محسن الكندي
يكادُ الشاعرُ العُماني أبو بكر أحمد بن سعيد الخروصي المعروف بالستالي الذي عاش في الفترة الواقعة بين عامي (584-676هـ)1 من أكثر شعراء دولة النباهنة حضورًا في الذائقة الشعرية والمدونة البحثية العُمانية العربية، مقتسمًا ذلك الحضور التاريخي/ الاعتباري مع نظيره الشاعر السلطان سليمان بن سليمان النبهاني المتوفى (910هـ /1510م)، فلا تكاد تخلو مدونةٌ أدبية من مدونات المرحلة إلا وذكرته توسّعًا أو اقتضابًا، وقد اكتسب مكانته ليس لمكانته الاجتماعية أو الفقهية التي عرف بها، ولا لكونه نظَّامًا مداحًا لسلاطين النباهنة، وإنما لكونه شاعرًا يجيد نظم الكلم، فلشعره حلاوة ولمعانيه طلاوة، وكان -كما تقول عنه مصادر التاريخ- من العلماء المعروفين في زمنه، الذين أوقفوا أشعارهم على فن المديح الرائق الذي تمهّرَ فيه واتخذه مسلكًا وطريقا.
لقد أخلصَ الستالي في شعره لسلاطين بني نبهان حتى صار شاعرهم، ويقال: إنه “أقسم ألا يقول الشعر إلا في مديحهم” وبالأخص السلطان ذهل بن عُمر النبهاني الذي عاش في ظله بعد انتقاله في شبابه المبكر من قرية (ستال) من أعمال وادي بني خروص بولاية وادي المعاول واستقراره في سمد نزوى، حيث عاش في أكنافهم ونال من فضلهم، “وكانوا أهلَ كرمٍ وعطاءٍ وفضل وأخلاقٍ طيبة تُضربُ بهم الأمثال “على حد قول الخصيبي في الشقائق 1/ 35.
لم يقتصر حضور الستالي على الثقافة العُمانية، بل عرفته الأوساط الأدبية العربية منذ أن أصدر المحقق الكبير عز الدين التنوخي في دمشق ديوانه في أواسط الستينات؛ إذ كان محطَّ عناية الباحثين والنقاد، وقد أشار إليه وتناول شعره نقاد وباحثون عرب في الجامعات المصرية والعربية ليس أقلهم ذكرًا في هذا المقام الناقد الكبير الدكتور الطاهر مكي الذي قرأ ديوانه مبكرًا، وجَزَم في حواره المنشور في (صحيفة عُمان) بتاريخ 22/9/1994 بأن له ديوانًا آخر مفقودًا، اتساقا مع جودة شعره التي لمحها بحسّ الناقد المستشرف لآفاق الأصالة والإبداع وهما خاصيّتان تنقلان شعر الستالي من تجربة البدايات إلى تجربة الإجادة والابتكار خاصة في الجوانب الفنية صورًا وأخيلةً وأساليبَ وقوافيَ وأبحرًا حذقها الستاليّ وبرع فيها أيما براعة.
والحالة نفسها من تلك القيمة الفنية تناول -الناقد المغربي محمد بوزيان بنعلي في مقاله المنشور في صحيفة عُمان بتاريخ 1995/6/2م- ظاهرة فنية وجدها أكثرَ إبانة في شعره وسمَّاها “فلسفة شخصية تدوسُ على مفاهيم المرئي والمحسوس”، وتلك ثيمة موضوعية لا يصطادها من بحر الستالي إلا ناقدٌ ماهرٌ متين القوام.
من هذه المنطلقات القيمية جميعها، يمكنُ تتبع حضوره أدبيًا في المصادر والمراجع العُمانية التي وقفنا عليها في هذه الفترة التي نكتب فيها هذا البحث -وهي قصيرة لا محالة-، ويمكن تقسيمها منهجيًّا في المحاور الآتية:
1. حضوره في كتب التاريخ: وهي كثيرة ولاسيّما كتب التاريخ العام، كتحفة السَّالمي وغيرها، ولكننا سنركز على كتب التاريخ الأدبي منها وبخاصة في كتاب “شقائق النعمان على سموط الجُمان في أسماء شعراء عُمان”، فقد وصفه في منظومته محتفيًا:
والسّتالي أحمدُ بن سعيد
من خروصٍ أهلُ المَعالي الهُداةِ
شاعرُ السَّادة النباهنة الغرّ
ِ أسودُ الهيجاء أهلُ الهباتِ
قد أتى في بيانه بعُجابٍ
يسترقُ القلوبَ بين الرُّواةِ
ومن بين ما كتب عن الستالي مبحثٌ في كتاب “سليمان بن خلف الخروصي” تناولناه تفصيلا في كتاباتنا العمانية المبكرة الحلقة (44) -التي نُشرت في جريدة عمان- حيث أوضحنا أن الشيخ سليمان الخروصي، اختار للستالي ما يمثلُ خاصية الوجد الرومانسي لديه عبر ثلاث مقطوعات من عيون قصائده “هل أنجزت لك وعد الوصل أسماء…” و”ألا كلُّ ليلٍ لم تنمه طويل..” و”قصرن الخُطى وهززن الغصُونَا”. وقد بلغت أبيات منتقياته من القصيدة الأولى تسعة عشر بيتًا، ومن الثانية ثلاثة وعشرين بيتًا، ومن الثالثة ثلاثة عشر بيتًا.
