سمر الديوب*
ربما يتحدّد مكاني داخل قشرة جوزة، لكنني أرى نفسي ملكاً لمكان بلا حدود.
شكسبير «هاملت»
1 – مقدّمة
تتعدد مسارات العلوم، لكنها تجد طرقاً فيما بينها، فتختلف أرضية كل علم، لكنَّ ثمة تقاطعات موجودة، إذ يمكن أن نجد للعلوم الفيزيائية والرياضية حضوراً في العلوم الإنسانية.
والعلوم الإنسانية علوم عاطفية انفعالية، تنطلق من الداخل الإنساني لتبني علاقة مع المحيط، وترسم التصورات الداخلية عن العالم الخارجي، فتغدو -بناء على ذلك- علوماً غير محددة. ذلك أنها توصل إلى نتائج مختلفة تبعاً للرؤية والرؤيا والانفعال. لكن العلوم الإنسانية تبحث في الأسباب والنتائج وركائز تفكير الإنسان. ونحن ننظر إلى هذا الغوص في دقائق التفكير على أنه يحمل سمة علمية، على الرغم من السمة الانفعالية الواضحة فيه.
يُعنى هذا البحث بعلاقة العلم بالشعر، ويتخذ من لزوميات المعري أنموذجاً، انطلاقاً من فرضية ارتباط النشاط الإنساني بالأنشطة المختلفة، فيقترب العلم من الإنسانيات.
إننا ننظر إلى أن هنالك تضييقاً للمساحة بين طرفي الثنائية: العلم والشعر. فيمكن أن يشتمل النص الشعري على عرض للأفكار، وعلى معرفة. وإن تكن المعرفة أوسع من العلم(2). إن علمية الشعر، أو شعرية العلم موضوع ذو علاقة بالمعرفة التي تتوافر في العلوم الإنسانية والعلمية.
2 – مشكلة البحث وأسئلته ومنهجه
تتمثل مشكلة البحث في إمكان الجمع بين عالمين مختلفين، فيتعامل الفيزيائيون مع واقع كمومي لا يناسب الظواهر اليومية، ولا ترتبط الأشياء في العالم المادي بعالم الكم. إلا أن هنالك عالماً واحداً فقط، وله مظاهر وأبعاد ومستويات كثيرة. وإذ يتعامل الشاعر والفيزيائي مع مختلف مظاهر الواقع، يستكشف الفيزيائي مستويات المادة، ويستكشف الشاعر مستويات العقل، فيما تقع المستويات كلها وراء الإدراك الحسي، فيصل الشاعر والفيزيائي إلى مستويات غير عادية في الإدراك، كل على طريقته. ففي حين يعبّر الشاعر عن مستوى روحي عاطفي يعبّر الفيزيائي عن مستوى مادي، لكنّ ثمة انسجاماً عميقاً بين تلك المفاهيم، ومن هذه الفرضية سننطلق، فالعلوم كلها موضوع للنظر العقلي.
يثير البحث جملة أسئلة، من قبيل: كيف يمكن أن نعالج مسألة تداخل المسارات بين علم دقيق تعبر عنه لغة معقدة، من جهة، وشعر قائم على التأمل، من جهة أخرى؟ عن أي نوع من المعرفة نتحدث؟ ما الذي يمكن اختياره من المعادلات العلمية والنظريات التي يمكن أن تتداخل مع التأملات الشعرية؟ ما حدود المعرفة العلمية في الشعر؟ ما القيود التي تقف في وجه العلم شعرياً؟ ما حدود المعرفة الإنسانية في الشعر؟ كيف تتجلى الحقيقة العلمية شعرياً؟ ما العلاقة بين الحقيقة العلمية والحقيقة الشعرية؟
تقوم «اللزوميات» التي تمثل تطوراً فكرياً وأسلوبياً في الأدب العربي على تداخل المسارات بين خطين فكريين متوازيين، ولكل خط جذوره وميدانه. فهل تحقق ما يمكن تسميته «فيزياء الشعر» في «اللزوميات»؟
لقد خاطب المعري العقل العربي في مرحلة اتجهت إلى تشويه الوجود الإنساني والوجود الروحي، فعمل على تصحيح المسار بالتفكير العلمي. إذ تمثل «اللزوميات» دعوة لاستخدام الفيزياء الأدبية بدلاً من الفيزياء العلمية، تمثل الاهتمام بتكوين النفس البشرية التي تعدّ جزءاً من الكون، ولا تتمتع بالاستقلال. فالجزيء في الطبيعة مرتبط بالكل، ولا شيء في الطبيعة مستقل. وتقوم المعرفة على التبادل، فيجري التبادل بين الشعر والفيزياء. وهذه الفكرة ناجمة عن طبيعة الأشياء الكونية، وليست دخيلة عليها، لأن العلاقة الكونية علاقة كلية، والإنسان جزيء بسيط في الطبيعة، تسري عليه قوانينها العلمية.
إن الجزيئات المتضادة تكون محصلتها صفراً، وهي مرتبطة أشد الارتباط، وكان المعري في حال تضاد مع مجتمعه، لكنّ نقده له يعني أنه مرتبط به ارتباطاً شديداً، ساعيا إلى تعديل مساره؛ لذا كانت «اللزوميات» موضع عنايتنا.
وقد تمكنّا من رصد جملة من التماثلات بين آراء الفيزيائيين وآراء المعري في «اللزوميات». ولا تظهر هذه التماثلات بين المعري والعلم في الفيزياء فقط، بل تظهر في الكيمياء والرياضيات والعلوم الطبيعية أيضاً.
إن الهدف الأساس يتمثل في تأكيد وجود فيزياء شعرية في لزومياته واضعين نصب أعيننا سؤالاً: هل ضحّى الأدب بأساليبه وجمالياته على حساب الجانب العلمي؟
يحسن ألا ننسى أن جمال الأسلوب لن يكتمل من غير الارتباط بالموضوع المعبَّر عنه. وقد وقع الاختيار على «اللزوميات» لأنها تشكل وحدة فلسفية تمثّل نظرية معرفة، وتنطوي على حرية الفكر، وسعة المعارف، وتعدّ ميداناً خصباً لتأكيد وحدة المعرفة. فقد بنيت على قواعد علمية بصياغة شعرية.
سنتبع المنهج الثقافي، في بحثنا هذا، نظراً لأن النقد الثقافي -كما يرى الغذّامي(3)- لا يؤطر فعله تحت إطار التصنيف المؤسساتي للنص الجمالي، بل ينفتح على مجال عريض من الاهتمامات، على ما هو غير محسوب في حساب المؤسسة، وعلى ما هو غير جمالي، في عرف المؤسسة، سواء أكان خطاباً أم ظاهرة». وهذا ما يتيح لنا المجال في أن نستعين بمنهج مستعار من العلوم الفيزيائية، يقوم على التحليل والتركيب والاستقراء والاستنتاج، ويحدد طبيعة المعرفة العلمية.
3 – علاقة العلم بالشعر
3-1- ركائز العلم والشعر وتداخل المسارات
ليس التقاء العلم الشعرَ جديداً(4)؛ لذا نفترض وجود ترافق في البحث في الإنسانيات مع البحث في الطبيعيات لكيلا تبدو المعرفة هرماً مقلوباً. فالمعرفة تماثلٌ بين نظامي الكون والعقل. وثمة توافق بين نظام الكون والعقل، وما العلوم المختلفة إلا فروع لمصدر واحد هو المعرفة.
إن العلم إذ يقوم على الشك في كل شيء، يقوم الشعر على المعنى، وقد يتسلل إليه الشك بقوة، فليس هنالك ثبات في الشعر. ذلك أن كل شيء في الحياة قابل للتغيير. وتؤكد القاعدة العلمية أن الحركة المنبثقة من السكون هي الأصل في الكون(5).
ليس من مهمات الشاعر أن يقرر قضايا حقيقية علمياً. ورغم أن الشاعر يعبّر تعبيراً عاطفياً، فإنه يبدو وكأنه يقرر قضايا مهمة. على أن ما يكون صادقاً من الوجهة الشعرية قد لا يكون صادقاً من الوجهة العلمية. فهناك فروق كبيرة بين التقريرات العلمية والتعبير العاطفي. (6)
يمكن أن نتحدث عن حقيقة علمية، وحقيقة شعرية رمزية مجازية، ونقول: إن الشاعر يصل إلى الحقيقة الشعرية بالحدْس، لا بالتفكير العلمي، وقد يصل الشاعر إلى هذه الحقيقة بالعقل عن طريق الاستدلال. فكل من الطرفين، العلم والشعر، صورة عن الآخر، رغم أن الأوصاف الشعرية أدق من الأوصاف النثرية، وأقدر على بيان الفروق بين الأشياء. ذك أن اللغة إذا استُعمِلت استعمالاً علمياً منطقياً قد تعجز عن أن تصف حالة إنسانية ما(7).
إن الخيال والذاكرة لا ينفصلان عن العقل، إذ يحتاج العقل إلى الخيال، ولا يمكن أن يستغني عن تصورات عالم الخيال، ما يعني أن العقل والخيال متلازمان في فكر الإنسان.
يتبصر الشاعر ببصيرته في الكون بعقل يتلهف لكشف سرّ هذا الكون، بينما يسعى العلمُ، بوصفه فرعاً من فروع المعرفة، إلى تفسير الكون. إن العلم مغامرة عقلية للخيال نصيب فيها، بينما يجعل الشاعر عقله مركز هذا العالم. فقد عاش المعري في عالمه الخاص، فيما تتحدد معالم هذا العالم تبعاً لمستوى فكر الشاعر وذكائه. قد يكون هذا العالم ذاتياً، إلا أنه عالم متماثل مع العالم الموضوعي. لئن كانت شعريةُ العلم وليدة الحدس والاستبصار، فإن المعرفة الحدسية لا تقل عن المعرفة الحسية المباشرة. على أن شعرية العلم في الشعر تنجم عن مصدرين: محاولة فهم الكون المحيط بالشاعر لمعرفته معرفة كافية، والاهتداء إلى وسيلة للتعامل معه(8).
