عالم يترجمه (طه باش ) من اللوح العاشر
ارجع الى " أوروك "!
واسأل أمك "ننسون " سليلة الآلهة ، أن تفتح فاها
وتكلم أرباب أوروك الخالقين :
لا تجهدوا أيديكم المقدسة لتخلقوا جرادا لزرع أوروك
ولا ذبابا لتمرها، ولا قملا لرؤوس فقرائها!
بل اجمعوا الطين الذي منه تريدون خلق الجواد والقمل
والذباب ،
واصنعوا منه أرجلا لمن مسختموهم عرجا من أبنائها ، وعيونا
لمن أولدتموهم بلا عيون !
ولتسألهم سليلتهم أمكم ننسون ، الا يبخلوا بالقوة على
رجل ، ويضعوا قوتهم في خنرير الأهوار!
فكفى أوروك اناسا بلا أرجل أو عيون ، وكفى خنازيرهم
ولتسألهم أمك الحكيمة : لا يكونوا على القرى أقسى من
شيوخها،
وابطش من عنانها..
ولا يكونوا آلهة شرور ورزايا: تؤنسهم زلازلهم ، يقلبون بها
قدور الفقراء على نيرانهم ! ولا يمهلون أما تكمل سحب الغطاء
على برد صغارها!
ولتسألهم : لا يفرحوا بقحطهم وجفافهم ، يغصنون به خدور
أرض أوروك ، ويحبسون فرات السماء عن قمحها!
ولتخاطبهم – بلا مواربة – ننسون ، أن يعيدوا اطه الى صدور
كهنة أوروك . .. ولو بالسياط
كما ادخل الكهنة الآله الى صدور الناس بالسياط !
هامش كهتوتي
في لحد الأديرة النائية توفي أحد الكهنة ، فعلق الدير رقعة رثاء سوداء مكتوبا عليها.
"في الساعة الرابعة فجرا غادرنا الى السماء الاخ (بيير).
فله الرحمة"
وعند الظهر مر عابر خبيث – ولعله محلد – فاضاف الى الرقعة …
ما يلي :
"السماء ني الواحدة ظهرا .. (بيبر ) لم يصلنا لحد الأن ، نحن قلقون "
لا تبرح أوروك!
فلا أمان لكن على ظهر حصان ، وان يكن أبيض العرف ، ناصع الأبوين !
واتعبر البحر، كل البحار فناياتها لا تهدي سفن الغرباء!
وفي تخوم موانيها شرور ملثمة بالمرجان !
وغدر مخبأة مقابضه تحت الآباط !
ولا عهود هناك تخجل السيوف من الرقاب ! وتحقن الدماء ولو عن نبي!
واياك أن ترفع شراعا يكنن الماء من حولك … ويملؤه نوارس كاذبة ، تتبدد
بالمجداف !
. . لا تعبر البحر ولو على ظهر سفينة "أوتو نبشتم " القصي سفيتنه المطلية
بالقار، والتي لحولها ثلاثمائة ذراع ..
هامش
"في مكتبة "شركة اتلانتك الامريكية للتأمين البحري المتبادل " معلومات خاصة
عن سفينة نوح وهي كما يلي :
"بنيت عام 2448 ق .م من خشب جوفر. وطليت بالقار من الداخل والخارج وهذا ما يؤكد عراقيتها – ملاحظة من الشاعر طولها ثلاثمائة ذراع والاتساع خمسون ذراعا والارتفاع ثلاثون ذراعا. ذات ثلاثه أسطح . تستخدم لنقل الماشية . .
صاحبها نوح وأولاده.
أخر أخبارها أنها جنحت فوق جبل ارارات!"
لا تبرح اوروك !
فلن يحتاج الأمر الى "اوتو – نبشتم " القصي. .
فعشبة خلودك التي اليها تسعي نابتة هنا في بساتين اوروك !
وتحت أسوارها تنطرح جثث الأجداد خالدة . . في الدود!
لا ترفع أسوار اوروك بعد! بل وطئ بيديك المشعرتين القويتين اسوار
مدينك !
وارفع قامات أهلها ، يصيروا اسوارك !
فليس سور من حجر أمنع من سور من رجال !
سجل كل أبناء اوروك ابناءك ! ان لم يكونوا من نسلك فمن نسلهم
أنت تكون . . يتقدس بكم ترابها الذي منه جبلتم جميعا. .
