رشيد بالعربي
1.العَمَل الشّعْري:
يَنبني العَمَلُ الشّعْري «oeuvre poétique » عند «صلاح بوسريف» على اسْتراتيجيةِ التَّشْكيلِ الرَّمْزِي الذي يَسْتغْنِي عَن أيّ فَهْرَسَةٍ، فلا يُقرَأ بِلِسَانٍ يَتيمٍ، ولا يَقِفُ عند عَتبةٍ واحِدَةٍ، وهذا ما يَسْتوْجِبُ -مِنْ دُون تمَحُّلٍ أو تَزَيُّدٍ- قَارئًا عَتَبَاتيًّا تُغرِيهِ الإقامَةُ بينَ تُخُومِ الدَّاخل والخَارِجِ. أمَّا سُؤَالُ الكِتابَةِ لدَى الشّاعر، فإنَّه يَسْتمِدُّ خُصُوبَتُهُ مِنْ شُسُوعِ المَرْجعيةِ النّظريَّةِ والإبدَاعِيةِ التي أنهَتْ عَلاقتهُ بالقَصِيدَةِ، لتُسْلِمَهُ إلى النصِّ – الأثَرِ، تحديدا، باعْتبارِه مُقتَرَحًا نَتُوجًا، يُؤَمّنُ للنُّصُوصِ حَيَويَّتهَا وتَضَايُفَها المَكِينَ مع باقِي الأشْكالِ من دُون سِياجَاتٍ أو قُيودٍ. فَكما لا تُقيمُ الكِتابةُ حُدودًا بين النّثري والشّعري أوالنّظمي، على نحوٍ خاصّ، فهِي لا تقبلُ بهذه الحُدودِ في بناءِ خُصُوصيتها الشّعرية، بل إنها تنشغِلُ بتوْسِيعِ إمكاناتِ استضافَةِ غيرها من الأسَاليبِ، مما يبدُو لها تَخْصِيبًا لشِعريتها ولُغتها على حدّ سَواء، لأنّ اللغة إذا ما تمَّ تسْييجُها داخل أطُرٍ مُغلقةٍ، فإنَّها لا تتخلَّصُ بدورها من السّياجات اللسانيةِ وحتى الدّوغمائيّة التي نضعُها داخلهَا، خُصُوصًا في سياقِ شَرْطِها الجَمالي، وهذا مَا عوَّلَ عليه الشّاعر، على نَحْوِ ما هُو بَيِّنٌ، في أثرِه الشّعْري/ العِرْفَاني، الموسومِ بـ»يااااااهذا تكلم لأراك»، حيثُ إن أيّ مَسْعًى لاجتذابِ هذا العملِ، من جِهةِ وَسْمِهِ بـ»الدّيوان»، يُعد مَلمحًا دالًّا على العَماءِ القرَائي الذي قد يُسْلِمُ صاحبه إلى مَهَاوٍ من الخَيْبة، تتعَارضُ مع ما رَاهَن عليهِ الشّاعرُ، حينما شَيّد شعريّتهُ في سَماءِ التَّجريد باقتدارٍ برُوميثيوسِي ورُوحٍ أورفيُوسِية عالية، كما أنّهُ لم يُرَحّلِ الحقيقةَ سَماويًا ولا أرضيًا، وإنما جعلها تتخلَّقُ بين يديْه في أشكال متعددةٍ، تتمنّعُ عن الحَصْرِ، لأنه يُدرك جيدًا أن كُتلتنا النّفسيةَ «la masse Psychique» ليس في مُكْنَتِهَا العيشُ في فضاءاتٍ لا يعرفها الشِّعر، لأنه، بلا مراءٍ، «المِرآةُ الجامعةُ للحقائقِ 1».
وتَجِبُ الإشَارةُ، إلى أن القِراءةَ، تظلُّ مِن زاويةِ انتسابِها إلى اللاّنهائي، فِعْلًا شديدَ التعْقيد، بل إنها تشترطُ وُجودَ قارئٍ خَليقٍ بهذا النّسَبِ إلى مَجْهُولِ الكتابة الشِّعريةِ، وهي تُرْسِي وَعْيًا استيطِيقيًّا، بقدرِ ما يرفُضُ الإقامَة في الصَّدَى، فإنَّه يُمارسُ اختراقاتِه الهادئةَ خارجَ النّاجز والمِنْوالي، وفي منأىً عن كل مَنْ يرَوْنَ أنّ الشّعر ينبغي لهُ أن يكونَ طَعامًا مُشترَكًا يرْضَى عنهُ الجَميعُ، ماسِحينَ بذَلك كلّ الاختلافاتِ المَعرفية والفِكريّة والذّوقيةِ.
