كتب جميس جويس هذا النص في مدينة ترياست (Trieste) الايطالية عام 1914، اي في الفترة التي انهى فيها "صورة الفنان شابا"، وشرع في التخطيط لكتابة رائعته الشهيرة: "يوليسيس" . وكما سيكتشف القارئ ، فان هذا النص يستجيب لضرورتين هامتين: الاولى التعبير عن عرقة حب والثانية ابتداع الاسلوب الذي تجلى بوضوح في "يوليسيس" . ويتميز هذا الاسلوب بجعل "قنفودية" ملتفة بنفسها، وبتحطيم السياج الذي يفصل الخارج (الحوار، الوصف؛ عن الداخل (المونولوج) اما الفضاء الابيض بين فقرات النص فهو تعبير عن الصمت الذي يفصل الواحدة عن الاخرى. في النص ايضا مزيج بين النثر والشعر…وهذا ما يجعلنا نتيقن ونحن نقرأه بأن جويس هو كما قال فليب سولرس واحد من اكبر شعراء القرن العشرين. تنفرد "نزوى" بنشر هذا النص الذي يصدر للمرة الاولى باللغة العربية.
من ؟ وجه شاحب محاط بفرو ثقيل معطر. حركاتها جافلة متوترة . تستعمل نظارات . خاطف اللفظ . خاطفة الضحكة . خاطف رمش العيون .
خط يتميز بالشفافية والخفة مرسوم طويلا ورشيقا باستخفاف وهدوء وانصياع . شابة من الصنف النبيل .
أرمي بنفسي فوق موجة سهلة من موجات خطاب عديم الطعم : سويدنبرغ ( Swedn Borg ) (1) ،ميفيل دي مولينوس (Miguel De Molinos)(2). بلغ هواء موهم ، جواكيم عباس (Jochim Abbas)(3). تدحرجت الموجة . صاحبتها التي لا تزال تحتضن جسدها تهر بايطالية أهالي فيينا. لكنه دونما خشكات الحروف : (Che ColturA!) (*) . الجفون الطويلة ترمش ثم تهتز: رأس ابرة ساخنة يخز ويرتعش في القزحية المخملية .
كعبان عاليان يضربان بقوة فوق مدارج الحجر المرن . في الحصن مناخ شتاء. زرود فلس معلقة ؟ شمعدانات من الحديد غليظة في منعرجات مدارج البريج الدائري. كعبان يضربان ويرنان . صوت عال قوي. واحد في الأسفل يطلب السيدة .
هي لا تتمخط أبدا. شكل خطاب : الاقل من أجل الاكثر. كبرت ونضجت . كبرت في قلعة الزواج بين الاقارب ونضجت في دفيئة الخط الذي يفصل جنسها عن الاخوين .
حقل رز قرب فرسل (Vercelli) تحت ضبابة الصيف الكاثرة ، اطراف قبعتها الهابطة تفعلي ابتسامتها الكاذبة بظل ظلال مخلوطة بالضوء الحليبي الخاثر تثلم وجهها ذا الابتسامة الخادعة، ظلال رمادية يلونها شىء من الحليب تحت الفكين ، تليمات بلون اصفر أبيض على الجبين الرطب ، ابتهاج اصفر زنخ مختبىء في لب العينين الصقيل .
وردة منها لابنتي، هدية صغيرة ، صغيرة تلك التي أهدت ، صبية صغيرة بعروق زرقاء
بادو (Padoue) بعيدة هناك وراء البحر. القرون الوسطى صامتة ، ليل ، عتمة التاريخ راقدة تحت القعر في ساحة الحشيش (Erbe) . المدينة تنام . تحت أروقة الشوارع المظلمة هناك قرب النهر، عيون البغايا تترصد الزناة (Cinque Sevizi Per cinque Fnamehi)(*) موجة شبقية مبهمة ، ومزيدا مزيدا مزيدا.
عيناي تضيعان في العتمة
عيناي تضيعان
عيناي تضيعان في العتمة ، حب .