وعمر اسواق اوروك من جديد. واملأها بالتمر والبقول والسمك .
واهوازها املأها بالطيور، تعشش آمنة على ظهور الجاموس !
واستخرج المسك من ظباء اوروك الشاردة ، وتطيب به ، وطيب ثياب
رجالها ونسائها .
ودلل صغارها، كما لو من ذريتك يكونون .
فأنت مليك وراعي اوروك . وكل مولود تحت عرشك ابنا لك يكون . .
لكن امهات ابنائك هؤلاء محرمات عليك!
فإن شئت أن تكون لك امرأة تضيء فراشك ، وتصبر مساءك .
فاسع الى ابنة مليك أخر من بلد قصي، واقطبها لنفسك . .
فبنات اوروك بنأى، بينهن وبين مليكهن حد الزنا !
اختر لك من بين النساء البعيدات جارية من هناك . .
وليكن شعرها أطول من ليل المهموم !وانعم من مديح الملاك !
شفتاها عسل محروس بشموع الخدين .
لا يعطر غنجها حياء الأمة من مولاها. ولا حشمة العابدة من معبودها!
تمسح فراشة ملمسها بيديك المشعرتين .
وبيديها البيضاوين تشفف لك قتامة أساك وجهامة وجولتك !
وتحل الحرام من عريك!
في بستان انوثتها تبارك حرثك ، وتبذر بذرك ..
ثم تقطفه طفلا يتطفل في مهد يديك . ويلثغ اسمه في اذنيك . .
ويسمعك أحلى مزامير ثغائه!
لا نرحل عن اوروك !
ولا تبحث عن عشبة لدى "أوتو – نبشتم " القصي. .
فأنت تعرف أن لا خلود لك الا في اوروك ، فعدد نسلك فيها:
بشرا وبيوتا وبيادر لو قمح ونخلا، تقوي عروقا هشاشة أرضك .
وجاموسا يخلد أظلافه في الطين !
وسدودا تنسئ الماء ليوم الحاجة ، وتحمي بيوت اوروك وبساتينها من كرم
الفرات !
وطيورا تمسح الوحشة عن السماء، وتبعد الحرج عن موائد الفقراء!
وقبل أن تعود الى اوروك تعال الى حانتي الأن ، وخذ منها حكمة الملوك !
أترع كأسك ، يتبخر الحزن من رأسك ، نازلا الى قدميك .. متى أنك تدوسه
لو تشاء!
.. . وانظر لمى شحاذ اوروك يجول في أسواقها، دلالا ينادي على كرامته،
.. يبعدها برغيف ! يهان مرة ويعطى أخري.. (وهو حين يعطى.. يهان !)
انظر اليه حين يجيء حانتي به الغروب. .
أوصيت نادلي أن يهيئ للشحاذ أكرم موائدي، ويحييه: يا سيدي!
وحين الشحاذ ينهي كؤوسا ويؤذن بالرحيل ، أشير الى نادلي سرا
أن يطالبه بطية الشاربين للنادلين..
افتعرف يا ولدي كيف يسترد شحاذ كرامته . . حين يعطي!؟ ..
لا يخرج الشحاذ من حانتي الا متعثرا بكرامته الجديدة الطارئة
.. كما يتعثر الفقير بثوب عيده !
وانظر الى رجل اوروك الذي امرأته تهينه كل صباح . .
لا أترك النادل يخدمه . . بل بنفسي أقوم على خدمته.
أعوضه عن جحود امرأته.
وأدير ظهري ساعة كاملة لكل من عداه!
وحين الرجل ينهي كؤوسه ، ويأذن الرحيل . .
أضع كلى خده قبلة أخت لاخيها . . وأترك له أن يراها غير ذلك :
هامش أخير:
بعدما كشف المنقبون عن ملحمة جلجامش . وافتضح ما سرقه الكهنة
العبرانيون – في توراتهم – من قصصها ، لجأ كهنة بعدهم الى تنحية التوراة ،
وابتكار " التلمود " ! لكنهم جعلوه تلمودا مكتوما بينهم ، لا يترجم ولا يخرج من
كنيس . . مخافة أن تحل بهم فضيحة كونية أخرى . . تأتيهم دوما من بلاد النهرين !
تعال الى حانتي يا ولدي . .
ومنها تعلم حكمة الملوك . . مع الرعايا ! . .
كاظم الحجاج (شاعر من العراق)