يحتاج العلم إلى الخيال المبدع كحاجته إلى الصرامة العلمية، والنص سواء أكان أدبياً أم غير أدبي يشتمل على بنية متكاملة من العلاقات والدلالات، ووحدات داخلية تختلف عن وحدات اللغة المفردة(9)
ومع إدراكنا أن الشعر يرتكز على أساس متواضع من العلم لا يصلح قاعدة للبناء العلمي، لكننا نرى أن العلم بالطبيعيات ضروري لفهم الأدب فهماً صحيحاً، فالقضية الصحيحة لا تكون صحيحة حتى تتفق مع نظام الكون كله، والإنسانيات جزء من هذا الكون. ويقوم العقل بتركيز قوانين الكون في صورة مصغرة، وهو ما نراه متحققاً في الشعر حين أوجد الشاعر كوناً مصغراً، فتقوم آلية عمل الدماغ على جمع قوانين الكون في صورة مصغرة(10).
يرتبط العلم بالمعرفة، وباليقين، وهو إدراك الكلي أو المركب، والاعتقاد الجازم المماثل للواقع(11) والعلم تجريبي استقرائي يضع نظاماً عاماً يفسر مشكلات الواقع، ويضع حلولاً لها، لكنّ المعرفة أخص من العلم؛ لأنها علم بعين الشيء مفصلاً عما سواه، ويكون العلم مجملاً ومفصلاً، فكل معرفة علم، وليس كل علم معرفة(12)
ويبدأ العالم بحثه من حيث انتهى الآخرون، ويلتقي العلماء عند قوانين العلم، ولا يتفق الشعراء في الشعر، لكننا لمسنا اتفاقاً بين قوانين العلم والشعر(13)
فالعلم فعالية نقدية تحليلية، يخضع العالم خياله لرقابة الفكر، لكنّ الشاعر خادم للحاجات الإنسانية، وليس خادماً لذاته؛ لذا تحكم القوانين الفيزيائية الإبداع الشعري. والفلسفة أم العلوم جميعها(14) والعلوم الإنسانية نشاط عقلي يتميز بالدقة، ويستند إلى ثقافة، فالشعر يتنبأ، ويفسر، ويصف الظواهر، وهذا أساس في البحث العلمي، ويثبت الشاعر فرضيته شعرياً كما يسعى العالم إلى البرهنة(15)
إن ثمة وعياً عقلياً ووعياً حدسياً، وثمة تكامل بين الوعيين، وتنشأ المعرفة العقلية من التجربة التي تنتمي إلى مملكة العقل، فيقوم الذهن بتحليل المتضادات الناشئة عن العلاقة بالآخرين(16)
3-2 ثنائية العلم والأدب ومبدأ التكامل
إذا كان العلم والأدب متضادين فإن المتضادات تتكامل، فإذا وجد طرف من طرفي ثنائية العلم والأدب الضدية فإن الطرف الآخر موجود حتماً. (17)
إن الجوهر في العلم والأدب واحد وإن اختلف الشكل والأدوات، فالأساس في الحالين الملاحظة والتحليل.
إن أي اختراع علمي سبقه خيال، فالخيال في العلم هو الفرضية، لكن النظرية العلمية تسقط إن لم تتحقق خلاف الأدب.
ويتفوق الأدب على العلم في الخيال، لكن العلم توصل إلى ما هو أبعد من الخيال، فما توصلت إليه التكنولوجيا المعاصرة يفوق ما تخيله جورج أورويل في روايته 1984.
ويستعير الفيزيائيون لغة الشعر(18) ويقوم الأدب على المشاعر، وليست المشاعر في حقيقة أمرها سوى مجموعة من العمليات الكيميائية. ويعالج العلم القلق الإنساني، ويسائل الأدب هذا القلق. إن ثمة وحدة بين طرفي هذه الثنائية الضدية، وإذ يقال إن الأدب لصيق بالروح، والعلم لصيق بالمادة نجد أن كلتا المقاربتين العلمية والأدبية محاولة لفهم العالم وتفسيره، وهي محاولة غير ثابتة، إنها ذات طبيعة متحركة ومتغيرة، فيكتشف عالِم ما أمراً، ويأتي آخر بعده ليضيف إلى اكتشافه. أما المعري فقد ظل متفرداً، فلا يوجد سوى معري واحد.
إن العلم منبع الدهشة، وكذلك الشعر. فكيف تجلت فيزياء الشعر في لزوميات المعري؟ وما علاقة ذلك بسؤال التجريب في شعره؟
4 – «اللزوميات» وسؤال التجريب
4-1- التجريب والتجربة
درجت الدراسات النقدية على استعمال مصطلح التجريب بوصفه مشروع رؤية نقدية تتجه إلى المغامرة، ورفض الثوابت. لكن هذا المصطلح يحيل على رؤى متنوعة، واشتراطات تعيّن علاقته بالجنس الأدبي. فالتجريب سمة جوهرية في الحياة، وفي الفن والنقد، قد يغرق في الغموض والالتباس وتمييع الفواصل. إنه مسافة فاصلة بين من يبدع من داخل الثابت، ومن يشيّد عالمه الفني من خارجه «المتحوّل»، مسافة بين من يجد حرية في قيد المحاكاة والاستعادة، ومن يحلّق خارج السرب، فقد كان عظماء التجريب من مخترقي الثوابت، ولعلّ أبا نواس رائد التجريب في الأدب العربي القديم حين عاب سؤال الطلل، وقد سبقته محاولات متعددة، لكنه تجريب محدود بعمود الشعر.
ويبدو رائد التجريب قلقاً، وكأن الريح تحته إزاء سؤال الوجود، لكنه مؤمن أن قيم الجمال والحق واحدة، والوسائط المؤدّية لها تتعدد بتعدد الزمن، والفضاء، والذات. ولا يعني ذلك أن التجريبي يؤكّد ادعاءه أن اجتهاده التجريبي هو السبيل إلى هذه القيم؛ لأن من أبسط مفهومات التجريب أنه ضدّ النمذجة، وتقويض لها، وتمرد على النمطية، وتأكيد فضيلة البحث عن الحقيقة، لا الزعم بامتلاكها.
إن سؤال التجريب سؤال طموح، يجعل للتجريب بصمة خاصة تحيل على مبدع معيّن، أو جملة مبدعين، وليست نمطية.
ويختلف التجريب عن التجربة التي تتخذ طابعاً خاصاً، لا يمدّ بالمعرفة في حين يعدّ التجريب فعلاً دقيقاً ومحدداً وجزءاً من منظومة ما.
وقد وُلد الشعر حقلاً للتجريب، وبفضله حافظ الشعر على استمراره على الرغم من مواكبة أنواع نثرية له.
التجريب عملية متواصلة، بدهية في الشعر، يوضّح موقف المجرّب من التقاليد الراسخة، ولا يغير التجريب في الشعر جوهره. وإذا تحدثنا عن التجريب فإن ذلك يعني حكماً أن لدينا شكلاً فنياً سابقاً يعدّ أرضية ننطلق منها في العملية التجريبية. فكيف تجلى التجريب في «اللزوميات»؟
4-2- «اللزوميات» ونقد العقل العربي
«اللزوميات» ديوان المعري(19) الذي نظمه بعد عزلته، وقدّم له بمهاد نظري يضع «اللزوميات» في إطارها الصحيح. لقد أراد السير في طريق بكر لم يسبقه إليه شاعر، فوضع لنفسه خطة محكمة وسار عليها بوعي وإصرار. وتعدّ مقدّمته في «اللزوميات» كتاباً في القوافي، بسط فيها معلوماته بسطاً متميزاً، وبنى لزومياته على حروف المعجم في حركة تجريبية لم يسبق إليها، فالتزم ثلاث لوازم، ومنهجاً ثابتاً، فرتب لزومياته على ترتيب البحور العروضية من حيث أوزانها وتشكيلاتها الموسيقية، ونوّع في الأنغام الموسيقية في إطار الوزن الواحد.
ورتب حروف القوافي على حروف المعجم(20) فجعل كل حرف روياً، وجعل المرفوع قبل المنصوب ثم المكسور، وبعده المقيّد، والتزم قبل الروي حرفاً أو أكثر من حروف الهجاء، فصار القيد ثلاثة قيود: الوزن والقافية والحرف الذي قيّد نفسه به قبل الروي.
لقد تجاوز الشكل التقليدي للقصيدة، فعرض الفكرة التي أراد معالجتها على أنها فَرَض يتبعه برهان، وشعر أن المقطوعات ذات الموضوع الواحد تساعده في بسط آرائه، فمال إليها.
وجمعت «اللزوميات» الشعر والفلسفة، وهي مختلفة عن الشعر العربي، دعا فيها إلى مراجعة العقل العربي، وخرج من دائرة الذاتية إلى دائرة الكونية والإنسانية، فخرج بالشعر إلى العالمية بعيداً عن الفردية، ونقدَ أسس الثقافة العربية.