ثم التفت إلى شعره -بعد أن عرّفه وذكر اسمه ومكان ولادته وتاريخه- وقال عنه ص (2): “رقيقُ الألفاظ، دقيقُ المعاني، في شعره رقة وجمال، وفيه خيال لطيف، وصورٌ براقة ملونة، وقد عني ببراعة الاستهلال، وحسن التخلص”.
2. حضوره في الرواية الشفاهية: وهي روايةٌ أصيلةٌ تتبدّى في تلك القراءات العُمانية للشعر، وتكادُ من فرط تأثيرها أن أصبحت جزءًا صميمًا من تراثنا الفكري نختص به دون غيرنا ونرى نماذجها في قراءات كل من: محمد بن علي الشرياني وناصر بن سالم الرواحي وعلي بن محسن السوطي وعلي بن منصور الشامسي، ويوسف القصابي، وقد صَدَحَتْ بتوبة الستالي الشهيرة ومقطوعات من مدائحه وخاصة قصيدته القائلة:
“قَصَرْنَ الخُطا وهززن الغُصُونا
ورقرقن تحت النقاب العيونا
وفلَّجن كالأقحوان الثنايا
وكحَّلن بالسحر منها الجفونا
ووشَّين بالتبْرِ بيضَ التَّراقي
وغشَّين سودَ الفروع المُتونا
وضمَّن أردانهنَّ الدماليـ
ج حَلياً وأذيالهنَّ البُرينا
فلما عرضنَ لنا سافراتٍ
أعدنَ الهوى وبعَثْنَ الشجونا
3. حضوره في الدفاتر والمجاميع: وهما مصدران أساسيان من مصادر شعرنا العُماني قبل نشوء المطبعة وازدهارها، وأكبر حضور لقصائد الستالي فيها وجدناه في دفاتر كل من محمد بن بلعرب المعولي، ودفتر عبدالله بن عمر الكندي، ودفتر المعلم حمد بن سليمان الكندي، ودفتر المحرر ناصر بن سالم المسكري، وأحمد بن سيف العيسري، والمعلم حمد بن سليمان الكندي، والمعلم حميد بن سالم البوسعيدي، والشيخ سعيد بن سالم الرواحي. فهذه الدفاتر وغيرها تسجّلُ له قصائد كثيرة من أهمها توبته: التي تقع في قرابة مائتي بيت وأرخ أقدم ما وجدناه من منسوخاتها سنة 1291هـ .
«قل بصدق وثبات
نفسي توبي في الحياة»
وجديرُ بالذكر أن هذه التوبة اقتفى أثرها تشطيرًا ومعارضة ومجاراة عديد شعراء عُمان في كافة العصور التي أتت بعده فوجدنا في الشعر العُماني أنماطًا منها سُميت بتوبة أصحابها، وقد جمعنا منها في كتابنا الشعر العماني في القرن العشرين قرابة ثماني عشرة توبة، منها توبة “المر الحضرمي”، وتوبة “عبدالله بن خميس الكندي”، وتوبة “القصابي”، وتوبة “عبدالرحمن الريامي”، وتوبة “أبي مسلم البهلاني” وغيرها.
فالدفاترُ والمجاميع قدّمت للستالي مجموع قصائده متناثرة وحفظتها من الضياع، وكانت نواة لديوانه المنشور فيما بعد.
4. حضوره في الصحافة العُمانية: وهو حضورٌ حديثٌ وجدناه في صحافة الوطن العُماني خلال نهضته الحديثة، ولم نجد له ارتدادات في الصحافة المهاجرة، وقد تجلّى في محاولة بعث شعره وتقديمها للقارئ العُماني في مقالات كتبها مؤرخون عمانيون وباحثون عرب، ومن أبرز من اهتم به المؤرخ سليمان بن خلف الخروصي؛ إذ نسجّل له حلقة من حلقاته المنشورة في (صحيفة عُمان) سنة 1996م بعنوان “شاعر عُماني وقصيدة” تليه مقالات نشرت تباعًا لكلِّ من الشاعر سالم بن علي الكلباني الذي كتب مقالا في صحيفة عُمان بتاريخ 6/1/1989م بعنوان “الستالي بعد تسعمائة سنة”، وغير هذا الكثير والكثير مما نشر تباعًا في أكثر من عدد وأكثر من تاريخ. فاسم الستالي يتردد إمَّا شعرًا أو نثرًا عبر مقالات يكتبها باحثون متى ما جاءت مناسبة ذكره وذكر عصره.