ولعل حدسَ القارئ لا يُخطئ التّوقعَ إزاء المَسْلك الذي اختطّه العَمل الشّعري، بمجرد اطلاعِه على بنيةِ العناوين التي ينحتها الشاعر ويتخذها مؤشرات دالة، مما يُنبئُ بخصِّيصة المُشاكلةِ بينَ العِرفاني والفلسفي الذي ترشَحُ بهِ النصوص، فالعنوان شَرَكٌ مَنْصُوبٌ، يستقدمُ القارئ صَوبَ عوالمِه النّصية، فَيُقيدُه بأفْقِ انتظارٍ محبُوكٍ بشِدَّة الانزياحِ، يَسنُدُهُ المُعْجم الصوفي المُنتقى بعناية بالغة، لكنه بالقدر ذاته يُقَيّضُ له من المَسافة الجمالية ما به يبلغ «لذة الكشف والاكتشاف»2 بتعبير أدونيس. فعندما يَصُوغ الشَّاعرُ عنوانًا لافِتًا من مثل «رفات جلجامش» أو «يااااااا هذا تكلم لأراك» أو «مثالب هوميروس» أو «كتاب الليل والنهار» أو «آخر الموتى» أو «كوميديا العدم»، فإنه ينخطفُ لامحالةَ نحو آفاق لا مُتناهيةٍ، تُكرّس بلاغَة التفاعُلِ الخلاقِ بين الشعري والأسطوري والصوفي في ظل مُناخاتٍ شعرية تَرُومُ استيلاد نظام للمعنى من داخل هذا الاختراق الجمالي، وهذا ما يفسر أن الأصل في الشعر هو الإحداثُ والابتداعُ وليس التكرار والاتباع؛ ما دامتْ نصُوص بوسريف مُشْرَعَةً دومًا على مغامراتِ القراءةِ واحتمالاتِ التلقي، أو ما يمكن أن يرسُمه القارئ من مساربَ في النص، وهذا ليس بقاءً في ماضي الثقافة العربية، بل إنه دعوة لخوض اللُّجّ بما فيه من عَنَتٍ ودُوارِ بغيةَ إحداثِ الشّقوق والثّلماتِ، وفق ما تقتضيه وضعية القراءة.
2.تصادي العتبات:
وفي عمله الموسُومِ بـ«يااااااا هذا تكلم لأراك، الصّادر عن دار فضاءات للنّشرِ، سنة 2018م، آثر الشاعر الكتابة من موقعٍ شاقٍ لكنه مُؤتٍ ورَاقٍ في آن، وذلك باعتمادِ مبدأ التداخل النصي، الذي تلحمُ مَداميكَ بنائه تسعةُ نُصُوصٍ، حيث تتدثر اللغة بإهاب المجاز، فتبدو جذرًا عميقا لكينونتنا، أو بالأحرى، مرآةً لذواتنا ؛ بماهي يُتمٌ ومكابدةٌ وتمزّقٌ، وسعي حثيث إلى المحبة، أي ما به تنجَابُ عن الرُّوح حُمَيّا الظلام، فـ«حالُ صمت السالكين، السّلامة من الآفات 3». أو كما جاء على لسان الشاعر نفسه:
مَن أخبرك ياااااا شَيخِي بهذا السّر، ومَن وشى لك بهِ؟
فهذا سِرُّ العطّار لي، وأنا ما أزال في مُقتبلِ الجَمْرِ، لم
أدرِكْ أن العارفَ هو صَاحِبُ رُؤيا،
عينهُ ترَى ما لا يُرى
النارُ التي أجّجَتها في نفسي لمْ آنسها بعدُ، وجمرُها كامنٌ
في رمادٍ سَحيقٍ
لا أعرف متى سَأصلى بنارٍ حَمْأتُها بدتْ ولم تظهرْ؟
ما الحمَأة هذه التي أنا فيها،
سيلٌ نازفٌ يجرفني
ونفسِي غمرَتْها أمواهٌ
ملحُها يبّسَ حلقي
ورُوحي جفّت في جسدي4.
تبدُو اللغَة في تعابيرها وصُورها وحتى في نظمِها وإيقاعِها، لغةً صُوفية تقطُر شُفوفًا وحيرة وحرارةً، أي أن ذلك البياضَ الذي نجدُه عند بعض التّجارب الشّعرية التي يتمَاهى فيها التعبير الصُّوفي مع غيره من التّعبيرات الأخرى لا وجودَ له هنا، فالنص نَفَسٌ واحدٌ، في سياقه يتقاطع الضّد بضده، كما يتقاطع الشّيء بقرينه أو بما يُلغيه ويحُل محله، أو بما هو التعبير الأكثرُ دلالةً على لذة الانبهارِ أو عن عمَاء التجلي، وعما لا ينقال عادةً إلا بانخطاف الكتابة نحو تعاريجِ المُحتمَل وانشرَاحه.