وقد اختط لنفسه منهجه في عرض موضوعات شعره، فلم يلحقه فيه أحد، وارتبط شعره بالواقع، ولم يحد عنه خلاف الشعر المحلّق بالخيال، ولم ينتمِ إلى أي اتجاه ، وكان انتماؤه للإنسانية، وجاء شعره لتعزيز القيم الإنسانية، وحوّله من خطاب وجداني إلى خطاب عقل، فوجد أن العقل العربي ذو بنية مزدوجة، فهو يمثل اللغة التي تحمل الفكر، وله صفة تقديسية؛ لارتباطه بالنص المقدّس، وبات من الضروري لدى المعري الكشف عن البنية الأساسية للعقل، وهو العنصر الفاعل في إنتاج المعرفة، والعقل لدى المعري مكوّن من جملة مبادئ تمثل الثقافة العربية، لكن العقل فاعل، يمكن أن ينشئ قواعد جديدة تحل محل القديمة(21)
الثقافة تشكّل العقل، والعقل يطوّر الثقافة، ونقد العقل العربي يكون بتحريك الثوابت فيه، وتطويرها وإغنائها بإشراقات جديدة استقاها من تفكير علمي، فليس العقل جامداً. إنه القدرة على التغيير، فجدد المعري أسس العقل بالشك، وتسليط الضوء على السلبيات، وتقوم شعرية العلم عنده على نقد العقل العربي الذي يفكّر بطريقة انفعالية، فأصبح الشعر لديه وسيلة للفكر والتأمل، فجمال الشعر لديه هو جمال الصدق، وقد أشار إلى ذلك في المقدمة بقوله: «كان من سوالف الأقضية أني أنشأت أبنية أوراق توخيت فيها صدق الكلمة ونزهتها عن الكذب والمحيط. . إني رفضت الشعر رفض السقب غرسَه، والرألِ مشيمتَه»(22)
لقد رفض الشعر رفض ولد الناقة مشيمته، وفرخ النعام قشر البيضة، والخروج من البيضة ولادة جديدة، فترك الشعر الوجداني، وترك الشعراء في أوديتهم يهيمون(23). فكيف تجلّت فيزياء الشعر في لزومياته؟
5 – فيزياء الشعر في «اللزوميات»
5-1- ثنائية الحركة والسكون وقوانين نيوتن Newton›s في الحركة
قدّم المعري نظرياته في الحياة، وهي نظريات يحكمها التضاد بحكم الأحوال التي عاناها، فأفكاره قابلة للتغيير، ولا ثبات في الحياة، فتارة ينظر إلى العقل على أنه المرشد الحقيقي والوحيد لأصول المعرفة، ويمجّده، ويصل به إلى مرتبة عليا
أيها الغرُّ إن خُصِصتَ بعقلٍ
فاسألنْهُ فكلُّ عقلٍ نبي(24)
فشاور العقلَ واترك غيرَه هدَراً
فالعقلُ خيرُ مشيرٍ ضمّه النادي(25)
وتارة يساوي بين العالِم والجاهل حين يجد أن أفق الإصلاح مصطدم بعقبات
فاحذر، ولا تدع الأمورَ مُضاعةً
وانظر بقلبِ مفكِّرٍ متبصِّرِ(26)
فالحركة هي الأصل، والموت في نظره موت يعقبه راحة:
وموتُ المرءِ نومٌ طالَ جداً
عليه وكلُّ عيشتِه سهادُ(27)
وحسب قوانين نيوتن الثلاثة في الحركة:
-يبقى الجسم الساكن ساكناً ما لم تؤثر فيه قوة ما. ويستمر الجسم المتحرك بسرعة منظمة في خط مستقيم على حركته ما لم تؤثر فيه قوة خارجية. فيقاوم الجسم الساكن أي تغيير في حال سكونه، ويقاوم الجسم المتحرك حركةً منظمة في خط مستقيم أي تغيير في حال حركته.
-ويتناسب مع معدل التغيير في كمية حركة جسم ما مع القوة المؤثرة فيه، ويكون هذا التأثير دوماً في اتجاه القوة المؤثرة.
-ولكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، ويؤكد هذا القانون عدم وجود قوة مفردة، فلا بد من وجود رد فعل لكل فعل28
يؤكد المعري أن لكل فعل ردّ فعل، فقد عانى واقعاً سياسياً واجتماعياً رديئاً، ورأى أن ثمة عدوى فكر تسري في مجتمعه، فقال:
بعدي من الناسِ برءٌ من سَقامهم
وقربُهم للحجى والدينِ أدواءُ(29)
فقد كان لديه ردّ فعل مساو في الشدة، ومخالف في الاتجاه، فبمقدار السوء في مجتمعه كان ردّ فعله العزلة، وحين رأى الجهل متفشياً في مجتمعه شكّ في كل ما رآه الناس حقائق، ومبادئ للنظر والفكر:
غدوتَ مريضَ العقلِ والدينِ فالقَني
لتسمعَ أنباءَ الأمورِ الصحائحِ(30)
فلا يثق المعري بالفكر السابق، ولا يثق إلا بعقله المضاد لعقول الآخرين. إن الحركة «عقل أبي العلاء» تصطدم بالسكون «المجتمع» فيؤدي ذلك إلى حصول رد فعل «رفض»
لا تغبط القومَ في ضلالتهم
وإن رُؤوا في النعيم قد سبحُوا(31)
لقد تشكلت ذاته على أساس هذا الرفض، فحدث انفصال بين الطرفين: المعري، والمجتمع، وكانت النتيجة معارضة مجتمعه له، فالقوة الصاعدة -حسب قوانين نيوتن- تتعرض لقوة ضاغطة مضادة تؤثر فيها بالطريقة المعاكسة.
وترى الفيزياء أننا إذا أطلقنا جسيماً إلى الأعلى في اتجاه رأسي مثل قنبلة مدفع فإن الجاذبية ستؤدي إلى إبطاء تصاعده، ولا يلبث الجسيم في النهاية أن يتوقف عن التحرك للأعلى ثم يسقط، وإذا كانت السرعة الابتدائية إلى أعلى أكبر من قيمة حرجة تسمى سرعة الإفلات فإن الجاذبية لن تكون قط بما يكفي لإيقاف الجسيم، وسوف يفلت بعيداً(32)
إن ثمة طاقة إفلات جعلت المعري يفلت من الضغط المضاد من قبل مجتمعه، فتحرك عقله وسط سكون مجتمعه. لقد وجد أن مجتمعه يسير مثل القطيع من غير هداية، ويرى نفسه المبصر الوحيد:
تواصلَ حبلُ النّسلِ ما بين آدم
وبيني ولم يوصَل بلامي باء(33)
تثاءبَ عمروٌ إذ تثاءب خالدٌ
بعدوى فما أعدتنيَ الثؤباءُ
يا أمةً في التراب هامدةً
تجاوزَ اللهُ عن سرائركم(34)
لقد أهدى له والده الحياة، لكنها هدية لم تعجبه، ولا يمكن له ردّها:
ألم ترَ أنني حيٌّ كمَيْتٍ
أداري الوقتَ أو ميْتٌ كحيّ؟(35)
إنه في منزلة بين الحياة والموت، وقد تردد لديه ردّ الفعل المساوي الفعلَ في الشدة، والمخالف له في الاتجاه. فالإنجاب هو الخطيئة الأصلية، وهو يشعر أنه حيّ كميت ردّ فعل على عاهته وألمه، ويرى أن الفساد موجود في العالم؛ لذا سيعمل على قطعه. إن «نحن» لدى المعري تعني أنا وأنت، فلا يكون هنالك نحن إلا حينما يوجد تلاحم. فـ «نحن» ليست جمعاً لـ «أنا».
لقد وعى الحياة الاجتماعية والتاريخية، وامتلك الوعي بالذات الفاعلة، ويعني ذلك أن ثمة علماً صحيحاً، ووعياً صحيحاً، ودقة فكرية، وجهداً لتحقيق التلاؤم مع الواقع في لزومياته، وهو ما يبنى العلم عليه. لقد قيّده جسده، لكن عقله كان حراً طليقاً، أراد لمجتمعه أن يتحرر من عاداته المتحجرة وعقوله العفنة، فجسده معذب، وروحه أبية، فواجه المجتمع الفاسد للسمو إلى حياة كريمة، فلم ينكفئ على ذاته، بل انفتح على المجتمع روحاً، وانغلق جسداً، فلكل فعل رد فعل، وقد حمد الله على العمى كما حمده غيره على البصر
خيرٌ -لعمري- وأهدى من إمامِهم
عكازُ أعمى هدتْه إذ غدا السبلا(36)
أنا أعمى، فكيف أهدي إلى المنـ
ـهج؛ والناسُ كلُّهم عميانُ؟(37)
قاوم المعري العاهة، فتحولت الطاقة الكامنة في داخله إلى طاقة حركية، وحسب قوانين الفيزياء تتحول الطاقة من شكل إلى آخر، فقد رفعت الإعاقة الطاقة الكامنة، وتحولت إلى طاقة حركية بسرعة عالية(38) لقد كان لفعل الإعاقة ردّ فعل «الإبصار الداخلي، فولّد العمى الظاهري رد فعل هو الإبصار الداخلي.
أريدُ عَليّات المراتبِ ضلةً
وخرطُ قتادِ الليلِ دون عُليَّان(39)
إنه مبدأ التعويض، فقلق العمى والعجز عقبة أمام الطموح الجارف للعلم، لكنه عوّض بتحويل طاقته الداخلية إلى طاقة إبداعية حركية.
لقد زاده الاغتراب السياسي نفوراً واشمئزازاً، فأنى تلفّت وجد القهر والاستغلال والظلم:
طالَ الثّواء وقد أنَى لمفاصلي
أن تستبدَّ بضمّها صحراؤها(40)
فالحركة -حسب نيوتن- تبقى مستمرة في خط مستقيم إلى أن يقف في وجهها ما يوقفها، فيحدث السكون، والموت لديه سكون يعقبه راحة، فقد دعا إلى ترك السكون والثبات، وفي ذلك دعوة للتجديد الفكري:
لقد صدئت أفهامُ قومٍ فهل لها
صقالٌ؟ ويحتاج الحسامُ إلى الصقلِ(41)
الشعر عنده وسيلة تأمل وتبصر، خرج بشعره من الذاتية إلى الموضوعية، وفي ذلك سمة علمية، فصدأ الأفهام هو النسق الجمعي الذي يمثله الطرف الآخر المضاد للأنا، لقد أدرك الجمود الذي أصاب العقل العربي حتى غدا سيفاً علاه الصدأ، فحرك الثوابت بأسلوب ساخر يسلط الضوء على السكون بحركة مضادة، وسخريته تعبير عن صراع ومواجهة وثورة على السائد42
تأتي سخريته حركة مضادة -حسب نيوتن- لإثبات نور الكلمة وسط الظلام، فسعى إلى إعادة بناء المنظومة القيمية في المجتمع العباسي المنغمس في الماديات، فتحرك حركة مضادة للآخر:
يقولون: هلا تشهدُ الجُمُعَ التي
رجونا بها عفواً من الله، أو قُربا
وهل ليَ خيرٌ في الحضور، وإنما
أزاحمُ من أخيارهم إبلاً جُرْبا(43)
وفي ذلك رفض لنمط التفكير السائد، وتنبيه على مواطن الخلل، فالإبل مرتبطة بالجرب، ويجعل هذا التهكم المتلقي في موضع مساءلة، فهو يعلم أن أخيار القوم إبل جرب مما يدفع إلى تعديل السلوك.
لقد غدت فلسفته الشعرية فيزياء شعرية، فقد تأمل في العقل، ودرسه كما ظهر في الوعي، فغدا شعره علماً دقيقاً، فكل موضوع ممكن لـ «الأنا» المفكّر، وأي موضوع يمكن أن يكون موضوعاً للنظر العقلي، خاضعاً لقوانين الفيزياء44
فالفيزياء والشعر موضوعان للنظر العقلي، ويعدّ المعري كل فكرة قابلة للشك إلى أن تصبح حقيقة من الحقائق، فالتجربة أساس المعرفة، ولأن العقل حظي باهتمامه نجد أن ثمة روابط تربط بين عقله وأدبه؛ أي بين العلم والشعر، فقد بنى الأحكام على أساس منطقي علميّ.
