تتحكم في حياتنا وتصرفاتنا وانفعالاتنا مجموعة من المشاعر, لسنا بصدد البحث في ماهيتها, أو في ديناميكيتها أو في تدفقها أو في مصادرها ولا لماذا اعتقد الناس – ومايزالون يعتقدون – أن القلب مصدر المشاعر, وما علاقة إفرازات الهرمونات والأنزيمات بالمشاعر المختلفة, لكن من المؤكد أن المشاعر التي تخضع في التصنيف لمجالات خارج تكوين الجسد وبيولوجيته تؤثر في أجسامنا تأثيرا مباشرا.. فعندما تنطلق هذه المشاعر, فإنها تترك في أجسامنا تأثيرات كيميائية تغير كيمياء الجسد وكونها، ولنأخذ مشاعر الفرح مثالا على ما نقول.
الفرح حسب رأي بعض الأطباء والباحثين يحدث في أجسامنا تغييرات كيميائية متنوعة, قد نكون جميعا لاحظنا نتائجها، إلا أننا لم ندرك الربط بينها وبين مشاعر الفرح.
بعض هذه التغييرات قد يؤدي الى فتح الشهية, وبعضها يعطي العينين بريقا ليس لهما في الأحوال العادية.. بعضها يؤدي الى أن تسيل من العينين دموع هي التي نسميها دموع الفرح, وهي مختلفة في تكربيها الكيميائي عن دموع الحزن.. وبعضها يؤدي الى تورد الخدين, وبعضها يخلق دافعا للسرور والبهجة أو الرغبة في الانطلاق أو الجري أو الغناء.. كما أن هذه التغييرات الكيميائية الناتجة عن تدفق مشاعر الفرح قد ترهف أجهزة الاستقبال في أجهزتنا الحيوية عدا عن أحاسيسنا, إذ لا يشم الإنسان إلا ما يشعره بالبهجة, ويصبح مهيأ لتمييز روائح الزهور والعطور والبخور وغيرها من الروائح الجميلة.
في مقابل مشاعر الفرح يجب أن نبحث عن تأثير مشاعر الحزن.. وهو شعور سوداوي. ونلاحظ أنه إذا كان الفرح يخلق فينا كيمياء البهجة -إذا صح التعبير- فإن الحزن يسحبها ويمتصها أو يخمد تدفقها – وبدلا منها يدفع فينا كيميائيات رمادية وإفرازات سالبة تحدث فينا توترا وقلقا وتؤدي الى اعراض سيئة منها الشحوب أو البكاء (وهنا لا نكتفي بذرف الدموع ) أو الهزال… ويزيد تأثير الحزن أحيانا فيؤدي الى تهييج "القولون العصبي" أو يشعر الإنسان بآلام مبهمة في مناطق متفرقة من جسمه وقد لا يستطيع تحديد مكان الألم أو نوعه, بل إن الحزن قد يفقد حواسنا القدرة على الاستمتاع بما في الطبيعة من جمال لوني أو صوتي كما أنه يصيب مناطق التلقي بالخمول والبلادة.
الزمن هو الزمن.. والوجود هو الوجود. ولن يتغير في اللون شي ء إذا تغيرت مشاعرنا.. فلماذا إذن نشعر بأن الأشياء تتغير؟ مرة تصير بلون وردي جميل إذا انتابتنا مشاعر الفرح, ومرة تنصبغ بالسواد والقتامة إذا سيطرت علينا مشاعر الحزن.. إن ما يتغير هو كيمياؤنا النفسية التي تجعلنا نكاد نلمس الفرح ونراه ونسمعه ونشمه, كما نلمس الحزن ونسمعه ونشمه.
العود والحناء والعواطف للعاطفة فينا ارتباطات شرطية.. كما أن ذكرياتنا المختزنة في أعماقنا مرتبطة بالروائح التي نشمها في مواقف الحياة المختلفة. إن لبعض الناس رائحة مميزة.. قد تكون طبيعية وقد تكون مكتسبة, إذا ارتبطت هذه الرائحة بشخص ما -وكنا نحمل عاطفة معينة تجده هذا الشخص, فإن مجرد التقاط حواسنا هذه الرائحة يذكرنا بالشخص نفسه, ويبعث في نفوسنا العواطف نفسها. هناك إذن رباط شرطي بين الانسان ورائحته, أو بين الانسان وعطره, حتى إن العطور يمكن أن تكون إحدى وسائل العلاج النفسي, لأنها توقظ في أحاسيسنا ذكريات معينة, فإذا كانت ذكريات مفرحة, فإنها تطرد كيمياء الحزن, وتقول لنا إن في الحياة جمالا وأريجا وبهجة وزهرا وحبا وعصافير، وإن هذا الجمال الذي بعثت الإحساس به رائحة العطر، يمزق فينا براعم الحزن ونسيجه, ويدفعنا الى أن تنبعث في أجسامنا كيمياء الفرح التي تأخذنا الى مواطن الحسن والروعة, بل تجعلنا نرى الحسن والروعة والجمال في كل شيء.
