« اقترن أو لا تقترن ببيتك ».
( رونيه شار، صفحات هيبنوس، بالمجلة الشعرية Fontaine )(، أكتوبر. 1945، ص :635 )
« مغطى ً بالقصب، مكسوا بالقش، يماثل البيت الليل».
( لوي رونو، تراتيل، وصلوات فيدا، ص : 135 )
يمَّحي العالم الواقعي دفعة واحدة، حينما يسعى المرء إلى العيش في بيت الذكرى.أي قيمة تستحقها بيوت الزقاق عندما يتم استحضار بيت الولادة، بيت الألفة المطلقة، البيت حيث تعلَّم المرء معنى الألفة ؟ قصيُّ، ذلك البيت، إنه مفقود، لم نعد نتخذه مسكنا لنا، نحن على ثقة، واحسرتاه ! انه لم يعد مسكننا مطلقا. إنه صار مجرد ذكرى. إنه بيت حلم، بيتنا الحلمي.
في الجوار بيوت انتصبت، جبارة،
لكنها غير حقيقية، ـ
وما من واحد
يعرفنا أبدا. أي شيء حقيقي
يكمن في كل ذلك ؟
( ريلكه، سونيتات إلى أورفيوس. 8. ترجمة : أنجيلوزAngelloz)(. )
نعم، ما هو الأكثر واقعية : البيت ذاته حيث ننام أم البيت حيث، نخلد فيه للحلم بانتظام. لا أحلم في باريس ذلك المكعب الهندسي، في تلك الخلية الإسمنتية، في تلك الغرفة ذات المصاريع الحديدية الأكثر عدائية للمادة الليلية. عندما تكون الأحلام سانحة لي، فإني أذهب هناك، في بيت بـ[منطقة] شامبانيا Champagne)) (1)، أو في بعض البيوت حيث تتكثف ألغاز السعادة.
من بين كل أشياء الماضي، قد يعتبر البيت ربما الأكـثر استحضــارا، كمـا قـال بييــر سيغــرس Pierre Seghers) (2)، إلى درجة أن بيت الولادة «يعلق بالصوت»، بكل الأصوات التي تُختنقُ :
اسم يعكس صداه لي الصمت والأسوار،
وحيدا في بيت أسعى إلى استدعاء
بيت غريب يسكن صوتي.
ويسكن الريح.
عندما يستهوينا الحلم، فإننا نمتلك انطباعا بالإقامة في صورة. ففي [رواية] دفاتر مالتا لوري بريج(3)، MalteLauridsBrigge)(، كتب ريلكه بالضبط، ترجمة. ص : 230 : « كنا كما لو أننا في صورة. « ثم ينساب الزمن بالتحديد من كلا الجانبين، جاعلا من منازل الذكرى تلك [منازل] لا تتحرك : « كان لدي انطباع بأن الزمن فجأة كان خارج الغرفة. « كذلك فإن الهلسنة البصرية onirisme)( الراسخة إلى حد ما تعمل على تعيين موضع الحالم. وفي صفحة أخرى من الدفاتر، عبر ريلكه عن عدوى الحلم والذكرى، هو الذي هام على وجهه كثيرا، وعرف الحياة في غرف مجهولة، في الحصون، في البروج، في المساكن الخشبية، وهكذا فهو يعيش «في صورة»: « إني لم أر أبدا مرة أخرى في وقت لاحق هذا المسكن الغريب… مثلما أعثر عليه في ذكراي في النمو الطفلي، إنه ليس بناية؛ إنه منصهر بأكمله وموزع بداخلي؛ هنا حجرة، هناك حجرة، وهنا نهاية رواق لا يربط بين هاتين الغرفتين، لكنه مصان بداخلي، مثل قطعة. وهكذا فإن الكل يوجد منتشرا بداخلي، الغُرف، الأدراج التي تنحدر ببطء احتفالي جدا، وأدراج أخرى، [مثل] أقفاص ضيقة ترتقي بشكل حلزوني، في العتمة التي يتم الارتقاء فيها كما الدم [يرتقي] في الأوردة « (ص : 33 ).
« مثلما [يرتقي ] الدم في الأوردة « ! حينما سندرس على الخصوص دينامية الأروقة ومتاهات الخيال الدينامي، فإنه يتعين علينا أن نذكر بتلك التأشيرات. إنها تقدم هنا شهادة عن تنافذ التأمل الشاردréverie والذكريات. الصورة توجد بداخلنا، «منصهرة» بذواتنا عينها، «موزعة» في ذواتنا عينها، محدثة تأملات شاردة مختلفة جدا حسبما تتبع من أروقة مقطوعة أو غُرف « تؤطر « أشباحا، أو أدراجا ترغم على نزولات احتفالية، متنازلة، ساعية في البحث في الأسفل عن ألفات معينة. كل هذا العالم ينتعش في حدود ثيمات مجردة وصور خالفة، في هذا المجال حيث المجازات تأخذ دم الحياة من ثم تمَّحي في ليمفا lymphe) (الذكريات. يبدو عندئذ أن الحالم على استعداد من أجل التماهيات القصية جدا. إنه يعيش منطويا على ذاته، إنه يتحول إلى انغلاق، زاوية معتمة. ثمة أبيات شعرية لريلكه تسوق الحديث عن تلك الأسرار :
« بشكل مباغت، واجهتني غرفة، بمصباحها، يمكن جسها بداخلي تقريبا… سبق لي أن كنت في ركن هناك، غير أن المصاريع كانت تشعر بي، تنغلق. انتظرت. آنذاك بكى طفل؛ في جميع الجهات من تلك المساكن، كنت على دراية أيضا من القدرة التي كانت للأمهات، لكني كنت أعرف كذلك أنه فوق بعض الأراضي الخالية على الدوام من تقديم المساعدة تدفع كل دمعة « (حياتي بدوني(4)، ترجمة : روبان (5)Robin.
إننا نلاحظ ذلك جيدا، حينما نمنح كل الأشياء ثقلها العادل للأحلام، إن السكن بشكل حلمي هو أقوى من السكن عبر الذكرى. يعتبر المسكن الحلمي ثيمة أكثر عمقا من مسكن الولادة. إنه يعادل حاجة تأتي من مكان قصي جدا. إن كان مقطن الولادة يصنع بداخلنا تشييدات، فلأنه يستجيب لإلهامات لاشعورية عميقة جدا ـ أكثر حميمية ـ مثل القلق البسيط للحماية، مثل أول حرارة محروسة، مثل أول ضوء محمي. إن مسكن الذكرى، مسكن الولادة يوجد مبنيا على قبو البيت الحلمي. ففي القبو يوجد الجذر، الارتباط، العمق، غوص الأحلام. ففيه [القبو] «نضيع». إنه يمتلك لانهاية. إننا نحلم به أيضا مثلما [نحلم ] برغبة، مثلما [نحلم] بصورة نعثر عليها أحيانا في الكتب. فبدلا من الحلم بما كان، نحلم بما كان ينبغي حدوثه، بما يوطد دوما تأملاتنا الشاردة الداخلية. وهكذا حلم كافكا بـ«بيت صغير… تحديدا مقابل الكرمة، على قارعة الطريق… في أعماق أعماق الوادي». ذلك البيت يتوفر على « باب صغير، لا يستطيع المرء بالتأكيد ولوجه إلا زحفا، وعلى الجانب ثمة نافذتان. كل شيء تناظري، كأنه خارج من كتاب وجيز. إلا أن الباب مصنوع من خشب ثقيل (6)… » «كأنه خارج من كتاب وجيز»! مجال كبير لكتب أحلام مفسَّرة !ثم لماذا كان خشب الباب ثقيلا جدا ؟ أي طريق مختفي يعمل الباب على منعه ؟
محاولا جعل مسكن رحب سريا، قال هنري دو رينييه(Henri de Régnier (7 ببساطة: «باب واطئ كان يفضي إلى مخرج وحيد إلى الداخل» (قصب اليشب، ص : 50 ).ثم إن الكاتب قدم بلطف طقس الولوج :منذ البهو «يتلقى كل واحد مصباحا مُضاء. دون أن يرافق أي أحد زائرا، كان يتوجه صوب بناية الأميرة. المسافة، طويلة، تتعقد بفعل تشابك الأدراج والأروقة… » (ص : 52) ثم إن المحكي يستمر كله، مستغلا صورة تقليدية للمتاهة التي سوف ندرسها في الفصل التالي… زد على ذلك، لو قرأ المرء بشكل عميق، سيعرف بسهولة كبيرة، أن قاعة الأميرة هي كهف تم تغيير موضعه. إنه «طارمة مُضاءة، عبر حيطان شبه زجاجية، لضوء منتشر» (ص :59 ). في الصفحة الموالية، تلاحظ الأميرة، «تلك الألوسيس (Eleusis) الكاشفة للسر» ، «في كهف عزلتها وأسرارها». عدوى البيت تلك، إلى الكهف والمتاهة من أجل إنجاز أطروحتنا عن تقابلية (isomorphie) صور الراحة. نلاحظ جيدا وجود جذر حلمي وحيد في أصل كل تلك الصور.