5-2 -ا لحركة في «اللزوميات» ونظرية الأوتار الفائقة
أثيرت نظرية الأوتار الفائقة بوصفها حلاً لتوحيد قوى الطبيعة النووية والكهرومغناطيسية مع قوى الجاذبية؛ أي توحيد العالم الميكروسكوبي والعالم الضخم «الذرات والمجرات» وتقوم هذه النظرية على كم هائل من التناظرات(45) فتتكوّن نواة الذرة من مادة أصغر، والمادة المكوّنة لها أوتار ذات بعد واحد، وهي في حالة اهتزاز دائم تبعاً لطاقتها الكامنة، وهذه الاهتزازات تحدد طبيعة المادة، فالكون سيمفونية تعزفها هذه الأوتار الفائقة، كل نغمة مختلفة تعني مادة أو سلوكاً مختلفين، وتعزف هذه الأوتار بهارمونية في غاية الدقة والانتظام.
فالكون كله يتحرك في انتظام، وهي حركة ذات إيقاع مضبوط، ويرى المعري أن الجزء الصغير من الكون يشتمل على عامة الموجودات، وهو مضبوط بانتظام:
إذا قيلَ غالَ الدهرُ شيئاً فإنما
يرادُ إلهُ الدهرِ والدهرُ خادمُ
ومولدُ هذي الشمسِ أعياك حدّه
وخبَّر لبٌّ أنه متقادمُ
وأيسرُ كونٍ تحته كلُّ عالمٍ
ولا تدركُ الأكوانَ جردٌ صلادمُ(46)
يرى المعري أن الكون في حركة تطورية مستمرة، ولو توقفت قوانين الحركة المنتظمة الإيقاعية لأصبح الكون جماداً، فيتحرك الكون حركة مستمرة منتظمة بدءاً بأبسط ما فيه «الذرات»/ أفراد المجتمع إلى أكبر ما فيه «النجوم والمجرات» فثمة كون كبير منتظم «مولد هذي الشمس . . . . لا تدرك الأكوان» وثمة كون صغير «وأيسر كون» ويعني حديثه عن أيسر كون حديثاً عن الوحدات الأساسية للكون، إنه يؤكد أن ظواهر الكون تجليات لوحدة أساسية، فالأشياء تبدو كأنها تجليات مختلفة لواقع مطلق، لا يمكن فصلها عن مجموع الكون، فثمة كلٌّ شامل للوحدات الجزئية.
وتعدّ الوحدات الأساسية للكون أهم اكتشاف في الفيزياء الحديثة، تبدو واضحة على المستوى الذري وصولاً إلى جسيمات ما دون الذرة(47) فثمة وحدة بين عناصر متسقة منتظمة في الكون، ولا يمكن فهم الكون إلا من أجزاء متكاملة، وتؤكد الفيزياء أن المجرات كلها في حال حركة راقصة منضبطة، فتتحرك النجوم حول مركز المجرة، وتتحرك المجرة حول مركز الكون المجهول، لكن توزيع المجرات في الكون منتظم.
وتحيلنا ثنائية الحركة والسكون على وفق قوانين نيوتن في الحركة إلى الحديث عن ثنائية العدم والفراغ وارتباطها بقانون لافوازيه وحفظ الطاقة.
6 – العدم والفراغ وقانون لافوازيه Lafwazeigh›s في حفظ الطاقة
كان المعري تشاؤمياً بسبب فقد بصره؛ لإصابته بالجدري في الرابعة من عمره مما اضطره لقطع دراسته في مكتبات طرابلس الشام الكبرى بعد وفاة والده فجأة، وترْك دراسته في بغداد بعد سماع خبر مرض أمه ووفاتها، والاضطراب السياسي بين الحمدانيين والفاطميين والحروب مع البيزنطيين، فغدا الألم من وجهة نظره مستديماً:
في العُدْم كنا وحكم الله أوجدنا
ثم اتفقنا على ثان من العدم(48)
نمرُّ سراعاً بين عُدمَين ما لنا
لباثٌ كأنّا عابرون على جسرِ(49)
يتحدث المعري عن العدم على أنه شيء يتوالد منه شيء آخر، فليس العدم فراغاً، أو لا شيء، فلا يفنى العدم، بل يتحول من شكل إلى آخر، وترتد هذه الفكرة إلى ما يعرف بقانون حفظ الطاقة؛ إذ يقول قانون لافوازيه: يظل مجموع الطاقات ثابتاً حتى لو تحول أي نوع منها إلى نوع آخر(50) فالطاقة لا تفنى، ولكنها تتحول من شكل إلى آخر، والعدم لدى المعري يتحول من شكل إلى آخر. العدم في الفيزياء الحديثة هو الفراغ الحي الذي يولّد الأشكال كلها في العالم الظاهري، فالعدم فراغ لا حدّ لطاقته الإبداعية(51) فحقل الكمّ في الفيزياء ما دون الذرية يولّد أنواعاً لا تُحدّ من الأشكال التي تظهر ثم تتلاشى. فهذا العدم دينامي، تأتي منه الأشكال لتتلاشى في رقص لا ينقطع لحركة الطاقة. إنه عالم الولادة المستمرة والموت الدائم، فالجسيم المادي طاقة مكثفة تتركز في فراغ ما، تولد من العدم، فلا يوجد شيء هو جوهر قائم في ذاته، والعدم هو العناصر الخارجة منه، وهذه العناصر هي العدم، وهذا ما يؤكده المعري، فقد أتينا من عدم يمثّل فراغاً حياً، ونذهب إلى عدم، وهو إذ يؤكد أن العدم ليس نفياً للوجود يلتقي علماءَ الفيزياء الذين يرون أن العدم ليس فراغاً، بل خلاف ذلك(52)
إن العدم يشتمل على عدد لا حدّ له من الجسيمات تخلق وتتلاشى من دون نهاية. فالفراغ/ العدم يشتمل على إمكان لأشكال عالم الجسيمات كله، وليس عالم الجسيمات وحدات مستقلة، بل هو تجليات للفراغ الأساسي/ العدم، فالشكل فراغ، والفراغ شكل، ويعدّ اكتشاف الصفة الدينامية للفراغ أحد أعظم اكتشافات الفيزياء الحديثة(53)
في النظرة الفيزيائية الحديثة لا مكان للأشكال الساكنة، والعناصر الأساسية في الكون نماذج دينامية ومراحل عابرة في التدفق الأبدي نحو التحول والتغيير، وهو ما يؤكده المعري.
6-1- العدم والثقب الأسود
من العدم تنشأ الحياة الجديدة لدى المعري، وهو ما يرتبط بنظرية الثقب الأسود الفيزيائية، فيستمر النجم في الانكماش حتى يصبح ثقباً أسود؛ أي منطقة من الزمكان يبلغ من انحنائها على نفسها أن الضوء لا يمكن له الفرار منها54 فيقوم الثقب الأسود بشدّ يجذب الأجسام المجاورة، ولا يوجد زمان داخله، وتكون الجاذبية فيه بالغة القوة، فلا يمكن لأي شيء أن يفلت منه، حتى الضوء. إنه منطقة من الزمكان(55) أي عدم. فالعدم طاقة كبرى ينجم عنه حياة. ففي الكون طاقة مادة، وطاقة فراغ، ويمثل الثقب الأسود العدم، ويؤدي انفجاره إلى خلق عالم كوني يعبر عن وجود في عالم لا متناه. فقد كان المعري في العدم، واتفق على عدم آخر، فيتوالد العدم لديه، ويؤكد علماء الفيزياء أن كل ثقب أسود ربما يحتوي على كون في داخله.
يعني العدم ولادة حياة لدى المعري، ويعني الثقب الأسود ولادة من العدم. ويحيل العدم الذي يقابله الثقب الأسود إلى ثنائية المادة المظلمة والمادة المضيئة، وثنائية الطاقة والفراغ.
6-3- العدم وثنائية الطاقة والفراغ
لا تفنى الطاقة، فحين تدخل الذرات والجسيمات في الثقب الأسود تنطلق في مسار جديد، والمواد التي احتضنها الثقب الأسود هي التي تزوده بحركته، فيولّد جسيمات مادية، ويبث إشعاعات حرارية:
وليس اعتقادي في خلود النجوم
ولا مذهبي قدم العالم(56)
إن حديث المعري عن قدم النجوم لا يعني أنها أزلية، فهي متحولة من شكل لآخر حسب قانون حفظ الطاقة؛ لذا لا نتفق مع ما جاء به د. طه حسين حين رأى أن حديث المعري عن أزلية النجوم حديث يخفي أمره على الناس، وإما أن يكون قد ذهب بالقدم الذي نفاه مذهب القدم الذاتي؛ إي إنها ليست قديمة خالدة في ذاتها وإن كانت قديمة الزمان(57)
إن ما رمى إليه المعري بفناء النجوم هو التحول، وتحلل العناصر إلى أشكال جديدة حسب قانون حفظ المادة، فلا شيء يفنى، والعدم فراغ حي.
