إلى محمود درويش
(1)
الأرضُ ..
خَبايا أسئلةٍ
كانت ولا تزال
ذرة منبت يشير
إلى عقارب سهو الذاكرة
من رمادِ الكلماتِ
تَسْتعيرُ حدائقَ البهوِ
و تَعلُو
تدْنُو
وتَطفُو
وتمحو اثر التعب في ظهيرة
كطفلةٍ-تماما- تُخفي سِرَّ الحلمِ
والجرح معا
في ضفيرة ..
(2)
الأرضُ
خابيةُ خمرٍ قديمٍ
أنخابُهُ مَراحلُ التاريخِ
القُصْوَى
وهشيمُ كَفٍّ يَلُوحُ بِأَزْهَارِ
الذِّكْرَى
للذكرى …
دَوَالِي
سُلَالَاتٍ
مواسمُ قطافٍ
ودراق طين نحاسي
فضة معدن آخر
و فيضٌ هادرٌ
هي الأرضُ
ما اختلفنا
أنا بأناي
– حتى لا أنسى-
صفة الشاعر
في
وأنت بنكران الذات
ورصيف
والراوي
والملأ المنساب
في مسالك المعمور..
(3)
الأرضُ
محتوى لروحٍ يافعةٍ
راسخةٌ في ينبوعٍ
ذاكرةٍ
مرآةٌ لأشعةٍ تنفلتُ
من منابع الضوءِ
لِتخفي العتمة
هي الأرض – إذن –
وسواها بحر ويابسة..
(4)
الأرضُ
كتابٌ أحْرُفُهُ الإنسانُ
وفواصله نقط حذف ثاملة
و الأمكنةُ فهرسُ الصفحاتِ
و صفحةُ البرتقالِ
وطنٌ محتلٌ
يترقبُ نشيدَ الخلاصِ
« يافا» تغازل قمع العرصات ِ
و «الجليل» آيل بالحجر
يوقظ شرارةَ الأطفالِ
و «القدس» تختزل حلمَ العواصمِ في
مسافاتٍ …
و «غزة» تُجاهرُ بانهيار الليلِ
و«بغداد»
… [ و الخريطةُ
كل
الخريطةِ]…
ماثلة في شُرفةِ الشهداءِ
[ – من يدري قد لا نلتقي بكم
في البحر …
ـ لكن
ـ في فوهةِ البركانِ
إذا ما تماديتم في الاستهتارِ
بدَمِي
فدمي حد فاصل بين حرب
وسلم معلق في أعلى السلم ]
فالأرض
لمن تشبه تقاسيمُ
جنينهِ أديـمَ الأرضِ
لا من وزعته وصايا «التلمود»
في السراديبِ
و الغبارْ…
[- من يدري قد نُحيل التفاوضَ
على التقاعدِ
– لتستمر انتفاضة النصرِ ..]
فذاك شعبٌ
لا يسجد سوى لأرضٍ
ممتدةٍ من شرايين القلبِ
إلى النبضِ ..
ذاك شعبٌ
يتماوج غضبا
ساعة الرَّفضِ
هي الأرض – إذن-
(5)
الأرض
قرارُ القلبِ
و بساطُ لأقدامِ عاريةِ
فسحةٌ لروحٍ عطْشَى
تشتهي أزمنةً وافدةً
في الحفرِ
طريقٌ لا متناهٍ
– هي الأرضُ –
تدعوكَ تارةً للعبورِ
بالوردِ
و أخرى بدمِ الهواءِ..
(6)
الأرضُ
حدائقٌ لبحرٍ
يستوعب اليابسةَ
في خرابِ
جزرِ الزمنِ
في اتجاه الحتفِ المشتهى
أو بعثٍ مبكرٍ يرسخ
صورة الإنسان
في غفوة ٍ..
(7)
الأرض ..
مثوى الموتِ
تسحب الأشلاءَ
و العظم تعيده لنقطةِ
البدء ِ..
(8)
الأرضُ
أناسٌ
أنا وأنت منهم
أتشك..؟
شجروا فضاءَ الغيمِ
وهبوا النيزكَ ظلَّ
الغيابِ ..
رسموا بيرقَ البياضِ
فراشاتٍ تعلو
ناصيةَ الفرس
في بستان ..
(9)
الأرضُ
أناسٌ
عمروا تفاصيلَ الوجدِ
و تناسلوا أجيالاً
وأحفادا
وأسباطا
وأجيالا
وأترابا
حفروا بمعولِ الليلِ
منبع النهار
وآبارا
شربوا أنخابَ الفلواتِ
و استقروا- هكذا- في جغرافيةٍ هادئةْ ..
إدريـــس علـــوش
شاعر من المغرب