من منا، سائرا في الريف، لم يستسلم لرغبة السكن المباغتة «البيت ذو المصراعين الأخضرين»؟ لماذا هي صفحة روسو أكثر شعبية، سيكولوجية بحق إلى هذه الدرجة ؟يرغب تأملنا الشارد في بيت عزلته ثم إنه يرغب فيه بيتا فقيرا وهادئا، منعزلا في العقيق. يتبنى ذلك التأمل الشارد المقيم كل ما يمنحه إياه الواقع، لكنه يحول على الفور المسكن الصغير الواقعي إلى حلم قديم. إن هذا الحلم الأساسي هو ما نسميه البيت الحلمي. وبالطبع فإن هنري دافيد تورو (8) Henri David Thoreau قد قطنه غالبا. لقد كتب في [كتاب] فالدن (walden) (9) (ترجمة.، ص : 75 ) : «في بعض فترات حياتنا نعتاد على النظر إلى كل مكان مثل موقع ممكن لبيت. وهكذا فتشت في كل زوايا الريف في محيط يقدر باثني عشر ميلا… لقد اشتريت في الخيال كل المزرعات بالتعاقب… كنت أقعد في أي مكان، هناك كنت أستطيع العيش، وعليه فقد كان المنظر الطبيعي يشع بداخلي. ما هو البيت إن لم يكن (sedes)، كرسيا ؟ لقد اكتشفت عدة مواقع من أجل بيت.نعم، فقد كنت أرغبفي العيش هناك، قُلت؛ وهناك عشت، بمقدار ساعة، حياة صيف، شتاء؛ فقد فهمت كيف كان يمكنني ترك السنوات تتوارى، المجيء في نهاية شتاء ثم رؤية قدوم الربيع. إن السكان المستقبليين لتلك المنطقة، حيث يكون بمستطاعهم إقامة بيوتهم، بإمكانهم أن يكونوا متأكدين من تقدمهم. إن [فترة] بعد الظهر كافية من أجل تحويل الأرض إلى روضة، جزء من الحطب والمرعى، كما هو الحال عند البيت في أيهما يترك [المرء] واقفا أمام الباب البلوط الجميل أو الصنوبر، وحيث أن أصغر شجرة تضربها الصاعقة تستطيع الظهور لصالحها؛ بخصوص ماذا تركت كل ذلك هناك، بلا عناية ربما، منتظرا رجلا غنيا بما يتناسب مع عدد الأشياء التي يمكنه التوصل إلى تركها هادئة. «لقد أشرنا إلى كل الوثيقة حتى ميزتها الأخيرة التي تنشط جدلية الرَّاحِل والمواطن الأصيل شديد الحساسية لدى تورو. على خلاف ذلك، فإن تلك الجدلية بإعطائها حركية للتأمل الشارد للألفة المقيمة لا تقوض عمقها. ففي العديد من الصفحات الأخرى، فهم تورو بساطة الأحلام الأساسية. يمتلك كوخ القش معنى إنسانيا أكثر عمقا من كل القصور الموجودة بإسبانيا. القصر رخو، وكوخ القش متأصل (10مكرر ).
أحد البراهين عن واقعية البيت الخيالي هي عندما يأسرنا كاتب ما بذكرى بيت طفولته الخاصة. لا بد من سمة تمس الميزة المشتركة للأحلام، وهكذا، وبسهولة نتتبع جورج دوهاميل(11) (Georges Duhamel) منذ السطر الأول من وصفه لبيت أسروي : «بعد نقاش خفيف، نلت غرفة القعر… كنا نلجها بالسير في رواق طويل،رواق من تلك الأروقة الباريسية، الضيقة، الخانقة والمظلمة مثل سرداب مصطبة (mastaba). أهوى غرف القعر، تلك التي نتسلل إليها بإحساس أننا لن نذهب بعيدا في العزلة (12). «سوف لن نندهش إذا ما استمر المشهد الذي يُرى عبر النافذة لـ«غرفة القعر» في انطباعات العمق : « إن ما كنت أدركه عبر نافذتي، إذا، هو حفرة عميقة، بئر كبيرة غير نظامية، تتميز بأسوار عمودية، ثم إن ذلك يرمز، في نظري، تارة إلى ذراع الفأس، وتارة إلى بئر هاوية باديراك (Padirac)، بواسطة بعض مساءات ذات حلم كبير قانون كولورادو أو فوهة من فوهات القمر. «كيف يمكن ترجمة القوة التركيبية ترجمة لألفة لصورة أولية ؟ تلاحق بسيط لدروس باريسية، هذا هو الواقع. إن ذلك يكفي لجعل صفحات [رواية] سلامبو(13) حية وصفحات حول علم جبال (orographie) القمر. إذا ما ذهب الحلم الى أبعد الحدود، فلأن أصله جيد. يساعدنا الكاتب على النزول إلى أعماقنا الخاصة؛ وبمجرد عبور أهوال الممر، نكون كلنا، نحن أيضا، راغبين في الحلم «في غرفة القعر».
فلأنه يعيش بداخلنا بيت حلمي حيث نختار زاوية معتمة لبيت مسقط الرأس، غرفة أكثر سرية. يغرينا بيت الولادة انطلاقا من الطفولة الأكثر بعدا لأنها تقدم شهادة لحماية قصية جدا. من أين يأتي بدون ذلك معنى كوخالقش النشيط جدا في أدب القرن التاسع عشر ؟ مما لاريب فيه أنه لا ينبغي التشفي ببؤس الآخرين، على أنه ليس بإمكان المرء إنكار بأس البيت المتواضع. يروي إميل سوفيستر(14) (Emile Souvestre) في [كتاب] الغرفة البريطانية(15)عن سهرة في كوخ قباقيبي؛ كوخ من حطب تسكنه حياة أشد عوزا : « يخامر المرء إحساس بأن ذلك البؤس لم يكن له تأثير على حياتهم [الحالمون] وقد كان في حوزتهم ما يدافعون عنه. « وهو أن المأوى الفقير كان يبدو حينئذ أكثر نظافة مثل المأوى الأول، كالمأوى الذي يقوم على الفور بوظيفة كملجإ (مكرر 16).
حينما يتم البحث في تلك الأقاصي الحلمية، نعثر على انطباعات كونية. يعتبر البيت ملجأ، عزلة، مركزا. آنذاك تتنسق الرموز. عندئذ نفهم بأن بيت المدن الكبرى لايمتلك في النادر سوى رموز اجتماعية. فهو في النادر ما يلعب أدوارا أخرى إلا بمقتضى غرفه العديدة. إنه يقودنا عندئذ إلى عدم الاهتداء إلى الباب، الشقة. إن الحلم، في هذه الحالة، يقول المحلل النفساني، يقودنا إلى امرأة الغير، أو حتى لدى امرأة أيا كانت. لقد أدرك التحليل النفسي التقليدي منذ زمن بعيد دلالة الغرف المجاورة، كل الأبواب التي تعرض نفسها، مواربة على الدوام، مرحبة بأي كان، على طول الممرات. كل ذلك يشكل حلما صغيرا. كل هذا لا يقترب قط من عمق الهلسنة البصرية للبيت الكامل، للبيت الذي يمتلك قوىً كونية.
يعتبر البيت الكامل، بطريقة حلمية، الوحيد حيث يمكن للمرء أن يعيش تأملات الألفة الشاردة في كل تغيراتها. فيه يعيش المرء وحيدا، أو اثنان، أو مع العائلة، ولاسيما وحيدا. وفي أحلامنا الليلية، ثمة دائما بيت يعيش فيه المرء وحيدا. وهذا هو ما تصبو إليه بعض قوى النموذج المثالي (17) (archétype) للبيت حيث تجتمع جميع إغراءات الحياة المنطوية. كل حالم في حاجة إلى العودة إلى خليته،فهو يتم استدعاؤه من قبل حياة خلوية حقا :
لم يكن ذلك سوى خلوة
غير أني نمت فيه وحيدا.
…………………
تكومت هناك.
…………………
كنت أشعر بما يشبه القشعريرة.
حينما كنت أستمع إلى تنفسي.
هناك خبرت
الطعم الحقيقي لذاتي؛
فهناك كنت وحيدا،
حيث لم أمنح شيئا.
(جيل رومان Jules Romains)(،نشيد وصلوات، ص : 19 )
لكن الخلية ليست كل شيء. البيت هو مثال نموذجي تركيبي، مثال نموذجي تطَوَّر. في قبوه هو كهف، وفي عليته هو عش، إنه جذر وورق. وهذا ما يجعل بيت الفلكيرة(18) walkyrie يعتبر حلما كبيرا. فهو يدين بجزء كبير من جاذبيته إلى الدردار الذي يخترقه. الشجرة القوية هي دعامة البيت : « إن جذع الدردار هو نقطة مركزية لبناية «، يقول مترجم لفاغنر(19)Wagner)( (ععل 1). يتمسك السقف والأسوار بالأغصان، تسمح للأغصان بالانتشار. يعتبر ورق الشجرة سقفا، فوق السقف. كيف لمسكن مماثل ألا يعيش مثل شجرة، مثل لغز مكرر للغابة، يستقبل فصول الحياة النباتية، محسابارتعاشة النسغ في محور البيت ؟عندما تدق ساعة السعادة، مناديةسيغوفريد(20)(siegfried) نحو السيف، سوف يفتح باب المزلاج الخشبي من خلال القدر الوحيد للربيع…
يعتبر البيت الكامل حلميا،مع القبو كجذر، والعش فوق سقفه، أحد الرسوم الخيالية العمودية للسيكولوجيا الإنسانية. في دراستها لرمزية الأحلام Traumsymbolik,p,71))، قالت آنيا تيلار(21) (AniaTeillard) بأن السقف يمثل رأس الحالم كما الوظائف الواعية، بينما يمثل القبو اللاشعور. سوف تكون بين أيدينا براهين عن عقلنة العلية،[عن] الخاصية العقلانية للسقف الذي هو مأوى جلي. غير أن القبو يعتبر بشكل واضح جدا منطقة لرموز اللاشعور حيث أنه من البديهي أن الحياة الساطعة تؤمن أولا بأول بأن البيت يصدر عن الأرض.
فضلا عن ذلك، بانتقالنا إلى وجهة النظر البسيطة للحياة التي تصعد وتنزل بداخلنا، فإننا ندرك أن « الحياة بالطابق»، تعني حياة منحصرة. إن بيتا بلا علية هو بيت حيث يتم التصعيد بشكل أسوأ؛ إن بيتا بلا قبو هو مسكن بلا نماذج مثالية.