وما عالمي إن عشتُ فيه بزائدٍ
ولا هو إن أُلقيتُ منه بناقص(58)
وفي هذا الكلام تلميح بثبات كمية المادة في العالم حسب الفيزياء، فكل شيء في الحياة يتحول، لكنه لا يفنى:
والأرضُ غذّتنا بألطافِها
ثمّ تغذّتنا، فهل أنصفت؟(59)
ويعني ذلك أن الكون لدى المعري في حال تغير، والنجوم ليست خالدة، وثابتة، لكنها ليست فانية، بل متغيرة، تتحلل عناصرها لتتخذ شكلاً جديداً، وتتركب هذه الكواكب من عناصر أربعة هي الماء والهواء والنار والتراب، وإليها ترتد الموجودات:
تُرَدُّ إلى الأصولِ وكلُّ حيّ
له في الأربعِ القدمِ انتسابُ(60)
جُمعت جسومٌ من غرائزَ أربعٍ
وتفرّقت من بعدُ مجتمعاتُها(61)
فجمعت العناصر الأربعة «الماء والنار والهواء والتراب» التي تتكون منها مظاهر الحياة، ومصيرها إلى التفرق؛ لتتخذ شكلاً جديداً، فالطاقة تتحول، وقانون بقاء المادة حين يكون تركيب الجزيء كيميائياً ثابتاً لا ينعدم بتغير حالته فيزيائياً، فلا ينعدم الماء بالتبخر حين يصبح غازاً، ولا بالتصلب حين يصبح مثلجاً، فالمكونات الأولية للكون لا تنعدم، وهذا قول لا غناء فيه(62)
والغيُّ في كل شيءٍ ليس يعدمُه
باغيه حتى من الأعناب تعتصَر(63)
إنها طاقة المادة المتحولة وغير الفانية، لكن طاقة المادة هذه تقابلها طاقة الفراغ، وتبدو هذه الطاقة فضاء خاوياً، لكن لطاقة الفراغ كتلة، ويعني ذلك أن لها تأثيراً جاذباً في تمدد الكون، وتعمل طاقة الفراغ بشكل مخالف لطاقة المادة64 فتؤدي طاقة المادة إلى إبطاء تمدد الكون، وتستطيع في النهاية أن توقفه وتعكسه، أما طاقة الفراغ فتؤدي إلى تسارع التمدد في التضخم:
فلك يدورُ على معاشرَ جمةٍ
وكأنه سجن عليهم مُطبَقُ(65)
إن الكائنات الحية جمة -حسب تعبير المعري- وهي في حال تمدد، لكن الطاقة الكونية- طاقة المادة تعمل على محاصرة هذا التمدد الحيوي، فيغدو الكون سجناً للطاقة البشرية.
وتحيلنا هذه الثنائية الضدية: طاقة المادة/ طاقة الفراغ إلى الحديث عن الديالكتيك ومبدأ التضاد لدى المعري.
7 – التفكير الثنائي لدى المعري ومبدأ الديالكتيك
قسمت الأشياء في الطبيعة إلى رطب/ يابس، حار/ بارد، خير/ شر، خطأ/ صواب، متحرك/ ساكن، فيتم التقسيم بين صفتين متقابلتين، لكن التفكير الثنائي يرتد في النهاية إلى وحدة، فتعني الحرارة والبرودة درجات الحرارة المختلفة للجسم.
ولا يكون الأمر الواحد خيراً وشراً في الوقت نفسه، لكن الخير قد يكون شرّاً في مجال آخر، والطرفان المتضادان -حسب نظرية الأبعاد الفيزيائية- يوصلان إلى التكامل، ويعني التكامل بعداً أعلى من البعد الثالث: بعد الثنائيات الضدية(66)، ويشتمل الضد على شيء من خصائص ضده.
وفي «اللزوميات» حرمان من أغراض الشعر المحببة إلى النفس وفنون القول غير الصادقة. وحسب مبدأ البعد الثالث؛ بعد الثنائيات الضدية حين يتوسع المعري في الحديث عن غرض ما يعني ذلك صمتاً عن غرض مضاد يجول في ذهنه، فيعادل الاستطراد الصمت، فهو يقول إنه لم يهج أحداً(67) لكنه هجا الناس كلهم في «اللزوميات» بمختلف أصنافهم، فالأضداد تتوازى، ويستتر الهجاء في الوعظ، ولولا ما يراه ذماً في مجتمعه لما كان للوعظ مسوّغ، وإذا كان الشاعر غير صادق في المدح فإنه حتماً غير صادق في الهجاء أيضاً.
يحمل الضد شيئاً من خصائص ضده، ويظهر ذلك بثنائية البوح والصمت:
ولديّ سرٌّ ليس يمكن ذكرُه
يخفى على البصراء وهو نهارُ(68)
يحمل الضد في البعد الثالث شيئاً من خصائص ضده، فقد دفعه العمى إلى التميز، ويعني الإبداع لديه الإمساك عن الإبداع والكتابة، فهو يخفي جانباً من حكمته ومعرفته، فالكلام الذي يمكن له أن يقوله كلام خطير قد يؤدي إلى الموت:
واصمت فإن كلامَ المرءِ يهلكه
وإن نطقتَ فإفصاحٌ وإيجازُ(69)
إنه يعلم أن الصمت غير ممكن؛ لذا ينصح بالإيجاز، لكن سرعان ما تتدخل القاعدة الفيزيائية، فالكلام حركة، والصمت سكون ينطوي على حركة داخلية، فتتغلب الحركة على السكون، وينطوي الكلام على صمت أقوى من الصمت المنطوي على كلام:
فما لي لا أقولُ ولي لسانٌ
وقد نطق الزمانُ بلا لسانِ(70)
من يعرف لا يتكلم، ومن يتكلم لا يعرف، وهو يدرك أنه جزء من منظومة هذا المجتمع، وخصائص أي جزء من منظومة هذا المجتمع -حسب نظرية التعضيد الذاتي الفيزيائية71- تقررها خصائص الأجزاء الأخرى، فكل جسيم يتضمن الجسيمات الأخرى فيزيائياً، والكون كله كلاّنية متواشجة. لقد شعر بأنه جزء من هذه المنظومة، ولأنها كلها تسير على وتيرة خاطئة فضّل الصمت، فالتقى فكرة التعضيد الذاتي الفيزيائية.
إن ثمة صراعاً داخلياً بين ما يعرفه وما يقوله، فكأن لسانه كائن مستقل عنده، يحاول ترويضه، والإيجاز كلام إيحائي، والإيحاء بالخطاب الغائب استحضار له، فهمّه في «اللزوميات» إخفاء علمه، وإيجازه في آن. وجعل هذا الإيجاز قسماً كبيراً من الناس يسيء فهمه، فالمعرفة الكبيرة لديه تصطدم بجهل مجتمعه. إنه يتحفظ في كل خطاب، فتتساوى الخطابات في أشكالها وأنواعها، فقصد تحريك الثابت، وجعل الناس يختلفون في أقواله(72)
وإذا كانت الأضداد تحمل شيئاً من خصائص الطرف المضاد فإن المعري قد أبصر من قمة ظلامه:
وأوقدتِ لي نارَ الظلامِ فلم أجد
سناكِ بطرفي بل سناكِ في ضبني(73)
فمن قمة اليأس يأتي النجاح، وهذا مبدأ الثنائيات الضدية المنتمية إلى البعد الثالث فيزيائياً، فإن فاته مجد المبصرين فلم يفته مجد العلم والأدب. ومن هذه الزاوية نختلف مع د. طه حسين الذي رأى أن «اللزوميات» ليست نتيجة العمل، بل نتيجة الفراغ، وليست نتيجة الجد والكد، بل نتيجة العبث واللعب، نتيجة عمل دعا إليه الفراغ، وجدّ جرّ إليه اللعب(74)
إن تفسير إبداعه على وفق مبدأ الطاقة وتحولها، والفعل وردّ الفعل حسب نيوتن يوصل إلى نتيجة مخالفة تماماً، فلا إبداع يأتي من الفراغ والعبث واللعب.
وتتوازى الأضداد وتتصاعد لتوصل إلى ما يعرف بالجدل الديالكتي.
7-1- الجدل الديالكتي
الديالكتيك علم القوانين العامة للحركة في العالم الخارجي، وهذه الحركة لولبية نامية، والتطور الديالكتي الجدلي تطور نامٍ تقدّمي، فالأضداد تتصارع، وتهدف إلى التكامل، ويجب أن يكون الفكر منفتحاً، مستعداً لتقبل أي فكرة جديدة ولو تضادت مع فكرة سابقة.
إن عقله عقل قلق، لا يستقر على فكرة جاهزة، أو حقيقة نهائية، فكل حقيقة هي حقيقة مؤقتة:
توخَّ الأجرَ في وحشٍ وإنسٍ
ففي كلّ النفوسِ مرامُ أجرِ
توقّع بعد هذا الغيِّ رشداً
فمن بعد الظلامِ ضياءُ فجرِ(75)
حسب قانون الجدل الديالكتي يتصاعد طرفا ثنائية الغيّ والرشد بشكل لولبي حتى يصلا إلى القمة، ويتولد منهما ثنائيات أخرى تصاعدية كثنائية العلم والجهل، والثبات والسكون، وحين يصل أحد طرفي الثنائية إلى القمة يعود إلى الارتداد في الاتجاه المضاد، فحين يشتد الظلام يعلن بداية الفجر، ولكل جسيم في الفيزياء جسيم مضاد(76) وحين يصطدم جسيم بمضاده يبيدان، ويتخلف طاقة، ويكون الجسيمان المتضادان بكتلة متساوية، وشحنة متعاكسة(77) ويمكن خلق جسيم من مضادّه إذا أتيحت له طاقة كافية(78) لقد أوجد المعري النور من قلب الظلام:
وإظلامُ عينٍ بعده ظلمةُ الثرى
فقل في ظلامٍ زيدَ فوق ظلامِ(79)
انقلب الظلام الذي قُدِّر عليه إلى نور فكري، فالجسيمات المتضادة تتصادم، ويتولد منها طاقة حركية، فالظلام إبصار شديد، وكل شيء يصل إلى أقصاه ينقلب إلى ضده، وحسب قانون الديالكتيك تتحرك المادة حركة داخلية وحركة خارجية، والحركة والتطور الأصل في الأشياء، وكل شيء -في قوانين الديالكتيك- في تغير كمي متواصل، وحين يتراكم إلى حد معين يصبح تغيراً نوعياً، والجمع بين الضدين في البعد الثالث سبب في حصول تغيرات كمية تحدث قفزة باتجاه التحول النوعي.
ويسير قانون الديالكتيك في أفق تصاعدي لولبي، فلا وصول إلى القمة، ووراء كل معرفة معرفةٌ جديدة:
نفارقُ العيشَ لم نظفرْ بمعرفةٍ
أيّ المعاني بأهل الأرضِ مقصودُ؟80
فكل معرفة تعقبها معرفة، وتولِّد كلّ ثنائية ثنائية جديدة، ويقودنا هذا الكلام إلى الحديث عن قانوني النفي ونفي النفي.
