عزالدين المدني المبدع والمسرحي التونسي أحد رجالات الخلق الدرامي المثير في المغرب العربي والوطن العربي، من أعمدة النهضة الأدبية والابداعية الحديثة ،مفكر الإثارة الجسورة وهذه الأعمدة التقليدية وحفر الدروب الجديدة في تيار الزمن المغاير.
كان من المسرحيين العرب الحاضرين في المهرجان المسرحي الخليجي الرابع الذي أقيم في البحرين مؤخرا.
وكان معه هذا الحوار:
كان اشتغالك با لمسرح شيئا مركزيا في حياتك الإبداعية فلماذا .. وكيف صار ذلك ؟
– أنا من المؤلفين الذين كتبوا القصة القصيرة والرواية أولا، ثم كتبوا المسرحية بعدئذ وذلك في تونس بطبيعة الحال . ولكن في الحقيقة انني بدأت التجارب الكتابية قبل القصة والرواية ، ولكن هذا النتاج كان في فترة المراهقة ، وحينئذ لم أكن مكتملا بعد.
الكتابة المسرحية الأولى كانت " ثورة صاحب الحمار". لماذا انعطفت الى ذلك وبدأت به حقا؟ لأنني رأيت أن كتابة القصة وخاصة القصة التي كتبتها وقتذاك وهي القصة التجريبية بطريقتي الخاصة وأسلوبي الخاص، لا يتجاوب معها الجمهور. هناك فقدان للجمهور!
وفي هذه الأثناء كنت صحفيا، رئيس تحرير في تونس ، ولا أرى لهذه القصص إلا أصداء عند الأصدقاء والزملاء،والذين يكتبون فقط ، والأدبا، بصفة عامة . أما الجمهور فهو يعرفني من خلال التليفزيون ، عندما أمر بالشاشة الصغيرة . إنما الصدى فمفقود .
* قاص وصحفي من البحرين .
ثم هناك التمكن ، حيث إني متعدد الاختصاصات في الكتابة . فقد عملت تذويبات في كتابة السيناريو في فرنسا. أعرف جل الأدب الفرنسي وجل الأدب العربي. ومعنى ذلك إني متمرس في القصة القصيرة والرواية ، وعندي فيهما ما أقول .. كثيرا كثيرا كثيرا! فيما يتعلق أولا بالشكل ، الذي هو القضية الركزية في مسألة المقولات الجمالية . وقد كتبت في هذا وانتهى ذلك في اعقاب الستينات واعقاب السبعينات ، بجمع مقالاتي في عنوان عريض هو " التجريب " وقد صدر هذا الكتاب سنة 1972 في تونس ، ثم طبع أيضا في مصر بالأسكندرية ابان انتظام المهرجان المسرحي التجريبي.
*لقد قرأت لك قصصا في تكسير كامل للشكل ال درجة اعتماد تيار الوعي الواسع .. وكافها سيريالية ؟
ـ لا ، بالعكس ، أنا اتجه الى الكتابة الواعية القوية ، وكل قصة فيها وعي تام . لا بالعكس أنا من الجماعة التي تقول بالحوليات ، والمحككات فأنا أصبر على العمل الأدبي لشهور وسنوات ، الى يومنا هذا أصبر عليه صبرا كبيرا.
أنا لدي طريقة في الكتابة هي الكتابة العربية الحديثة .. في المشرق ربما كان الناس لا يعرفونني كثيرا،ولا توجد فيه دراسة معمقة عني لكن في السوربون وتونس قدمت دراسات عديدة عني خاصة حول المسرح . أما القصص فلم تدرس دراسة معمقة ، حتى يكتشفوا اتجاهاتي الاسلوبية والفنية .
لقد نشرت "حكايات هذا الزمان " وهي من عيون المعاصرة ، وهي سلسلة أدبية تونسية ، وقد انتشرت انتشارا كبيرا جدا. كتابتي واعية جدا، وليست كتابات ذات فوضى،إنني أعرف ماذا سأكتب وأصبر عل الكتابة صبرا شديدا جدا.
