الى محمد شكري
1
نحن، في لندن.
المقابر فيها مثل أبهي البيوت،
والبيت مثل القبر
فلنتفق على أننا لم نبن فهنا، مثل ما كنا بنيناه
في دمشق؛
المقابر.
الغرباء استسلموا للعراء، يا زينب الحوراء
لا تشمتي بنا:
الناس هبوا
والسكارى في ليلة الأحد
العاشق يستقبل العشيق،
هنا حاناتهم…
فأين قبور الأهل؟
أين الذين ظلوا ينامون طويلا تحت التراب المخضل ؟
تحت النجم ؟
اين السفينة ؟
الشدر والمغسل، الطواف
وتلك الأعين الدامعات من مفرز الرمل ؟
النهايات لم تكن، هي لم تبدأ
وهذا المساء ندخل في البار
كأسناننا، سواسية
نسلب ركب الغضا
ونسبي العذارى…
نحن، في لندن، التي تشتهي أجداثنا، حين نحسب
الدار دارا
2
لم تكن في البعيد
كانت تماما تحت شباك غرفتي
شجرا غائما، سأسأل عن أسمائه مرة…
ولكن، لماذا؟
أكتفي منه بالصنوبر والسرو
وصفصافة مهدلة تبكي…
وطيور الليل، والزائرون
والعشب والصعلوك…
في سلة القمامة كانت علب البيرة،
الشطائر مقضومة الى النصف…
كان الجند مصفوفين في موتهم بلا شجر،
والضابط المهندس
والطيار
والمدفعي
ينعمون عميقا
تحت أشجارهم ومرمرهم….
… … … … … … … …
… … … … … … … …
… … … … … … … …
أيان، تحنو، تحن، وارشو البعيدة…
3
سوف تأتيك نخلة
ستراها
حينما تدلهم دنياك في الليل الأخير
الجذع يدنو
حتى يلاصق شباك الغريفة،
السعفة الطولي ستمتد
بغتة…
ستراها
تتخطى الزجاج
واللوح
والقرميد
كي تصبح الوسادة
في جناح الأمير
الأمير الذي يطير بعيدا
رافلا في سحابة من حرير…
سعدي يوسف (شاعر عراقي مقيم في بريطانيا)