صالح الصحن
تأتي مشاهد الاختفاء في السينما، أو في الفيلم، بأشكال وصياغات متعدّدة ومتنوّعة، وما نقصده هو أنّ خيوط السرد في البناء الروائي أو الفيلمي، تتعرّض أحيانا إلى الاختفاء، بقصدية سردية ،قد نكتشف ذلك، أو قد يمر علينا دون أن نعلم، فقد تختفي الأفكار أحيانا، أو قد تختفي الأسباب، وقد يختفي الفاعل في الجريمة، وقد يختفي مصير الأشخاص، وقد يختفي المعنى، وقد تختفي الوثائق والأسرار والأموال، وهذا الاختفاء غالبًا ما يثير الأسئلة والقلق، وهو جزءٌ من عمليّات الشدّ وجذب المتلقي، لنبحث عن معنى الاختفاء، أي: أن تختفي، أو تتخفى، من خفي تخفى اختفاءً، وقد يرد اختباءً، يعني أن تتوارى عن الأنظار لسبب أو لآخر، أو أفل من الأفول، وقد ورد لدى المفكر الفرنسي جيرار جينيت في تناوله لتقنيات السرد، بوصفه الإضمار أو التوقّف أو الحذف في خيوط السرد لأغراض تتطلّبها مسوّغات الروي أو القص، وقد تتطلّب المعالجة الإخراجيّة لمشاهد الاختفاء أساليب وتقنيات ومهارات تعتمد الدقّة في الحفاظ على سريّة الاختفاء، وتمريره بأسلوب دراميّ يُساعد على زيادة سخونة المشاهد، مع الأهمية العالية للشخصية أو الشيء المُختفي، مع بيان ردود الأفعال للشخصيّات التي أثارها هذا الاختفاء، باستخدام حركاتٍ وأشكالٍ وألوانٍ وإضاءات ومؤثرات صورية وصوتيّة تقترب من الغموض والخفوت وعلامات الاستفهام، وعادة ما تتسبب مشاهد الاختفاء في تحريك وزيادة وتائر وإيقاعات وانفعالات المشاهد المتعلقة بها، وهناك قصص فيلمية تعتمد في ثيمتها المحوريّة على الاختفاء، وبما يجعل من المشاهد الأخرى تدور عليه كما تدور الدوائر، وغالبا ما يكون المخفيّ مثيرًا، سرًّا كان أم معلومة أو شكلًا أو جسدًا ما، وبعض حالات التخفّي التي تنتج الإثارة والتشويق كما قلنا، فمثلا في السرد القصصي والسينمائي تتزايد درجات الاستجابة والاهتمام في حالات الإضمار وحجب بعض خيوط القصة وإخفائها وعدم الإفصاح عنها، هنالك صياغات كثيرة ومتعددة ومختلفة وبمسوّغات مبررة تصنع منها مشاهد الاختفاء في السرد الفيلمي، فهناك البطل الذي يفضل الاختفاء، بسبب التحسب من خطر جسيم ، وهناك شخصية انشغلت بأمر ما، وأخذ من وقتها الكثير، الذي يتطلب التفرّغ التام لها، مما يجعلها تفضّل التواري وعدم الحضور، وهناك اختفاء لوثيقة ما، تعدّ سرًّا من الأسرار، وهناك من الشخصيّات من يتعرض إلى حالة نفسيّة أو مرضيّة أو أمر مفاجئ يجعله في وضع مختفيٍ وهناك من الشخصيّات من ارتكب إثما أو خطأ بحق ذاته أو غيره، ومنهم من يكون مطلوبًا لأحد أو مجموعة، ويفضل التهرّب منها كشخصيات اللصوص والمجرمين، ومنهم من يتّخذ منه وسيلة دفاعيّة في أسلوب المواجهة مع الخصم، وهناك اختفاء قسريّ بمعنى الاختطاف الذي كثرت مشاهده في العديد من الأفلام، وهناك قصص فيلمية تتناول مواضيع اقتصادية مثلا، وفيها يعد اختفاء البضاعة وندرة وجهودها في السوق مسوّغًا لارتفاع