كما أن الأدراج هي ذكريات خالدة. عاد بيير لوتي (22) (Pierre Loti) من جديد من أجل الحياة في بيت طفولته فقد كتب ( أزهار الملل، سوليما، ص : 313 ) : « في الأدراج، كانت العتمة فعلية. وأنا طفل كان يراودني الخوف مساء في تلك الأدراج؛ فقد كان يبدو لي أن الموتى كانوا يتعقبونني من أجل الإمساك بساقي، ثم إني كنت في سباق مع انزعاجات مجنونة. إني أتذكر جدا ذلك الرعب؛ فقد كان قويا جدا إلى حد أنه دام طويلا، وحتى في سن لم أكن أرتعب من أي شيء. «ألا « يرتعب [المرء] من أي شيء « حقيقة حينما يتذكر بإخلاص كبير ذعر طفولته ؟
أحيانا بعض الخطوات تكون كافية من أجل حفر مسكن بشكل حلمي، من أجل منح غرفة ما جوا من الجاذبية، من أجل استدعاء اللاشعور إلى أحلام العمق. ففي بيت من حكاية لإدغار آلان بو (23)، « كان المرء دائما متيقنا بإيجاد ثلاث أو أربع خطوات للصعود والنزول. « لماذا رغب الكاتب في تسجيل تلك الملاحظة في خرافة مؤثرة للغاية من [قصة قصيرة] قصيرة لوليام ويلسون )(24) ( قصص قصيرة جديدة عجيبة، ترجمة : بودلير، ص : 28 ). ثمة طوبوغرافيا غير مكترثة بالفكر الجلي ! غير أن اللاشعور لا ينسى تلك الجزئية. لقد تم إبداع أحلام العمق في حالة كامنة بواسطة ذكرى ما. إن المسخ ذو الصوت المنخفض الذي هو وليام ولسون عليه أن يتكون ويعيش في مسكن يعطي الانطباع بالعمق باستمرار. فهذا ما يجعل من إذغار بو، يشير، في هذه الخرافة، مثل حكايات أخرى، مع تلك الخطوات الثلاث إلى نوع من تفاضلية العمق. متحدثا في ذكرياته عن طوبوغرافية حصن الخنادق حيث قضى جزءا من طفولته فقد كتب ألكسندر دوما (25) (Alexandre Dumas) في [كتاب] (ذكرياتي) 1، ص : 199 ) : « لم أعد إلى ذلك القصر منذ 1805 ( ولد ألكسندر دوما عام 1802 ) ومع ذلك فإني أستطيع القول أننا كنا ننزل منه في هذا المطبخ بدرجة واحدة «، ثم بعد بضعة سطور واصفا مائدة المطبخ، المدفأة، وبندقية والده، يضيف دوما : « أخيرا، أبعد من المدفأة، توجد قاعة الأكل، التي كنا نصعد إليها بدرجات ثلاث. « درجة، ثلاث درجات، فهذا هو ما يعتبر كافيا لتحديد ممالك. يتم نزول الدرج الذييتجه إلى المطبخ؛ ويتم صعود الأدراج الثلاثة التي تتجه نحو قاعة الأكل.
غير أنه تماما، تصبح تلك التاشيرات الدقيقة جدا أكثر حساسية حينما نتأثر بالحياة الديناميكية المشتركة للعلية والقبو، الشيء الذي يرسخ حقيقة محور المسكن الحلمي. «ففي علية، حيث كنت محبوسا في الثانية عشر من عمري، عرفت العالم، قمت بتخليد الكوميديا البشرية. لقد تعلمت التاريخ في سرداب (26)» لنرى إذن كيف أن الأحلام تتميز عن قطبي المسكن.
يختلف الخوف أولا بشكل كبير. الطفل هناك بالقرب من أمه، يعيش في الجزء الأوسط. هل يذهب بالقلب ذاته إلى القبو والعلية؟ ففي هذا وتلك، فإن العوالم تختلف جدا عما هي عليه. فمن جهة الظلمات، ومن جهة أخرى النور؛ من جهة ضجات مخنوقة، ومن جهة أخرى ضجات واضحة. ليس لأشباح الأعلى وأشباح الأسفل نفس الأصوات، ولا نفس الظلال. ليس للإقامتين نفس نغمية القلق. ومن النادر جدا العثور على طفل يكون شجاعا من الجهتين. بإمكان القبو والعلية أن يكونا كاشفين للتعاسات المتخيلَّة،لتلك التعاسات التي تشير في الغالب، بالنسبة للحياة، إلى لاشعور ما.
بيد أننا لا نحياإلا الصور الهادئة للحياة، في مسكن معزَّم عليه بعناية بواسطة والدين صالحين. ننزل إلى القبو، كما لو أننا ننزل إلى الأزمنة القديمة، الشمعدان في اليد. يعتبر الباب الأرضي ثقبا أسود في أرضية البيت؛ ثمة ظلمة ونداوة تحت المسكن. في العديد من المرات، تتم استعادة ذلك الصعود، في الأحلام، في نوع من ظلام مُسوَّر ! كذلك فإن الأسوار سوداء تحت أنسجة العنكبوت الرمادية. آه ! لماذا هي دسمة ؟ لماذا تكون اللطخة العالقة غير قابلة للمحو ؟ لا ينبغي لامرأة النزول إلى القبو. إنها مهمة الرجل بدلا من السعي في إثر خمر ندية. كما قال موباسان (Maupassant) (27([في الجزء الثالث من رواية] Mont-Oriol,3)((28): « وحدهم الذكور هم من كانوا يذهبون إلى بيت المؤن.» بما أن السلم هاو، مستهلك، فإن الخطوات زلقة ! ثمة أجيال لم يتم فيها قط تنظيف الدرجات الحجرية. في الأعلى، ثمة مسكن غاية في النظافة، غاية في الإضاءة، غاية في التهوية !
ثم هاهو التراب الأسود والمبلل، التراب تحت المسكن، تراب المسكن. بعض الأحجار من أجل إسناد البراميل. وتحت الحجر، الكائن المقزز، حِمار قبَّانَ، الذي يعثر على وسيلة ـ مثل كثير من الطفيليات ـ كي يصبح سمينا مع بقائه مسطحا !أي أحلام، أي أفكار تأتي في الفترة الوحيدة لملء برميل بلتر واحد !
لماذا يدرك المرء تلك الضرورة الحلمية للعيش في مسكن ينمو من الأر ض، يعيش متأصلا في ترابه الأسود، فإنه يقرأ اعتمادا على أحلام لانهائية تلك الصفحة اللافتة للنظر حيث يصف بيير غيغن(29) (Pierre Guéguen)» دعس المسكن الجديد « في [كتاب] (بروتانيا Bretagne)(ص : 44 ) : « يكتمل المسكن الجديد، يتم إكراه التراب على أن يصبح قاعدة صلبة ومستوية تحت القباقب. من أجل ذلك، كان يتم خلط الرمل ورماد الفحم الحجري، إضافة إلى مالط سحري مصنوع من نشارة البلوط وسائل دبق، ثم يتم دعوة شباب البلدة ليطأ بأقدامه تلك الطينة. « ثم إن الصفحة بكاملها تقول لنا الإرادة المجمع عليها للراقصين الذين تحت ذريعة إنشاء أرض موحدة وراسخة، يجتهدون في دفن الرقيات المؤذية (30). ألا يقاومون إذا ضد مخاوفهم بتحفظ، ضد المخاوف التي ستنتقل من أجيال إلى أجيال في ظل تلك العزلة المشيدة على التراب المضروب ؟ وقد أقام كافكا نفسه شتاء كاملا في مسكن فوق التراب. لقد كان بيتا صغيرا يتضمن غرفة، مطبخا وعلية. كان بـ[مدينة]براغ في Alchymistengasse فقد كتب ( منقول عن ماكس برود (Max Brod) ، فرانز كافكا، ص: 184 : «إنه إحساس متميز تماما أن يحصل [المرء] على بيت، القدرة على وصد الباب في وجه الناس ليس باب غرفته، ولا باب شقته، بل باب بيته القصير جدا؛ يدوس مباشرة وهو يغادر مسكنه الثلج الذي يغطي الطريق الصامت…»
في العلية تعيش الساعات عزلة طويلة، ساعات غاية في التنوع تنطلق من الغضب إلى التأمل.ففي العلية يحدث الغضب المطلق، الغضب بدون شاهد. يقتات الطفل المختبئ في العلية على قلق الأمهات : أين يوجد ذلك المستاء ؟
ففي العلية كذلك ثمة قراءات لا تنتهي، بعيدا عن أولئك الذين يأخذون الكتب لأن المرء قد قرأ بالفعل أكثر من اللازم. في العلية، التنكر في ثياب أجدادنا، مع الشال والوشاحات(31). ياله من متحف يخص التأملات الشاردة مثل علية مزدحمة ! هناك ترتبط الأشياء القديمة، من أجل الحياة، بروح الطفل. يعيد تأمل شارد ماضيا عائليا إلى الحياة، فتوة الأجداد. قام شاعر في أبيات أربعة بتحريك ظلال العلية :
في بعض زوايا
علية عثرت على
ظلال حية
تهتز
(بيير رفيردي Pierre Reverdy) (غالبية الوقت، ص: 88)
فضلا عن ذلك، فإن العلية هي سيادة الحياة الجافة، لحياة تستمر يابسة (32). هو ذا الزيزفون الذي يذبل، يُصِرُّ تحت اليد، وها هي ذي الأعناب مدلاة على نطاق برميل، ثريا مذهلة حيث عناقيد العنب تمتلك أنوارا ساطعة جدا. مع كل تلك الثمرات، تعتبر العلية عالما للخريف، عالما لأكتوبر، الأكثر توقفا من كل الشهور…
فإذا ما حالفنا الحظ بالصعود إلى العلية العائلية بواسطة سلم ضيق، أو بواسطة درج من دون زحف، شيئا ما مضغوطين بين الأسوار، فإننا نكون على ثقة باتصال رسم تخطيطي، من أجل الحياة، بروح الحالم. يتخذ المسكن، بواسطة العلية، علوا فريدا، إنه يساهم في الحياة الهوائية للأعشاش. ففي العلية ، يوجد المسكن في الهواء ( راجع جيونو Giono) ( لتستمر فرحتي(33)، ص : 31 ). تعتبر العلية، بحق « مسكنا خفيفا «مثلما هو حلم أنونزيو(34)Annunzio) وهو يعيش في دارة أراض بائرة : « المسكن على الغصن، خفيفا، مُرِناًّ، فوريا « ( تأملالموت، مترجم.، ص : 62 ).
زد على ذلك، فإن العلية تعتبر كونا متغيرا. لعلية المساء أهوالا عظيمة. لقد سجلت أخت آلان ـ فورنييه(35)(Alain Fournier)ذعر (صور آلان ـ فورنييه(36)، ص : 21): «بيد أن كل ذلك، هو سقيفة النهار. سقيفة الليل، كيف استطاع هنري تحملها ؟ كيف سيتحملها ؟ كيف سيكون وحيدا في ذلك الكون الآخر حيث يتم ولوج المرء ذلك الارتفاع، بلا أشكال ولا حدود، مفتوح تحت الأضواء الليلية الخافتة على ألف من الحضورات، على ألف من اللمسات، على ألف من المشاريع الهامسة ؟ « وعبر الباب الموارب يبصر آلانفورنييه، في [رواية] Le Grand Meaulnes) (37) من جديد العلية ) فصل 7 : « وطيلة الليلة كنا نحس حولنا، تسرب صوت العليات الثلاث، حتى داخل غرفتنا».