7-2-النفي ونفي النفي
حين يحدث تغير نوعي ينفي هذا التغير الحالة السابقة مع الإبقاء على خصائصها الجيدة، ثم تعود التغيرات الكمية إلى تراكمها حتى تحدث قفزة نوعية، فتنفي النفي السابق مع الاحتفاظ ببعض خصائصه، فيكون النفي مضاعفاً، وهذا مسار جدلي تطوري، فالحركة الجدلية لولبية، لا تكرارية81 النفي إحلال ظاهرة جديدة محل الظاهرة القديمة:
حوتنا شرورٌ لا صلاحَ لمثلِها
فإن شذَّ منا صالحٌ فهو نادر
وما فسدت أخلاقُنا باختيارِنا
ولكن لأمرٍ سبّبتْهُ المقادرُ
وفي الأصلِ غشٌّ والفروعُ توابعُ
وكيفَ وفاءُ النجلِ والأبُ غادرُ
فقل للغرابِ الجونِ إن كان سامعاً
أ أنت على تغييرِ لونك قادرُ؟82
يدعو المعري إلى إحلال الصلاح بدلاً من الشرور، فالنفي عملية تطوير داخل الظاهرة، ويحطّم المعري بالنفي الديالكتي الشرور، ويحوّلها إلى صلاح، فيدمّر السلبيات في المجتمع؛ لينشئ مجتمعاً أكثر تطوراً، فقد دخلت المنطقة في تلك المرحلة في حروب مع الروم، وظهرت الحركات المناوئة التي استطاعت نفي الظاهرة القديمة إلى شكل آخر بما يلائم تطوّر الاحداث في تلك المرحلة، وهو الصراع بين الفاطميين والحمدانيين، والعودة مرة أخرى إلى الصراع، فثمة شكل لولبي متطور للظاهرة.
ويؤكد المعري البرهان حين يقدّم نظريته في أسلوب علمي، فصاغ مقدمة ونتيجة، «في الأصل غش» فتبنى النتائج على مقدمات.
إن فلسفة النفي عامل تطور، تغني الفكر، وتعدّله:
أرى الأيام تجحدُ ثم تثني
بإيجابٍ وتوجِبُ ثمّ تنفي83
فكل شيء خاضع للتغيير والاختلاف، وهذا التغيير هو سبب قلقه، فالأصل الحركة، والثبات طارئ، وتتأرجح الحياة بين جحود وثناء، ونفي وإيجاب، والكون المحيط بنا حسب نظرية البعد الثالث مبني على الثنائيات الضدية.
ويقودنا الحديث عن نفي النفي عند المعري إلى الحديث عن الفيزياء الاجتماعية والانتشار الفيزيائي.
8-الفيزياء الاجتماعية والانتشار الفيزيائي
إن وراء الأحداث الواقعية قوانين تشبه القوانين التي تعمل في مجال الفيزياء، وقد عمد المعري إلى إيجاد أنظمة علمية مشابهة لما هو موجود في الفيزياء في مجتمعه، فالمادة هي المجتمع، والذرة هم الأفراد، ويحدث تفاعل بين ذرات المجتمع في نسيج المجتمع الكلي، وحين يحدث خلل في التفاعل بين ذرات المجتمع تظهر المساوئ، كالصراع الذي تحدث عنه المعري بأنواعه المختلفة، والفساد، فثمة ذرة اجتماعية تقع بين قطبين متضادين، ويتعامل نظام الذرة الاجتماعية مع المجتمع، لا مع الأفراد، فيرى المعري أننا نولد أحراراً، لكن أفعالنا تؤدي إلى نواتج للمجتمع:
طرقُ العلا مجهولةٌ فكأنها
صمُّ العدائدِ ما لها أجذارُ
ونحاذرُ الأشياءَ بعد يقيننا
أن لا يَرُدَّ الكائنات حِذارُ84
يرى المعري أن أحداً في عصره لم يتمكن من الوصول إلى طرق العلا، فهي مجهولة لأن مجتمعه يتخبط في الفساد، فغشيت أعين الناس عن الهداية إليها، ويرى العالم شبيهاً بعالم الأعداد85
تقابل الأعداد الصمّ الأعداد العقلية، أو ما تسمى اليوم بالأعداد الجذرية، فليس للعدد الأولي أجزاء يتركب منها، ويحتاج الوصول إليه إلى مغامرة، ويعني ذلك مجتمعاً جاهلاً، متخبطاً في سلبياته، ويشبه هذا الأمر ما يحدث في الفيزياء، فتؤدي الفوضى على مستوى الذرات إلى خلخلة البناء التركيبي، وإلى حركة مضادة للحركة المأمولة.
يختلف المعري عن مجتمعه، وهو ذرة فيه، وتتألف الذرة من نواة يدور حولها إلكترون سالب الشحنة، وشحنة البروتونات الموجودة في النواة موجبة، تتوزع الإلكترونات على مدارات حين تمتص الذرة طاقة ضوء مثلاً، فيسعى إلكترون للانتقال إلى مستوى طاقة أعلى، فتصبح الذرة غير مستقرة، ويجب أن يضحي الإلكترون بطاقته من أجل الذرة كلها؛ ليضمن حالة الاستقرار، والاختلاف بين البروتونات والإلكترونات هو سبب استقرار الذرة وديمومتها.
إنه ما حصل المعري الذي توقّد فكره، وامتص طاقة عالية، وضحّى بطاقته لأجل مجتمعه وإصلاحه للحفاظ على استقراره، وهو يمثل طاقة مضادة لطاقة مجتمعه:
قد صدّقَ الناسُ ما الألبابُ تبطلُه
حتى لظنوا عجوزاً تحلبُ القمرا
يخالفُ الطبعَ معقولٌ خُصِصتَ به
فاقبل إذا ما نهاكَ العقلُ أو أمرا86
مجتمعه ثابت على الخطأ، وعقله حركة في وجه الثبات، فيتهكم على ظن الناس بشأن القمر، محاولاً تصحيح مسار مجتمعه لكي يعيد التوازن إليه، فيضحي بطاقة عقله. إنها طاقة الفراغ والمادة، وهو يحاول أن يملأ الفراغ بنور عقله؛ لذا نجده يثير أسئلة ميتافيزيقية:
جائز أن يكون آدم هذا
قبله آدم على إثر آدم87
إنه كون دينامي متوالد، ونجد في كلامه ملامح من نظرية النشوء والارتقاء، فالحياة في تجدد دائم، ويبدو مدركاً أن من يخضع للقوانين الدنيا يصعب عليه معرفة القوانين العليا، فلا يدرك من هو أدنى شيئاً يؤهله لمعرفة الأعلى، فتبقى أسئلته معلقة.
إنه صاحب مشروع تغيير للمجتمع وأفكاره في مرحلة مثّلت هبوطاً فكرياً، وشمل هذا المشروع نواحي الحياة كلها، ومشروعه تكاملي؛ إذ نادى بثورة فكرية، واعتزل الناس، ولم ينقطع عنهم، وحمل في عزلته همومهم، وانشغل بتقديم الحلول لها، فانتشر بينهم بعقله، وتعني ظاهرة الانتشار فيزيائياً88 انتشار ذرات المادة من مكان إلى آخر، ولظاهرة الانتشار الفضل في تعرية سلبيات مجتمعه.
وفيما يتعلق بالدين التقت نظرته مع نظرة رجال الدين الذين أكدوا أن الكون يحكمه نظام رائع، فلكل شيء صانع يمثل تمام العلم والقدرة، لكنه نقدَ الفهم الخاطئ للدين، فنظام القوانين في الطبيعة يؤدي إلى الغايات، ولا يمكن أن تكون هذه الغايات سبباً في النظام، ولأنه لم يجد نظاماً في واقعه اخترع نظاماً يطمئن إليه عقله المضطرب الذي يماثل اضطراب الإلكترون حول النواة، فأحدث اهتزازاً صوتياً، وهزة في مجتمعه:
إنما نحن في ضلالٍ وتعليلٍ
فإن كنتَ ذا يقينٍ فهاته89
انتشر صوته بتفاعله مع وسطه، فخلّف أمواجاً من الاضطراب باهتزاز صوته، فاهتزت ذرات مجتمعه، ويشبه هذا الأمر نظرية الأمواج الصوتية90 التي تقول إن الجسم حين يهتز يصدر صوتاً بتفاعله مع وسطه المحيط، فتنتشر في الوسط أمواج من الاضطراب يحدثها الجسم المهتز في ذلك الوسط، وتنتقل الطاقة الصوتية، وتهتز الجزيئات كلها بالتردد نفسه.
ويقودنا الحديث عن «أنا» المعري مقابل المجتمع المختلف إلى الحديث عن النسبية الفيزيائية في لزومياته.
9-الأنا والآخر ونسبية آينشتاين Einstein›s
افترضت نظرية آينشتاين النسبية أن الزمان والمكان منحنيان حين توجد المادة والطاقة، والكون في حال تمدد دائم، وتقول النظرية91 إن الكون كان متناهياً في الصغر لكن كتلته غير متناهية، ثم حدث الانفجار العظيم Big Bang ومنذ ذلك الحين والكون في تمدد دائم، فالكون مملوء بالمادة، ولا يوجد كون لا يتغير بالزمان، هذا التغير يجعل النجوم تشع أكثر من غيرها.
ويعني ذلك أن يكون لكل فرد زمنه الشخصي، ويتفق الزمن لدى فردين إذا كان هذان الفردان في وضع السكون، ولكن لا يتفق الزمن إذا كانا يتحركان، فكل شيء نسبي92
ورأى الفيزيائيون أن السفر عبر الزمن ممكن بما اقترحوه: «الثقوب الدودية» Worm Holes وتعني وجود ثقب في الزمكان يمكننا من الانتقال عبر الزمن، فكيف حدث ذلك في «اللزوميات»؟
جاب المعري الحاضر والماضي والمستقبل في ثوان معدودات، فدخل في الزمن بتفاصيله، وتعامل مع أحداثه، وسافر إلى المستقبل، وقرأه، وشرحه، فبدا منتقلاً إلى موضع آخر في البعد الزمني بفضل مخيلته التي استثمرها على أكمل وجه.
