إكرام عبدي*
لاَ يَنامُ اللّيْلُ في عَيْنَيَّ
ولاَ يَصْحُو على فَجْرٍ
تَذَكَّرْ فَقَطْ أَنَّ لَيْلتَنَا قَدْ تَكُونُ
الأَخِيرَهْ،
لاَ تُفَكّرْ فِي الصَّباحْ
آخِرُ اللَّيْلِ أَوَّلُهُ
مَدًى
بلاَ حُدُودٍ ولا تُخُومْ.
تَذَكَّرْ أَنَّ جَسَدَيْنَا
جَحِيمٌ عِنْدَ مُفْتَرَقِ الضّفَتَيْنِ
نَسِيَا شِفْرَةَ اللَّيْلِ
وهَامَا
اعْتَقَلْ الزَّمَانَ
فِي رَحَابَةِ عِشْقْ،
حِينَ أَنْجَبَتْنِي أُمِّي
سَقَطْتُ فِي جُبِّ هَذَا الزَّمَنِ
حِينَ عَشِقْتُكَ
سَقَطْتُ مِنْ جُبَّةِ الزَّمَنِ.
لاَ تُفَكِّرْ فِي انْبِلاَجِ الصَّبَاحْ،
فَكِّرْ فِي فَلَقِ الكَوْنَيْنِ عَلَى جَسَدِي
هَذَا الـمَسَاءْ،
فِي الضَّوْءِ الـمُنْهَمِرِ مِنْ نِدَاءِ عَيْنَيْكَ،
كَنَجْمَتَيْنِ دَائِخَتَيْنِ بَيْنَ مُنَمْنَمَاتِ نَـمْشٍ
لَـمْ تُسْنِدْهُمَا إِلاَّ كرزتا نجاة،
فَكِّرْ فِي اللَّيْلِ الفَائِضِ بِالْـمَجَازِ الْـمُبَاحْ
فِي بِلَّوْرِ النَّوَافِذِ الْـمُغْتَسِلَةِ بِالْـمَطَرْ
تُقَشِّرُ وَجْهَيْنَا
تُسْفِرُ عَنْ مَرَايَا اللَّذَهْ.
لاَ تُفَكِّرْ فِي وَهْمِ التَّكْرَارِ
الصَّبَاحُ قَصَّاصُ العُتْمَهْ
خَدِيعَةُ الْعَالَمِ لتَدْمِيرِ اللَّيْلْ
الشَّمْسُ لَيْسَتْ إِلاَّ فِكْرَة
اخْتَرَعَهَا النَّهَارْ
لِيُوهِمَنَا بِصَفَاءِ سَرِيرَتِهِ
بِطَقْسِ الْـحَقِيقَهْ
لِلْمُولَعِينَ بِالضَّوْءِ
في كتاب الحكمة.
فَكِّرْ فِي وَرْدَهْ
تَتَفَتَّحُ فِي وَضَحِ الدَّهْشَهْ
مِنْ صُبَّارِ حِكْمَتِكَ
فِي بِتْلاَتٍ تَبُوحُ بِأَسْرَارِهَا
عِنْدَ اكْتِمَالِ الْقَمَرْ.
لاَ أَكُونُ
إِلاَّ فِي ذِرْوَةِ الأَنَا
أَوْ انْهِيَارِ الْكَيْنُونَةِ
لاَ أَكُونُ
إِلاَّ فِي جُرْحِ النَّايِ
أو غِبْطَةِ الْقِيثَارَهْ.
أَرْفَعُ رَأْسِي كُلَّ صَبَاحٍ
كَيْ أَرَى وَجْهَ اللهْ
وَأَنْحَنِي مَسَاءً
كَيْ أَلْقَى اللهْ
فِي وَجْهِ عَاشِقِي
يُرَاقِصُ كُلِّي كُلَّهُ
يَهِيمُ كُلِّي بِكُلِّهِ
يُصَلِّي كُلِّي لِكُلِّهِ
نَتِيهُ فِي كُلِّ أَرْضٍ
وَلاَ أرْضَ لَنَا.
مَا أَضْيَقَ اللَّيْلَ
لَوْلاَ سِعَةُ الْعِشْقْ.
لاَ تُفَكِّرْ فِي الصَّبَاحْ
لَيْسَ خَوْفًا مِنَ الفَجْرِ
ولا احْتِمَاءً بِالْأُفُولِ
بَلْ مُسْتَأْنِسًا بالبَاطِنِ
حَارِسًا للْحَوَاسْ
سَارِقًا لِلْأَحْلاَمْ
ألاَ يَحْفِرُ القَلَقُ أنْفَاقَهُ لَيْلاً؟.
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَغْفُونَ
وَيُبْعَثُونَ.