والخليجيون جميعا يستخدمون "العود" في بيوتهم, إما على شكل عطر، أو «دخون " وقد صار العود عطرا خليجيا أصيلا مرتبطا بتراثنا, وارتبط لدى الآخرين بالانسان الخليجي, فالغربيون لا يستخدمونه ولا يعرفونه أصلا، والغريب أنه كان معروفا لدى العرب منذ القديم, ولكن منطقة عربية واحدة تستخدمه الآن هي منطقة الخليج, الأغرب أنه يأتي اليها من دول آسيوية حيث لا يقدره سكان تلك الدول كعطر مميز بين أرقي عطورات العالم.
والنساء العربيات قديما كن يستخدمن الحناء, وحتى فترة قريبة ومازلن في المناطق الريفية, أما في المدن العربية فقد قل استخدام الحناء أو انقرض, إلا في دول الخليج العربية, حيث مازالت النساء والفتيات يستخدمنه لاسيما في المناسبات الفرحة, كمناسبات الزواج والأعياد، من هنا صارت الحناء – لونا ورائحة – مرتبطة في أحاسيس الكثيرين والكثيرات بهذه المناسبات في حين أن مناطق أخرى من الوطن العربي ترتبط فيها مناسبات الأعياد مثلا بروائح أخرى، وخاصة رائحة "الكعك ". من هنا نستنتج أن للمنا سبات أيضا روائحها, كما أن للبهجة رائحة, وللحزن رائحة, وللفرح رائحة, فالروائح ليست مجرد ذرات تتطاير في الهواء، إنها شذى تلتقطه الحواس, فينتقل فورا الى مراكز الحس والتذكر- فتستيقظ الذكريات التي نمقت, وتطفو الى السطح أشياء ووجوه وأحاديث ومواقف ومناسبات.
واسمحوا لي أن أتحدث عن تجربة شخصية مررت بها أثناء ممارسة العلاج النفسي..
عرفت مريضة بلغت الخمسين دون أن تتزوج ولن أحدثكم عن اعراض مرضها.. لكنني كنت كما ذهبت اليها أقطع فرعا من شجيرة ريحان
(مشموم ). ولم أكن في البداية أتعمد هذا، بل فعلته بتلقائية وعفوية, لأن الشجيرة كانت قريبة من الممر الذي يفضي الى غرفتها.. واستغربت طريقة تقبلها ذلك الفرع الصغير مني.. ضمته بكفيها قربته من أنفها، شمته بقوة, ارتسمت البهجة على وجهها وأخذت تغني أغاني الفرح.. وذات يوم تعمدت أن أدخل غرفتها بدون غصن الريحان, فقابلتني بوجوم, وأصيبت بالتوتر، ثم ازداد انفعالها, حتى انخرطت في بكاء مرير ونحيب شديد. إن الريحان مرتبط في تراثنا الشعبي بالفرح, وهو وردة الفرح في موروثنا الجمعي المتأصل في النفوس, بل إن "العرائس " كن يعلقنه في شعورهن قديما.. وهكذا كان غصن الريحان ورائحته يحققان لها أمنية دفينة وتشكل لديها ارتباط شرطي بين وجودي وتقبلها لي وبين غصن الريحان.
بين القديم والحديث
ثمة روائح أخرى غير مرتبطة بالعطور أو الزهور أو الطبيعة, وأذكر بما قلت في بداية هذا المقال: أن لكل إنسان رائحة خاصة, ودعوني أذكر الأمهات الآن برائحة الأطفال المولودين حديثا، والأمهات جميعا يعلمن, والعاملون في مستشفيات الولادة يعلمون أن لهؤلاء الأطفال رائحة ذات عبق خاص يميزها ويميزهم.. هذه الرائحة قد لا تكون محببة إلا للأم.. بل إن غيرها قد ينفر منها، لكن الأم تشمها برغبة قوية وحنان عظيم, فهي لأنها تحب طفلها تحب رائحته وترتبط عندها الرائحة بطفلها, فتصير مصدرا وحافزا لحبها وحنانها.
وبالمقابل أثبت العلم أن الاطفال يشمون رائحة أمهاتهم, وتترسخ هذه الرائحة في الذاكرة وفي أعمق الأعماق من الإحساس, فيميز الطفل أمه من رائحتها، ولعل هذا يفسر استكانته بين ذراعيها عندما تضمه الى صدرها، أكثر مما يفعل إذا حملته امرأة أخرى بالطريقة نفسها وضمته بالأسلوب نفسه.. إن شيئا لا يميز أمه عن أي إمرأة أخرى، بالنسبة لحواسه, سوى رائحتها.
