صوتك هذا
أم تنهدك على صدري متعبة..
وكسلانة.
لمسة يديك على خصري لها رنة أجنحة الفراشات
وهي تطوف بالهواء
وفنجان قهوتنا يبرد بهدوء
فوق "ترابيزة" البهو الصغير.
صوتك… أم قدمك وهي تنغرز في لحم السرير
كمثل تعثرك – كل صبح –
في رمل الطريق ؟
كأنك كنت تسقطين من حلم؛
خفيفة..
ولأصابعك الخمسة وسادات هوائية لا ترى.
شعرك البني القصير
يشد، سقوطك إلى أعلى
فيما جيوش غامضة من النمل
تشد دمي من دمي
وتوقفني على أول "صباح الخير….
يا المرأة الفلمنكية"..
صباح الخير
يا وجهي النائم
تحت ماء الصنبور.
فيما أنت بعيد عن البيت
ثمة امرأة بدينة تصحو كل شمس
لتطعم طيور السطح – عنوة –
بين كل درجة سلم
تأخذ نفسا طويلا
وتعد سنوات عمرها مرتين
ثمة بنت تنام مفتوحة الساقين
تحت غطائها الشتوي
ووردة مجهولة تموت في أصيص الزهور
صباح الخير
يا الوردة المجهولة التي تموت
صباح الخير
يا أصيص الزهور
فيما أنت بعيد هكذا
ثمة رجل عجوز يعمر البيت بكحة مشروحة
وأخوة يكبرون في غفلة من عيون الأهل
وأولاد عمومة يتعلمون الحياة
في ثكنات الجيش
ثمة شفاه تتهجى اسمك
في جمل عابرة
وأنت تحدق في بقعة الضوء الخارجة من العتمة
ترقبها وهي تتوالد واحدة بعد أخرى
كأنك تفتش عن غياب الدم الحي
من جلد وجهك المخطوف
فصباح الخير يا غياب الدم الحي
صباح الخير يا وجهك المخطوف
تبدأ الكلام من تحت شفة محروقة
ولا تكف عن الدوران مكانك:
ذاهب لخيانة في الصبح
أمضي مثل مقاتل بشفرة سوداء تحت لسان مر
حاملا ألما استثنائيا
وخفيفا كمحبة.
يدك هي نفسها يدك
وهي تمتد- بيضاء ومحمرة – نحو صدري المكشوف
وحبة العرق النافرة تتصبب ساخنة
فيما تتحرى أصابعي المعروقة عنها
في دأب مفضوح
وكبئر… تختزن ماءها النقي
سوف أتلقى لكنتك الأجنبية
كمثل "صباح الخير"
كل فجر جديد.
صباح الخير ايتها الشوارع
صباح الخير ايتها البيوت
صباح الخير يا بنات المدارس
صباح الخير يا الكحول المخمر في "أورفانيدس"
صباح الخير يا لسعة البرد
وأنت تمرين هادئة
تحت جلدي السميك.
ذاهب لخيانة في الصبح
كامرأة تتكئ على رنة ندم صغيرة
في حجم مشمشة
وتسكت حنينها
إلى شفتين غامضتين
صباح الخير يا شفتين غامضتين
يا يدها الصغيرة
يدك الصغيرة التي لن أسميها
والعروق الزرق الرفيعة وهي تخترق عمق بشرتك
سوف تكون مجرد موصل جيد
لبرودة الهواء
في غرفتي الواسعة.
صباح قعودي مثل طفل تحت عينيك
أدمي حروف الكلام مبتورة الأطراف أو مسننة
حين ترمقينني متسائلة عن معنى جملتي الأخيرة
فيما صوت ارتطام قطع النرد
يرن على خشب الطاولة
وكحة أمي النائمة
تتدحرج – ببطء – فوق حصيرة البلاط
صباح الخير – إذن –
يا كحة أمي النائمة
صباح الخير
يا حصيرة البلاط.
ذاهب لخيانة في الصبح
ارمي السلام على الفراغ
وأتدحرج على سلم من حجر مدبب كأنه الكلام
آآه ه . . .
صباح الخير يا الحجر المدبب
كأنه الكلام..
صباح ابتعادك
صباح قدمك التي ستخبط الأرض بقوة امرأة
تعرف إلى أين تغادر
صباح حذائك الجلدي
في رنينه المعدني على اسفلت الطريق
صباح ارتجاف نهدك المدور
بين يدي
حين تلتفتين
حين اهتزاز شعرك حول عينيك
وأنت تنظرين إلى وجهي
للمرة الأخيرة
صباح الخير يا المرة الأخيرة
صباح وحدتنا التي آمنا بها فجأة
وصباح العزلة التي نمت بداخلنا
كساعة الرمل
صباح خيانة أحبالك الصوتية
في لحظة الوداع
صوتك وهو يرن:
كلما قصدنا الصدق في الكلام
كلما اصطادتنا الحكايات الملفقة.
وكلما شئنا الاختباء
ردتنا روائح الألفة الغريبة في ملابس أهلنا
إلى بر النعري.
ذاهب وحدي
يا صباح الخبر
بين كفي المتيبستين عرق حامض
وصباحي كأنه استن نفسه بنفسه
ولا شيء يجعلني واقفا
سوى رغبتي الطارئة في الوقوف
صباح الخير
يا مخدتي بين ساقي
يا ضفيرة شعرها المصبوغ بالحناء
صباح ابتسامتها النعسانة
على صدري العاري
وعينيها المرفوعتين في عيني
بلا خجل..
صباح وحدتي هنا
عائد من خيانة في الصبح
ألملم دفء كفيها
وأحارب لسعة البرد الخفيفة
وهي تنسل من فتحة القميص المندى
كمقاتل فقد شفرة سوداء
كانت تحت لسانه المر.
كنت أسير
وكأن الطريق لا ينتهي
وكأن البنات الوحيدات
يخترعن خطواتهن على الطريق
معي!
عماد فؤاد (شاعر من مصر)