وصُوفية هذه اللغة تبدو أكثر فتكًا في لحظة الإشراقِ أو فيما وسَمَه الشاعر بـ«القطار العابر للماء» حيث يصير الصمت والسكون من أكثر طرق التعبير تجلية لأعماق النفس البشرية أو ما يُشّدد عليه بوسريف قائلا:
خُذِ الكتاب، اتْلُ ما فيه.
لا تقرأه جهرًا.
اكتُم الصَّوت ما استطعت.
فالسّر لا يُقال ولا يُروى.
افرِدْ جناحيكَ في الريح،
لا تنطوِ في رُعبك،
فأنت خُلقتَ لتضرم النار في هشيم هذا العالم
لا
تهب النار،
فأنتَ النارُ5.
ولحظة الصَّمت هذه، هي لحظةُ الرُّعب والمكاشفة، لحظة انسرابِ الذات إلى باطنها وإلى سديمها الذي لا تملك اللغة أزِمَّتَهُ، وليس في مُكْنتِها تسميتُهُ. فالصّمت، في مثل هذا الوضع لا يعدو أن يكون كلامًا وحوارًا جُوانيًّا، والذين يعرفون كيف يصمتون هم وحدهم القادرون على الكلام بشكلٍ جيدٍ، ففي لحظة السَّديم هذه تستطيع الذاتُ أن تدخلَ في حوار مع العالم والأشياء، لأن الأشياء لا يمكن اسْتِبَارُ جوهرها وفك مُشْكَلها إلا بهذا النوع من الرّسُو في قيعان الذات، وفي سديميَّةِ أعماقها حيثُ لا لغةَ للكلام إلا لغة وكلام الصمتِ، وهو أقصى ما يعبر عنه أبو حيان التوحيدي بقوله: «ولزِمْتُ الصمت حتى نسيتُ الكلام 6».
إنها إذنْ، لحظةُ انبثاقٍ وخروجٍ من ظُلمات الخفاء إلى نور الشُّهود، وهي لحظة الاكتفاء بالإنصات لزلزلةِ الوجود في انخطاف، حيث لا وجود لاسم ولا لصفة، وهو ما لا يتحقق إلا في مقام الاصطلاح، كما يسميه الصوفية.
ومن ثمة، فالشّاعر، والحالة هذه، لا يستنسخُ ترحُّل جلال الدين الرومي ولا تجربة ابن عربي في الفتوحات، فهو أحد الذين أدركُوا خطرَ تسميةِ الوجودِ بما هو مَوجود، وهذا ما يجعل من مثل هذه اللمَعِ و التّعابير الإشْراقيّة، نوعًا من إدراك قصُور اللغة في التعبير، عما لا يقال أو اللاموصوفية «L’inféffabilité» وتعني أن « للصُّوفي حالاتٍ روحيةً لا تُقال بل تُعاش 7.»
أما حِينَمَا ينْسُج بوسريف منْ خُيُوطِ العِرْفَانِ لغَتهُ، فإنما يرُومُ مِن وَراءِ ذلك، الكَشفَ عن أفْقٍ وَلُودٍ، غيرَ مُتصَلبٍ، ينزَعُ إلى تَمْجيدِ الخَيالِ، وتوْسِيعِ العَقل، ليَقذِفَ فيه من المَعَارِفِ الروحانيةِ مَا يَصِلُ مَرْكزيتَهُ فِي الأرْضِ بمَركزيتِهِ في السمَاءِ. ولعَل هذا الانشغالَ المُطردَ باللغَةِ وفيها، هُوَ مَا كَان يُوَجهُ تجربَةَ أسَاطِينِ شُعَرَاءِ العِرْفَانِ، مِنْ أمثالِ ابنِ عَربي، النّفرِي، جَلال الدين الرومي، عَفيف الدين التلمْسَاني، السهْرَورْدِي، البَسْطامِي وابنَ الفارضِ، وغيرهم كثيرٌ، مِمن اسْتنبتُوا من رَحِمِ اللغةِ لغَةً عَذرَاءَ، يُسَمَى بِهَا الزمَنُ، ليمْشِيَ مَسُوقًا بإنسيةٍ كوْنيةٍ مُتفردَةٍ، تخْلَعُ على الوُجُود لَبُوسًا مَشُوقًا إلى تَشربِ مَاءِ العشقِ والمَحَبة السرْمَديَّين.