5. حضوره في الدراسات النقدية: ويمكن حصرها في أطروحات أكاديمية قدمها باحثون عرب تلاهم باحثون عمانيون نورد نماذج من أبحاثهم على النحو الآتي:
أ- دراسات الدكتور شكري بركات، وهي واحدة من بين مباحث أطروحته حول الشعر العماني الوسيط، وجاءت مختلطة مع سائر مباحثه، وأحيانًا على شكل مقالات أو محاضرات كان يلقيها على طلبته إبان عمله في قسم اللغة العربية بجامعة السلطان قابوس، تركّز دراساته على التوثيق واستعراض الشعر دون تحليل أو مقاربة، وقيمتها في ريادتها وكشفها المسبق.
ب- دراسة الباحثة الدكتورة سعيدة خاطر، وهي دراسة نالت بها درجة الماجستير من كلية دار العلوم بالقاهرة، وكان حظُّ الستالي منها الوقوف على شعره. في الفصل الثاني من هذا الباب تناولت المؤلفة موضوع المعجم الشعري أو “اللغة” في زمن النباهنة. وتطرقَت في هذا السياق إلى عدة تجارب شعرية في تلك الحقبة مثل الستالي والنبهاني والكيذاوي واللواح. كما تناولت سمات بناء القصيدة في العصر النبهاني، والظواهر اللغوية الشائعة في العصر، والإفلات من ظاهرة الضعف اللغوي، وخصصت الفصل الثالث للموسيقى فناقشت الأوزان والقافية والظواهر الموسيقية الشائعة في العصر والظواهر الموسيقية ذات الارتباط بالقافية”..
ويبدو أن هذه الدراسة صدرت عن دار الغشَّام فيما بعد في كتاب بعنوان “العصر الذهبي للشعر في عُمان” عام 2021.
ج- دراسة الباحث محمد بن سعيد الحجري المعنونة بـ “الشعر العُماني في العصرين النبهاني واليعربي.. إشكالية الإبداع والاتباع”، وهي دراسة إطارية أدبية حضارية، تناول فيها شعر مرحلة النباهنة وشعراءها، وكان حظ الستالي منها وقفات توثيقية وتحليلية وقف فيها على بدائع شعره وقارب فيها اتجاهاته وأغراضه ولاسيّما غرض المديح الذي برع فيه.
وقد صدرت هذه الدراسة القيِّمة مؤخرًا عن مؤسسة لبان للنشر في يناير 2022م.
د- دراسة الباحث صالح بن عبدالله الهاشمي للحصول على درجة الماجستير من جامعة القديس يوسف ببيروت، وهي دراسةٌ يشي ملخصها المنشور إلكترونيا في (صحيفة الوطن) العُمانية بما نصّه “إنها دراسة ركّزت على مستويات لغته الشعريّة الصوتيّة والصرفيّة والتركيبيّة والمعجميّة والبلاغيّة “.
هـ- دراسة بعنوان “الأساليب الإنشائية الطلبية في شعر الستالي”، وهي دراسة بلاغية محكَمة أنجزها الدكتور عمرو سامي زهرة وآخرون، وصدرت في أربع وعشرين صفحة في المجلة العلمية المحكّمة لكلية الآداب جامعة دمياط، ع10، 2021م ، وممّا جاء في ملخصها المنشور إلكترونيًا “أنها تناولت الأغراض البلاغيَّة (الاستفهام وأسلوب الأمر للأساليب الإنشائيَّة الطلبية وأسلوب النهي والتمني والنداء) ومدى خروجها عن معانيها الحقيقية إلى معان أخرى في شعر الستالي، الشاعر النبهاني العُماني”.
و- بحث بعنوان “بين الستالي والكيذاوي شاعري البلاط النبهاني موازنة إيقاعية” للباحث الشاب الواعد إبراهيم بن سعيد بن محمد المسكري، وجاء ضمن مساق تدريسي يعنى بمنهجية البحث وقد نشرها الدكتور محمد جمال صقر في موقعه الإلكتروني، وقد أبان الباحث في هذه الدراسة المهمة التي تقع في سبع وثلاثين صفحة عن تملك لأدوات البحث وسلامة اللغة وضبط المصطلح؛ الأمر الذي جعل أستاذه الدكتور محمد جمال صقر يحتفي بها ويقدمها للقارئ في موقعه الإلكتروني، خاصة أنها تقدّم موازنة في الاستخدام الايقاعي عبر أدوات علم العروض لشاعرين ينتميان إلى فترة تكاد تكون متقاربة، وكان حظُّ الستالي منها وفيرًا، وطريفًا في جوانب التحليل والوقوف على الجوانب الموسيقية وزنًا وقافية.
