ترجمة- مراد عباس
أنطونيو غالا من أهم الأدباء المعاصرين، وهو واحد من الذين تأثروا بالأدب العربي وأثروا فيه تأثيرا كبيرا، عن طريق القراءة وعن طريق المثاقفة المباشرة، فقد التقى بكثير من الأدباء العرب، وقضى حياته كلها وهو يكتب عن الأندلس باعتباره واحدا من أبنائها، وقد قال في بعض رواياته إن ملامحه أندلسية، وإن الدم النقي لا يوجد حتى في أفضل سلالات الخيول الأصيلة.
ولد أنطونيو أنخيل كوستوديو غالا إي فيلاسكو في 2 أكتوبر 1930 في مقاطعة (قشتالة لا مانشا)، وعاش في الأندلس التي أحبها وأحبته.
درس القانون في جامعة إشبيلية، ودرس الفلسفة والسياسة والاقتصاد في جامعة مدريد، وكتب في كل الأنواع الأدبية بلا استثناء تقريبا، فمن ذلك المسرح والرواية والقصة القصيرة والشعر والمقالات الصحافية، والمقالات الأدبية والنصوص التلفزيونية. وحصل على العديد من الجوائز.
ويتميز أدب غالا في غالب أمره بالنزوع إلى اكتشاف التاريخ أو إعادة قراءة الماضي،
فمن بين أكثر مسرحياته نجاحًا Los verdes campos del Edén (حقول عدن الخضراء)، ونال عنها جائزة المسرح الوطني “كالديرون دي لا باركا” 1963)، ومسرحية (خاتمان من أجل سيدة) (Dos anillos para una Dama ، 1973) التي ترجمها إلى العربية الدكتور عبد اللطيف عبدالحليم، و(لماذا تركض يا عوليس؟ 1975)، وسمرقند (1985)، وكارمن (1988) وغيرها.
من بين مجموعاته الشعرية (Sonnetos de La Zubia) سونيتات ثوبيا، (Poemas de amor) وقصائد حب ، Testamento Andaluz ووصية أندلسية، وغيرها.
بدأ غالا في كتابة الروايات في وقت متأخر من حياته ، لكنه حقق نجاحًا باهرا مع El manoscreto carmesi، المخطوط القرمزي التي نال بها جائزة بلانيتا عام 1990، ومن رواياته التي ترجمت إلى العربية أيضا (الوله التركي) 1993، والتي أعدت للسينما من قبل المخرج الإسباني فيسنتي أراندا Vicente Aranda.
توفي غالا في قرطبة -التي أحبها وكتب عنها- في 28 مايو الماضي، عن عمر يناهز 92 عامًا.
واليوم نقدم جانبا لم يظهر بالشكل الكافي في أعمال غالا لدى القارئ العربي، الجانب الذي بدأ به غالا حياته الأدبية، الجانب الشعري.
بهيّة
كيف أتناول الطعام بدونك؟
بدون رفيف أجنحتك التقية؟
التي تنعش الهواء وتجدد النور؟
بدونك لا خبز، ولا خمر،
لا حياة، ولا جوع، ولا رغبة
ألوان الصباحات
لا معنى لها وغير مجدية لأحد.
هنالك يقبع البحر
وهنالك، في العالم ، تقبعين أنت.
يتناولك بدوني:
جوعك وخبزك وخمرك وصباحك.
أنا هنا، قبل مفارش المائدة الشفيفة
والشراب المر
قبل الأطباق التي لا طعم لها ولا لون.
أحاول، نعم أحاول ، لكن كيف
أتناول الطعام بدونك، ولماذا…؟
أخذت رائحة الغابة الخاصة بك
وطعم الحياة.
في الخارج هناك بحر وهواء.
وفي الداخل، وحدي أمام منضدة
فقدت صوتها وفرحتها إلى الأبد.
خذني بعيدًا، أيها الحب، أيها النسر المراوغ
خذني بعيدًا، أيها الحب، أيها النسر المراوغ،
اقتلني تمزيقا ونهشا حتى الموت،
فليست لدي رغبة في الشكوى
وبين مخالبكم روح أسير.
لا تتظاهر بعد الآن، لا تخفي الرغبة الجامحة
جوعي الذي يتحرق في عينيك.
لا تدر وجهك المنسي بعد الآن
وانهش الجسد الحي لمرة واحدة إلى الأبد.
التغلب على رحلتك يجعلني أشعر أنني غير قابل للاختراق،
وأنا دائما في هروب ومطاردة.
إنه عطشك الأبدي وهذا التحدي الرشيق.
حسنًا ، أنت محصن من النسيان،
انتهكني الآن، أيها الحب، وشق صدري
وعش فيه، يا شيطاني وملاكي.
حل الظلام بدونك
لقد حل الظلام بدونك. من أشجار السرو…
إلى الأبراج العالية، بدونك، ارتجفت.
بلا رغبة في انتظار يوم جديد
دون أن تعانقني ودون أن تقبّلني.
بقوة العثرات والنكسات
تتجمد أنامل الأمل.
يا له من عذاب أن أكون مضطرا لإخفاء عذابي عنك،ويا لها من بعث جديد إذا فهمت ما أعانيه.
لقد حل الظلام بدونك صارما وبطيئا
وانهارت الشمس، كليمونة ناضجة،
وحدي تلقيت أنفاسها الأخيرة.
من سيراني أسقط، بطيئًا ووحيدا،
دون مزيد من الدفء، وبلا أمل في التجدد والبعث،
الروح رمادية ومحبطة في الظلام.