ثمنها، ومنهم من لا تقوده نفسه للظهور والألفة، ويفضّل العيشَ في حالة الاغتراب وخاصة في تناول الشخصيات الانطوائية التي تعاني مشكلات نفسيّة، ومنهم من يتصيّد أسرار الأشخاص وحياتهم أو أموالهم أو يرصد حالات معيّنة في إطار التجسّس أو القنص أو اللصوصية، وهناك حالات أخرى، وبدافع الفضول، منهم من يرغب بارتداء الأقنعة لتمثيل دور آخر في تخفّيه، أو قد لا تعجبه نفسه لعيوب هو يعرفها في ذاته، أو قد لا يقوى على المجابهة مع الآخرين، ويمرّ بحالة وهن ما أو لضعف الثقة في نفسه، ومنهم من تنطبق عليه عبارة (إن حضر لا يعد، وإن غاب لا يفتقد) بمعنى أن ضعف الحضور هنا يعد اختفاء، بفعل ضعف التّأثير الذي تتّسم به شخصيّته وعدم التفاعل وركود الفاعليّة الإنسانية لديه، وكثيرة هي الحالات والأسباب التي تقود إلى الاختفاء، وبعضها أيضا أن تختفي أو تتخفى، يعني أن تسجل رقما إضافيا وهميّا لكائن لا وجود له، وتمسح رقمًا مبيّنًا من أرقام الشرعية والحضور، هذا الحضور الذي يتطلب من الشخصية بيان مستوى الدور الفاعل في المشهد، فالاختفاء هو أقرب ما يكون إلى السر واللغز والغياب والمجهول والعدم والهروب، أو قد يكون الضمير الغائب، أو ما يقترب من المسكوت عنه، وغيرها من السمات التي تقف بالضد من الحضور، فالغياب أو الاختفاء لن يقتصر على الشخصيات فحسب؛ وإنما قد يكون وثيقة أو صورة أو علامة أو كلمة أو ثروة، أو معلومة، أو هوية، وغيرها من الحالات، ويمكن إدراج بعض الأمثلة الفيلميّة، التي تناولت (الاختفاء) وتمثّلاته بالشكل والصيغة المصممة له في الفيلم، وفي ضوء الدوافع الآتية:
1. الاختفاء بدافع الجريمة:
– فيلم الحبل Rope 1948 لهيتشكوك: تعد الجريمة التي ارتكبها الصديقان في مشهد يجمع براندون شو (جون دال) وفيليب مورجان (فارلي جرينجر) بقتل زميلهما في الدراسة ديفيد كينتلي (ديك هوجان) بعد خنقه بالحبل و(إخفائه) في صندوق تم ترتيبه على أنه منضدة للطعام، التي أعدت لحفل عشاء يتوافد إليه العديد من الأصدقاء، وبما يبعد التكهن بكشف ما تم إخفاؤه، وكذلك فعلها هيتشكوك مرة أخرى في فيلمه (سايكو) عندما ارتدى البطل الشاب ثياب أمه؛ فتنكر و(تخفّى) ودخل على الفتاة في الحمام فقتلها بجريمة نكراء، عُدّت عنفًا قاسيًا، إضافة إلى العديد من الأفلام.
– فيلم الغريزة الاساسية ج2 ( Basic Instinct) مايكل كاتون، جونز: في هذا الفيلم تمّ استخدام (الاختفاء) في مجمل السرد الفيلمي، لقصّة محورها هو البحث عن أسباب وقوع حادث سيارة تقودها بسرعة الكاتبة كاثرين تراميل ( شارون ستون)، وإلى جانبها لاعب كرة قدم شهير تُوفي بعد اكتشاف أثر للمخدرات ونجاة الكاتبة، بعد أن فقدت السيطرة لتسقط في نهر التايمز، وبعد الكثير من التحقيقات، تبين أن لديها العديد من العلاقات الشخصية، ساعدت على إخفاء حقيقة الحادث، ولم يتم التوصل إلى دليل، بعد ما أثيرت العديد من الأسئلة والشكوك التي حاولت التخلّص منها.
