أحيانا
أتلهى عن نفسي
لكنني في لحظة تشبه الآن تماما
أعرف- إلى حد يقرب من اليقين
الذي لا أعرفه هو أيضا
أنني لو فكرت في أن العالم قد خلق من ماء فعلا
فلن يكون الحزن أو الغضب أو اليأس
سوى موجات عارمة
أدرك
أن ثمة بشرا كالشلالات مثلا
ينسربون باندفاعة خجول بين الصخور
و أخجل
لأنني لم أدرك هذا من قبل
و تصورتهم
مزارات سياحية
بوسعي الآن
أن أتخيل نفسي
موجة – لم تكن في الأصل موجة –
حين مر « لانش» سريع
داخله فتيات وفتيان
بملابس بحرية
و كؤوس بها شراب
معلق على حواف زجاجها
ثمرات من الفاكهة
ستنفرط إذا انكسر كأس ولن يعبأ أحد
أنا لست سوى ابنة هذه الضحكات
المتداخلة إلى حد الصياح
ليست هناك دموع في المشهد وإذا كانت موجودة فلن أكتب عنها… ستختلط حتما برذاذ الموج
هكذا
كان بوسعي أن أزمجر قليلا
ثم أمضي
حيث شاطئ
لم يكن بعيدا
يكون بوسع الأمواج أحيانا أن تختار شطآنها
فأصبح
موجة صغيرة تلامس الشطآن
تدوسها
قدم شخص ما
و تترك أثرا في الرمال
يستغرق فيه الشخص
فأستطيع أن أغافله وألوذ بالفرار
لم يكن الأمر تماما هكذا لأن الشخص في واقع الأمر لم يكن يلتفت إلى الموجة وإنما إلى أثر قدميه بالإضافة إلى أن الأثر كان مبتلا بيد أو قدم أو أي جزء آخر من جسد الموجة
غالبا
كان هذا الشخص
قد رفع أو رفعت بنطالها
حتى لايبتل
بينما باطن القدم يغوص بكامله في النداوة
و يخرج ليتنشف في الشمس ويتناثر ذرات دافئة من الرمال
لم تكن لدي الجرأة – ولا الوقت بالتأكيد –
لأرى
إن كان – أو كانت – يرتدي قبعة بحر…أو نظارة شمس ..إلخ
أو كان – كانت – وحدها
ما كنت أستغرق فيه بالفعل
أنني سأعود مرة أخرى أنتظر ذلك اللانش
أنصت بتوتر لخريره وهو يلوب في الأعماق
أنا هذه الموجة تحديدا
و هذا الملح الذي يترسب على الشاطئ
مختلطا بالرمل
حين تجرفني أحد الأقدام الضجرة بعيدا عن الماء فلا أستطيع أن أكون موجة مرة أخرى
لا قبمة له في الحقيقة
و سأسخر من نفسي حتما
إذا تخيلت أنني سأكون جزءا من منزل بحري يبنيه طفل أو عاشقان
هذا ما لن أسمح لنفسي أن أحلم به
لا لشئ
سوى أنني لن أقبل
أن ينسرب الماء – أي ماء – حتى لو كان ماء البحر
عبر ممراتي
أنا لست « زحليقة «
و لن أقبل
بعد كل هذا
سوى أن أكون
بلورة صافية من الملح
ملقاة على شاطئ
لا يلتفت إليها أحد
تختبئ في الليل من القمر
لأنه رومانتيكي لللغاية
و سيفسد حلمها
بكل تاريخه الاستعراضي
بأن يوهمها مثلا أن حياتها قد كانت
فصا من الألماس
في خاتم خطوبة
لزيجة مؤجلة
لكنها مضطرة إلى أن تعكس ضوء الشمس
وبين حين وآخر
ستلملمه كبروق
ترشق بها البحر.
فاطمة قنديل
شاعرة من مصر