أردت أن أقول ، وأعود الى السؤال الأول ، انني حين لم أجد
لكتابتي القصصية صدى، وفي مساء أول عرض مسرحي لي ، وكنت جالسا بين الجمهور، وسألني أحد الأصدقاء: لماذا تركت القصة وكتبت المسرح ؟
قلت : انظر الى الظروف . ظروف أنا وظروف الحياة ، كيف صارت . لذا ينبغي أن أكون كاتبا مسرحيا.
الانطلاقة كانت سنة 67 ورحت أكتب للمسرح الى يومنا هذا بدون توقف.
أنتجت الكثير من المسرحيات لكن واحدة تستغرق سنة وواحدة أخرى تستغرق ثماني سنوات من الكتابة .
* ما هي الهواجس الأساسية في هذه المسرحيات ؟
– الموضوعات كثيرة ، لكن الموضوع الرئيسي هو قضية الحكم عندنا، قضية المثقفين ، قضية الراهن في المجتمعات العربية . الذين يثورون ما هو مضمونهم .. هل هو مضمون ثوري؟ ثم كيف ينحرفون الى التمرد وغير ذلك من الأشياء التي تهم الانسان .
مؤلفاتي "ثورة صاحب الحمار"، "ديوان ثورة الزنج "، "رحلة الخلاج "، "التربيع والتدوير"، "تعازي فاطمية "، "سلطان الحسن الحفصي" وأخيرا "كتاب النساء". وانتهيت من كتاب "الله ينصر سيدنا" حول دولة القانون والمؤسسات وقضية العدل والانصاف وحقوق الانسان وحقوق المرأة الى غير ذلك من الحقوق الضائعة للعوب في يومنا هذا. ه كيف يستطيع المسرح أن يحرض ويمهد للتفيير لهذه البنى العربية الشائهة المتخلفة ؟
– دائما وأبدا الكتابة الحديثة في أي قطر من الأ قطار هي كتابة نقدية في الأساس ، يمكنها أن تقدم البديل ، ويمكنها الا تقدمه . لكن هي من سهمتها، ووظيفتها ، انها النقد، انها تتوجه بالنقد. هناك من الكتاب من يكتفي بذلك ، وهناك من يقدم البديل . لكن غالبا البديل يكون صعبا. وهذا النقد هو وجهة نظر الكاتب والمخرج .
* لماذا تتجه الى التراث بشكل خاص ، انه بؤرة مركزية في عالمك وتشكيلك المسرحي؟
– هو قضية كبيرة . أنا شاهدت إن المسرح لا يعبأ به ويستهان به كثيرا في الوطن العربي، من حيث هو افراز فكري، من حيث هو وجهة نظر ومعرفة . شاهدت وقرأت مسرحيات بسيطة جدا: بساطة ، سذاجة ، مستوى منحط ، مستوى متدهور، مستوى ليس من هو الكاتب القوي الذي يعبر عن فكرة . قليلة هي المسرحيات الجيدة العميقة البعيدة ، التي تمتلك أبعادا، إنما هي مجرد لوحات اجتماعية وتاريخية ، لا أكثر ولا أقل ، لا يوجد فيها مغزى أخلاقي.
هذا هو الذي أعرفه . يمكن أن أكون رد فعل على هذا. فالمسرح ينبغي أن يكون عميقا، ذد باع كبير جدا، باع فكري وفني قوي، ليس مجرد تزجية للوقت . وهذا كلام فارغ لا أهتم به .
* أعبر التراث تريد أن تجسد رؤيتك الابداعية ؟
– أنا كاتب ، والكاتب يعني ذلك ، ويمتاز الكتاب في المجتمع بأن لهم حافظة ثقافية حضارية ،ويعملون في إطار الذاكرة الجماعية ، بطبيعة الحال عبر الاستناد ال التراث ، وليس التاريخ فقط ، التراث أكثر من التاريخ ، إنه الحضارة .
