها في نهاية مقدمته.
إن سيرة ابن الذهبي وكتبه لغز أو على الأقل جزء منها. ومع ذلك وبفضل الإصدار استطعنا استخلاص بعض المعلومات التكميليّة والمقنعة على أمل أن نتمكن من حل الغموض الذي يحيط بتلك المخطوطات.