ز- دراسات الدكتور علي عبد الخالق، وهي من أكثر الدراسات توسعًا وإحاطة، فقد وُسِمَتْ بعنوان “الستالي (584-676هـ) حياته وشعره، وصدرت عن دار المعارف بالقاهرة سنة 1984، في أربع وأربعين وثلاثمائة صفحة، تناول فيها شعر الستالي شاعر النباهنة بصفته شاعرًا مجهولًا فحلًا لم يُكتب عنه ولم تتداوله الأقلام والصحف، وأن شعره يصدر عن ذائقة شعرية وموهبة فذة، فهو يترجم له ويرصد مظاهر شعره ويصف أغراضه واتجاهاته، وكما يقول في صفحة الغلاف “حرصت على الرجوع لغابر الزمن بغية تلمس وضع شعره حيث ينبغي أن يكون، وتقريبه من ذوق القارئ لتتكشف له معانيه وتتجلى مرجعياته وتبرز مواقفه الفكرية وعواطفه الإنسانية، حتى تأكدت له أصالته ومدى استجابته للتراث الشعري العربي في نزعاته الفنية معارضًا ومجاريًا مخمسًا أو مسبعاً”… غير أن هذه الأصالة لم تبارح فكرة البدايات المنهجية التي يعترف بها الكاتب ويلتمس أعذار هناتها حيث يقول ص (8): “ولئن جاءت على هذا النحو، وفي هذا الثوب، ولئن كانت أولى ثمار تراث الشاعر، ولئن كانت فتحًا لآفاق مجهولة، فلا أعتقد أن تضع الكلمة الأخيرة عن هذا الشاعر، ذلك عطاءُ الأفئدة صيبٌ مدرارٌ يفرز جديدا ما بقيت الحياة ، وحسبي أنها بداية…”.
ورغم كون هذه الدراسة المبكرة أكاديمية بحتة -استقصى الكاتب فيها تفاصيل حياة الستالي وعصره وطرائق نسجه وإبداعه واتباعه إلا أنّ الكاتب وقع في فخ التراتبية المنهجية الأقرب إلى الوصف منه إلى ميزان النقد والترجيح والمقاربة، وعزز ذلك مطلبُ التأريخ والسرد اللذين أفاض فيهما الكاتب وبسط من خلالهما تجربته التي تحتاج -في رأينا- إلى فرز ونفض الغبار عمّا لحق بها، فبدت الدراسة متسعة الأرجاء إنشائية أحيانًا، تمثيلية أحايين أخرى، وتصدر عن وثيقة تاريخية تحتاجُ إلى مراجعة وهي بذلك تستوي فيها لوازم العلاقة الثنائية بين الأشباه بالنظائر، وذلك قدرُ أغلب الدراسات والكتابات المبكرة عن أدبنا العُماني.
ويبين الباحث في هاتين الدراستين علاقة ربطته بالأدب العُماني توطدت أكثر أثناء عمله مدرسًا في إحدى مدارس التعليم بولاية سمائل سنة 1974م حيث شغف حبًّا بمجالس الأدب والشعر التي كانت تقيمها النخبة الثقافية في فترة السبعينيات، وبالذات مجلس الشاعر عبدالله الخليلي في منزله بمحلّة (السَبحية)، الذي كان يؤمّه الشعراءُ والكتاب والمثقفون ومتذوقو الأدب والشعر وقراؤهما، وقد تجلت هذه العلاقة الحميمة فيما استشهد به في طالع الكتاب الأول أعني (الشعر العُماني مقوماته وخصائصه الفنية) من مقطع انتقاه موفقًا من مدونة شعر عُمان في العصر الإسلامي وهو لسوار بن المضّرب السعدي القائل:
أحبُّ عُمان من حُبي سُلَيمى
وما طبّي بحُبِّ قُرى عُمان
وفي الصفحات الأولى من كتابه (الستالي حياته وشعره) يقعُ الدكتور علي عبدالخالق على عيون شعر هذا الشاعر، ليكون مفتاحًا لشخصيته ذات الوجد الرومانسي:
ولله صَبْري.. أيُّ وَجْدٍ أكنَّه
وشوقٍ عليه باطنُ القلبِ مطبقُ
وزدتُ على أهلِ الهوى بغرائبٍ
لقيتُ بها في الحُبّ فوق الذي لقوا
فلو أن في عَصْري (جميلَ مُعَّمر) تشكَّى الهَوى علَّمته كيف يعشقُ.