وهكذا، فلا وجود لمسكن حلمي حقيقي لا ينتظم في العلو؛ مع قبوه من التراب، الطبقة السفلى للحياة المشتركة، الطبقة التي يتم فيها النوم والعلية قريبا من الحائط، إن مسكنا مشابها يمتلك كل ما هو ضروري لترميز المخاوف العميقة، تفاهة الحياة المشتركة، على مستوى الأرض، والتصعيدات. بالطبع، فإن الطبوغرافيا الحلمية الكاملة تتطلب دراسات مفصلة، كما ينبغي استقبال ملاذات تكون أحيانا خاصة جدا : خزانة، أعلى الدرج، محطبة عتيقة بإمكانها تقديم رسوم إيحائية لسيكولوجيا الحياة المغلقة. زد على ذلك، فإنه ينبغي على تلك الحياة أن تدرس في الاتجاهين المعاكسين للزنزانة والملجإ. بيد أنه في الاحتماء الكلي للحياة الداخلية للمسكن الذي نميزه في تلك الصفحات، سنترك جانبا الغضب الشديد والمخاوف التي يتم تغذيتها في زنزانة طفل. نحن لا نتكلم إلا عن أحلام إيجابية، عن أحلام سوف تعود طيلة الحياة مثل نزوات ذات صور بعدد وافر. بالإمكان في هذه الحالة تقديم كقانون عام كون أن كل طفل ينزوي يرغب في الحياة الخيالية : يبدو أن الأحلام تعتبر أعظم، لاسيما وأن الحالم يمكث في خلوة أكثر صغرا. كما قالت يانيت دليتان ـ تارديف Yanette Delétang– Tardif) (38) [الكاتب ] إدموند جالو(39) Edmond Jaloux، ص: 34) : « إن الكائن الأكثر انغلاقا هو محرك الموجات. «لقد قام لوتي بترجمة رائعة لجدل الحالم المتكور في عزلته وموجات التأملات الشاردة في البحث عن الضخامة : « عندما كنت طفلا صغيرا، كانت لدي هنا زوايا مخبأة كانت تقدمها البرازيل لي، وحيث سعيت حقيقة إلى التوفر على انطباعات ومخاوف الغابة البكر « ( أزهار السأم. سليما، ص : 356). يمنح الطفل حياة عميقة بمنحه مكان عزلة، زاوية. ثمة روسكان Ruskin ، في قاعة الأكل الكبرى لوالديه، قضى ساعات كاملة محبوسا في « زاويتـ»ـه(40). فهو يتحدث عن ذلك طويلا في ذكريات طفولته. الواقع، أن الحياة المغلقة والحياة الوفيرة جدا كليهما تعتبران ضرورتين نفسيتين. لكن قبل أن تكونا صيغتين مجردتين،ينبغي أن تكونا حقيقتين نفسيتين مع إطار مع ديكور. من أجل تينك الحياتين، لابد من مسكن وحقول.
يدرك المرء الآن الاختلاف في الغنى الحلمي بين مسكن الريف المشيد على الأرض، في أرض مسورة، في عالمه، ثم الصرح حيث بعض الأكواخ تسعفنا كملجأ لم يشيد إلا على بلاط المدن ؟ ألا تعتبر هذه القاعة المبلطة قبوا تتكدس فيه صناديق كثيرة بمقدار البراميل ؟
وهكذا فإن فيلسوفا للمخيال يلاقي هو الآخر، مشكلة ال» عودة إلى التراب». فأن يتم عذر لا أهليته، معتبرا أنه لا يعالج تلك المشكلة الاجتماعية إلا على مستوى نفسية حالمة؛ سوف يتم إرضاؤه إذا ما كان قادرا فقط على إلزام الشعراء كي يشيدوا لنا، بأحلامهم، «مساكن حلمية» مع قبو وعلية. فقد يساعدوننا على أن نقطن ذكرياتنا، أن نقيم في لاشعور المسكن، باتفاق مع رموز الألفة التي لا تمتلك الحياة الواقعية بصفة دائمة إمكانية تجذيرها بشكل جيد.
ينبغي التوفر على صفحات طوال من أجل عرض، في كل خصائصه ومع كل خلفياته، وعي أن يكون المرء محميا. إن الانطباعات الجلية لا حصر لها. ضد البرد، ضد الحر، ضد العاصفة، ضد الأمطار، يعتبر المسكن ملجأ بديهيا، ولكل واحد منا ألف رواية مختلفة في ذكرياته من أجل محبة ثيمة بسيطة. بتنظيم كل تلك الانطباعات وترتيب كل قيم الحماية تلك، سوف يدرك المرء ان المسكن هو تقريبا كون اصطناعي (contre – univers) أو ضد العالم. ففي الحمايات الأكثر ضعفا ربما يدرك المرء مشاركة أحلام الألفة. فنحن لا نفكر على سبيل المثال إلا في البيت الذي يُضاء منذ الأفول والذي يحمينا من الظلمة. على الفور يكون لدينا انطباع التواجد في حدود قيم لاشعورية وقيم واعية، إننا ندرك أننا نصيب نقطة حساسة لهلسنة البيت البصرية.
ها هي وثيقة تقول على سبيل المثال قيمة النور المحمي : « لقد تم الآن عزل الظلام بواسطة زجاج النافذة ثم إن هذا الأخير، فبدلا من تقديم نظرة دقيقة للعالم الخارجي، نفخه بطريقة غريبة، إلى حد أن النظام، الثبات، الأرض الراسخة كانت تبدو موطدة جدا بداخل البيت؛ خارج، على خلاف ذلك لاوجود إلا لانعكاس نور أصبحت معه الأشياء سائلة، ترتعش ثم تتلاشى. « وقد سجلت فيرجينيا وولف (41)أجزرية insularité الغرفة المضاءة : ثمة جزيرة صغيرة في بحر الظلمات ـ وفي الذاكرة، ذكرى معزولة في سنوات النسيان. تمتلك الكائنات المجتمعة تحت مصباح وعيا بتشكيل جماعة إنسانية تجتمع في تجويف أرضي، على جزيرة؛ إنهم يجدون أنفسهم موحدين « ضد السيولة الخارجية «. كيف يمكن القول بطريقة أفضل أنهم يساهمون في قوى ضوء البيت ضد الظلمة المكبوتة.
وأسوار العقيق حيث تتميز المصابيح…
(سانت جان بيرز، رياح، 4 Saint John Perse ).
في إحدى رواياته (ثقل الظلال)، استطاعت ماري ويب (42)(Mary webb)، في بساطته القصوى، أعني في هلسنته البصرية الصرف، إعطاء ذلك الشعور بأمن المأوى المضاء في وسط الريف الليلي. إن البيت المضاء، هو منارة الطمأنينة الحالمة. إنه عنصر مركزي لحكاية الطفل المفقود. « هو ذا بصيص من نور يظهر، ـ هناك، بعيدا جدا، بعيدا جدا، كما هو الحال في حكاية بوسيه الصغير (43)(Le Petit Poucet)» (لوتي، أزهار السأم، رحلة إلى مونتي نيغرو، ص : 272). نلاحظ بشكل عابر أن الكاتب يقدم وصفا للواقع بمعية صور حكاية. لا تحدد التفاصيل، هنا، شيئا. عليها أن تضاعف إحساسا بالعمق. فمن منا، إذا لم يكن له أبا يقرأ ليلا ذات شتاء، بصوت مرتفع، أمام العائلة المجتمعة، [القصيدة الملحمية] القدس المحرَّرة ؟ (44)ومع ذلك من مِناَّ يستطيع القراءة من دون تأملات شاردة لا محدودة الصفحة اللامارتينية ؟ لا يدري المرء عبر أي حقيقة مناخ حلمي، تفرض تلك الصفحة نفسها علينا بشكل حلمي. يستغل المشهد، نقول، مع ثقل الفيلسوف، رأيا مسبقا حلميا، فهو يستحضر [المشهد] أحلاما أساسية. غير أنه لا يمكننا أن نعالج إلى النهاية تلك المسألة إلا إذا استعدنا ذات يوم، من وجهة نظرنا للخيال المادي، الجدل الخيالي للنهار والليل. إنه يلزمنا في اللحظة الراهنة الإشارة إلى أن التأملات الشاردة للبيت تكون في حدها الأقصى من التكثيف عندما يصير البيت وعيا للمساء الذي يأتي، وعيا لليل المسيطر عليه. إن وعيا مشابها، بطريقة مفارقة ـ قابلا للتفسير ! ـ يحرك كل ما هو أكثر عمقا وأكثر خفاء بداخلنا. منذ المساء، تبدأ الحياة الليلية بداخلنا. يضع المصباح المنامات التي تجتاحنا في حالة انتظار، بيد أن المنامات تلج مذ ذاك فكرنا الجلي. وفي هذه الحالة، فإن البيت يوجد في حدود عالمين. سوف يتم فهم ذلك أفضل بكثير من تجميع أحلام الحماية. سوف يتم إذن إعطاء معناه الممتلئ إلى فكر ماري ويب (45) : «بالنسبة لمن لا بيت لهم، يعتبر البيت حيوانا متوحشا حقيقيا»، ليس فقط حيوانا يصرخ في العاصفة الهوجاء، بل حيوانا هائلا، يوجد في كل مكان، مثل تهديد كوني. فلو عاش المرء حقا صراع البيت ضد العاصفة، فسوف يتوصل إلى القول مع ستريندبيرغ(46)strindberg) الجحيم(47) inferno.، ص : 210 ) : « ينتصب البيت بكامله مثل سفينة. « تخفف الحياة الحديثة من قوة تلك الصور. إنها تقبل بدون شك بالبيت مثل مكان للسكينة، الأمر لا يتعلق سوى بسكينة مجردة يمكن أن تتخذ مظاهر شتى. فهي لا تنسى إلا [مظهرا ] واحدا : المظهر الكوني. لابد لليلنا من أن يكون إنسانيا ضد الليل غير الإنساني : ينبغي عليه أن يكون محميا. البيت يحمينا. من غير الممكن كتابة تاريخ اللاشعور الإنساني دون كتابة تاريخ للبيت.