مزيدا، كفاية ، حب مبهم ، مهمة الرغبة . كفاية ظلام .
غروب مجتازا الساحة . مساء رمادي يتعقم شيئا فشيئا فوق مساحة المراعي الخضراء الناعمة، ويسكب في صمت الليل والندى. تتبع امها برشاقة خرقاء، الفرس تقود مهرتها. الغروب الرمادي يشد بنعومة الخصوين الضامرين ، والعنق المستسلم الليفي الطيع ، والرأس الجميل . مساء، سلام ، ليل الحوارق … Hill Palefrenier! Hilloho!
الأب والبنات ينزلقون على المنحدر، مفرشحين على مزلفات : التركي الاكبر وحريمه القبعة مشدودة جيدا على الرأس ، الياقة مرتفعة ، الحذاء الشتائي الطويل مربوط بمهارة على الجوارب الساخنة وعلى اللحم ، التنورة القصيرة تشد على المفصلين المستديرين للركبتين . التماعة بيضاء: نايفة ، نايفة ثلج :
حين تمتطي جوادها وتركض بعيدا اكثر
لابد ان اكون هناك لكي أراها!
اثب خارج محل بائع التبغ والهج باسمها. تستدير ثم تتوقف لكي تنصت الى كلماتي المهلوجة حول الدروس والساعات ، الدروس ، الساعات ؛ وشيئا فشيئا تشتعل وجنتاها الشاحبتان بحمرة لهب ضوء عين الهر(*). نيني، نيني (Nenni)، لا تفزعي! (Miopaore) (ابي): تنجر المهمات بتفرد؟ Linde Derivatuir Mia Figlia ha una grandissia ammirazion (*) per il Suo Maestro Inglese
(ابنتي لها اعجاب كبير باستاذها الانجليزي). وجه الرجل العجوز، جميل ، محمر، بتقاسيم يهودية قوية ، بعوارض بيضاء طويلة يستدير نحوي ونحن نهبط المنحدر معا اوه ! خطاب ممتاز: لطافة ، ترفق ، فضول ، ثقة ، تحذر، لين ، وهن ، العمر، اعتزار بالنفس ، صراحة ، تمدن ، صدق ، مجاملة ، تفاصح ، حنو: خليط رائع . اينياس دي لو يولا (Ignace De Loyola)(4)، اسرع لمساعدتي!
هذا القلب مجروح وحزين ، صلب في هيكل الحب ؟
شفتان طويلتان ذات تعبير شبق : رخويات بدم اسود
ضباب متحرك على الهضبة وانا احول عيني عن الليل والطين . ضباب معلق فوق الا شجار المبللة . ضوء في الغرفة الاكثر علوا تتهيأ للذ هاب الى المسرح . ثمة اشباح في المرآة … شموع ! شموع !
مخلوقة نبيلة . عند منتصف الليل ، بعد الموسيقىه ساعة السير على طول شارع القديس ميشال (Lavia San Michele) قيلت هذه الكلمات بحنو. كلمات كلها عذوبة ، جامسي ! (تصغير لاسم جيمس جويس ) هلا تمشيت في شوارع دبلن في الليل النائح على نغمات اسم آخر؟.
اجساد يهود معددة حولي ، تتعفن في تربة حقلها المقدس . ها هو قبر شعبها، حجرة سوداء، صمت دون أمل … ميسال (Meisselا) قادني الى هنا. انه هناك وراء تلك الاشجار واقف ورأسه مغطى امام قبر زوجته المنتحرة ويتساءل كيف وصلت المرأة التي كانت تنام في فراشه لمثل تلك النهاية .. قبر شعبها وقبرها : حجر اسود صمت دونما امل : وكل شىء جاهز. لا تموتي!.