ولعل هذه الملاحظة تعيدنا الى تراثنا الشعبي الثري والفني بآلاف التجارب والخبرات والأمور التي اكتشفها الأجداد والجدات ومارسوها بتلقائية, ثم جاء العلم الحديث بعدهم بقرون ليثبت أن هذه الممارسات العفوية ليست خرافات. وليست عديمة القيمة بل إنها تستند الى حقائق علمية أصيلة لم يكن الأجداد يدركونها، لكنهم كانوا يمارسون النتائج فقط.
لقد كانت أمهاتنا وجداتنا يضعن تحت رأس الطفل ثياب والده الذي غادر الديار في رحلة الغرص التي قد تستمر شهورا..هذه العادة ظنها كثيرون تراثا باليا وممارسات حمقاء، ونوعا من الخرافات الشعبية يجب التخلص منها.. ولكن العلم الحديث أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الطفل الذي يتشبع برائحة والديه في سنوات عمره الأولى – تختزن ذاكر ته وحواسه هذه الرائحة, ويصير قادرا على تمييزهما برائحتهما. وقد أثبتت التجارب التي أجريت في الدول المتقدمة أن الطفل يشعر بالراحة والاطمئنان والسكينة حين يشم رائحة أمه.. ولهذا فإن أمهاتنا وجداتنا حين كن يضعن ملابس أزواجهن تحت رؤوس أطفالهن أثناء النوم, كن يحققن هدفين عظيمين في آن واحد..
يشعرن الأطفال بالاطمئنان أثناء النوم, ويحرضن على التوحد والتواصل مع الوالد الغائب.
ومن هذه التجربة ننطلق الى تراثنا الشعبي فنجدد زاخرا. بمئات التجارب والقيم والعادات والممارسات التي نحسبها أحيانا عشوائية عديمة القيمة, بل ربما نظنها نوعا من الخرافات, فيأتي العلم ليثبت أنها تستند الى حقائق علمية مؤكدة وايجابية, ولها آثارها النفسية الجميلة الرائعة.
البحر والعشب والمطر
إذا سئل أي منا عن الروائح فإنه ستخطر له على الفور مجموعة من الروائح معظمها مرتبط بالورود والازاهير ولعله لايذكر شيئا عن روائح الاجساد, فإن لفتنا نظرا اليها فإنه سيؤكدها, لكن هذه الروائح التي تؤثر فينا ليست الوحيدة في هذا العالم.. إن لكل شيء رائحة.. هل تذكرون رائحة العشب المقصوص حديثا؟هل هناك رائحة أخرى تشبهها؟! وماذا عن رائحة الأرض بعد
المطر؟! إنها مميزة جدا، وتبعث فينا أحاسيس مختلفة عما تبعثه روائح الأزهار أو الأشجار.. إن الشعراء والأدباء هم الأقدر على الحديث عن,روائح الاشياء والامكنة… وليس مجرد خيال أن يتحدثوا عن روائح الغضب والفرح والحزن والسعادة !ن هذه الانفعالات تفيه ر كيمياء الأجساد، فتنبعث منها روائح مختلفة حسب اختلاف الحالة النفسية, وليس غريبا على الشعراء والأدباء أن يوردوا بعبقريتهم في كتاباتهم حقائق علمية, يأتي العلم بعد ذلك بقرون ليؤكدها علميا. ولعلكم تذكرون رواية دستوفسكي العظيمة "الاخوة كرامازوف " والتي جعل فيها الأخوة الثلاثة يمثلون طبقات النفس (الهو، والأنا، والأنا العليا) قبل أن يتحدث فرويد عنها، ولعنكم تذكرون أن جوكاستا قالت لابنها أوديب في مسرحية "أوديب الملك " للشاعر المسرحي الإغريقي سوفوكليس:"لست أول خاطيء ضاجع في الحلم أمه ". كان هذا في القرن الخامسن قبل الميلاد ثم جاء فرويد بعد ذلك بقرون طويلة ليستند الى هذا المقولة وهذا الحلم ويتحدث عن "عقدة أوديب "ولعلكم تذكرون أيضا أن شاعرنا العظيم "أبو الطيب المتنبي"وصف الحمى وصفا رائعا بل وصف اعراضها واستغرب الناس أنها لا تأتيه إلا في الليل ليأتي أبوا لطب بعد ذلك فيثبت أن المريض "بالتيفوئيد"لاترتفع حرارته إلافي الليل ولتكون حقائق مؤكدة لما وصفه المتنبي من اعراض والأمثلة كثيرة جدا.. أحد الروائيين أطق حديثا على روايته اسم «درائحة الخبز".. وهكذا ترتبط الأشياء والأمكنة بروائح معينة.