كُلّمَا تَعِبْتُ مِنَ النّهَارِ
أَتَطَهَّرُ بِالعُتَمَهْ
أَفِيضُ بِهَا
أَعْبُرُ كَنَهْرٍ هَادِئٍ
أُلَمْلِمُ نُجَيْمَاتِهَا
أَنْدَلِقُ فِي مُحِيطِ لَيْلِ الأَبَدِيَةِ
وَهَدِيرُ أَسْئِلَةٍ بَيْنَ مَدٍّ وَجَزْرٍ.
لَطَالَمَا سَكَنَّا أَدِيمَ اللَّيْلِ
وَأُصِبْنَا بِفِخَاخِ الصَّبَاحِ
شَابَتِ الشَّمْسُ عَلَى رُؤُوسِنا
مَاذَا لَوْ قَدَحَتْ زِنَادَك بَعِيدًا؟
ظَلَلْنَا نَحْمِلُ جُثَّتَهَا كُلَّ يَوْمٍ
كِيْ نُوَارِيهَا ثَرَى الْمَسَاءْ.
أُخَبِّئُ أَشْلاَءَهَا تَحْتَ سَرِيرِي
لَكِنْ مَاذَا سَأَجْنِي بِجثتها
وَأَنَا أَحْيَا كُلَّ مَسَاءٍ بِقَدْرِ كُلِّ الصَّبَاحَاتِ.
مَا كَلَّ مُعْتِمٌ مَنْذُورٌ لِلضَّوْءِ.
وَمَا لِكُلِّ إِشْرَاقَةٍ وَمِيضُ الدَّهْشَةِ.
لسْتُ لَيْلِيَةً بِمَا يَكْفِي
لَكِنَّ اللهَ اصْطَفَانِي
وَخَرَجْتُ مِنْ ضِلْعِ دِيجُورٍ
كَيْ لاَ تَغِيبَ مَلاَمِحِي
جَسَدِي هَذَا
عَشِقَ ذَاتَ جُرْحٍ
بشَاهِدَيْنِ وبجَوْقَةِ الصَّدَى
أيُّهَذَا الجَسَدُ
هَا أنْتَ تَعْشَقُ اللَّيْلَةَ
بِبَراحِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ
كُنْتَ مُتَشَظِّيًا فِي مِرْآتِكَ
أَرَانِي وَلاَ أَرَاكَ
وَهَا أَنْتَ اسْتَوَيْتَ فِي صَوْلَةِ الْمَعْنَى
امْتَلَأَتْ وَإِنْ لَمْ تَكْتَمِلْ
الاكْتِمَالُ يُعَشِّشُ فِي اللاّاكْتِمَالْ.
الشّمْسُ وَرْدَةٌ عَلَى جَسَدِ
السّمَاءِ
لاَ تُقْطَفُ إلاّ نَزيفاً
لنَفْتَرِضْ جَدَلاً أَيُّهَا اللَّيْلُ
أَنَّكَ تَعْبُرُنِي وَأَعْبُرُكَ
وَأَنَّنَا بِلَا مَلَامِحٍ
ضَيَّعْنَا وَجْهَيْنَا فِي الزِّحَامِ
والمَسَافَةُ بَيْنَنَا ضَوْءٌ
…وَلْنَفْتَرِضْ أَنَّهُ صَارَ بَيْنَنَا ملح وحلم
وشمع ونيزك وَعِشْقٌ وَنَجْمٌ…
وَأَنَّكَ قَرَأْتَ جَسَدِي
وَقرَأْتُ سَمَاءَكَ
وَأَنَّنَا نَنَامُ أَحْيَاناً
لِتَصْخَبَ الذَّاكِرَةُ
وَأَنَّكَ ذَلِكَ النَّدَى
عَلَى سِنْدِيَانَةِ الصَّبَاحِ
عَرَقُ جَسَدَيْنَا
وَلْنَفْتَرِضْ أَنَّنَا ظَلَلْنَا نَنْتَظِرُ طَوِيلاً
فِي طَوابِيرَ يَنْهَشُهَا
القَلَقُ وَاليَأْسُ
قَبْلَ أَنْ يَتَسَلَّلَ أَحَدُنَا إلى عَتَمَةِ الآخَرِ
مَاذَا سَتَفْعَلُ غَداً حِينَ تَسْتَيْقِظُ
هَلْ سَتَقْطِفُنِي
وَتَلْفُظِنِي زَهْرَةً لِلرِّيحِ؟.
لاَ شَيءَ يُرْشِدُنِي إِليَّ
غَيْرُ هَذَا اللَّيْلِ
هُوَ الدّليلُ وأنَا السَّفَرُ
وَمَا أنَا بالمُرْتَحِلَةِ وَلَا المُقِيمَةِ
جَسَدَانِ نحْنُ عَلَى ذِمَّةِ الَمَسَاءِ
تُوَحِّدُنَا العتْمةُ،
مَنْ سَيُلمْلمُ نمْشِي
ويُلْقي بَه حَبّاً لعَصَافِيرِ الصباَحِ؟
منْ يُهدْهدُ زُهُورَ مَلاءَتِي؟
منْ سيَعْشَقُنِي خَارجَ اسْتِعاَرات
القَصِيدَةِ؟