ترفع يديها وتجهد نفسها لكي تشبك خلف جيدها فستانا اسود. غير انها لا تستطيع: لا، انها لا تستطيع . تأتي الي القهقرى وفي صمت تام . ارفع يدي لمساعدتها: تسقط يداها. امسك بطرفي فستانها الناعم وحين اجذبها الى الخلف لأشبكهما أرى من خلال ثلمة الغلالة السوداء الشفافة جسدها الطري ملفوفا في قميص برتقالي . ينزلق القميص على الشريطين هناك عند الكتفين ويتهاوى ببطء: جسد ناعم طري عار يلمع في حرشفاته الفضية ، ينزلق ببط على الردفين الصغيرين اللتين من فضة ناعمة صقيلة وعلى ثلميهما، ظل فضة باهت .. أصابع باردة وهادئة تتحرك .. لمس ، لمس .
نفس صغير، واهن ، دون نجدة ، خافت . ولكن انحنوا وانصتوا: صوت . طائر سمان
تحت عجلات دجاغارنا (Djaggernat)، يرج مزعزع الارض . ان شاء ذلك السيد الرب ، الرحب السيد الرب ! وداعا ايها العالم الرحب Aber Dasisteine schweihrei(ولكن هذا كلام بذىء).
عقد كبيرة على حذائها الرهيف الاخضر الغامق : صيحات طائر مدلل .
السيدة تسير بخطي واسعة ، بخطي واسعة ، بخطي واسعة … هواء نقي على الطريق الأعلى تريا ست تستيقظ بفظاظة ضوء الشمس الحاد فوق سطوح القرميد البني المتلاصقة حتى كأنها سلاحف . اعداد هائلة من البق المنهك تنتظر خلاصا وطنيا بليومو (Belluomo ) ينهض من فراش زوجة عشيق زوجته : الخادمة المتعبة شرعت في العمل ، عين لوزية ، ومنحن من الحامض الخلي في يدها… هواء نقي وصمت عل الطريق الأعلى : وسنابك . فتاة على حصان HeddaM! Hedda! Gabler.
الباعة يعرضون بواكير الثمار قوارص مرقشة بالاخضر، جواهر كرز، دراقنات حيية بأوراق منتزعة . العربة تشق طريقها خلال البضائع المعروضة ، وعجلاتها تدور في الضوء. هيئوا مكانا! ابوها وابن ابيها جالسان في العربة . لهما عيون البومة واعتزار البومة . احتراز البومة ينظر الى العينين الفزعتين وهي تجتر علمهم ، علم ، Summa Contragentiles .
هي تعتقد ان النبلاء الايطاليين على حق لما ابعدوا ابثورو البيني (Ettore Albini)، ناقد السكولو (Secolo) هن كرمي الاوركسترا لانه لم ينهض حين عزفت الاوركسترا النشيد الملكي. لقد سمعت بذلك وقت العشاء. اوه انهم يحبون بلدهم عندما يكونون متأكدين من معرفة اي بلاد هو.
هي تنصت : عذراء اكثر مما هي محترزة .
التنورة ترتفع بحركة ركبة فجئية . حاشية بيضاء تنزلق من القميص الذي ارتفع بشكل عفوي: جورب مشدود حول الفخذ؟ 1Si Pol.
اعزف ببطء، وبهدوء اغني اغنية جون داولاند John Dowland االفاترة ، انطلق على مضص : أنا أيضا انطلق على مضص . هذا العهد، هنا والان . هنا، مغطاة بعتمة الرغبة ، العيون التي تكدر ألق الشرق المصروع ، بريقها بريق الزبد الذي يغلف قاذورات ساحة جاك (Jacques) المهذار. هنا الخمور العبرية ، الانهيارات الميتة للهوا، العذب ، البافانية (*) المجيدة ، الصبايا الحنونات يتملقن من الشرفات ، افواههن يبسن من بعيد، البغايا المتآكلات بسبب السفلس والمتزوجون الجدد، يستسلمن مبتهجات لخاطفهن ، وينقرن ، ينقرن اكثر.