وبذَا، فإن مَا تَعرضَ للتكتمِ فِي التجربَة الصوفِية، من زَاويَة سُؤالِ المَعْنَى، يَظل فِي نَظَرِ القارِئ هَاجِسًا ومُوَجهًا للتأوِيلِ. وهَذا مَا جعَل تشاكل الشّعر بالخِطابَ الصوفِي مَأدُبَةً تسْعَدُ بالغُمُوضِ، غُمُوضٌ تَكُف التجْربَة عنْ أنْ تتخَلقَ وهِي مُنفَصِلة عَنْهُ، لتُمليَ فاعليةَ البحثِ عمَّا كانَ مَنْذورًا للامّحَاءِ والانتِثَارِ، لأن الشَّاعر، وهُوَ يَكتُبُ، يَظَل مُنجَذِبًا إلى أقْصَى كُل شَيءٍ، مُوقِفًا سَرَيَانَ الكونِ، حيثُ لا قَبلَ أو بَعدَ، مُخترقًا كل مَا أرْسَتهُ فِينا العَادَةُ من حُجُبٍ ووَهْمٍ مُمِض، وهذا الاختيارُ الحُر، هُوَ مَا أرْهَصَ لانتسَابِ العملِ الشِّعري إلى المَعْنى المُتمَلصِ المُنشَرِحِ والمُتفلتِ، مَعْنىً مُتَأبٍ عَنْ أي إمْكانٍ للقبْضِ أوِ التحديد و«فِيهِ مَا فِيهِ»، كما يقول ابنُ عَربي؛ مَادامَ العارفُ مُنقَادًا إلى أنْ يَعيشَ التجْرِبَة، لا أنْ يُفضِيَ بهَا، وهَذا مَا جَعل الصوفِيةَ يَتنَكبُونَ عَوَزَ اللغَةِ، ويَنْكَتِبُونَ خَارجَ الشكْلِ وخَارجَ السيَاقِ الثقافي العام. مِنْ هُنا تتكَشفُ رَاهِنيةُ الكتَابَة الشعرية، بمَا هِيَ إنصَاتٌ للقدِيمِ المُنِيرِ، لا بوصْفِهِ مَاضِيًا لمْ يَمْضِ، بتعْبِير الشاعر صَلاح بُوسريف، بلْ باعتبارِه وَهْجًا نَتُوجًا وآتيًا من المُسْتقبل. لذَا، يَجْمُل بنَا تأمينُ انْشِراحِهِ وحَيوَيتِه عبْرَ مُواصَلَة اجْتذابِه إلينَا، وجَعلِه، بالتالي، يجْترِحُ مَسَافةً مَعَ نَفْسِه، كَيْ يتَحَدثَ لغَةَ عَصْرِنَا لا لُغَةَ عَصْرِه.
3.استراتيجية التوسيع:
تتنامى الرؤية الشعرية لدى الشاعر صلاح بوسريف في عوالم روحانية مكتويةٍ بأسئلةٍ وجوديةٍ مُربكةٍ، وبنفْسٍ حرَّى مُتعطشةٍ لمعرفة المُطلق وبين مسافات لا متناهية من الكشف والتوالج؛ تتهَادَى عتباتُ نصوصِه المكثفة، ليحيل بعضها على بعض طافحة بالرمز ومغرقة في التجريد، لتحيل في مجملها على رؤية نوعيةٍ تجاه الكون والإنسان والوجود، كما أن هذه العناوين تُرهِص بما تسترفدُه النصوص من مرجعية صوفية عرفانية، فطائر تبريز مثلا يحيلُ الذّهن إلى طائر السّيمورغ في منطق الطير لفريد الدين العطار، وعبوره بالأودية السبعة، أما الأوتادُ، فإنها تشِير إلى معاني التّوقلِ في المعارج عند ابن عربي والنّفري وابن الفارض والحلاج وغيرهم. من هنا، يتكشّفُ للباحث أفقٌ آخر، تغتذي منه الرؤيا الشّعرية التي تصْدُرُ عنها تجربة الشّاعر، إنها تجربةٌ تجترحُ لغتها الخاصة التي تتواءَم وماءهَا الصُّوفي الدَّافق، القائم على الحدس والبصيرة والباطن ، وهذا ما يجعلها لبنة أساسية في الشعرية العربية، وهي تنحو صوبَ ما به تُجدد حساسيتها وحداثتها، كما تنهضُ تجربة الشاعر صلاح بوسريف على ما يسميه جون كوكتو «بالغموض الماسي 8» عبر مداهمةِ آفاق المعرفة الكونية وامتلاك أسرارها وإبدالاتها، فضلا عن ارتياد مجاهيل الذات، فلا معرفة خارجها ولا منجى من صور الابتذال إلا من خلال امتطاء لغة المجاز في زُرقتها.
إن ما يُرسيه استدعاءُ «القديم المنير9» عبر النُّصوص الغائبة، مِن تجاذُبٍ مثمرٍ للغيرياتِ، يساهم في مَحْوِ كل الفروق بين الشعر والنثر؛ فيتجاور التفعيلي بالعمودي، وتحضر القصةُ والحوار في نسيج العملِ، ما يكشف عن تعدد صور التعبير ويسمح أيضا باستنبات لغةٍ تحُوز من الخصوصية والفرادة، ما يسمحُ بِملْء شقوق الرؤيا، والإفضاء بما لَمْ تستطع العبارة البوح به. وبهذه اللغة، «تخلق التجربة الصوفية عالمًا تتعانق من خلاله الأزمنة في حاضر حي 10».