بني زمني هل تعلمون سرائراً
علمتُ، ولكني بها غيرُ بائحِ
سريتم على غيٍّ فهلا اهتديتمُ
بما خبّرتكم صافياتُ القرائحِ93
المعري غير الآخر، فثمة عدم توافق نسبي بين الطرفين، يرتد إلى النسبية، لقد سافر إلى المستقبل بفكره، وقرأه، ونبّه على مواطن الضعف في مجتمعه، ورأى أن الزمان والمكان نسبيان، وترى الفيزياء الحديثة أن مستقبل أي جزء من النظام يمكن -من حيث المبدأ- التنبؤ به بتأكيد مطلق إذا عُرفت حالته بالتفصيل في زمن ما94 فالكون كله في حال حركة.
وأشهر معادلة في التاريخ معادلة آينشتاين: ط «الطاقة»= ك «الكتلة» x ع2 «مربع السرعة» وهي معادلة تربط المادة بالطاقة، فيمكن أن تتحول المادة إلى طاقة، والطاقة إلى مادة، وكذلك الزمن يمكن تحويله إلى إنجازات كبرى تمثل الطاقة في معادلة آينشتاين، فالطاقة هي الكتلة مضروبةً بمربع السرعة، وبإسقاط ذلك على نسبية الزمن لدى المعري نجد أن الإنجاز هو الزمن مضروباً بمربع الفاعلية، فقد استطاع المعري أن يستثمر وقتاً قصيراً للخروج بأفكار عظيمة، ومشاريع إصلاحية؛ لأن الفاعلية عالية، والفاعلية هي العزيمة والقصد، فالوقت ملك للجميع لكن الناس يتفاوتون في استثماره بسبب اختلاف الفاعلية بينهم.
وترتبط الطاقة بالنشاط، والنماذج الكونية نماذج دينامية، ويتغير كل نموذج باستمرار، إنه رقص كوني للطاقة95 لكن هذا الرقص الكوني محدّد بزمن:
ولو طار جبريلٌ بقية عمره
عن الدّهر ما اسطاعَ الخروجَ من الدهر96
ثمة زمن فردي، وثمة زمن واسع لا متناه تغرق فيه الأزمنة الفردية، حاول المعري أن يسبق الحوادث بدلاً من أن يتفق على ضغطها، وكانت له رؤيا، فآمن بمفهوم النظام في الكون، ووسّع الميدان بين العلم والأدب، ويقوم العلم على إيمان عميق بمفهوم النظام بوصفه الفعالية العقلية البشرية الأساسية97
لقد أخطأ كثير من النقاد في فهم أبي العلاء، يقول محمد سليم الجندي معلّقاً على البيت السابق إن أبا العلاء لا يريد أن يقرر مسألة فلسفية، ولا حقيقة علمية، ولا أن يبين رأيه في تناهي الأبعاد أو عدمه، أراد أن يبين تذمره من الحياة، وما انتابه من كوارث، وأبياته لا تدل على عدم تناهي الأبعاد، بل نجد فيها ما يدل على تناهيها؛ لأن أبعاد الأرض متناهية، وكذلك السماء98
ويقودنا الحديث عن حيوية الطاقة ونسبيتها من شخص إلى آخر إلى الحديث عن التماثلات بين «اللزوميات» ونظرية الكم الفيزيائية.
10-الحركة في «اللزوميات» ونظرية الكم الفيزيائية
ترى نظرية الكم الفيزيائية أننا لا نستطيع تحديد خصائص الجسيمات المادية المعزولة ومراقبتها إلا بتفاعلها مع الأنظمة الأخرى99 فالعالم نسيج معقد من العلاقات والترابطات، تجتمع، وتؤدي إلى أشياء أخرى، وتقرر النظام برمته، ففي المستوى الذرّي تُفهم الأشياء وفقاً لعلاقات التفاعل بين العناصر، وقد وصل المعري إلى هذه الفكرة في حالة وعي؛ إذ ينحل الفرد في المجتمع، فقد أبطلت نظرية الكم فكرة الأشياء المنفصلة، وقدّمت مفهوم التشارك، فصار الكون شبكة علاقات مادية وعقلية تتحد أجزاؤها بارتباطها بالكل، فلا يوجد في العالم الفيزيائي أشياء جامدة مستقلة، بل مراحل عابرة في العملية الكونية:
أعمى البصيرة لا يهديه ناظره
إذ كلّ أعمى لديه من عصا هاد100
مجتمعه أعمى البصيرة، أما هو ففقد بصره، وشعر أنه محبوس في دائرة ضيقة، وتقول الفيزياء الحديثة: إذا كان جُسَيم ما دون الذرة في منطقة ضيقة من الفراغ يقوم برد فعل على احتباسه ودورانه101 والمادة طبقاً لنظرية الكم لا تعرف الهدوء، فالمادة في حال حركة دؤوبة راقصة متذبذبة، وهذه هي حال المعري الذي حُبس في إطار جسده، فتحرك في هذا الحيز الضيق، وازداد اهتزازه نظراً لضيق المكان المحتبس فيه: جسده، ومجتمعه.
فالحركة في سكون بصره، والسكون ليس سكوناً، وسكون مجتمعه حركة فكرية مضادة لحركته الفكرية. وحين ركّز على فكرة عاهته خلق ضدّها: عمى المجتمع، وثمة علاقة قطبية بين المتضادات، وهي علاقة حركية، فقد عبَر بفكره وراء المتضادات، وقام فكره على التداخل الدينامي بين الأفكار، بين أناه والآخر المضاد، فلن يستطيع الانتصار للخير المطلق على الشر، بل يستطيع إقامة توازن دينامي بينهما، فالجُسَيمات في الذرة قابلة للتحطيم، وغير قابلة للتحطيم، والمادة مستمرة وغير مستمرة، والقوة والمادة وجهان للظاهرة نفسها102 وهذا ما فعله المعري، فالخير والشر موجودان، والشر قابل للتغيير وغير قابل للتغيير في الوقت نفسه؛ لذا سعى إلى إقامة التوازن كما تتوازن جزيئات الذرة.
ومن التماثلات بين الفيزياء الحديثة واللزوميات» تأكيد المعري أن الظواهر المجتمعية كلها مترابطة، ولا يمكن فهمها إلا على أنها أجزاء لكل واحد، ففي فيزياء الكمّ سلوك أي جزء تحدده ارتباطاته غير الموضعية بالمجموع، والكل هو الذي يقرر سلوك الأجزاء الأخرى، وتستمد الأشياء وجودها وطبيعتها من الاعتماد المتبادل، وهي لا شيء في حد ذاتها103، فالجسيمات في شبكة كونية لا تنفصل.
11- خاتمة
نصل بعد هذا العرض إلى أن لزوميات المعري دليل على تداخل المسارات بين الفيزياء والشعر مع إدراكنا أن للعلم عالمه، وللشعر واحته المفعمة بالمشاعر، ومع «اللزوميات» نقلت مملكة العلم إلى واحة الشعر، والسؤال الذي يثار في نهاية المطاف: إذا ما تداخل مسارا الفيزياء والشعر فكيف سيكون الوليد الناجم عن هذا التداخل؟ وبأية سمة يتصف؟
إن التقاء العلم الشعرَ ليس جديداً، فالشعر قادر على تجسيد المقولات الذهنية، وقد وجدنا هذا التصنيف قريباً من الشعر الذي يستمد مادته من الواقع والظواهر التي تعصف بالمجتمع، لقد التقى الشعرُ العلمَ في رفع المستوى الثقافي والاجتماعي، فالمعرفة التي اتسم بها شعر المعري لا ترتبط بالعلم فقط، إذ يسعى العلم والأدب معاً إلى المعرفة.
ويمكن بعد هذا العرض تسجيل النتائج الآتية:
-الشعر متسق مع العلوم؛ لأن ثمة وحدة تفكير، ووحدة نظم كونية.
-تفكير المعري علمي؛ لأنه لا يقبل الفوضى، فلعقله القدرة على التنظيم، وهو عقل مضطرب حتى يجد نظاماً يرتاح إليه، ولأنه لم يجد نظاماً في واقعه اخترع نظاماً يطمئن إليه.
-تميزت لزوميات المعري بالانفتاح، وتنحية الذات، وهي سمة علمية، وقد التقى المعري الفيزيائيَّ حين نظر إلى أعماق الأشياء، لا ظواهرها، فثمة قدرة على الاستقراء.
-تقدّم الفيزياء و»اللزوميات» خلفية فلسفية متماسكة، ومفهوماً عن عالم يكون فيه العلم منسجماً مع السلوك البشري، فيرى الفيزيائي العالم نظاماً من العناصر غير المنفصلة والمتداخلة والمتحركة، ورأينا لدى المعري فكرة الإيمان بالوحدة بين عناصر المجتمع ليكون كلاً متماسكاً.
-ثمة حدس في الفيزياء، وثمة عنصر عقلي في «اللزوميات» مع اختلاف في الدرجات، فالفيزياء و«اللزوميات» من إبداع العقل، ويستخلص الفيزيائي معرفته من تجاربه، ويستخلص المعري معرفته من تبصّره، ويبحث الفيزيائي في العالم المادي، ويعي الوحدة الأساسية للأشياء، ويعلم المعري أنه هو ووعيه جزء من وحدة، فيصل المعري والفيزيائي إلى النتيجة ذاتها، فالواقعان الداخلي والخارجي واحد في النهاية مع أن أحدهما يبدأ من الداخل، والآخر يبدأ من الخارج.
– يختبر الفيزيائي العالم باستخدام العقل أساساً، ويصل المعري إلى النتيجة باستخدام التأمل أساساً، والطريقتان متتامتان.
-إن المستوى الفكري لمجتمع أبي العلاء متقدّم، فوجدت مسالك الفكر العلمي طريقها إلى فكره الذي ضمّنها شعره، فليس من قبيل المصادفة وجود أفكار تؤكدها العلوم الحديثة، وليس لها سند تاريخي ثقافي.
وأخيراً: هل يسقط شعر المعري، أو يصمد أمام نظريات الفيزياء الحديثة التي هي في تغير مستمر؟
قد يسقط شعر المعري إذا تغيرت قوانين الفيزياء، فلا توجد حقيقة مطلقة في العلم، لكن كل نظرية جديدة ترتبط بالسابقة، فلا تبطلها مطلقاً، وتبين أن النظرية السابقة محدودة فقط.
المصادر والمراجع
-إخوان الصفا وخلان الوفا: د. ت، رسائل فلسفية، الرسالة الأولى في العدد، القسم الأول، ط5، مطبعة نخبة الأخبار.
-البستاني، بطرس: 1988، محيط المحيط، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت.