– فيلم الآثار البغيضة ج2، 2011 للمخرج تود فيليبس: وفيه مشهد يتخلّص مجموعة أصدقاء من جثّة أحدهم و(يخفيه) في الثلاجة بعد أن مات بجرعة كوكائين مفرطة، وادعاؤهم بأنّه موجود في السجن
– في فيلم المراجحة Arbitrage2012 لنيكولاس جاريكي: وفيه مشهد البطل روبرت ميلر (ريتشارد جير) مع عشيقته جولي كوت (ليتيتيا كاستا) وهما يسيران في السيارة ليلا في نيويورك، وفي إغفاءة منه يتسبب في حادث أدى إلى مقتل عشيقته، تاركًا سيارته تحترق دون أن يوقف ذلك، لكي (يُخفي) حقيقة الحادث و(التغطية) على علاقته بالحادثة، بالاستعانة بأحد أصدقائه شاهدًا على الحادث، في التخلص من التهمة.
– في فيلم عودة فارس الظلام 2012 لكريستوفر نولان، هناك تصميم لشخصية البطلة بـ(الخفاء) وهي ميراندا تيت، التي أدّت دورها الممثلة (ماريون كوتيلار) بمهمة (الاختفاء) والعمل على انهيار شركة بروس وين لاستثمار الطاقة، والعمل بالسر للانتقام من بروس وين، الذي تسبب في مقتل أبيها.
– فيلم القناص الامريكي 2014 American Sniper لكلينت ايستوود، وتعد شخصية القناص في أغلب الأفلام، علامة (اختفاء) للطرف المستهدف، الذي يتطلب الدقة والرصد المنظم والمعلومات، لاستهداف أكبر عددٍ من الأشخاص وقتلهم، كما حصل في هذا الفيلم الذي حقّق استياء كبيرًا من قبل النقاد والمختصين لبشاعة العنف.
2. الاختفاء الذي يحمل الألغاز والأسرار والحقائق والمعلومات:
– في فيلم مدينة الملائكة City of Angels 1998 لبراد سيلبرلنج: هناك توظيف الاختفاء بفكرة أن الملائكة يجوبون المدينة دون أن يراهم أحد من الناس المارّة، باستثناء بعض الأطفال، وبذات الحال تكرّرت بشكل مماثل في فيلم الطفل في مشهدٍ يتقرب من الطبيب النفسي، ويبوح له أسرارًا كان قد أخفاها عن أمه، وهي أنه يرى أشباح الموتى كثيرًا وبما أتعبته نفسيًّا.
– في فيلم ابتسامة موناليزا 2003 لمايك نيويل: هناك إشارة واضحة ظهرت في مشهد يجمع الطالبة بيتي مع أمها عندما تبين أنّها تشعر بالألم والاستياء وتتظاهر بالسعادة لخيانة زوجها وبابتسامة موناليزا الشهيرة، بعد أن تسأل أمها، هل كانت حقًا ابتسامة الموناليزا تعبيرًا عن السعادة أم كانت (تُخفي) شيئًا ما؟
– فيلم شفرة دافينشي 2006 The Da Vinci Code لرون هوارد: وفيه تتناول بعض المشاهد التستر على سرٍّ قديم يتعلق بالديانة المسيحية مخفيٍّ في لوحات الفنان دافينشي منذ أكثر من 500 سنة، وأن القصة تشير إلى إثارة الشكوك حول تورّط الكنيسة في جريمة قتل وقعت في متحف اللوفر وبما يتعلق بالسر المخفي في اللوحات.
– في فيلم ميلك Milk 2008 لجاس فان سانت: هناك مشهد يجمع البطل ميلك (المثلي) مع عضو مجلس المستشارين دان وايت (جوش بروين) الكاثوليكي المحافظ والمتزوج وأب لأطفال، والذي يعارض بشدة الشذوذ الجنسي والمثليّة، ولكنه يعترف لميلك أنه أيضا مثليٌّ في (الخفاء)، بعد أن تعرض إلى الهوس والجنون والإدمان وهو ما أدى إلى انتحاره.