وفي الواقع، فإن البيت المضاء في الريف المهجور يعتبر ثيمة أدبية تعبر القرون، توجد في كل الآداب. إن البيت المضاء مثل نجمة في الغابة. فهي تهدي المسافر التائه. يود المنجمون القول أن الشمس في مجرى السنة تسكن منازل وشعراء السماء الاثني عشر، باستمرار، تغني ضوء المصابيح مثل اشعة جرم سماوي أليف. إن تلك الاستعارات تعتبر جد فقيرة غير أن كونها قابلة للمبادلة هو ما يقنعنا بكونها طبيعية.
ثمة ثيمات متميزة مثل النافذة لا تأخذ كلها معناها إلا عندما يتم إنجاز الخاصية المركزية للبيت. نوجد في بيتنا، مختبئين، ننظر إلى الخارج. تعتبر النافذة في بيت الحقول عينا مفتوحة، نظرة ملقاة على السهل، على السماء البعيدة، على العالم الخارجي بمعنى فلسفي عميق. يمنح البيت الرجل الذي يحلم خلف نافذته ـ وليس في نافذته ـ خلف النافذة الصغيرة، خلف كوة العلية، إحساسا بخارج أكثر اختلافا من الداخل لاسيما ضخامة خصوصية غرفته. يبدو أن جدلية الألفة والكون يكون تحديدها بواسطة انطباعات الكائن الخفي الذي ينظر العالم في إطار النافذة. كتب د. ه. لورانس(D.H.Lawrence) (48) إلى صديق (رسائل مختارة(49)، مترجم، جزء 1، ص : 173 ) : « دعائم، أقواس النوافذ، مثل ثقوب بين الخارج والداخل، البيت القديم، توسط حجرا مخصصا تماما لروح صامتة، الروح التي تكون أقرب إلى الابتلاع في تدفق الزمن، تشاهد عبر تلك التقويسات بزوغ فجر من بين الفجور…»
سوف لن يتم تقديم قيم مبالغ فيها إلى تلك التأملات الشاردة المؤَطَّرة، إلى تلك التأملات الشاردة المُركَّزة حيث التأمل هو نظرة متأمِّل خفي. لو أن للمشهد رفعة معينة، فإنه يبدو أن الحالم يعيش جدلية معينة للضخامة والألفة، تحليل حقيقي للإيقاع الحيوي rythmanalyse) حيث يعثر الكائن بالتناوب على التمدد والأمن.
وكمثال على تثبيت قوي لمركز من أجل أحلام لانهائية، سوف نقوم بدراسة صورة يحلم بيرنارداندوسانت ـ بيير (50)(Bernardin de Saint – Pierre) بشجرة هائلة في أسفل شجرة مجوفة (51) ـ ثيمة ذات أهمية للتأملات الشاردة للملاذ والراحة. « تقدم أعمال الطبيعة في الغالب أنواعا شتى للانهائي في ذات الوقت : وهكذا على سبيل المثال، ثمة شجرة عظيمة، لها جذع كهفي ومغطاة بالطحلب، تمنحنا الشعور باللانهائي في الزمن، كل [الشعور] باللانهائي في العلو. إنها تمنحنا تذكارا لعصور لم نعشها. فإذا ما انضمت [الشجرة] إلى اللانهائي في امتداده، كما هو الحال عندما نرى، عبر أغصانها المعتمة، إلى مساحات شاسعة، فإن احترامنا يزداد. نضيف إلى ذلك أيضا التلال المختلفة لكتلتها، التي تتناقض مع عمق الوديان ومع مستوى المروج؛ أنوار غسقها الجليلة، التي تتعارض وتستهتر بزرقة السماوات؛ وإحساس بؤسنا، الذي توطده من خلال أفكار الحماية التي تقدمه لنا في سمك جذعها الراسخ كمثل جرف، وفي قمتها الجليلة المهتزة رياح لكأن عصفها المهيب يتسرب إلى عذاباتنا. إن شجرة ما، مع كل اتساقاتها، توحي لنا لا أدري بأي توقير ديني. كذلك يقول بلينوس(Pline) (52) أن الأشجار شكلت أولى معابد الآلهة. «
لقد لفتنا الانتباه إلى جملة في النص، لأنها تبدو لنا أنها في صلب التأمل الشارد المحمي والتأمل الشارد المعظم. إن ذلك الجذع الكهفي المغطى بالطحلب، هو ملجأ، بيت حلمي. منذ الآن رائيا إلى الشجرة المجوفة، من خلال التأمل، ينسل الحالم إلى الصدع؛ يراوده، بدقة، من خلال منفعة الصورة البدائية، إحساس بالألفة، بالأمن، بالحماية الأمومية. فهو يوجد إذا في مركز الشجرة، في مركز مأوى، وانطلاقا من مركز الألفة ذلك، الذي يملكه هو مرأى ووعي بضخامة العالم (53). منظورة من الخارج، حتى في ملجئها [الشجرة] البهي، لا وجود لشجرة لا تمنح صورة « للانهائي، في سموه «. ومن أجل الشعور بذلك اللانهائي، لا بد أولا أن يتم تخييل انحصارالكائن في الجذع الكهفي.ثمة تضاد هناك أكثر أهمية من تلك التضادات التي اعتاد بيرنار دو سانت ـ بيير تطويرها. لقد أشرنا في العديد من المرات إلى القيم المتخيلة المتعددة للتجويفات الضيقة مثل ملاذات حلمية. غير أنه في قلب الشجرة يكون التأمل الشارد هائلا. وبما أني محمي كفاية، فإن الحامي قوي جدا. إنها تتصدى للعواصف وتجابه الموت. إنها حماية شاملة يحلم بها الكاتب : ليست الشجرة هنا مستودعا بسيطا للظل ضد الشمس، وليست كذلك قبة بسيطة ضد الأمطار. سوف لن نمتلك أحلام الشاعر الحقيقية إذا ما بحثنا عن قيم نفعية. تعتبر شجرة بيرناردان دو سانت ـ بيير شجرة كونية، مثل بلوط فيرجينيا وولف. إنها تستدعي مساهمة في كون. إنها صورة تنمينا. لقد وجد الكائن الحالم ملاذه الحقيقي. في باطن الشجرة المجوفة، في مركز الجذع الكهفي، تابعنا حلم ضخامة راسخة. إن ذلك الملاذ الحلمي هو ملاذ كون.
سوف نقوم بوصف التأملات الشاردة المركزية حيث يتماسك الحالم في عزلة المركز. ثمة تأملات شاردة أكثر انفتاحا تمنحنا صور البيت المرحِّب، البيت المفتوح. وسوف نرى كمثال على ذلك في بعض تراتيل الآتارفا ـ فيدا(54) Atharva – Véda. « للبيت الفيدي أبواب أربعة، في الأركان الأساسية، ثم يقول النشيد :
من الشرق، تحية لعظمة الكوخ !
من الظهيرة، تحية… !
من الغرب، تحية… !
من الشمال، تحية… !
من النظير nadir، تحية… !
من سمت الرأس، تحية… !
في كل مكان، تحية لعظمة الكوخ !
الكوخ هو مركز الكون. باستحواذ المرء على العالم جاعلا من نفسه سيدا على البيت : « بفضل الامتداد الموجود بين سماء وأرض، أتسلم، باسمك، البيت الماثل هنا؛ الفضاء الذي يستعمل كقياس لكبر غامض، أجعل منه بطنا ضخما لكنوز لا تفنى لفائدتي، وبإرادة منه، أتسلم الكوخ…»
ففي هذا المركز تتمركز المنافع. إن حماية قيمة ما، هو حماية لكل القيم. ويقول النشيد في الكوخ أيضا :
خزان للجسد (soma) (55)، مكان آجني (Agni) (56)، إقامة وكرسي ال
العقيلات، كرسي الآلهة، إنك كل هذا، أيتها الآلهة، أيها الكوخ.
من ثم فإن البيت الحلمي يعتبر صورة تصبح، في التذكر والأحلام، قوة حماية. إنه لم يعد إطارا بسيطا حيث تعثر الذاكرة على صور لها. ففي البيت الذي لم يعد له وجود، يحلو لنا العيش مرة أخرى لأننا نقوم فيه ببعث، غالبا دون أن نفسر ذلك تفسيرا جيدا، ديناميكا للتعزية. إنه يحمينا، إذا فهو لا يزال يشدد من عزمنا. يحتمي فعل السكن بقيم لاشعورية، قيم لاشعورية لا ينساها اللاشعور. بالإمكان طمر اللاشعور، دون اقتلاعه. من الجانب الآخر فإن الانطباعات الواضحة والإشباعات المبالغ فيها لغريزة المالك، ثمة أحلام أكثر عمقا، أحلام ترغب في التجذر. يونغ (Jung)، بعد أن عمل على تثبيت واحدة من تلك الأنفس المشردة التي توجد دائما في منفى على الأرض، نصحها من أجل غايات تحليل نفسية، بحيازة قطعة من حقل، زاوية في غابة، أو على الأصح بيت صغير في طرف قصي من حديقة، كل هذا من أجل منح صور لإرادة التجذر، الإقامة. (57مكرر ) تنزع تلك النصيحة إلى استثمار طبقة عميقة من اللاشعور، وتحديدا النموذج البدئي للبيت الحلمي.
فإلى ذلك الجانب خاصة نلفت انتباه القارئ. لكن، بطبيعة الحال، ثمة عوامل أخرى ينبغي فحصها من أجل دراسة شاملة لصورة ذات أهمية مماثلة لصورة البيت. فلو قمنا على سبيل المثال بدراسة متيقظة لرواية مثل البيت لهنري بوردو(58) Henri Bordeaux. فإن ذلك الفحص سوف يحدد طبقة أخرى للصور، طبقة الأناالأعلى. ويشكل البيت هنا منفعة العائلة. إنه مسؤول عن حماية العائلة. لاسيما وأن رواية هنري بوردو تعتبر من وجهة النظر تلك ذات أهمية حيث أن العائلة تمت دراستها في صراعها بين الأجيال بين أب ترك البيت ينهار وابنه الذي أعاد إلى البيت الصلابة والنور. في هذا المسلك، سوف يتم التخلي شيئا فشيئا عن الإرادة التي تحلم من أجل الإرادة التي تفكر، من الإرادة التي تتنبأ. يتم الدنو من مملكة صور واعية أكثر فأكثر. لقد ألزمنا أنفسنا بمهمة غاية في الدقة هي دراسة القيم الأكثر صمما. وهو السبب الذي جعلنا لا نلح على أدب البيت العائلي.