ورغم بدايات هذه الكتابة المبكرة؛ إلا أن الكاتب الدكتور علي عبدالخالق كان حذرًا من التصريح بمكانة هذا الشاعر بل والاحتفاء به، فهو يشير إليه من بعيد في ثنايا مقدماته ويصفه بأنه شاعر من الخليج غير مجاهرٍ بعُمانيته ولا معتدٍ بها، ويصفه -في انتقاص شديد- أن مكانته لا بأس بها بين فحول الشعر العربي القديم حتى لا يؤخذ عليه مجازفة الأحكام النقدية، ولعله في ذلك واقعٌ تحت سيطرة النقد الأكاديمي الصارم الذي لا يريد أن يثبتَ البراعة كلها، على حساب القيمة النسبية للأعمال الأدبية، وكان حريا به أن يحتفل به ويقدّمه باعتداد كونه أول شاعر عُماني تقام عنه دراسة أكاديمية في رحاب مؤسسة أكاديمية مرموقة كجامعة القاهرة.
وتنسجمُ هذه الصفة الخَجْلى مع ما طرحه في مقدمة كتابه حين أسقط على شاعره “الستالي” عنوة فكرة الانتماء الخليجي وهو بعيد عنها، فكأنه يغازل أدب منطقة له فيها مآرب أخرى فترى مقدمته ملأى بعبارات وبلوازم من مثل (مرَّ على الأدب الخليجي حين من الدهر… ولقد أتيح لي الاطلاع على الأدب الخليجي… وتجيءُ هذه الدراسةُ ضمن سلسلة من البحوث عن التراث الأدبي الخليجي.. استطاع أن يملأ فراغًا واسعًا في منطقة الخليج العربي). وكان حريًّا به أن يستبدل لازمة الصفة (الخليجية العامة) بالعُمانية الخالصة؛ لأن كتابه ليس فيه شيء عن الخليج إطلاقًا وهو مختصٌ بشعر الستالي العُماني، فلماذا هذه اللوازم غير الدقيقة في عمل أكاديمي صرف يفترض فيه تسمية الأسماء بأسمائها، ولو قال عنه “شاعر عربي لكان أفضل وأدق”، ولكنها شهوة التطلع الخارجة عن سلامة الفهم الدقيق.
ورغم ذلك تأتي دراسة الدكتور علي عبدالخالق لهذا الكتاب من منطلق الكتابات المبكرة عن -شخصية شعرية عُمانية- لها قيمتها في هذا الإطار، وقد بذل جهدًا في إبرازها وتصنيف شعرها ووضعها في مكانها النقدي تحليلا ونقدًا بمنهج واضح ورؤية محددة، فيقسمها إلى مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة. اختصت المقدمة بثوابت العناصر المفترض أن تكون عليها وخاصة إظهار سبب اختيار البحث وأهميته ومنهجه وطريقة دراسته.
أمَّا الفصل الأول، فقد خصصه لتجلية “ملامح حياة الشاعر وسمات عصره”، عرض فيه ما تيسّر له من معلومات تاريخية عنه، وجاء فصله الثالث ليتناول أغراض شعره واتجاهاته ومعارضاته لشعر سابقيه، وفي الفصل الرابع عني بخصائص شعره الفنية، وجاءت خاتمته بإيجاز نتائجه التي لا نراها وافية في حق شاعر كبير، ويعود ذلك لطبيعة المدرسة التي اعتمدها الباحث في منهجيته لمعالجة شعر الشاعر.
وأخيرًا.. فكتاباتُ الدكتور علي عبد الخالق ومقالاته وأطروحاته متسعةُ الأرجاء كبيرة القيمة، مفيدة في حقلها، مبكرة في سياق تاريخ النقد العُماني الذي جاء بعدها وبدا أكثر تخصصًا وتحليلًا، وبالتالي تعدّ تلك الكتابات مصادر ومراجع لما جاء بعدها، فقد اعتمدت عليها جُلُّ أطروحاتنا الأكاديمية وكتبنا الثقافية، وكانت خير معينٍ لنا في حياتنا العلمية وتخصصنا الأدبي.
بيد أن هذا الحضور العلمي اعتمد على ديوانه الذي صدرت منه حتى الآن أربع طبعات ومُسْتَلَّات مختصرة حسبما نعلم، فمن بين الطبعات ما يأتي:
الطبعة الأولى من ديوان “الستالي” تحقيق الأستاذ عزالدين التنوخي، وقد طُبع في المطبعة العمومية بدمشق سنة 1964م على نفقة الشيخ سليمان السَّالمي وأخيه أحمد.
الطبعة الثانية: ديوان “الستالي” إصدار وزارة التراث القومي والثقافة، سنة 1400هـ/ 1981م.
الطبعة الثالثة: ديوان “الستالي” إصدار وزارة التراث القومي والثقافة، 2005م.