ولعل أكثر العتبات حضورًا وفاعلية هي العناوين مُفردةً ومسندةً ومركبة، يُحْكِمُ الشاعر اختيارها، ويقيمُ أوْدَهَا فصلًا ووصلًا؛ ليَشُدَّ بها أزْرَ النّص قبل تَخَلّقِهِ، ومن الواضح أنها قد أخذت منه جهدًا لِسَمْيَأتِهَا بطريقتهِ الشعرية ووفق نظرته الكونية ونظريته الشعرية.
فالعناوين مُفعمةٌ بدلالاتٍ متقاطعة تاريخيا وثقافيا وفلسفيا ونفسيا، وكأنها عالم من التّناصّات التي تتصادى وَفقَ أطُرٍ مرجعية متباينة، تنبئ عن تجاذبات الخطاب والمخاطب في عوالم الفَيْضِ والإشراق والسَّفرِ، حيث تمتحُ البصيرة من الأسئلة الأنطولوجية الحارقة، ومن بين هذه العناوين التي تتكللُ بها النصوص نذكُرُ: يا حضرت مولانا- قطارٌعابر للماء- حيث لا أريد- الصوت- الصدى- طائر تبريز- الطريق إلى قونية- هشيم العالم- عَمّ تبحث في جيبي؟- بئر في خلاء- خمرة على سجاد- على قبر الرومي. عناوين كلها تتدثر بنوع من التناغم المرتبط بإحالات القصائد من طروحاتٍ وجدانية وأسئلة غيبيةٍ، سيما وهي منضوية تحت عنوان جامع هو «ياااااا هذا تكلم لأراك»، وبذلك يمكن القول بأن «استراتيجية التوسيع 11» تتحقق، على نحو لافتٍ، في تلك العناوين المشعة، لتستغرق المعاناة والمكابدة، حينما تتسع الرحابة للطريق الذي سلكه الشاعر بهدف إنجاز عمله الشعري، إذ يقول: «أنجز هذا العمل الشعري بين مدينة المحمدية وإسطنبول، ومرقد الرومي وشمس التبريزي على هضبة الأناضول بمدينة قونية 12.»
وتنتصبُ العناوين المُسندة على نحو مُطّردٍ بإسناداتٍ مُربِكة لقريحَة القارئ من مثل: «هشيم العالم» والمفروض أن الهشيم هو يَفْضُلُ عن آثار الحريق، وما يستتبعه ذلك من هدمٍ وإعادة البناء، وهذا التأرجح بين الهدم والبناء، نجده ميسمًا رئيسًا للاستراتيجية الكتابية التي خطها الشاعر. وبهذه الأمثلة النَّماذج من العناوين مفردةً ومسندةً، يمكن القول بأنها تتمخّضُ جميعها من مِحبرةِ الرؤية الشّعرية والاستراتيجية الكتابية التي آلها الشاعر على نفسه، استراتيجيةٌ مُضَمّخَةٌ بالروح الصوفية، تتصادَى في دلالاتها العميقة، لذلك تأتي الآثارُ مُشْرَعَة على التشوف والتصوف والإبحار في عالم من البصائر والفُيوضِ والإشراقاتِ السَّنيةِ التي تشِي بالكشف الذي يجعل الشعر يمتَحُ من التصوف أصوله وخصوصيته، وهذا ما صرَّح به محمد السرغيني قائلا: «وتظل النزعة الصوفية، مهما اختلف النظر إليها، محاولةً لتقريب العَصِي على الفهم، حتى ولو كان ما ورائيًا، فهي تهدفُ إلى السيطرة على الظاهر بهدف الاستحواذ على الباطن. «نزعة الصوفية» لا يتحقق بغيرها هذا الدّمج الخلاق؛ كيما لا تلعب دور الوسيط المستأجر فحسب، بلْ لتجعل الإبداع الحقيقي يسري في عمق الذات سريان الدّم في العُروق، فلا يسرق ولا يدخل تحت طائلة طلبٍ ولا تحت إلحاح عَرْضٍ، لأنه أعلى من أن يطرح في سوق المزاداتِ 13».