بالإمكان الاهتداء إلى نفس الاتجاه صوب القيم اللاواعية في صور العودة إلى البلد الأم. فكرة السفر ذاتها إلى اتجاه آخر لو ألحقنا بها الفكرة التكميلية للعودة إلى البلد الأم.اندهش كوربيه (59) (Courbet) من تقلب مسافر : «يسعى في المشارق : في المشارق ! فهو يفتقد إذا إلى مسقط الرأس ؟ »
العودة إلى البلد الأم، ولوج بيت مسقط الرأس، مع كل الهلسنة البصرية التي تعززها، قد تم تمييزها [العودة] من خلال التحليل النفسي الكلاسيكي كعودة إلى الأم. ومهما كان ذلك التفسير مشروعا، فهو مع ذلك يظل مفرطا في السماكة، إنه يتمسك بسرعة فائقة بتأويل شامل، يقوم بمحو الكثير من الاختلافات التي ينبغي أن تنير بالتفصيل بسيكولوجيا اللاشعور. سوف يكون من المهم جدا القبض على كل صور الحضن الأمومي وفحص جزئية استبدال الصور. سوف نرى إذن أن للبيت رموزه الخاصة ولو قمنا بتطوير كل الرمزية المتباينة للقبو، العلية، المطبخ، الممرات، المحطبة…فإننا نتبين استقلال الرموز المختلفة، سوف نرى أن البيت يشيد بهمة قيمه، يضم قيما لاشعورية. وللاشعور هو أيضا فن عمارة من اختياره.
إن تحليلا نفسيا مزخرفا ينبغي إذن دراسة ليس فقط قيمة التعبير. بل سحر التعبير. إن الهلسنة البصرية هي في الوقت نفسه قوة التصاقية وقوة تبدل. إنها تعمل، تعمل بشكل مضاعف، لدى الشعراء الذين يكتشفون صورا بسيطة كل البساطة ومع ذلك فهي جديدة. لا يخطئ كبار الشعراء بخصوص الاختلافات اللاواعية. ففي تقديمه الجميل للطبعة الحديثة لأشعار ميلوزتش Milosz))، أشار إدموند جالو (Edmond Jaloux) إلى قصيدة تميز، مع وضوح فريد، العودة إلى الأم والعودة إلى البيت.
أقول : أُمِّي. فأنت من أفكر فيه، يا
بيت !
بيت الأصياف المعتمة من طفولتي.
( مالنخوليا. )
أم وبيت، ها نحن أمام مبدأين أصليين في نفس البيت الشعري. يتوجب اتخاذ وجهة الأحلام التي يقترحها الشاعر من أجل الحياة، في الحركتين، استبدال لصورتين (60). سوف يكون من السهل جدا أن أعظم مبدأ أصلي من المبدأين الأصليين، أن أعظم مبدأأصلي من كل المبادئ الأصلية، الأم، قد عمل على محو حياة [المبادئ] الأخرى. على المسافة التي تقودنا إلى الأصول، يوجد أولا السبيل الذي يرجعنا إلى طفولتنا، إلى طفولتنا الحالمة التي كانت ترغب في الصور، التي ترغب في الرموز من أجل مضاعفة الواقع. لقد تضاعف الواقع الأمومي على الفور بواسطة كل الصور الحميمية. يستعيد شعر البيت هذا العمل، إنه ينشط الخصوصيات ويعثر على كبرى حمايات فلسفة الراحة.
إن ألفة البيت المحكم الإغلاق، المحمي جدا تستدعي بشكل طبيعي تماما الخصوصيات الكبرى، ولاسيما ألفة الحضن الأمومي، ثم ألفة الثدي الأمومي. ففي نظام الخيال، تستدعي القيم الصغرى القيم الكبرى. إن كل صورة هي مزوِّد نفسي»؛ صورة محببة، مدللة هي عربون حياة مضخمة. ثمة مثال على تلك الإضافة النفسية بواسطة الصورة. لقد كتب الدكتور جان فيلليوزاJean Filliozat) (61)) في كتابه سحر وطب ( ص: 126 ) : « يعتقد الطاويون أنه كان من الأفيد من أجل ضمان تجديد لطول العمر التموضع في ظل ظروف مادية للجنين، بذرة لحياة قادمة بكاملها. سلم الهنود بذلك أيضا ولازالوا يسلمون بذلك بطيبة خاطر. ففي محل « معتم ومغلق مثل صدر الأم « حدث في عام 1938 علاج تجدد الشباب والذي خضع له القومي المعروف، البندي تمالافاياMalaviya Le Pandit (62)، والذي أثار ضجة كبيرة بالهند. « إجمالا، فإن خلواتنا البعيدة عن العالم تعتبر أكثر تجريدية. إنها لا تجد دائما غرفة العزلة الشخصية تلك، ذلك المكان المعتم « المغلق مثل صدر أم «، تلك الزاوية المنسجمة في ملاذ هادئ، ذلك القبو الصغير السري، الموجود تحت القبو السفلي، حيث تعثر الحياة على قيمها المتطورة.
بالرغم من حرية صوره الحرة، يعتبر تريستانتازارا(Tristan Tazara)(63)، على طريق ذلك الغطس، فقد كان يعرف « جنة مُغاويي الفراغ وبرودة العاطفة، معلمة فائقة القوة للدفاع عن الحياة في مكان آخر كال[عيش] فيمغارات الحديد وعذوبة العيش بدون حركية، كل واحد من خلال شخصيته الكارهة للضوء وكل شخص في مأمن من الأرض، ومن خلال دم جديد… « ففي ذلك الانزواء، نكتشف تركيب جنة ـ سجن. يضيف تزارا ( مرجع سبق ذكره.،ص:113 ) : « لقد كان سجنا،يتكون من طفولات قصية، معاناة أيام الصيف مفرطة في الجمال. «
إذا كان علينا أن نولي مزيدا من الاهتمام بالصور الاستهلالية، بالصور التي لاشك أنها غاية في السذاجة،والتي تضيء القيم الأولية، فإننا سوف نتماسك بشكل أفضل؛ عبر كل زوايا الظل للملاذ الكبير حيث كانت شخصيتنا « الكارهة للضوء « تعثر على مركز راحتها، تذكر راحة قبولادية. نلاحظ مرة أخرى أن الهلسنة البصرية للبيت في حاجة لبيت صغير في [البيت] الكبير كي نعثر على الحمايات الأولية للحياة بدون مشاكل. ففي الزوايا الصغيرة نكتشف الظل، الراحة، الهدوء، تجدد الشباب. ويوجد في حوزتنا كذلك براهين أخرى، كل أمكنة الراحة أمومية.
لو قمنا، من خلال خطوة انفرادية، بالنزول، حالمين، إلى بيت يحمل العلامات الكبرى للعمق، عبر السلم الضيق المعتم الذي يلف درجاته العليا حول محور الحجر، فإنه يراودننا الإحساس سريعا بأننا نهبط إلى ماض ما. لا يوجد، والحالة هذه، بالنسبة لنا أي ماض لا يمنحنا طعم ماضينا، لكنه يتحول سريعا، بداخلنا، إلى ماض قصي جدا، متقلب جدا، ذلك الماضي الهائل الذي لا تاريخ له، لا يعرف توقيتات تاريخنا.
إن كل شيء يرمز إذا.أن نهبط،حالمين، في عالم عميق،في ملاذ يشير إلى عمقه، يعني أيضا الهبوط إلى ذواتنا عينها. لو انتبهنا قليلا إلى الصور، إلى الصور البطيئة التي تفرض نفسها علينا في ذلك « الهبوط «، في ذلك « الهبوط المزدوج «، فإننا لن نتغافل عن مباغتة سماتها العضوية. قلة هم الكتاب الذين يقومون برسمها [السمات]. كانت تأتي، تلك السمات العضوية، تخطها الريشة، التي كان الوعي الأدبي يرفضها، ويكبتها الوعي المترصد (64). ومعذلك، فإن تماثل الأعماق يفرض صوره. إن من يصنع الاستبطان هو يونسهJonas)( الخاص، مثلما سوف نفهم ذلك بشكل أفضل لما سنقوم بجمع، في الفصل الموالي، صورا عديدة جدا ومتنوعة جدا لعقدة يونس(65). فبمضاعفة الصور سوف ندرك جيدا جذرها المشترك وبالتالي، وحدتها. سوف نفهم إذا أنه من المستحيل عزل الصور المختلفة التي تعبر عن نفسها في تقويم للراحة.
