محمد رافع
كاتب ومترجم هندي
بيكيه باراكادافو(1)
غزة
وقع حجر على جندي إسرائيلي وهو يتجول في مقابر غزة
فأخرج بندقيته واضعًا يديه في الزناد، سارع بإطلاق النار مصوبًا تجاه الحجر لكنه لم يجد أحدًا حوله
إذا بقهقهة طفل شهيد تعالت من تحت القبر..!
فلسطين
جنود الاحتلال يتجولون متسلحين هنا وهناك،
فيما يلعب بضعة من الأطفال لعبة خمسة أحجار
وقالوا للأطفال بإنذار:
حذارِ.. لا تلعبوا بالأحجار
نحن نلعبُ بأرواح الإنسان
مجموعة من القصائد المترجمة
رحيم فنّاد(2)
بيت الشهيد
عندما يغادر آخر شخص من البيت
إلي المقبرة
سيغدو بيت الشهيد أصغر من القبر
رويدًا رويدًا،
يبدأ يسيطر عليها الصمت
وتُغلي الأمَّ الدموعُ
في فرن الأحزان
ويتلعثم الأب مستلقيًا
على فراش الخوف
وتجهش الزوجة بالبكاء
فيما بين الصحوة والإغماء
وقتئذٍ، في رحِمها يرتجف الجنين باختناق
والأخت تنام متضورة
وتفيق من نومها مرعوبة
إثر كابوس بحيرات الدماء
والولد يقف في شرفة البيت
مرتقبًا حلوى أبيه الحنون
حين يغادر آخر شخص المقبرة
سيغدو قبر الشهيد
أكبر من هذا الكون
الشهيد
الشهداء ما يزالون على قيد الحياة في قبورهم
أما نحن الشهود الأحياء فميتون فوق الأرض
أيها العالم.. ألا ترى هذا الوطن؟
بلدٌ مشيد على الجروح
حدودُه ملطخة بالدماء
جبالُه بأشلاء الشهداء
تجري فيها أنهارُ الحنين
وبحيراتُ دموعِ الحزين
أيها العالمُ، ألستَ ترى هذا الوطنَ
على الخارطةِ حتى الآن؟
زهرة الياسمين
”حين تضع الحرب أوزارها
لا بد أن تغرس هنا زهرة الياسمين”
لماذا؟
ليفوح شذاها العِطْر في الهواء
بأن لم يعد هنا أطفال على قيد الحياة
فلسطين
تحمل الأمهات الأطفال في بطونهم
ويحمل الآباء جثامينهم
ويتبقى البعض جرحى ما بين الحياة والموت
ونسميهم “فلسطين”
بذرات الثورة
إلى أين ستذهب لو احتلوا وطنك كاملا؟
أجابه بدون تردد؛
سأتجه إلى السماء
وأهبط منها بهيئة المطر وأنبتُ بذرات الثورة من القبور من جديد
دولة جديدة
تتشكل دولة جديدة في الجنة
سكانها أطفال غزة فقط
وصية
كان لدي رغبة
في كتابة الوصية قبل استشهادي
ولكن ماذا أفعل ؟
أتى القصف الصهيوني على الأخضر واليابس
حتى لم يتبق قلمٌ واحدٌ وقطعة ورق
موت الإنسانية
عندما تقتل
آخر طفل على وجه الأرض
لا بد أن تحفر هنا هوّة عظيمة
وأن تدفن فيها كلمة “الإنسانية”
حينما تنهي دفن آخر حفرة
يجب عليك تثبيت لافتة فوقها
وتنقش عليها هكذا؛
“الإنسان الأخير يرقد تحت هذه الأرض”
ناباكانتا باروا(3)
فلسطين
آويناهم في غياهب السجون
لأنهم أرادوا مسكنًا
وقتلناهم جميعًا
لأنّهم أرادوا الحياة الأبدية
ثم هدمنا سجونهم بالجرافات
وحوّلناها إلى حقول الذرة
ما تلك اليد التي تمتدُّ من تحت الأرض؟
ستنبتُ منها أيدٍ أخرى
وتدغدغنا حدّ الموت
ياسين وانيكود(4)
أنا فلسطين
لا أمتلك خريطة
إذا يمكنك أن ترسم
ظلَّ الموت
فهذه خريطتي
ولا عندي الحدود أيضًا
إذا جرحتك الأسلاك الشائكة
عند تخطي الحدود
فهذا حدِّي
ولا عندي النشيد الوطني كذلك
هل يمكنك ترتيب
ألحان صرخات الأطفال العالقة
تحت المباني المقصوفة؟!