في الصباح الربيعي البارد والمضبب تطفو عطور باريس الخفيفة في بدايات النهار: اليانسون ، نشارة الخشب المبلل ، عجين الخبز الساخن . وبعا اني اجتاز جسر سان ميشال (Saint-Michel) ، فان اللون الازرق المعدني للمياه يرعش قلبي. مياه تنزلق وتلتف حول الجزيرة التي عاش فوقها الناس منذ العصر الحجري… عتمات متوحشة في الكنيسة الشاسعة المقرقرة. الجو بارد مثل هذا الصباح : Quia Frigus erat(*) على مدارج المذبح العالي البعيد، عراة كما جشا الرب ، المحتفلون بالقداس ممددون ، يؤدون صلاة فاترة . صوت قارىء لا مرئي يرتفع منشدا: Haec dicit Dominus: in Tribulatione Suamane Consuget and me venite et revertomut and Domirium(*).
تقف بجانبي شاحبة مرتجفة ، مرتدية ظلال ثوب الخطايا الاسود، ومرفقها في ذراعي. لحمها يتذكر رعشة ذلك الصباح البارد المخلف بالضباب ، مشاعل متلهفة ، عيون فظة ، روحها مفعمة بالكآبة ، ترتعش وربما سوف تجهش باكية . لا تبكي من اجلي يا فتاة اورشليم !.
اعرض شكسبير فى ترياست بطريقة لينة : قلت ، هاملت الكائن الاكثر لطافة مع النبلاء والرضعاء، ليس فظا الا مع بولينيوس . وكمثالي مفعم بالمرارة ، ربما هو لا يرى في والدي حبيبته غير عملية بشعة من جانب الطبيعة لاظهار صورة المحبوبة … هل سجلتم ما قلت ؟
تمشي امامي في المعبر. وبما انها تمشي فان خصلة حالكة السواد من شعرها اخذت تنحل ببطء وراحت ترتعش . تدريجيا تنحل الخصلة وتسقط . وهى لم تنتبه للأمر وظلت تسير امامي بسيطة وفخورة اذن هي هكذا تسير الى جانب دانتي، بسيطة في مجدها، هكذا دون ان يلوثها الدم او الاغتصاب ، هي فتاة سانسي ((Cenci، بياتريس (Beatrice)، باتجاه موتها:
… شد لي حزامي واشبك خصلات شعري بعقدة بسيطة .
الخادمة تقول لي بانهم اضطروا في النهاية الى حملها الى المستشفى، Povretta (*) (مسكينة).. كم كانت تتألم Povretta، كم الامر خطير… ابتعد عن البيت الفارغ . اعتقد اني على وشك البكاء. .. لا! لن يكون الامر على هذه الصورة ، لحظة واحدة ، ودونما كلمة ، دونما نظرة ، لا، لا! الحظ الجهنمي بالتأكيد لن يتخلى عني!
اخضعت لعملية جراحية . مبضع الجراح فحص احشاءها واستبرها ثم انسحب مخلفا على البطن آثار مروره . أرى عينيها المفعمتين بألم اسود، جميلتين كعيني الظبية . اوه يا للجرح الفظيع ! ياللشبق الشهواني!
مرة أخرى على كرسيها قرب النافذة ، كلمات فرحة على شفتيها، ضحكات مرحة عصفور يزقزق بعد انتهاء العاصفة ، سعيد ان يرى حياته المجنونة وقد تمكنت من ان تنبض بعيدا عن مخاطر مخالب سيد غضوب واهب للمياة يزقزق العصفور مبتهجا، يزقزق ويفرد سعيدا مرحا.
هي تقول بان "صورة الفنان شابا" ربما كان صادقا فقط لصراحته ، وانها كانت تود لو أنها سألتني لماذا اعطيته لها لكي تقرأه. اوه ، كان باستطاعتك ، هل كان باستطاعك . سيدة تعشق الادب وتدرك جيدا اسراره .