هناك تراكم لتجارب ، وإقتباس من التجارب القديمة ، سواء كانت المنسية في المعتم عليها، بطبيعة الحال أرتكز على التراث ، لأن المسرح العربي لا قاعدة له ،سواء كانت فكرية أو جمالية . هناك عدم ، هناك نقل من ثقافة الى ثقافة ، ومن حضارة الى حضارة ،ومن رؤية الى رؤية لا توجد قواعد. – الا تؤمن بوجود ظواهر عربية مسرحية ؟
– نعم ،لكن لا يوجد مسرح . ماذا عملت أنا..؟ أنا أردت أن أعرب هز المسرح . كل جهودي منصبة على هذا الأمر. على مستوى العروض وعلى مستوى الشكل ، على مستوى التركيب الدرامي للأشياء، في تركيب الشخصيات ، في تركيب الحوار، في البعد، في القضايا المطروحة على جميع الأصعدة . يقال بأن الشكل للزخرف ، ولكنه ليس للز خرف ، بل هو شيء أساسي .
* وتغييرك المسرحي يتجه لكسر الشكل الأوروبي؟
– تركه وأخذ منه أشياء وترك الجوانب الأخرى.
* هل تعتبر الشكل الأوروبي متعاليا..؟
– هو أشكال كثيرة .. أيها؟
* الشكل الاغريقي – الايطالي وامتداداته ..؟
– عندما قرأنا المسرح قلنا إن ثمة مسرحا واحدا هو المسرح الأوروبي، حسب التعليم الذي تلقيناه ،ثم حفرنا في معارفنا ووجدنا أن الأصل هو المسرح اليوناني، ثم التفتنا الى اليمين فوجدنا المسرح الياباني، وقربه المسرح الصيني، وهناك أيضا ظواهر مسرحية تشبه المسرح ، اذن أدخلنا المسرح الأوروبي في نسبية ، صار نسبيا الينا. فلماذا العرب لا يخلقون أشكالا مسرحية . لماذا؟هل هو عجز؟ إن من يتصدى للكتابة ينبغي أن يكون عارفا بالكثير من القواعد والمقولات الجمالية .
* كيف السبيل ال الخروج من نخبوية المسارح الطليعية والتجريبية العربية.
– أنا نخبوي. أنا نخبة النخبة . وأنا متعصب للنخبة ولكن في سبيل الجميع ، في سبيل الناس . أي يجب أن توسع دائرة النخبة لتجعل الناس معك . لا أن تعطيهم أشياء تافهة . أنا رأيت الأشياء التافهة ويقولون انها جاءت نزولا عند رغبة الجماهير! والجماهير تحب هذا.. أنا نخبوي ونخبة النخبة ،
أنا زبدة الزبدة . عندما أعطيه نصا أنا خدمته بعرق الجبين وأكثر من عرق الجبين ، خدمته باخلاص وصدق ، ليس في سبيل المال أو في سبيل أشياء أخرى، في سبيل المصلحة ، في سبيل الفن ، في سبيل الشعب ، حتى نعطي إيرادا نخبويا لكافة الناس .
* وهل استطاع هذا المسرح «دالمدنيدد أن يكون له جمهورا واسعا؟
– ثمة جمهور ولكن ليس واسعا. ثمة جمهور وثمة من يستمع الى هذا الخطاب المسرحي، بدليل أن المعاهد المسرحية وجامعات كليات الآداب تهتم كثيرا بهذه المسرحيات اهتماما شديدا، وبد ليل أن الاجانب مهتمون كثيرا بهذه الأعمال ، ويطلبون أن نتعاون معهم . فقمت مثلا بترجمة "نساء طر وادة" مسرحية يور بيدوس ، المسرحي اليوناني القديم ، وقدمتها باللفة العربية في قلب باريس ، سنة 1994، وقدمتها أيضا في مدينة "سانتيثيان" الفرنسية باللفة العربية أيضا. كان العرض رائعا جدا، حتى إن الفرنسيين اكتشفوا اللفة العربية من خلال هذه المسرحية اليونانية القديمة المترجمة الى اللفة العربية . لكنها لفة عربية حديثة ، ليست اللفة الفصحى وليست اللهجة الدارجة ، وليست اللغة الثالثة لتوفيق الحكيم انها مفهومة وقوية ومتينة تغرب اللفظة وترجع اليك ، ليست اللغة الثالثة ولغة الثرثرة الفارغة انها من نوع السهل الممتنع إذا أردنا تشبيها.