– فيلم القارئ The Reader 2008 لستيفن دالدري: في هذا الفيلم يعد (اختفاء) شخصية حنا شميتز (كيت وينسيليت) بعد عدة شهور من علاقتها الحميمية مع مايكل الذي شعر وكأنه هو السبب في اختفائها، وهناك إخفاء من نوع آخر، عندما ذهب مايكل وهو طالب في كلية الحقوق لمشاهدة محاكمات مجرمي الحرب، باتّهام عدد من النساء الألمانيات ومن ضمنهن (حنا) التي اعترفت بكتابة تقرير عن حادث حريق المعسكر الذي تسبب في مقتل عدد من اليهوديات؛ الأمر الذي أصاب مايكل بالدهشة لهذا (الإخفاء) وما عرفه عن حنّا التي يقرأ لها الروايات في مطلع تعارفهما وخلوتهما المتكررة في شقتها على أنها لا تقرأ ولا تكتب، فكيف تكتب التقارير؟
– فيلم سكاي فول Skyfull لسام مينديس: يتضمن مطاردة عدو إرهابي يحمل قرصًا ممغنطا وملفات سريّة تحتوي على قائمة أسماء عملاء المخابرات البريطانية السريين ودسّهم (خفية) بين جماعات إرهابية، فيما يتعرّض جيمس بوند إلى الإصابة و(يختفي) عن الأنظار، ثم يظهر ويقتل الخصم الشرّير سيلفا في (مخبأ) سريّ بعد مقتل مديرة المخبأ.
– فيلم فيلومينا Philomena 2013: إنّ المحور الرئيس لهذا الفيلم يقوم على (إخفاء الحقيقة)، التي تدور حول سر إخفاء تبني ابن فيلومينا عاملة الغسيل في الدير مدة 50 عاما من قبل الراهبات اللاتي ينكرن ما قمن به من مكائد، وقد حاولت فيلومينا البحث عن ابنها بمساعدة أحد الصحفيين، وقد تبيّن أن الراهبات حرقن وثائق التبنّي كي لا يُكشف أمرهن الذي قبضن عنه 1000 جنيه عن كل طفل تم بيعه في صفقات مشبوهة.
– فيلم جوبز Jobs 2013 لجوشو مايكل ستيرن: في هذا الفيلم من أفلام السيرة الذاتية، هنالك (إخفاء) مساحة واسعة من سجل المعلومات عن البطل؛ اذ يتناول الفيلم الحياة العملية لخبير الحاسوب المبتكر (ستيف جوبز) مع قصديّة واضحة في عدم تناول حياته الاجتماعية، ونشأته وأصله، والسنوات المبكرة من عمره، إضافة إلى تجاهل السنوات العشر الأخيرة من عمره، والاهتمام الدقيق فقط بمنجزاته وابتكاراته وعمله خبيرًا في شركات التقنيات الإلكترونية؛ مما أثار استفهامًا كبيرًا عن سر (إخفاء) مثل هذه المعلومات.
– فيلم لعبة المحاكاة 2014 The Imitation Game: في هذا الفيلم تمّ تناول شخصية عبقرية في عالم الرياضيات وعلوم الكومبيوتر ألان تورنج (بنيديكيت كمبرباتش)، الذي يقوم بدور حل (الشفرة السرية) وما تحمله من (رسائل خفية)، وهو الذي ترأس لجنة العلماء لفك شفرات الرسائل السرية الألمانية في الحرب العالمية.
3. الاختفاء الذي يتناول الخدعة:
– في فيلم طروادة 2004 لفولفجانج بيترسين: هنالك مشهد في غاية الأهمية، وهو أقرب ما يكون إلى الخدعة، حين توهّم سكان طروادة أن اليونانيين قد انسحبوا وانهزم الجيش، ولكن قام اليونانيّون عند انسحابهم بإهدائهم حصانًا خشبيًّا كبيرًا قربانًا للآلهة، وما إن حل الظلام، حتى يخرج من الحصان العديد من الجنود اليونانيين المتخفين داخله وفتحهم بوابات المدينة مع تحرك السفن التي كانت (مختبئة) في أحد الخلجان، وفي هجوم مباغت قضي فيه على خصومهم.
– فيلم سحرة البنك 2013: في هذا الفيلم هنالك (اخفاء اموال) الخزنة التي استولى عليها مجموعة سحرة وهروبهم، بعد تقديم عروضهم السحرية في محاولة للخداع والتنكر والتنويم المغناطيسي، التي اعتادوا عليها في اسلوب الاحتيال والخداع والسرقة، من المصارف، وتوزيع نقودا مزورة على الجمهور.