فهذه أنشودتي الوطنية
وحتى لا أمتلك علمًا لوطني
إذا أمكنك قصّ
قطعة أكفان الشهداء بصورة رائعة
فهذا هو علم وطني
أويس تنلاوي(5)
قد حلّ الربيع في فلسطين
في منازل أحياء غزة
لا توقد الأمهات الأفران
ولا يغمضنَ أعينهُنَّ
يَضُممنَ الأولاد إلى صدورهنَّ
طوال الليل والنهار
حين تقذف الصواريخُ
النيرانَ
فتفوح في الهواء رائحة الأشلاء
ويلجأ الصغار إلى حضن الأمهات
وتطمئن الأمهات قائلة:
لا تخافوا: ستزهرُ اللبيدة في حديقتنا
ويملأ شذاها العطر في أنوفنا..!
حينما يصم صوت القصف المسامع
ينشُجُ الأطفال بالبكاء مرعوبينَ
فتطمئنهم الأمهات مرة أخرى
لا تبكوا..
إنما هو صوت تساقط أوراق الأشجار
التي تترقب الربيع
في هذه الأيام
لم يزهر الزيتون ونباتات قبرص قط
ولكن تُزهرُ في تربتنا آلاف الزهور الملطخة بالدماء
أجل، هنا قد حلَّ الربيع..!
سفيان توتفويل(6)
انتفاضة
يُخلقُ أطفال فلسطين
شعراء نوابغَ
حتى في أرحام أمهاتهم
ما إن يصلوا الأرض
حتى يكتبوا شِعْرَ “الشهادة”
ويكمِّلونها في ظرف ثوانٍ
قد دوّنوا سطورها بالحبر الأحمر الدموي
حتى لا يتمكّن أحدٌ من أن يجيد لغتهم إلاّ الله
هكذا تخلّد كلماتهم للأبد
أخيرًا ينزل الملائكة إلى الأرض
ويركب الأطفال فوق أجنحتهم
ويتجهون إلى جنات الفردوس
مبتهجين مبتسمين
الهوامش
1- القاص باراكادافو من مواليد 1952م، ولد في قرية «باراكادافو» في ولاية كيرلا. والقاص معروف في أوساط الكتّاب بصفته كاتب قصص قصيرة جدًّا باللغة المحلية «مالايالام». وقد حازت المجموعات القصصية التي أصدرها عددًا من الجوائز القيمة. كما أنها ترجمت إلى اللغات العالمية مثل الإنجليزية والفرنسية بالإضافة إلى العديد من اللغات الهندية، وكان عضوًا في أكاديمية الآداب المركزية في الهند.
2- رحيم فنّاد شاعر معاصر في ولاية كيرلا وله مساهمات كثيرة في الأدب الهندي، وحظيت قصائده بشعبية واسعة، وترجمت إلى عدة لغات، وحصل على جوائز كبرى في ولاية كيرلا، ويعمل حاليا كمعلم في كلية حكومية بكيرلا.
3- ناباكانتا باروا (29 ديسمبر 1926 – 14 يوليو 2002)، كان من أبرز الأدباء الذين يكتبون باللغة الآسامية الهندية وكان روائيًا وشاعرًا. كان يُعرف أيضًا باسم Ekhud Kokaideu. وكتب العديد من القصائد في بدايات حياته ونالت شهرة واسعة في الأدب الآسامي.
4- ياسين وانيكود من أبرز الأدباء المعاصرين في كيرلا، يكتب القصص والقصائد، كما يكتب في الصحف المحلية والمجلات الثقافية والأدبية، وهو حاصل على بكالوريوس في اللغة العربية ونال تكريمات كثيرة لأعماله الأدبية.
5- أويس تنلاوي شاعر شاب من مواليد ١٩٩٩ يكتب في المجلات الأدبية في ولاية كيرلا مؤخرا حظيت قصائده بقبول كبير عند أهل كيرلا
6- سفيان توتفويل شاعر شاب يكتب في المجلات الأدبية والإسلامية وحاصل على ماجستير في الأدب الإنجليزي، تخرج في معهد الدراسات الإسلامية البخارية في كيرلا، ويعمل حاليا كمحرر في إحدى المجلات الإسلامية في كيرلا.