* انها اللغة الجميلة الفنية الأدبية ؟
– أنا لا أحب الأدب :
* لماذا..؟:
– فاته الزمن .
– من أي جانب ؟
– الكتابة وليس الأدب . أي القصة والرواية ، وأحسن الأجناس المسرحية، غدت الرواية سهلة ، صارت الآن ، عند العرب سارت الرواية في يومنا هذا سهلة ، نحشر فيها ما نريد، بدون حذق ولا إتقان .
* كيف ، كيف ، ما رأيك في روايات حنا مينه ونجيب محفوظ وحيدر حيدر الخ ..؟
– لا تحرجني. لا أريد أن أتكلم عن الأسماء. أنا أقول بصفة عامة ، من يتصدى للحداثة ينبغي أن يتصدى للكتابة المسرحية . هناك تحد يلزمك بأن تنجح في الكتابة المسرحية ، قد تكون في الرواية والقصة ناجحا، لا أقول ضد ذلك ، ولكن يجب أن تكون ناجحا مع الجمهور.
الكتابة مواجهة . في يومنا هذا، الأدبا، يقصون الكتابة المسرحية ، ولا يطرحون القضايا الأساسية في الكتابة لتكوينهم الأدبي الفضفاض .
الرواية لا شيء!
* ما هي هذه القضايا الأساسية ؟
– أولا مواجهة الجمهور. الكتابة لا تصير كتابة حقا إلا إذا واجهت الجمهور، واجهت الجمهور بعنف . هناك عنف ، ان الجمهور حاضر فهل انت حاضر مع الجمهور. هل لك زاد، هل لك ايراد، هل لك إضافة ، ماذا تقول ؟ ماذا تحتي؟ بلا كلام فارغ .. ! في ساعة ونصف ماذا ستقول ؟ تقول كل شيء في ساعة ونصف .
* وبعدئذ قد ينطفيء الجمهور؟
– هناك جمهور أبدي في المسرح . لأن النص مطلوب ، عبر الاخراج الثاني والثالث والرابع .
* الا تتضافر كافة الأنواع الأدبية لتؤدي رسالة مشتركة ؟
– لكن الوضع الراهن للكتابة العربية في يومنا هذا، التي يهيمن عليها الأدبا،، ليس وضعا جيدا. فهناك إقصاء. يفضلون الرواية على المسرحية ، وهذا غلط ! لأن أقوى الكتابات ، وأقولها بكل نزاهة ،هي الكتابات المسرحية .
* وفي الدول العربية التي تهيمن عليها الدكتاتورية وتمنع نمو المسرح ماذا يفعل الأدباء؟
– أية دكتاتورية؟
* الدكتاتورية التي تقتل الظواهر الجماعية والمسرح ..؟
– في جميع الدول العربية ثمة مسارح موجودة ، وفرق تختلف اتقان ومهنة وحرفية لكنها موجودة من المحيط ال الخليج . ه وتسلط عليها جميع أنواع الرقابات ؟
– سياسية ، مالية ، نخبوية الى غير ذلك مثل عدم توزيع المسرحيات والكتب المسرحية وعدم ملاءمة الأشياء للمسرح الى غير ذلك ، الرقابة ليست واحدة وحيدة وإنما هي مجموعة من الرقابات . هذا شيء معروف . لكني أريد أن أقول إن الكتابة الحديثة هي دائما، وأبدا مواجهة مع الجمهور لأن هذا هو شغلها الشاغل أما الرواية .. خذ الرواية في أوروبا مثلا كنموذج ، أو ما يجب الا ننسج عليه ، أو الرواية العربية القديمة التي كان العرب يقرأ ونها ويقتنون الكتاب ويقر أونه . أوقات الناس الآن مشغولة بالتليفزيون والعمل والمسؤوليات والحياة اليومية بكل ما فيها، يمكن للرواية أن تكون ذات وقع تجويد الشكل وتكون رواية جيدة وتدخل نفسية القاريء العربي بصفة جيدة جدا، لكن هذا ما لا أراه . هناك القليل القليل النادر.