الطبعة الرابعة: ديوان “الستالي” تحقيق الدكتور رجب إبراهيم أحمد، إصدار النادي الثقافي،.2020م
هذه هي طبعات الديوان الذي استهوى قلوب قرائه، ويبدو أنّ هذا الاستهواء والإعجاب مَثُلَ في رغباتٍ سابقة لهذه الطبعات جميعها، فقد وجدنا في مجلة ” صوت البحرين” بالعدد الثالث للسنة الثالثة، الصادر في ربيع الأول من عام 1372هـ/ 1952م، ص (44) خبرًا يشير إلى نيّة الشيخ صقر بن سلطان القاسمي حاكم الشارقة السابق طبع ديوان “أحمد بن سعيد السّتالي” ، وأنه أوكل إلى الأستاذ عبدالقادر رشيد الناصري القيام بتحقيقه وشرحه؛ ولكن هذه الرغبة لم تتحقق، وربما تحققت ولم يطبع الديوان وظل قيد الأدراج، وتظل في تقديرنا مبادرة تاريخية لها قيمتها اتساقًا مع القيمة الأدبية التي يحتلها ديوان السّتالي، وأنّه ظل على الدوام محط رغبة المحققين والناشرين والقراء الذين وجدوا فيه شعرًا مفعمًا بالصور والأخيلة وقوة الخطاب لغةً وأسلوبًا وجزالةَ لفظٍ وسلاسةً لا يعتريها تكلف.
أمَّا المُستلَّات والمختصرات فنجد أولاها ما عرف بمواضيع الموسوعة الأدبية الميسرة التي أصدرتها وزارة التراث والثقافة وأوكلتها إلى باحثين عرب كالدكتور أحمد درويش والدكتور عشري زايد وغيرهما.
غير أن أهم هذه الطبعات وأكثرها ذيوعًا وانتشارًا الطبعة الأولى، فكل واحدة جاءت بعدها متحت منها وكادت لا تتجاوزها في شيء وخاصة طبعتي وزارة التراث والثقافة .
لقد قدَّم المحقق عزالدين التنوخي عملًا جليلًا للثقافة العمانية بتحقيق هذا الديوان، فقد جاء وفق منهجية علم التحقيق الرصين لخبرته العلمية وقدرته الفائقة، فقد قدَّم له بمقدمة ضافية تبين خبرة ودراية بعلم التحقيق منهجًا وأسلوبًا، طرائقَ وأداةً، وقد سمَّاها “فاتحة الديوان”، وفيها يعرض المضامين الآتية:
1. الإشادةُ بالجهودِ التي يبذلها ناشر الديوان (الشيخ سليمان السَّالمي) في إخراج التراث العُماني وفي ذلك يقول ص (ب) “وآل السَّالمي من أنبل الأسر العُمانية والشيخ النحرير محمد بن عبدالله السَّالمي (أبو بشير) ابن شارح المسند مهتم كل الاهتمام بنشر المخطوطات العُمانية النوادر، فهو في الواقع رئيس جماعة النشر بعُمان..”
2. رسمُ صورة شاملة للأدب العُماني في كافة العصور نظنه غير مسبوق فيها؛ إذ يستعرضُ الكاتب أنماطَ الأدب العُماني قديمه وحديثه متطرقًا إلى مبحث الخطابة الذي يعّد كاتبًا غير مسبوق فيه، فقد اعتمدت عليه بعض الدراسات وجانب بعضها عدم التوثيق، فالتنوخي قدّم عرضًا – ولو مختصرًا – قصد به التعريف، وإن لم يكن في محله، ومع ذلك فهو مفيد، وقد عرض فيه خطباء عُمان في الجاهلية وشعراءها ومفكريها وما قيل عنهم في الأدبيات والمصادر الأدبية القديمة.
3. إن هذا السَّردَ الدقيق المختصر الذي أبان به الأستاذ المحقق التنوخي في مقدمته عن أدب عُمان القديم المتمثل في الخُطب، والمُركِّز على وصف الأعلام والعلماء وبيان معالم حيواتهم وطرائق تفكيرهم – كان فاتحة لكثير من الدراسات العُمانية اللاحقة التي استقصته بشيء من العمق وبنت عليه آراء هي بمثابة اللبنة الأولى للقاعدة البحثية، فله في ذلك -في نظرنا- حق الاكتشاف المبكر، وإن لم يشر إليه أحد، وهي تدلُّ على غزارة علمه وسعة اطلاعه، ودقة بحثه وفحصه في المصادر التراثية العربية، ولعل ذلك من الدوافع المهمة التي أكدت قناعاته بالتراث العُماني وكانت محفزًا له في مشاريع تحقيقه وإخراجه، بعد أن أغفلته الكتابات العربية لظروف العزلة الجغرافية، والبعد المكاني، والظروف السياسيّة المضطربة، وملابسات المذهب الإباضي الذي اعتبره -عنوة- مذهبًا خارجيًّا لمعطيات غير دقيقة.