– فيلم أمريكا Amreeka 2009 لشيرين دعيبس: هنا في هذا الفيلم (إخفاء هويّة المهنة) ثمة أسرة عربيّة تعيش في أميركا، بعد أن هاجرت من فلسطين، البطلة منى وابنها فادي تعيش مع أختها رغدة (هيام عباس) وزوجها الطبيب (يوسف أبو وردة) الذي لا ينعم بعمل وفير كونه عربي، وهنا تبدأ المعاناة، فالبطلة منى رغم خبرتها وذكائها في أعمال البنوك، إلا أنها لم تحصل على فرصة عمل في بنك أمريكي، مما اضطرّها أن تعمل في مطعم صغير، (وتخفي) ذلك عن أسرتها، وتحاول أن تتظاهر كما لو أنها تعمل في بنك، خشية استياء أسرتها.
– فيلم اختفاء زوجة Gone Girl 2014 لديفيد فينشر: ومحور هذا الفيلم هو (اختفاء) الزوجة امي دان (روزاموند بايك) بعد أن وصل زوجها نيك دان (بين افليك) إلى المنزل لغرض الاحتفال بذكرى زواجهما، وبما يشير ويظهر في المنزل من آثار عنف، أدّى إلى مقتل الزوجة، بعدما يتم الاكتشاف على أنها هي التي قد دبّرت هذه المظاهر الملفقة للتصدّي للزوج الذي تعتقد أنّه يخونها.
4. الاختفاء الذي يتناول الاختطاف:
– في فيلم سوبر 8، Super 2011للمخرج جي جي ابرامز: يكثر المخرج أثناء السّرد الفيلمي من العديد من حالات الاخفاء، بدءًا بقيام الشاب تشارلي مع صديقه جو بتصوير فيلم رعب في أجواء (غموض وسريّة تامة)، فيما تقود أليس سيارة أبيها (خفية) لاستخدامها في عمليّات التصوير، فيما (تختفي) أجهزة المطابخ، ومحرّكات السيارات وأسلاك الكهرباء، وهروب الكلاب، مع ظهور مخلوق غريب باختطاف أليس، مع تسلل مجموعة طلبة خفية وسرقة وثائق أستاذهم، ويعثر جو على (مخبأ) تحت الأرض يحتوي على العديد من الأشخاص المختطفين، مع بناء قصة فيلمية اعتمدت على التستر والغموض والاختفاء والألغاز.
– فيلم في وادي ايلاه 2007 In The Valley of Elah لبول هاجيس: يتناول الفيلم قصة مناهضة للحرب على العراق، يتناول قصة اختفاء جندي أمريكي بعد عودته من العراق إلى أميركا، الذي يعلن والده عن اختفائه من قاعدته العسكرية في نيو مكسيكو في ظروف غامضة، وبمجمل التحقيقات والبحث عنه يتوصل الأب إلى نتيجة مفادها أن السلطات العسكرية غير مكترثة بقضية ابنه، وبما يصاب بخيبة أمل وعدم ثقة بالإدارة، وهذا جزءٌ من التّداعيات السلبيّة التي ولدتها الحرب التي لا يرغب فيها الكثيرون. وفي السياق ذاته يحمل اسم الفيلم (منقح2007 لبريان دي بالما تسمية للدلالة على تنقيح المعلومات والرقابة عليها ومونتاجها وحجبها وإخفائها عن المجتمع الأمريكي والعالم.
– فيلم ١٢ سنة من العبودية 12 years Aslave 2013: في هذا الفيلم يقوم رجلان بعملية نصب بغيضة باستئجار عازف الكمان نورثوب (ايجيوفور) لجولة موسيقية، في واشنطن، ويستيقظ صباحًا ليجد نفسه معصوبًا ومخدرًا ويكتشف أنه تمّ اختطافه من قبلهم، ثم بيعه دون أدنى حرية إنسانية.
– فيلم المخطوفتان Prisoners 2013 لدنيس فيلينيوف: فيلم قامت قصته على قضية خطف طفلتين(أنا وجوي) ابنتي السادسة من العمر لعائلتين جارتين، وبمحاولات وتقصٍ وبمساعدة الشرطي المختص يتم تحريرهنّ بعد مواجهات عنيفة مع الخاطفين المتوحشين.