* نلاحظ هذا أيضا في المسرح ، حيث النخبوية الشديدة والاهتمام المبالغ فيه بالسينوغرافيا..؟!
– هذا لأن المخرجين هم الذين يهيمنون على خشبة المسرح . هذا شيء
معقول فترة تاريخية آنية فقط . أنا أطالعها بنظرة نسبية .
أنا أبحث عن الروايات الجيدة في هذا العالم . شي ء قليل ونادر. ه وهل تجد في المسرح الكثير؟
– قلت لك انني لا أجد في المسرح الكثير أيضا. قلت الكتاب يقصون من
المسرح ، اكتأب المسرحيون يقصون ويبعدون إقصاء شديدا جدا.
انظر الى مجمل الندوات في اتحادات كتابنا العربية والى غير ذلك .. ماذا ترى؟
لا يبحثون قضايا الكتابة المسرحية والتأثير عبر المسرح .. واذا بحثوا فقليل نادر. إنما يتحدثون عن الأدب ويحجزون الادب في الرواية والقصة القصيرة وفي أحيان أخرى عن " المقال " فقط !. كيف يمكن أن يكون المسرح والكتابة المسرحية أساسية وكبيرة في الجزيرة العربية . وهناك محدودية لمنشآت المسرح . ولهذا سبقت الانواع الأخرى كالشعر والقملة في النمو الابداعي . هناك ظروف مختلفة في الأقطار العربية .
– ثمة أوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية، صحيح .. ثمة ظروف وشروط لقيام مسرح ولقيام رواية ولقيام شعر ولقيام أي جنس من الأجناس الأدبية هذا شيء معروف . يمكن ألا تتوافر شروط لقيام مسرح في بلد من البلدان ، كنشوء الديمقراطية . هناك شروط وظروف معينة لقيام ديمقراطية في أي بلد من البلدان . والجنس الأدبي أيضا بالمثل نحن لا نشذ عن ذلك بتاتا.
* ما رأيك في مسألة السينوغرافيا المطروحة بقوة في المسرح العربي اليوم ؟
*هذا حديث المخرجين والمهتمين بالخشبة. أنا أقوى من الخشبة. أنا إنسان خالق ، أنا أخلق الخشبة والسينوغرافيا والديكور والموسيقى والكلمة.
الكاتب هو المادة الأولى لكل الفيض التالي .
السينوغرافيا هي قصة القصص بين الحرفين على خشبة المسرح فقط إنها مشكلة الفنيين سواء كان مخرجا أو مصمم الديكور والمناظر والدخول والخروج وغير ذلك . . إنني لا اعتبرها قضيتي .
وقد تعاملت مع فنيين ومخرجين كثيرين ، مثل المنصف بن عياد وسمير العصفوري وغيرهما.
أنا أكتب ، ولكن العمل الذي يتجسد على الخشبة عمل للمخرج ، وليس عملي أنا.
السينوغرافيا للتقنيين فقط .
. هل اقتربوا مما أردت قوله ؟
– بعض الاقتراب ،وكل مخرج ورؤيته ولا أرى إن ثمة نواقص ولكن كل واحد وماذا يعطيك . هناك مخرج يغنيك ومخرج يفقرك .