4.أفق الكتابة الشعرية :
لقد شارف الشاعرُ بلغته مناطقَ قصية من البوح الوجداني، وبلغ بها تُخومَ العرفان، منصهرًا في تجربة صوفية شفيفةٍ، لأن «اعتياصها متأتٍ من غَوْصِ صاحبها في القيعان بحثا عن الدرر واليواقيت، ولؤلؤِ المستحيل، وإقامته في المابين وارتحاله نحو الأجواز، سعيا إلى معانقة النقطة التي هي أصل كل خط 14»،غير أن الأمر لا يستقيم لهذا التبسيط المُخِلّ، ذلك أن التعالق بين الإلهي والإنسي، هو في واقع الأمر شِرعة الصوفي، حيث يصطنع المرأة والخمرة وعناصر الطبيعة المختلفة، ذريعة إلى الوصول، وسبيلا مثاليا إلى رَوْحَنةِ الماديات بما هي قوام الوجود والموجود ودليلٌ على التجلي الإلهي المُشخص عبر الجميل والآسر، ذلك أن الجمال هو التجلي الأسمى، بيد أنه لا يتكشفُ من حيث هو كذلك إلا لمن يقوم بتحويله، والحب الصوفي هو ديانة الجمال، لأن الجمال سرُّ التجليات، يقول الشاعر:
فنَفْسِي شَرِبَتْ هوى نفسكَ،
وما عادَ لنفسِي غيرُ نفسك:
أنا
فيكَ أتوارى
و
أنا نفسِي
لم
أعد أعرفُ ما تُريده مني
نفْسِي! 15
هكذا تنغمزُ روح الشاعر وهي تفتحُ حوارًا لافتا مع نصوص غائبة حيث يذكرنا هذا النزوع إلى امتشاق لغة الجمال بانخطافات: «جلال الدين الرومي» وإشراقاته السنية، حيث يقول:
ولقدْ شهِدت جمَاله في ذاتي
لما صَفت وتصَقلت مِرآتي
وتزينتْ بجماله وجَلالــه
وكمالِه ووِصاله خلواتي
أنوارُه قدْ أوْقَدت مَصَابِحي
فتلألأت مِنْ ضَوْئه مِشكاتي 16
وفي حُميا هذا الانخطاف الشعري والصُّوفي، تتسامى اللغة عبر نداءٍ عُلوي، ينتشل الشاعر من الزوَغَان والحيرة، ويحفزه إلى أن يبحث في دواخله عن أنوار الحقيقة التي تهديه سُبُل السداد والظل الوريف حيث تلتبس الأنية بالغيرية وتتضامُّ الضمائر، على نحو لافتٍ، كما في قول الشاعر :
أنااااااااااااا
نفسِي التي تثور، تطير، تصير، تحتار
تضيء، تحترق، تنشف، ترق، تتقد.
تفتقد، تقتل، تموت، تغرق، تشرق، تثقل
تخف وتشرق.
أنااااااا من أنا
شمس شفقي
جمر قلقي 17.
إن هذا المسلك الشاق الذي لم يألُ الشاعر جهدًا في ترسيم معالمه؛ يستوجبُ هِمَّةً دَرَّاكةً، كما يقول المتصوفة، هو طريق روحي، يرتبط بالارتفاع فوق عبودية الجاه واسترقاق المنزلة والذي سيظفر بهذا القطاف هو الذي تنكب وعْثاءِ السَّفر من خلال تجرده عن السِوَى والأغيار؛ ما دام السفر مقروناً بالظفر حسب ابن عربي، ويقول الشاعر في مقطع دالّ:
حُرّ،
مثل نقطةِ نورٍ
شرعتُ أضيئ الشقوق بهذا الغناء البعيد
نداءٌ
لا يفتأ يُهجّجُني،
يرُجّني،
يُشعل فيَّ رعشاتِ عشقٍ
كنت ظننت أنني طويته في ظلمات جُبّ غويطٍ 18.
إنها يقظةُ الروح الوثابة الباحثة عما به تحقق فرادتها، عن ملاذٍ أخضرَ، به تسمو عن ضَعَتِها ووضاعتها وحَمئها المسنون، ومن ثم، فالخيالُ، بما هو برزَخٌ خصيب، استطاع، ولا يزال دوما تحويل المعطيات الحسية إلى رموز والأحداث الخارجية إلى قصص رمزية ويومئ ذلك أيضا إلى مفهوم ثانٍ أرساهُ الصوفية، وهو مفهوم العماء الذي تتشح به الكتابة الصوفية عند بوسريف لا بوصفه ظلاما دامسًا، ولكن بما هو مدخل، به وفي ضوئه تتكشَّف وظيفة الخيال، حيث يتضمَّنُ العماءُ «النواة المركزية بين الإلهي والإنسي». نواةٌ تنهض على التدخل بينهما، أي على الجمع، فابن عربي «يحدد العماء طورًا بأنه أقرب الموجودات إلى الله وطورًا بأنه الحق المخلوق به، العماء عين النفس، والنفس مبطون في المتنفس، فالعماء لديه هو الخيال المحقق مما يجعل الإيجاد الأول مبنيا على الخيال، فليس عبثا، إذن أن يعتبر ابن عربي الخيال ركنا عظيما من أركان المعرفة».19
كيف أمكن للشاعر، إذن، أن يغزل على نَوْلِ صبره ومجاهداته، وقيامه وقومته، سَبْرًا شعريًّا مَنْقُوعًا بدَمِ معنى المعنى، وشعرية الغموض؟ إنه السّفر بالجسد الفاني في المطلق حيث تكتسب الذات عنوانًا واللغة صولة، ويتبوأ الخيال مقعدا ما ورائيا، ضاربا في عمق الأشكال والألوان روحا حيَّة حَيِيَّةً، يقول الشاعر:
«كن المكان،
حيث لا مكان.