لكن وكأي فيلسوف لن يقبل بتحمل مسؤولية تجسيد تركيب الجدل لحوت ـ يونس، دعونا نلجأ إلى كاتب يعطي لنفسه الحق بإدراك الصور في الحالة الوليدة، حينما لا تزال تتمتع بكل فضيلتها التركيبية. لنعد قراءة الصفحات الرائعة التي تصلح كمقدمة لـ[رواية] فجر Aurora) (66). « كان منتصف الليل عندما جاءتني فكرة النزول إلى ذلك المدخل الكئيب، المزخرف برسوم قديمة وبشكات. « أن نستوعب لاسيما ببطء كافة الصور حيث يعيش الكاتب تلف وموت أشياء، أتلفت بواسطة « حمض منتشر في الهواء مثل دهن الصوف، حامض وسوداوي، برائحة ملابس داخلية قديمة متلاشية «. فلا شيء آنذاك يكون مجردا. الزمن ذاته يعتبر تبريدا، سكب مادة باردة : « كان الوقت يمر فوق رأسي وكان يبردني غدرا كما كانت تفعل ريح تتسرب من الشقوق «. وبعد ذلك التبريد وذلك الإتلاف، فإن الحالم يكون جاهزا لربط بيته وجسده، قبوه وأعضائه.» لم أكن أنتظر شيئا، كنت آمل أقل من لا شيء.كحد أقصى كانت لدي فكرة أنه بتغيير الطابق والغرفة، كنت سأدخل تغييرا متخيلا في خدمة أعضائي، وبالتالي، في خدمة أفكاري. «ثم يأتي محكي الهبوط الخارق أو الصور التي تعمل على تشغيل بذات الخطوة الشبحين، شبح الموضوعات وشبح الأعضاء، حيث « ثقل الأحشاء « يتم إدراكه مثل ثقل « حقيبة ملأى لا بملابس، بل بلحم مجزرة». كيف إذن لا يتم إدراك أن ليريس Leiris قد ولج نفس الملجأ أو أن بعض الأحلام قادت رامبو(67)، إلى « جناح ذي لحم دام « ؟ ( متوحش)
يتابع ميشال ليريس (68): « كنت أنزل بدرجات السلم خطوة خطوة… كنت طاعنا في السن ثم إن كل الأحداث الي تذكرتها كانت تمر من الأسفل إلى أعلى باطن عضلاتي كمثل ملولبات تائهة في حيطان أثاث… « (ص : 13 ). كل شيء يتحيون حينما يشتد النزول : « كانت الأدراج تئن تحت قدمي وكان يبدو لي أني كنت أدوس حيوانات مصابة، ذات دم أحمر قان وكانت كروشها تشكل لحمة سجاد ناعم. « الحالم ذاته ينزل الآن كحيوان إلى قنوات البيت ـ ثم مثل دم مُحيون : « فإذا كنت عاجزا عن النزول الآن بطريقة مغايرة منها من [النزول] على اليدين والرجلين، فلأن بداخل أوردتي يجري النهر الأحمر بطريقة سلفية الذي كان ينعش طاقة كافة تلك الحيوانات المطاردة. « إنه يحلم بتحوله إلى « أم أربع وأربعين، دودة، عنكبوت «. كل حالم كبير يمتلك لاوعيامحيونا يعثر من جديد على الحياة اللافقارية.
فضلا عن ذلك فإن صفحات ليريس تظل مُمحورة بقوة، فهي تحافظ على خط عمق البيت الحلمي، بيت ـ جسد، بيت حيث نأكل، حيث نتألم، بيت تصدر عنه شكاوى إنسانية (ص: 16).»ضجات غريبة كانت تصعد إلي دائما وكنت أنصت إلى الأحزان الهائلة التي كانت تملأ البيوت بضربات كبيرة بمنافيخ محرف الحداد، فاتحة الأبواب والنوافذ بفوهات أحزان كانت تتقيأ، ملون بلون أصفر كدر بواسطة ضوء المصابيح العائلية الباهت، فيض لا ينضب من الحساء، ممزوج بضجات النزاعات، قارورات مفتوحة بأيد عرقانة وبعلكات. نهر طويل من شرائح لحم البقر وخضروات أسيء طبخها كانت تسيل. « أين تسير تلك الأطعمة،في الممرات أو في بلعوم ما ؟ كيف بكل تلك الصور يصير لها معنى ما إذا لم تكن تتوفر على معنى مضاعف ؟ إنها تعيش في حالة تركيب للبيت والجسم الإنساني. إنها تماثل الهلسنة البصرية للبيت ـ الجسد.
أن لا يتم نتيجة لذلك إهمال تقسيمها جيدا ثم من أجل عيشها مرة أخرى مثلما تكون صور زاهد العلية (69)، الحالم الذي،في يوم من الأيام، تهيمن المخاوف الإنسانية،مخاوف بشرية دنيا، رغب في استكشاف أقبيته، الأقبية الإنسانية، الأقبية الإنسانية الدنيا.
ليست الصورة الجلية آنذاك سوى محور للمرجع العمودي؛ ليس السلم سوى محور لهبوط في الأعماق البشرية. ولقد سبق لنا دراسة حركة ذينك المحورين العموديين ضمن كتابينا الهواء والأحلام والتراب والتأملات الشاردة للإرادة (فصل 12 ). إن محوري الخيال العمودي هما، في النهاية،أقل عددا يتم البرهنة على أن الصور تلتئم حول هذا المحور. « أنت لست سوى رجل ينزل على السلم… «، يقول ميشال ليريس، ثم يضيف على الفور (ص:23 ) : « هذا السلم،ليس هو العبور العمودي ذو الدرجات المبعثرة على شكل حلزوني يسمح بالوصول إلى أجزاء مختلفة من الموضع الذي يتضمن عليتك؛إنه أحشاؤك نفسها،إنه قناتك الهضمية التي تصل فمك، الذي أنت فخور به، وشرجك، الذي تخجل منه، تعمل على حفر عبر مجموع جسدك خندقا متعرجا ولزجا (70)… «
ياله من مثال رائع يمكن منحه للصور المركبة، لصور ذوات قوى تركيبية ؟ من المفهوم جدا أنه من أجل إدراك أن كلتلك التوليفات في حركة ثم تحضير تحليل لها ـ مع الإقرار بأننا لا نمتلك خيالا ثاقبا من أجل عيش الصورالمركبة بشكل تأليفي ـ ينبغي الانطلاق من البيت الحلمي، أعني إيقاظ ملاذ عتيق جدا وغاية في البساطة في اللاوعي حيث حلمنا بالعيش. إن البيت الواقعي، وحتى بيت طفولتنا يمكن أنيكون بيتا مشوها بطريقة حلمية؛وبإمكانه أيضا أن يكون بيتنا تهيمن عليه فكرة الأنا الأعلى. هناك، على وجه الخصوص، العديد من بيوتنا المدينية،العديد من فيللنا البورجوازية يتم « تحليلها « بالمعنى التحليلنفسي للكلمة. فهي تتوفر على سلالم مصلحة حيث تجري،كما قال ميشال ليريس، أنهار مؤن فم «. يقود المصعد، الذي يختلف جيدا عن ذلك «المرئ «، الزوار بقدر المستطاع، متجنبا الممرات الطويلة، إلى الصالون. فهناك تتم « المحادثة «، بعيدا عن روائح المطبخ. فهناك تتغذى الراحة على الرفاهية.
على أن تلك البيوت المنظمة،تلك الحجرات المنيرة، هل هي حقيقة البيوت حيث نحلم ؟
ـــ
* مصدر النص : التراب والتأملات الشاردة للراحة(La Terre Et les Reveries du Repos)، غاستونباشلار، cérèse éditions 1996, Tunisieالصفحات : من 101 إلى 134، الجزء الثاني، الفصل 4
*غاستونباشلارGaston Bachelard)(:(1884 ـ 1962 )، فيلسوف فرنسي، متخصص في فلسفة العلوم، والشعر والزمن. ويعتبر من أهم ممثلي المدرسة الفرنسية للإبستمولوجيا التاريخية. مؤلف لمجموعة من التأملات المرتبطة بالمعرفة والبحثالعلمي؛ ويعود إليه ابتكار التحليل النفسي للمعرفة الموضوعية. (المترجم )
(1)شامبانيا Champagne)(: إقليم قديم بفرنسا. (م)
(2) بيير سيغرس Pierre Seghers)(، المجال العام، ص : 70 (المؤلف)
(3) دفاتر مالتا لوري بريج (Les Cahiers de Malte LauridsBrigge): رواية ريلكه الوحيدة التي صدرت سنة 1910.(م)
(4)رواية لنتالي ريم Nathalie Rheims)(.(م)
(5)أرمان روبان Armand Robin)(:(1912 ـ 1961) كاتب فرنسي ومترجم، صحافي، ناقد أدبي ومذيع.(م)
(6)رسالة لكافكا، ذكره ماكس برود،فرانز كافكا، ص : 71 (المؤلف)
(7) هنري دو رينييهHenri de Régnier)(: (1864 ـ 1936) كاتب وشاعر فرنسي.(م)
(8) هنري دافيد تورو Henri David Thoreau)(: ( 1817 ـ 1862 ) فيلسوف، طبيعي وشاعر أمريكي (م)
(9)فالدن أو الحياة في الغابة : كتاب عبارة عن تأمل حول الاقتصاد، الطبيعة والحياة البسيطة بعيدا عن المجتمع، وهو يروي حياة تورو التي قضاها في كوخ خشبي لمدة سنتين، شهرين ويومين، في غابة لصديقه رالف فالدو إيمرسون.(م)
(10) في رسالة إلى أخيه، كتب فان جوخ : « في البيت الصغير الأشد فقرا، في الركن الضيق الأكثر قذارة، أشاهد لوحات ورسوما. « (المؤلف )
(11) جورج دوهاميلGeorges Duhamel)( : (1884 ـ 1966 )، طبيب، كاتب وشاعر، حاصل على جائزة الغنكور عام 1918. (م)
(12) جورج دوهاميل، بيوغرافيا لإطيافي، ص : 7 و 8. (المؤلف)
(13) سلامبوSalambo)(: رواية لغوستاف فلوبير. (م)
(14) إميل سوفيسترEmile Souvestre)(: (1806 ـ 1854 )، كاتب،ورجل تعليم وصحافي فرنسي. (م)
(15)الغرفة البريطانيةLe Foyer Breton)(: كتاب يضم مجموعة خرافات شعبية ابريطانية. (م)
(16) اُنظر لوتي Loti)(،أزهار السأم. باسكوالا إيفانوفيتش (PasqualaIvanovitch)، ص: 236 : « على ما يبدو أن كوخهم قديم جدا ومكسو بالطحالب كالصخرة التي تلامسه. يتسرب إليه النور،يخضوضر بواسطة أغصان البلوط. في الداخل، واطئ ومعتم،اسودَّ بواسطة دخان قرنين أو ثلاثة قرون. لاأدري أي سحر امتزج فيه في ما مضى بمظاهر الفقر والهمجية. « (المؤلف )
(17) النموذج الأصلي archétype)(: يقترح الراحل جورج طرابيشي ترجمته ب: البعيم» الذي يفيد في معجم المعاني الجامع عربي عربي وفي المعجم الوسيط : التمثال من الخشب، والمُفحم الذي لا يحسن الجواب. (م)
(18) فالكايريwalkyrie) : دراما غنائية لريشار فاغنر. (م)
(19) ريشار فاغنرRichard Wagner)( : (1813 ـ 1883)، مؤلف موسيقي، مديرمسرح و كاتب ألماني. (م)
(20) سايغوفريدSiegfried)( : بطل أسطوري شمالي، ظهر في العديد من ملاحم الإيداedda)( الشعرية. (م)
(21) آنيا تيلارAnia Teillard)( : (1889 ـ 1978)، كاتبة من إستونيا. (م)
(22) بيير لوتي Pierre Loti)( : (1850 ـ 1923 )، كاتب وضابط بحرية فرنسي. (م)
(23) إدغار آلان بو Edgar Allan Poe)( : (1809 ـ1849)، شاعر، روائي، قصاص، ناقد أدبي، مسرحي وناشر أمريكي. (م)
(24) وليام ويلسون William Wilson)( : عنوان لقصة قصيرة تشكل جزءا من المجموعة القصصية قصص رائعة جديدةلإدغار آلان بو، من ترجمة بودلير. (م)
(25) ألكسندر دوما Alexandre Dumas)( : (1802 ـ 1870)، كاتب فرنسي. (م)
(26) رامبو Rimbaud)(، إضاءات، ص : 238 (المؤلف)
(27) موباسانMaupassant)( : (1850 ـ 1893 )، كاتب فرنسي. (م)
(28) جبل ـ أوريولMont –Oriol)(: ثالث رواية لموباسان، صدرت عام 1887. (م)
(29) بيير غيغنPierre Guéguen)(: (1889 ـ 1965 )، شاعر، كاتب وناقد فني فرنسي. (م)
(30)في مقال للجريدة الأسيوية ( البيت الفيدي )، أكتوبر 1939، لفت لوي رونو الانتباه، قبل الشروع في تشييد البيت الفيدي، إلى شعيرة ترضية الأرض «. (المؤلف).