هي واقفة ، مرتدية فستانا اسود، تتكلم في الهاتف ضحكات صغيرة خجولة ، صيحات صغيرة، سباقات خجولة لخطابات تتهشم فجأة … Parlero Colla mamma(*) تعالوا! تعالوا! ايها الصغار! ايها الصغار! الفروجة فزعة : سباقات تتكسر فجأة ، صيحات خجولة : تنادي امها، الدجاجة السمينة .
Loggione(*) (مقصورة عليا في مسرح ). خيطان مبللة ترشح برطوبة الحمام . سمفونية من الروائح النتنة تمتزج الاشكال البشرية المكدسة : رائحة الابطين الحامضة ، برتقال يقص ، خليط من مراهم خاصة بالنهود، ماء لغسل الاسنان ، نفس كبريتي تبقى في عشاءات الثوم ، خريط بذىء متفسفر، عطر الكواشير، عرق جلي لنساء يتهيأن للزواج او متزوجات ، الرائحة الصابونية للرجال … طول الليل نظرت اليها، طول الليل سوف انظر اليها: خصلات الشعر المضفورة على شكل جبهة الجملون ، وجه زيتوني على شكل بيضة ، عينان حلوتان هادئتان . خويط اخضر على الشعر وعلى الجسد فستان مطرز بالاخضر: لون التوهم لمرآة الطبيعة النباتية والعشب الكثيف ، شعر القبور.
كلماتي في فكرها: احجار مصقولة تعزق في مستنقع .
هذه الاصابع الوديعة الباردة لمست الصفحات البذيئة والصادقة والتي سوف يحمر فوقها خجلي الى الابد وديعة وباردة ونقية هذه الاصابع الم تضل طريقها ابدا.
جسدها بلا رائحة : زهرة دون رائحة .
في المدارج . يد واهنة وباردة : خوف ، صمت : عينان سوداوان مفعمتان بكآبة حالمة : تعب.
نفثات ملتفة مزوبعة من البخار الرمادي فوق الاراضي البائرة . وجهها، كم هو رمادي وحزين شعر مشبوك ومبلل . شفتاها تلتحمان بتؤدة ، نفس ، تنهيدة تخترقها . قبلتا.
صوتي المحتضر في صدى كلماتها يموت كصوت الرب المحترس المتعب وهو ينادي ابراهيم الخليل عبر الجبال التي ترجع صدى صوته . تميل على الجدار الوسادة : شبح جارية الحريم في العتمة الرهماء. عيناها شربتا افكاري: وفي عتمة انشويتها الحارة ؟ الرطبة ، الوديعة ، السخية ، وعتمة روحي وهي تنحل وتذوب ، سال ، وانتشر بذر غزين مائع .. الان فليأخذها من يشاء!
وانا اخرج من عند وولي (Rolli )، اصطدمت بها كما لو اننا سنقدم معا صدقة لمتسول أعمى. ردت على تحيتي وهي تدير رأسها وتخفض عينيها اللتين من ريحان E col Suo vedere attosca L uomo quando Bede (*) اشكرك على الكلمة سيد برينيتو (Brunetto) يبسطون سجادات تحت قدمي من أجل ابن الرجل . ينتظرون مروري. هي تقف في ظل المدخل الأصغر ووشاح اسكتلندي يحمي من البرد كتفيها الهابطتين . ولاني اتوقف منذهلا، وانظر حولي ، فانها تحييني ببرود ثم تصعد المدارج ، ملقية علي للحظة من الزمن بعينيها الخاملتين اللامباليتين دفقا من مسم خمري المذاق .
غطاء ناعم ، مدعوك ، اخضر بلون الجلبان يكسو الاريكة . غرفة باريسية ضيقة . الحلاقة تتمدد في ذات اللحظة . قبلت ذراعها وطرف تنورتها الاسود من الصدأ والغبار. الاخر. هي غوغارتي ((Gogarty) جاء بالامس لكي يقع تقديمه . او ليسيس هو الحافز. رمز الوعي الثقافي … ايرلندا اذن ؟ والزوج ؟ يذرع الرواق في خف او يلعب الشطرنج ضد نفسه . لماذا نحن هنا؟ الحلاقة تتمدد في ذات اللحظة محتضنة رأسي بين ركبتيها الكثيرة العقد… رمز ثقافي لجنسي . الظلمات هبطت . انصت !