ولوّنْ حقيقتك باسمك،
كما يتلون الماء بلون الزجاج 20»
إن الرؤية الصوفية، عند الشاعر إفرازٌ محقق لتجربة عميقةٍ وعصّية عن القبضِ، وليست ناجمة عن كُلفةٍ أو تقليدٍ أو ثقافةٍ صوفيةٍ فقط، فقد جمع بين الثقافة الصوفية والتجربة الروحية الصادقة، وقد حرِص الشّاعر على توكيد ذلك في أكثر من مُناسبةٍ.
وإجمالًا، تحْفَى حداثة الكتابة، بما هي مُقترحٌ قرائي، بتصَادي أصْوَاتٍ، وضمَائرَ وكتاباتٍ ولُغاتٍ؛ لا تعير أي اهتمام لنظام القصيدة، بين ما نعتبره نثرًا، وما نعتبره نظمًا الذي ليس هو الشعر بالضرورة. فما وجّه الشاعر «صلاح بوسريف» في تشييده للشكل الكتابي يتعارض مع ما يوجه القارئ في بنائه للدلالة، ينشغل الأول بإتلاف موضوعه عَبْر تحويله إلى تجربة مع اللغة، من خلال القدرة على الإظهار بالإخفاء، وما تعرض للتكتم في التجربة الشعرية، من زاوية سؤال المعنى، يظَل في نظرِ الباحثِ، هاجسًا وموجهًا للتأويل. فَبِنَاءُ القراءة يقوم على البَحْث عما كان مَنْذُورًا للانْتِثَارِ والامّحَاء، وهذا ما تنكبْنا تمظهُراته في العمل الشعري الذي يعد مَلْمَحًا بينًا لحداثة الكتابة، بما هي انشراحٌ وتوالجٌ، وإلى الخيال، بما هو آلية لإرْبَاكِ السائِدِ، فعَليْهما تبْنِي الشعرية موضُوعها، عبر جعل المتن يفيضُ على حَواشِيه، دونما انقطاعٍ إلى آثار السابقين، وهذا مَا أفْضَى إلى اِلْتباس الداخل بالخارج، من خلال بناء الدلالة من داخل المُفارقات، واستثمار البياض، وكذا الركُونِ إلى التموج. ومن ثم، كان تناغُم الدَّوال في العملِ الشعري، لعِبًا واعيًا، أحَالَ القراءة في مَنْزعِها إلى تطويق الدلالة موشُومةً بالنقص.
بهذا الوعي، حرصت هذه الدراسة، بعد إنْصَاتِها لما يَشِمُ العملَ الشعري من اختلاف، على اجْتِذَابِ المُنْجَزِ النصي للشاعر «صلاح بوسريف»، وقدْ هَيّأ هذا المُقترَبُ القرائي، بما هو مَكانٌ للتأويل الكشفَ عن الأفُق الذي عليه عَوّلَ هذا الشاعر في تأثيل تجربته، على نحوٍ، عَدّ ممارستَهُ النصية نُقطةً مُضِيئَة في احتمال الكتابة الكبير واللانهائي.
أما ما يفْصِلُ بين الكتابة الصوفية عَنْ غيرها، كمَا ألمَحْنَا إلى ذلك آنفًا، فيسْمَحُ، على تعددِ عَنَاصره، تصورًا وإنْجَازًا، بملامسة ما يجعلهما يتقاطعان، اسْتجابةً لما يبْنِي هُوية الفعل الكتابي، فالمعارج التي ارْتَقَاها الصوفية نحْوَ مُطلقٍ، عَثرُوا عليه غير مُنْفَصل عن ذواتهم، تحكمُها وشائجُ قوية مع المَراقي التي تفتحها الكتابة، أمام من اسْتَبَرُوا أسرارها، وبوسريف، أنَمُوذَجٌ خليقٌ، بترجمةِ هذا الانْخطاف المَكين بكفاءة إبداعية عالية.
ويُمْكِن القولُ، إن مَا انفتح أمام هذه الدراسة، من أسئلةٍ كان يجعل كل انْصِرافٍ إلى صَوْغِ الأجوبة، تنَكرًا لرهان التكتم الذي اعتمدهُ الشاعر، وبهِ استحق وجودهُ بالاختلاف والمُغايرة، لذلك لمْ ننشغلْ بالأجوبة، إلا بوَصْفها مُنطلقًا لأسئلةٍ أخرى، وهذا ما ابْتَذَرَ فينَا يَقظةً مُتواصِلَةً، سنُوَاكِب عَبْرها ما يصدُر من أعمال ٍللشاعر، متأملين ما يحدثُ من إبدَالاتٍ في جَسَدِ نصٍّ مُتَأبٍّ عن التحديد، ومُمْعنٍ في تصَيُّرِه وتَفَلّتِه وحَيويتهِ.