4. تفصيلُه لما تيسَّر له من معلومات توثق حياة الشاعر وعصره، وقد اعتمد في ذلك على مصادر التاريخ العُماني المخطوط والمرويّ، ويبدو أنه اعتمد في ذلك على ما مدّه به الشيبة محمد السَّالمي وابنه الشيخ سليمان، إذ كانت المعلومات عنه وعن غيره شحيحة غير متيسّرة.
5. بيانُ دوافعه في التحقيق، وقد فصَّلها في قيمة الشعر العُماني وأهمية إخراجه إضافة إلى رغبته في إحداث نقلة فكرية يعرف بها الأدب العُماني في الأوساط العربية في تلك الفترة.
كما كانت قيمة شعر الستالي نفسه مدعاة أخرى لإخراجه، وهي قيمة ذهبية تجلّت في حضوره في ذهنية العمانيين المتذوقين للشعر؛ شأن الشيخ راشد بن عزيّز الخصيبي الذي روي عنه ترنّمه بقصيدته “حُلْي الملوك” في أسفاره على ظهور المطايا، واعتبارها من غرر الشعر العُماني.
6. عرضه لمضامين شعره واتجاهاته سواء على مستوى شعر العلاقات الإنسانية كشعر المديح، أو المواقف الفكرية كشعر الحكمة، أو النزعات الفنية. وكانت رؤيته تنصبُّ إلى طرائق كتابته الشعرية وإكثاره من المحسنات البديعية كالسجع والصور البيانية كالتشبيه والاستعارات المجازية.
غير أن عرضه هذا لا يخلو من بعض النظرات النقدية الانطباعية لشعره، فبعد أن استعرض أغراضه واتجاهاته الفنية تطرق إلى بعض مثالبه وعيوبه شأن إقراره بأنه مُتبِعٌ لا مبتدع، وأن في شعره كثيرًا من السجع المتكلف، وقد سار على نهج الأسلاف وحذا حذو الشعراء الفحول وعارض قلائدهم، كما أشار إلى عيوب أخرى تتجه صوب طبيعة العامة حيث أشار قائلًا ص (ح): “ومن عيوب شعره المعنوية استجداؤه في كثير من قصائده؛ ولكنه شائع في عصره، وفيه مذلة النفس وهوانها واليد العليا فوق السفلى”. ولعل هذا الحكم نسبي قيمي قد لا يتوافق مع النظرات والآراء القائلة بجوازه وأن الإبداع الحقيقي يكمن في الصياغة وأن المعاني مطروحة في الطريق، وعلى الشاعر أن ينظم فيما يشاء، والأمر يحتاج إلى كثير من النقاش وقد كثر الجدل فيه ومج، ولعل التنوخي كان محمولا بالاستجداء المبتذل الذي يرضخ فيه الشاعر ويقع فريسة للعطايا المتكررة .
ولم يرد أن يفصِّل بقية عيوب شعر الشاعر الكامنة في نسجه وبيانه، فاكتفى بالقول ص (ز) “لولا خشية التطويل والملل لأوردت للقارئ من الأمثلة عللًا بعد نهل، ولكن حسبنا من العقد النضيد ما أحاط بالجيد”.
كما لم تفته محاسن شعره والتماعاته فشخَّص شعره بعبارات موجزة سريعة منها: “أنه لم يفارق أساليب الشعراء العباسيين؛ فهو يهوى المحسنات اللفظية وبخاصة السجع والجناس، ومنها أن ألفاظه وتراكيبه فصيحة عربية قوية مأنوسة، وليس فيها تشويه ولا غرابة ولا غموض وأما استعاراته وبعض صوره فبدوية أصيلة”.
7. إشارته إلى منهجه في التحقيق، ووصفه للنسخ التي يقوم عليها، فقد اعتمد -كما يقول- أربع نسخ مخطوطة جُلبت إليه من عُمان من قبل الشيخ سليمان السَّالمي، وقد وضع لها رموزًا دلالية من مثل النسخة (غ) وهي نسخة مركزية أساسية بخط سعيد الدغَّاري للشيخ سليمان بن حمير، والنسخة (ع) بخط عبدالله بن حمود العذّالي، والنسخة (ز) وهي نسخة بخط زاهر الكندي للشيخ عامر بن خميس المالكي ، وهو في جميع هذه النسخ يحاول أن يتلمس الأكثر دقة للأبيات والأكثر إتيانا للقصائد، فيضيف ما نقص في كلِّ واحدةٍ ليكمل بها الديوان حتى خرج على هذه الصورة المحققة تحقيقا علميًّا وافيًا.
8. تبويبه للديوان وترتيبه للقصائد وفق الحروف الهجائية المنتهية بها قوافيها.
9. شرحه لمعاني المفردات الغامضة وتأصيلها في كلِّ بيت شعري لذا بدا الديوان بهوامش تفصيلية تنمُّ عن ثقافة عميقة وأصالة لغوية ومعرفة باللغة العربية كما سنّها الأسلاف.