حين نزور القرى نشم لأزقتها وبيوتها وحقولها دوائح وشذى يميزها عن غيرها،إن قرى السهل مختلفة عن قرى الجبل, والقرى التربية من البحر تختلف في روائحها عن تلك التي تنام على حافة الصحراء.. وللمدن روائئح أيضا, وما من أحد إلا ومر بتجربة أن يزور مدينة تفتقر الى الهدوء والسكينة, وتضج بالحركة والزحام والضجيج. وتتصاعد فيها غازات مختلفة, وكثيرون يشعرون بالضجر في المدن الصاخبة المزدحمة, معظم هذا الضجر مرده الى الروائح التي تملأ فضاءها، ومع ذلك فإن هذه الروائح قد تسكن الذاكرة مرتبطة بذكريات حميمة تضفي على تلك الرائحة, وان كانت كريهة بعضا من جمال فتجعلها مقبولة, وقد تصير مفضلة.
ويجب ألا ننسى رائحة البحر، ونحن في الخليج نعرف رائحة البحر جيدا وهي رائحة مألوفة جدا لنا،، وقد تكون رائحة البحر كريهة ممقوتة ولكننا نحب البحر، بحكم الالفة والاعتياد، ولانه جزء مهم من تراثنا وحكاياتنا وحياتنا، وانطلاقا من هذا الحب, قد نحب رائحته – وإن كانت كريهة – ونفتقدها إذا ما ابتعدنا عنها.
وثمة ظاهرة لوحظت على مرضى الغدة الدرقية, وهي أنهم يعشقون النزهات البحرية. أو حتى المشي على شواطيء البحار، حيث تنبعث من المياه رائحة يوديه. ومن المعروف أن مرضى الغدة الدرقية يفتقرون الى النسب المتوازنة من هذا العنصر في أجسامهم وفي طعامهم, وهكذا يصير احتياجهم هذا العنصر دافعا الى البحث عنه في كل شيء، وهذا يدفعهم الى البحر ورائحة البحر، فكأن رائحة البحر تتحول الى رائحة الحياة بالنسبة لهم.
وبعــــد…..
إن في الكون آلاف الألوان.. وليس من لون يشبه الاخر، وثمة درجات لكل لون.. وملايين الأصوات, وقد تعجز الأذن البشرية عن سماع كثير منها كما تعجز العين عن تمييز درجات اللون.. وآلاف الروائح المرتبطة بالأشياء والناس والأماكن.
لقد خلقت الأرض والسماء كأبدع ما يكون الخلق والتناسق, لكن الانسان بتدخلاته العشوائية المدمرة, لم يحافظ على هذا الجمال الالهي، وهو باندفاعه المتصاعد نحو الاستهلاك صار عدوا للبيئة مساعدا على تدميرها بدل أن يكون عنصرا فاعلا في تنميتها.. وهكذا تتراجع الغابات والحقول والبساتين والحدائق أمام زحف الصحراء وغابات الأسمنت الاخطبوطية, ويزيد عدد المداخن العالية يوما بعد يوم, وتكتظ الشوارعم والطرقات بملايين السيارات الصغيرة والكبيرة..كل هذا يقتل الطبيعة بكل ما فيها من جمال أمام أعيننا. حتى صار إنسان هذا العصر يبحث حثيثا عن لون الزهرة والورقة والفراشة والعشب الأخضر، وازدحمت في أذنيه أصوات المحركات وهدير المصانع وصار صوت العصفور أو تغريد الطير غريبا في زحمة الاصوات, بل إن من سكان المدن من لم يسمع صوت عصفور منذ سنوات. حتى أطعمتنا اختلف مذاقها، ولم تعد تحمل نكهة الطبيعة..~ كما أن هذه المظاهر غير الحضارية (وإن كانت من نواتج التقدم ) أخذت تخنق في البيئة روائح الأشياء, وتنفث في الاجواء بدلا منها روائح ملوثة تخنق أحاسيسنا، وتخلق بلادة وتغيرا نحو الأسوأ في أغشية الشم وأجهزة أستقبال الروائح.. لم نعد نبتهج بلون الزهرة وعطرها.. لم نعد نستمتع بمنظر شجرة الليمون أو البرتقال البديع وروائحها.. اختفت من حياتنا روائح العشب والمطر والأرض و"السدرة " والنخلة والياسمين, ورحنا نبحث عن العطر في قارورة صغيرة يصنعها لنا أحد ما, حتى العطر صار صناعيا، وليس له علاقة برائحة الطبيعة نهرب الى قوارير العطر لنستبدل بروائح الأحزان رو ائه الفرح والبهجة والجمال.. ألم نقل إن لكل مكان ولكل شيء ولكل إنسان رائحة !! كذلك لكل انفعال وعاطفة وإحساس ومشاعر رائحة.
موزة المالكي (باحثة من قطر في المجال النفسي)