(31) اُنظر ريلكه. دفاتر مالتا لوري بريدج (Les Cahiersde MalteLauridsBrigge)مترجم، ص :147. (المؤلف)
(32)من يبتغي العيش، صحبة ماري ويب، في علية سارن، سوف يتعرف على انطباعات الحياة التي يتم الحفاظ عليها.(المؤلف)
(33) لتستمر فرحتي que ma vie demeure)(: رواية لجان جيونو (م)
(34) غابريال دانينزيوGabriel D’Annunzio)(: (1863 ـ 1938)، كاتب فرنسي.(م)
(35)آلانفورنييهAlain Fournier)(: (1886 ـ 1914)، كاتب فرنسي. (م)
(36) صور آلانفورنييه : كتاب من تأليف إيزابيل أخت آلان ـ فورنييه. (م)
(37)المولن الكبير Le Grand Meaulnes)( : رواية آلان ـ فورنييه الوحيدة، صدرت سنة 1913. (م)
(38)يانيتديليتان ـ تارديفYanetteDelétang – Tardif)( :(1902 ـ 1976) شاعرة فرنسية. (م)
(39) إدمون جالو Edmond Jaloux)(: (1878 ـ 1949)، كاتب وناقد أدبي فرنسي. (م)
(40) اُنظر هيوسمانHuysmans)(، بالمقلوب َA Rebours)(، ص: 15. أقام دي إسانتDes Esseintes)(في قاعته « سلسلة من المشكاوات «. (المؤلف).
(41) فيرجينيا وولف Virginia Woolf)(: (1882 ـ 1941)، أديبة إنجليزية. (م)
(42) ماري ويب Mary Webb)( : (1881 ـ 1927) : روائية إنجليزية اشتهرت بروايتها سارنsarn)(، التي اعتبرت آنذاك الأكثر مبيعا.(م)
(43)تنتمي حكايةبوسيه الصغير إلى الإرث الشفهي؛ وقد قام شارل بيرولCharles Perrault)( بتدوينها وتحويلها بفرنسا، وظهرت في كتاب حكاياتأمي أويا سنة 1967. فقد كان أبواه [بوسيه الصغير ] فقيرين، ولم يجدا ما يسدان به رمقهما، لذلك قررا التخلي عنه في الغابة، غير أن الصبي استرقت أذناه كل شيء، لذلك طفق في جمع أحجار صغيرة بيضاء، وفي الغد، قرر الحطاب رفقة زوجته الهروب تاركين أبناءهما السبعة تفعل بهم الأقدار ما تشاء. (م)
(44) ملحمة شعرية للشاعر الإيطالي لوطاسLe Tasse)(،ظهرت سنة 1581 بالإيطالية. تقدم وصفا، على غرار روايات الفروسية للمعارك التي دارت رحاها بين المسلمين والمسيحيين، في نهايةالحرب الصليبية الأولى. (م)
(45) ماري ويب Mary Webb)(، شكَّة يقظة، مترجم،ص : 106. (المؤلف)
(46) يوهان أوغيستستريندبيرغJohan August Strindberg)(: (1849 ـ 1912)، كاتب مسرحي ورسام سويدي. يعتبر من بين أهم المؤلفين السويديين وأحد أباء المسرح الحديث. (م)
(47) الجحيم Inferno)( : محكي سيرذاتيلستريندبيرغ، نشر بالفرنسية سنة 1897، وفيه يتطرق الكاتب إلى الأزمة الأخلاقية المرعبة والروحية التي عاشها بين سنتي 1895 و 1897. (م)
(48) دافيد هيربرت لاورانسDavid Herbert Lawrence)( : (1885 ـ 1930)، كاتب ابريطاني، مؤلف قصص قصيرة، روايات،أشعار، مسرحيات، مقالات، كتب رحلة، ترجمات ورسائل. (م)
(49) رسائل مختارة Lettres Choisies)(: كتاب مراسلات ترجمه إلى الفرنسية أندريه توبيا. (م)
(50)بيرنارداندوسانت بيير (Bernardin de Saint – Pierre ) : (1737 ـ 1814 )، كاتب وعالم نباتات فرنسي. (م)
(51)بيرناردان دو سانت ـ بيير، دراسات في الطبيعة، صدر سنة 1791، جزء 3، ص: 60 (المؤلف)
(52) بلنوسلانسيانPline L’Ancien : له كتاب تحت عنوان : التاريخ الطبيعي وهو عمل نثري من 37 كتابا. (م)
(53) في صفحة من حكاية الذهب والصمت، يجعل غوستاف كهانGustave Khan)( من الشجرة المجوفة مركزاللصور ( ص : 252 ) : « يحادثني الرجل، مثل صوت مديد نحيبي، ينتشر ثم يجيب. يأتي أمام شجرة عظيمة، [أمام] فرزاتها العارشة الرشيقة المتدلية؛ يبدو أن أوراقها المستقيمة المنتصبة تراقبه. يُقال أن الثعابين ترفع رؤوسها نحوه، لكن بالأحرى فوق رأسه. يبدو له أن خِلقة تبرز عبر ثغرة كبيرة في مركز الشجرة، ثم تنظر إليه. ركض نحوه؛ لا شيء، سوى التجويف العميق والمعتم… « هذا هو المأوى الذي يبعث على الخوف. عدد كبير من الصور تتكدس في هذا المأوى التلفيقي الذي سوف نقوم بدراسته في كل فصول كتابنا. سوف تكون لنا فرصة العودة إلى تركيبات الصور تلك. (المؤلف)
(54)ترجمةفيكتور هنري، 1814. (المؤلف)
(55 ) سوما Soma)(: عبارة سنسكريتية تشير في الهندوسية إلى نبتة وشراب شعائري. (م)
(56) أجني Agni)( إله النار القربانية عند الهنود. (م)
(57) أي وجع للظاعن يتكشف في بيت شعري لريلكه : من لا يملك بيتا، لن يشيده أبدا. (المؤلف)
(58) هنري بوردو Henry Bordeau)( : (1870 ـ 1963)، محام، روائي وكاتب مقالات فرنسي. (م)
(59) غوستاف كوربيه Gustave Courbet)( : (1819 ـ 1877)، مصور وكاتب فرنسي وهو زعيم التيار الواقعي. (م)
(60) هل يوجد بيت أمومي بلا ماء ؟ بدون ماء أمومي ؟ كتب غوستاف كاهان بخصوص بيت مسقط الرأس ( حكاية الذهب والصمت، ص : 59 ) : « بيت أمومي، فَسقية أصيلة لمنابع حياتي…» (المؤلف)
(61) دكتور جان فيلُّلوزاDr. Jean Fillozat)( : ( 1906 ـ 1982 )، متخصص في دراسة اللغات وثقافات الهند. (م)
(62) البنديتمالافايا : (1861 ـ 1946 )، رجل تربية، سياسي ومناضل هندي. (م)
(63) تريستانتازاراTristan Tazara)( : ( 1896 ـ 1963)، كاتب، شاعر، وكاتب مقالات باللغة الرومانية والفرنسية، وهو يعد من بين مؤسسي تيار الدادائية. (م)
(64) يعتبر الوعي الأدبي،لدى الكاتب إنجازا شخصيا للنقد الأدبي. نكتب لصالحشخص ما، ضد شخص ما. طوبى لأولئك الذين يكتبون، متحرِّرين، من أجل ذواتهم ! (المؤلف)
(65) عقدة يونس (أو يونان ) : هوالفصل الخامس من نفس كتاب باشلار الذي قمنا بترجمة لفصل من فصوله ( بيت مسقط الرأس والبيت الحلمي ). (م)
(66) ميشال لايريسMichel Leiris)(، فجر Aurora)(، الصفحة 9 وباقي الصفحات. (المؤلف)
(67)أرثور رامبو Arthur Rimbaud)( : ( 1854 ـ 1891 )، شاعر فرنسي. (م)
( 68) ميشال لايريس ( 1901 ـ 1990)، كاتب، شاعر، إثنوغرافي وناقد فني فرنسي. (م)
(69) « منذ عشرين سنة وأنا غير قادر على المخاطرة بنفسي في متاهة الدرج تلك، عشرين سنة وأنا أعيش محبوسا بصرامة بين الجدران المتداعية من العلية القديمة « ( فجر، ص : 11 ). (المؤلف)
(70)سوف يقول فيلسوف ما نفس الكلام عن الصور الأقل « زخرفة «. ففي دفاتر السفرCarnets de voyage )((ص : 241 ) لتاينTaine)( نقرأ : « البيت كائن كامل يمتلك رأسا وجسدا. « لم يدفع تين بالتحليل بعيدا جدا. (المؤلف)
ملاحظة : هذه الدراسة مخصصة بشكل حصري لمجلة نزوى
البريد الإلكتروني :elhasine320@gmail.com
العنوانالشخصي : الحسن علاج
شارع سيدي بلعباس،إقامة ملك الله، العمارة 14 رقم 17 تابريكت سلا
المملكة المغربية
–
ترجمة: الحسن علاج *