—–
الهوامش
أحمد بلحاج آية وارهام، مجلة الثقافة المغربية، وزارة الثقافة، المغرب، العدد 35، ص: 67
أدونيس، الصوفية والسوريالية، دار الساقي، بيروت، الطبعة الرابعة، ص : 87
أدونيس، الصوفية والسوريالية، م.س، ص : 57
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، دار فضاءات، عمّان، الأردن، 2018م.
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، دار فضاءات، عمّان، الأردن، 2018م، ص : 33
ميثم الجنابي، حكمة الروح الصوفي، دار المدى للثقافة والنشر، سوريا، دمشق، 2011م، ص : 71
المرجع نفسه، ص : 55
المرجع السابق، ص : 65
يمكن العودة، في هذا الصدد إلى مقدمة كتاب «الصوفية والفراغ» للدكتور خالد بلقاسم، المركز الثقافي العربي ، ط1، 2012، ص :8 ، حيث أشار إلى نزوع الدارسين إلى الإنصات للقديم المنير وإشراكه في الإجابة عن أسئلة معاصرة.
صلاح بوسريف، حداثة الكتابة في الشعر العربي المعاصر، م.س، ص: 48
وقد تبنى الدكتور محمد مفتاح هذه الاستراتيجية في الإصغاء إلى مختلف نظم الإبداع الإنساني، والخطاب الشعري على نحو خاص، انظر كتابه الموسوعي «نظرية الشعر (اللغة –الموسيقى – الحركة)»- المركز الثقافي العربي، ج1،ط1، 2010م، ص : 6
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، دار فضاءات، عمّان، الأردن، 2018م، ص: 453
أحمد بلحاج آية وارهام، أسماء استظللت بها، قراءات في الشعر المغربي المعاصر، منشورات أفروديت، 2014: ط1، ص : 96
محمد بودويك، الشعر المغربي المعاصر، آليات اشتغال النقد عليه، منشورات أفروديت، ط 1 ، سنة 2013 ص 40-41.
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك.
د. محمد بنعمارة، الصوفية في الشعر المغربي المعاصر، شركة النشر والتوزيع المدارس، ط1، 2000، ص:230
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، ص : 67
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، ص : 372
هنري كوربان، الخيال الخلاق في تصوف ابن عربي، دار رؤية للنشر، ط 3، 2011م، ص :32
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، ص : 163
أدونيس، الصوفية والسوريالية، دار الساقي، بيروت، الطبعة الرابعة، ص : 87
أدونيس، الصوفية والسوريالية، م.س، ص : 57
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، دار فضاءات، عمّان، الأردن، 2018م.
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، دار فضاءات، عمّان، الأردن، 2018م، ص : 33
ميثم الجنابي، حكمة الروح الصوفي، دار المدى للثقافة والنشر، سوريا، دمشق، 2011م، ص : 71
المرجع نفسه، ص : 55
المرجع السابق، ص : 65
يمكن العودة، في هذا الصدد إلى مقدمة كتاب «الصوفية والفراغ» للدكتور خالد بلقاسم، المركز الثقافي العربي ، ط1، 2012، ص :8 ، حيث أشار إلى نزوع الدارسين إلى الإنصات للقديم المنير وإشراكه في الإجابة عن أسئلة معاصرة.
صلاح بوسريف، حداثة الكتابة في الشعر العربي المعاصر، م.س، ص: 48
وقد تبنى الدكتور محمد مفتاح هذه الاستراتيجية في الإصغاء إلى مختلف نظم الإبداع الإنساني، والخطاب الشعري على نحو خاص، انظر كتابه الموسوعي «نظرية الشعر (اللغة –الموسيقى – الحركة)»- المركز الثقافي العربي، ج1،ط1، 2010م، ص : 6
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، دار فضاءات، عمّان، الأردن، 2018م، ص: 453
أحمد بلحاج آية وارهام، أسماء استظللت بها، قراءات في الشعر المغربي المعاصر، منشورات أفروديت، 2014: ط1، ص : 96
محمد بودويك، الشعر المغربي المعاصر، آليات اشتغال النقد عليه، منشورات أفروديت، ط 1 ، سنة 2013 ص 40-41.
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك.
د. محمد بنعمارة، الصوفية في الشعر المغربي المعاصر، شركة النشر والتوزيع المدارس، ط1، 2000، ص:230
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، ص : 67
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، ص : 372
هنري كوربان، الخيال الخلاق في تصوف ابن عربي، دار رؤية للنشر، ط 3، 2011م، ص :32
صلاح بوسريف، يااااااا هذا تكلم لأراك، ص : 163