– فيلم المكالمة، The Call 2013 ، لبراد اندرسون: هذا الفيلم يتناول قصة فتاة (مختبئة) لياه تمبلتون (ايفي تومسون) محتجزة من قبل الرجل مايكل فوستر (مايكل ايكلاند) الذي اقتحم منزلها، فتتصل بعاملة الهاتف جوردان تيرنر لإيصال قلقها ومخاوفها عن حياتها، ولكنّ الخط انقطع فجأة، مما حدا بعاملة الهاتف إلى إعادة الاتصال بالفتاة مرة أخرى، وبما تسبّب باكتشاف فوستر لأمر الفتاة المختبئة وقتلها حالا، وبما ولّد عقدة الشعور بالذنب عند العاملة التي تلقّت مرة أخرى اتّصالًا آخر من فتاة أخرى مخطوفة في صندوق سيارة فوستر، ولكن هذه المرة حاولت العاملة توجيه الفتاة لتحدد بدقة مكان الخاطف وحركاته، الأمر الذي أدى إلى تشخيصه وإلقاء القبض عليه وإفشال محاولته الأخرى.
5. الاختفاء الذي يتناول الآثار والوثائق:
– في فيلم الفولاذ الحقيقي 2011 يتم العثور على قطعة أثريّة مدفونة في التراب وهي رجل آلي (مختفٍ) يتطلب إعادة تأهيله وتدريبه للقيام بحركات الملاكمة.
– في فيلم كلمات The Words 2012: يتناول الفيلم قصة (إخفاء) المخطوطة التي هي أصلا رواية الرجل العجوز (الممثل جيرمي ايرونز) التي كتبها وأرسلها لزوجته سيليا (الممثلة نورا ارنيزيدر) لغرض عودتها، إلا أنها نسيت الحقيبة بالقطار وهي في طريق عودتها إلى باريس، وفي باريس أيضا، يصادف أن زوجة تهدي لزوجها حقيبة قامت بشرائها من متجر للمقتنيات الأثرية، فيقوم هذا الزوج بطباعتها ونسبتها إليه كرواية مهمّة حقّقت رواجًا كبيرًا في أميركا، وبعدها يكتشف سرّ الانتحال، ويعتذر الزوج لكاتبها الأصلي.
– فيلم المحظوظ The Lucky One 2012: في هذا الفيلم هناك جندي أمريكي في صحراء المعارك في العراق يجسده الممثل (زاك ايفرون) الذي ينجو من آثار سقوط قنبلة بأعجوبة، إذ يعثر على صورة فتاة مدفونة في الرمال وهو يمشي ويتعدّى المكان، ثم تسقط على المكان ذاته قنبلة وتقتل جميع رفاقه، باعتقاده أن هذه الصورة قد جلبت له فألًا وحظًّا طيّبًا. هذه الصورة التي كانت (مختفية) بعد أن وجدها كأنّما وجد حياته من جديد، ممّا زاد من رغبته بالبحث عن صاحبة الصورة، وعزم على مقابلتها في إجازته وهو يتقصى الاسم والمكان ويسأل عنها ليقدم لها الشكر بعد أن تصبح له صديقة وحبيبة.
وهناك بعض الأفلام اتخذت من اختفاء عالم مختص بعلوم الأرض في فيلم (رحلة إلى مركز الأرض) مما تسبب في خلق أزمة علمية أو بحثية مهمّة، أو اختفاء الملك إلى غير رجعة في فيلم (المرآة المرآة) الذي يتيح لزوجته السيطرة على المملكة وفرض القيود والنزوات، وهناك أيضا اختفاء الهوية أو التستر على سلوك مغاير، كما في فيلم (تعليم) وفيه شخصية ديفيد جولدمان (بيتر سارسجارد) رجل ثريّ، وله جاذبية عالية، وله اهتمام واسع بالثقافة والفنون، وهو الذي يظهر اهتمامه الشديد والراعي لفتاة جيني ميلور (كاري موليجان) وبموافقة أبويها، ولكن بعد ذلك يخفي ديفيد شخصيته ليظهر على حقيقته نذلًا ودنيئًا وفاسقًا، وتلتصق به كل الصفات السيئة. ويمكن إضافة الأمثلة الفيلمية الأخرى لحالات أخرى من (الاختفاء) التي تناولتها أنواع عديدة من الأفلام المعروفة في حياتنا السينمائية.