– انا لست مقتنعا بأن نشاطات للفكر والجسد كهذه يمكن ان تكون ضارة –
هي تتكلم . صوت واهن قادم أبعد من النجوم الباردة صوت ينم عن حكمة . وأجلس ، اوه ، قولي اكثر حتى اكتسب الحكمة . هذا الصوت الذي لم اسمعه ابدا.
هي تتموج باتجاهي على طول الاريكة المدعوكة . انا لا استطيع ان اتكلم ولا ان اتحرك . اقتراب متموج للجسم ولد من النجوم . زانية الحكمة . لا. اريد ان اذهب
-جيم ، حب !
شفتان ناعمتان شرهتان تقبلان ابطي اليسرى: قبلة مائجة على عدد لا يحصى من العروق . انا احترق ! ادعك نفسي مثل ورقة من اللهب ! في ابطي الايمن تندفع السنة نيران ، ثعبان نجمي قبلني، ثعبان بارد ليلي . لقد هلكت !
– نورا (*)
يان بيترس شفيلنك (Jan Pieters Sweelink) – الاسم الظريف للموسيقي الهولندي العجوز يبرز كل جمال متميز وبعيد انصت الى تموجات لحنه على المعزف القيثاري في نغم قديم الشباب له نهاية . في ضباب الانغام القديمة المبهم ، تتجلى نقطة ضوء: لغة الروح على وشك ان تسمع . الشباب له نهاية ، والنهاية هي هنا. لن تكون لك . وانت تعرف ذلك . ماذا بعد اكتب هذا ايها البائس ، اكتبه ! لأي شي ء انت صالح بعد هذا؟
" لماذا ".
"والا فاني لن اتمكن من ان أراك "
انزلاقات – فضاء – قرون – تورق نجوم – والسماء التي تشحب – سكون – وسكون اشد عمقا – سكون الالغاء – وصوتها.
Not Hun Sed Barabbam!
توقف . شقة عارية . ضوء النهار. بيانو طويل اسود: تابوت موسيقي. قبعة امرأة موضوعة على حافته ، مزينة بالاحمر ومظلة مغلقة : شعار نسبها: قلنسوة ،
افواه ورمح مثلم على حقل من الرمل .
رسالة : احبني ، احب مظلتي
__________________
هوامش :
* المصباحي: شكرا لسوزان زوجتي التي
ساعدتني كثيرا في المقاربة بين النص الانجليزي
الاصلي والنص الفرنسي المنشور بـ مجلة 0الاداب
العالمية -عدد ربيع 1992. ومعذرة ان كنت قد
قصرت في حق الكاتب الذي اعشق : جيس جريس .
1) سويد نبرغ (Sweeden Borg): عالم وصوفي سويدي (1688- 1772)
2) ميغيل دي مولينوس (Miguel de Molinos): متصوف اسباني (1628- 1696)
3) جواكيم عباس : لم اعثر له على اي تعريف في اي قاموس
4) اينياس دي لويولا: متصوف اسباني
( 1491 – 1556) بدأ حياته ضابطا. وبعد ان جرح
في احدى الحروب انتمى الى الكنيسة واصبح
صاحب مذهب ديني مشهور.
(* ) بالايطالية في النص .
(*) بالايطالية في النص .
(*) عين الهر: حجر لبني كريم متغير الالوان
(*) بالايطالية في النص .
(*) بالالمانية في النص .
(*) باللاتينية في النص
(*) البا فانية : رقصة قديمة او موسيقاها
(*) باللاتينية في النص
(*) باللاتينية في النص
(*) بالايطالية في النص .
(*) بالايطالية في النص .
(*) نورا، زوجة جريس
جيمس جويس: من كبار روائي القرن العشرين
حونة الصباحي : كاتب ومترجم من تونس ، مقيم بألمانيا