وأخيرًا تبقى مقدمة التنوخي لهذا الديوان شاهدة على حسّه الأدبي، وعلمه الاحترافي بالتحقيق، ويبقى الديوان نتاج مرحلةٍ تحتاجُ إلى مزيد الجهود لاكتشافها وبلورة مكوناتها الشعرية ولاسيمّا على صعيد الأطروحات الأكاديمية التي ظفرت بها ثقافتنا عبر ما قدمّه الباحثون من قراءات مُعمَّقة تحليلية تأصيلية لشعر النباهنة، ومنهم الستالي شاعرهم الأول صاحب الروائع الشعرية والقائل ص (3):
أقسمتُ ما عَمَر الدنيا بزينتها
إلا الملوكُ اليمانون الأعزاءُ
المُدركون من الغاياتِ ما طَلبوا
والنازلون كِرامًا حيثما شاؤوا
محاسنٌ هي في عينِ المُحِبُّ لَهُمْ
كُحْلٌ وفي أعينِ الحُسَّادِ أقذاءُ.
هذا هو الستالي شاعر النباهنة الشهير الذي رصدته المدونات العمانية وقدَّمته كأحد أهم شعراء مرحلة النباهنة المغمورة التي لم يتم الكشف عن حلقاتها بعد، وما قدمناه من تتبع جهود نقدية وكتابات عنها يعطي الدليل على مكانة شعره وجودته، وأنه صاحب عبقرية وشاعرية شيقة شارقة على حد قول الخصيبي 1/ 41. وهي عبقرية تغنَّى بها الشعراءُ الذين عرفوه فنظموا فيه القصائد الموازية احتفاءً به وشغفًا بشعره على نحو ما نجد في قصيدة الشيخ ناصر بن سالم المعولي المنشورة في (صحيفة عُمان) بتاريخ 29/6/1989م بعنوان “في ذكرى الستالي” والقائل طالعها:
غنِّ لي غنِّ بذكرى الستالي
وبنظمٍ له كَسمْطِ اللآلي
وبما قد أجاد مدحًا وحمدًا
وثناءً على بُناة المعالي
خلَّد المدحُ منه قومًا تقضوا
في ذرى الملك والعلى والجلالِ
يا مجيد البيان يا بن سعيدٍ
يا حميد الفعال زاكي الخصالِ
يا فصيحَ المقال يا ناظم الد
رِّ يا جميلَ الثنا لأهل النوالِ
طبت حيًّا وميتًا يا سَميَّ المتـ
ـنبي يومًا منير الكمالِ
أمطر الله ربُّنا روحَك الرحـ
ـمةَ منه إلى غَداة المآلِ.
وبذلك يظل الستالي شاعرًا أحاط بتجربته الشعر والنقد معًا عمانيًّا وعربيًّا؛ لأن مصدر إجادته مفعمة بالتجلي نحو مزيد من الابتكار الذي يقبله النقد، وهو بذلك سيظل حيًّا في مرأى من قرأه وتمتَّع بسماع شعره بلا حدود.
******
الهوامش
هامش توضيحي : اعتمدنا في هذه الدراسة المعنية بالمنجز الأدبي لشعر السَّتالي على ما قدَّمناه في مقالاتنا المعنونة بـ «كتابات عُمانية مبكرة» نشرناها في (صحيفة عُمان)، وعلى ما تناولناه في كتابنا «الشعر العُماني في القرن العشرين» ط1، دار الينابيع ، دمشق، 2007. وعلى مصادر التاريخ الأدبي وبخاصة كتاب محمد بن راشد الخصيبي: «شقائق النعمان على سموط الجمان في أسماء شعراء عُمان» ، ط1، وزارة التراث القومي والثقافة ، 1984م، وعلى مواقع إلكترونية أرشدتنا إلى عناوين جديدة لدراساتٍ كتبت عن الستالي وبخاصة تلك الدراسات التي أشرنا إليها في مواضعها من متن هذه الدراسة، وعلى دفاتر مخطوطة توجد في مكتبتنا الخاصة، وعلى مستخلص لصحيفة عُمان لمحتواها الأدبي أعددناه سنة 2000م. وعلى ما جاء من مقالات ندوته التي أقامها عنه المنتدى الأدبي .. لهذا وجبت الإشارة إلى ذلك منبهين إلى أن بعض سياق التوثيق ورد في متن النص في إشارة أكاديمية وفق مقتضيات طبيعة توثيق الدراسات المعهودة.
1 نشير إلى أن الفترة الزمنية لحياة الستالي ملتبسة لدى المؤرخين، فبعضهم يؤرخها بهذه الفترة، وبعضهم يرى غير ذلك؛ استنادًا إلى ما وجد من تواريخ ذيلت بها بعض قصائد ديوانه، وعلى كل حال ففترة النباهنة كلها ملتبسة ولعل قادم الأيام يكشف عنها متى وجدت وثائقها الدامغة.