. وهل تحس أن نصوصك لم تستنفد ابداعيا؟
– لا . لم تستنفد. فأنا أركز عل قضايا أساسية لا تموت في حينها، ولا أكتب للظرفي والآني ، والقضايا التي تموت في يومها، لا أثير القضايا الظرفية الآن . لا تهمني . إنها كلام فارغ . أنا تهمني أشياء أخرى . القضايا التي تهم العصر. هناك بعد زمني في القضايا المطروحة. في مسرحية ".. الزنج " القضية المطروحة لم تحل ، بينما مر على العمل المسرحي ربع قرن .
. كيف ترى التجديد في شكل المسرح العربي وإضفاء سمات قومية
عليه ؟
– هذا موضوع كتاب ، ولا أستطيع في كلمات أن أعبر عنه . سوف
أحرف كل ما أقوله . لا أستطيع أنا أن ألخصه ولو في كلمات . هذه مسألة ذات صعوبة كبيرة.
السؤال بأهمية بمكان لا يطرح هكذا، ويمكن للمخرجين التافهين أن يجيبوك ويعطوك ويقولون لك "مناظر عربية " ، " زخارف " ضع سيفا" و " ملابس تاريخية"، هذا كلام فارغ . هذا موضوع بحث ، هذا الموضوع فتحت به أنا دربا في الفن العربي الحديث . من شق مثل هذه الدروب في الفكر والفن العربي الحديث ، من ؟ قليلون جدا، وأنا منهم . منذ سنوات وسنوات وأنا في هذا الشغل . ولهذا هناك أطروحات قد قدمت حول هذا الموضوع .
كيف ترى التجسيد الذي يحدث في مسرح الشرق العربي ؟
– ليست لدي نظرة شاملة على المسارح المشرقية كلها، نتيجة لضخامة الرقعة الجغرافية، ثانيا للبعد الموجود، ماذا اذا جئت المشرق مرة في السنة فهو شيء كثير وشيء متميز لعادة المثقفين . ولهذا فان اطلاعي قليل ونسبي ولا أستطيع أن أقول حكما. ورغم ذلك فرأيت أشياء قليلة، في الحقيقة قليلة، ولكن جيدة . أرجو أن تتطور وتتنامى .
ما هي هذه الأشياء الجديدة التي رأيتها ورغبت أن تتنامى ؟
– أنا رأيت القليل جدا. الحديث انهم يكتبون موضوعات حديثة بمقولات غربية. أنا أتكلم عن ا لمقولات العربية . ثمة اختلاف كأني أصيح في واد حينما أتكلم هكذا. لا يفهمني أحد. لماذا ولأجل ماذا تكتب بهذه الصورة ولماذا لا تكتب مثل بقية الناس وأنا لا تهمني هذه الدعوات . لأن الفن هو الأساس . هو الغاية . لا أجد غاية أخرى. مسألتي كيف لا أقول الشيء ، كيف أحكي الحكاية ؟ " أجيبك بسؤال " كيف أحكي لك حكاية ؟ كيف "، " كيف " تلخص جميع ما أنا بصدده لسنوات وسنوات.
هل أنت مستمر في كتابتك القصصية ؟
– أنا حينما تأخذني مسرحية، موضوع مسرحية والعمل عليها، تأخذ زمني كله . منذ الصباح حتى المساء اشتغل عليها. كتابة القصص في يومنا هذا قلت ، وأريد أن أكتبها لكن لا أجد لها وقتا.
* كيف ترى المهرجان المسرحي الخليجي الرابع الذي حضرت إليه ؟
– ليس لدي تعليق على العروض ، لدي تعليق على المهرجان ، هو إضافة جديدة للمهرجانات العربية الأخرى أولا، وهو ميدان تعارف كبير جدا، وفرصة مناسبة لتبادل الآراء والأفكار ورابعا هو مناسبة لا يمكن أن تعوض لرؤية آخر الانتاجات المشرقية التي لا أعرفها وأجهل مؤلفيها ومخرجيها وأساليبهم.
عبدالله خليفة (قاص وصحفي من البحرين)