-بودوستنيك، فاسيلي، ياخوت، أوفشي: 1979، ألف باء المادية الجدلية، ترجمة جورج بولتيزر روجي بيس، موريس كافين، دار الطليعة، سورية.
-الجابري، محمد عابد: 2002، مدخل إلى فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ط5، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.
-الجابري، محمد عابد: 2009، نقد العقل العربي. . تكوين العقل العربي، ط10، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان.
-الجندي، محمد سليم: 1962، الجامع لأخبار أبي العلاء، تعليق عبد الهادي هاشم، دمشق، المجمع العلمي العربي، دار صادر، بيروت، 3ج.
-حسين، طه: 1963، تجديد ذكرى أبي العلاء المعري، ط6، دار المعارف، القاهرة.
-حسين، طه: 1963، مع أبي العلاء في سجنه، دار المعارف، القاهرة.
-حسين، محمد كامل: د. ت، وحدة المعرفة، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة.
-الحموي، ياقوت، معجم الأدباء: د. ت، تحقيق مرجليوث، دار إحياء التراث، بيروت، نسخة مصورة عن طبعة دار المأمون بمصر.
-ابن خلكان: 1994، وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت.
-الديوب، سمر: 2017، الثنائيات الضدية: دراسة في المصطلح ودلالاته، العتبة العباسية، العراق.
-ريتشاردز، أ. أ: د. ت، العلم والشعر، ترجمة د. مصطفى بدوي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.
-ساغان، كارل: 1993، الكون، ترجمة: نافع أيوب لبّس، مراجعة: محمد كامل عارف، عالم المعرفة، العدد178، الكويت.
-السيوطي، جلال الدين: 1964، بغية الوعاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة البابي الحلبي.
-صبحي، محيي الدين: 1988، النقد الأدبي الحديث بين الأسطورة والعلم، الدار العربية للكتاب، ليبيا.
-عبد الحميد، شاكر: 2003، الفكاهة والضحك، رؤية جديدة، منشورات عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت.
-ابن العديم: الإنصاف والتحري في دفع الظلم عن أبي العلاء المعري، ضمن تعريف القدماء بأبي العلاء للثعالبي
-العسكري، أبو هلال: 2003، الفروق اللغوية، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت.
-الغذامي، عبد الله: 2005، النقد الثقافي، قراءة في الأنساق الثفافية العربية، ط3، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت.
-غولدمان، لوسيان: 1966، العلوم الإنسانية والفلسفة، ترجمة يوسف الأنطاكي، مراجعة د. محمد برادة، المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة.
-كابرا، فريتجوف: 1999، الطاوية والفيزياء الحديثة، ط1، ترجمة حنا عبود، دار طلاس، دمشق.
-ماكليش، جون: 1999، العدد من الحضارات القديمة حتى عصر الكمبيوتر، ترجمة: خضر الأحمد، موفق دعبول، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ع 251
-مجموعة من المؤلفين: 2003، تعريف القدماء بأبي العلاء، ط4، جمع وتحقيق مصطفى السقا، وعبد الرحيم محمود وعبد السلام هارون وإبراهيم الأبياري، بإشراف د. طه حسين، دار الكتب والوثائق القومية، مصر.
-المعري، أبو العلاء: د. ت، «اللزوميات»، تحقيق أمين عبد العزيز الخانجي، مكتبة الخانجي القاهرة، ومكتبة الهلال، بيروت، 2ج.
-الموسوي، محسن جاسم: 2004، النظرية والنقد الثقافي، المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت.
-هايزنبرغ، فيرنر: 2009، المبادئ الفيزيائية لنظرية الكم، ط1، ترجمة: محمد صبري عبد المطلب، انتصارات محمد حسن الشبكي، كلمة وكلمات عربية للترجمة والنشر، هيئة أبو ظبي للثقافة، والقاهرة.
-هوكنغ، ستيفن: 2003، الكون في قشرة جوز، ترجمة مصطفى إبراهيم فهمي، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ع 290، مارس.
-واصف، رأفت كامل: د. ت، أساسيات الفيزياء الكلاسية والمعاصرة، ط3، دار النشر للجامعات، القاهرة.
-ويلسون، كولن: 1978، المعقول واللا معقول في الأدب الحديث، ط4، ترجمة أنيس زكي حسن، دار الآداب، بيروت.
المراجع الأجنبية
English Novel, Walter Allen, Penguin Books-
-Parkers, Helena «2016», scientific Allusions in Medieval Drama, Smiths Publishers, London.
-Peters, Anne «2011», The Novel: scientific Undertones, Books and Books, New Zealand.
Hopkins, Alan «2011», Literature and Science, Sydney Publishing, House, Sydney. –
-Righters, Fiona «2012», Classical Drama with its scientific, Allusions, New York printers, New York.
The Foundation of Phenomenology, M. Farber, Harvard University Press, 1943 –
المواقع الالكترونية
http/www. sciencealert. com/physicists-just figured-out-how-quantum-mechanics-pops-up-in-game-theory.
Malt Williams: http: universetoday. com/author/mill 7 nov 2016
http://nasainarabic. net
1 أستاذ في قسم اللغة العربية- كلية الآداب والعلوم الإنسانية- جامعة البعث- حمص- سورية.
2 ينظر للتوسع في هذه الفكرة: محمد كامل حسين، د. ت، وحدة المعرفة، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ص9-10.
3 عبدالله الغذّامي، النقد الثقافي، قراءة في الأنساق الثفافية العربية، ط3، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، ص31.
ويعرف النّاقد محسن جاسم الموسوي النقد الثقافي بأنه» فاعلية، تستعين بالنظريات والمفاهيم والنظم المعرفية، ما تأنف المناهج الأدبية المحض المساس به، أو الخوض فيه».
محسن جاسم الموسوي:2004، النظرية والنقد الثقافي، المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت ص12
4 يؤكد الناقد الأسترالي آلان هوبكز أن الأدب يستمد موضوعاته من العلوم، ولكن على نحو غير مباشر، وهذا ما يميز الأدب:
Hopkins, Alan «2011», Literature and Science, Sydney Publishing, House, Sydney.
وترى الناقدة الأمريكية فيونا رايترز أن المسرح الروماني الكلاسيّ يكتظ بالإشارات إلى المعارف العلمية، فيسرد الكاتب المسرحي فينيكا اعترافات سولا بشأن كآبته النفسية، أو ما يُعرَف بالميلانخوليا في علم التحليل النفسي التقليدي:
Righters, Fiona «2012», Classical Drama with its scientific, Allusions, New York printers, New York.
وترصد هيلينا باركرز تجليات العلوم الدينية في مسرح العصور الوسطى في بريطانيا، وتكشف أن التوبة -كما تؤكد العلوم الدينية الكنسية- تبدأ بمواجهة الذات والاعتراف بالذنوب ومن ثم الشعور بالندامة الذي يتوّجه التائب بالإقلاع عن ارتكاب الذنوب، والخضوع لرب العالمين:
Parkers, Helena «2016», scientific Allusions in Medieval Drama, Smiths Publishers, London.
ونجد نصاً للكاتبة النيوزلندية آماندا كيرز يربط ولادة الضوء بإشراق أمل في رواية ولادة الأمل:
Peters, Anne «2011», The Novel: scientific Undertones, Books and Books, New Zealand.
5 يرى كارل ساغان أننا إذا كنا ذرة في اتساع رحاب الفضاء، فإننا نحتل أيضاً لحظة من امتداد العصور. . . وهذا الزمن محسوب منذ ذلك الحدث التفجيري الاستثنائي الذي يعرف بالانفجار الكبير The Big Bang» «.
ينظر: كارل ساغان، 1993، الكون، ترجمة: نافع أيوب لبّس، مراجعة: محمد كامل عارف، عالم المعرفة، العدد178، الكويت، ص32.
6 يرى أ. أ. رتشاردز أن القضية العلمية تثبت أن العلم يتحقق من صدق قضية أو كذبها بالتحقيق العلمي، بالمعنى الدقيق للتحقيق، أما صدق التعبير العاطفي فمعناه قبولنا هذا التعبير قبولاً عاطفياً لتوافقه مع موقف من مواقفنا العاطفية، وبعد ذلك يأتي قبولنا الموقف العاطفي ذاته الذي يتضمنه التمييز. أ. أ. ريتشاردز، د. ت، العلم والشعر، ترجمة د. مصطفى بدوي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ص66-67.
7 يرى ريتشاردز أن من أهم فروع النقد التي جذبت أنظار أصحاب المذاهب الكبرى، منذ الماضي حتى يومنا هذا، هو محاولة إقناع الناس بأن وظيفة الشعر هي نفسها وظيفة العلم، أو أن أحدهما صورة أسمى عن الآخر. المرجع السابق، ص73.
8 يهتم الأدب بالإنسان وموقفه من الوجود والكون، وهذان أمران خارج دائرة العلم. فالعلم يتطور، أما الأدب فيتغير فقط. انظر:
English Novel, Walter Alle, Penguin Books, pp 31
9 يرى محمد كامل حسين أن الإنسانيات تقوم على مذاهب متعددة كلها معقولة منطقية قابلة للتصديق، وإنما يحدد وجه الحق فيها ما يكون مطابقاً للعلوم البيولوجية، وتقوم العلوم البيولوجية على مذاهب كثيرة كلها قابلة للتصديق، وإنما يحدد الحقيقة في هذه المذاهب ما يكون فيها مطابقاً للعلوم الطبيعية الأخرى. محمد كامل حسين، وحدة المعرفة، ص8.
10 يرى محمد كامل حسين أن في الكون نظاماً، وفي العقل نظاماً، والمعرفة هي المطابقة بين النظامين. المرجع السابق، ص155.
11 بطرس البستاني، 1988، محيط المحيط، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، مادة علم، ص638
12 يذكر أبو هلال العسكري في الفروق بين العلم والمعرفة أن لفظ المعرفة يفيد تمييز المعلوم من غيره، ولا يفيد لفظ العلم ذلك إلا بضرب آخر من التخصيص في ذكر المعلوم. انظر: أبو هلال العسكري: 2003، الفروق اللغوية، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت، ص93-94
13 يعرّف ألدوس هيكسيلي العلم قائلاً: العلم هو الملاحظة النزيهة، البصيرة والممارسة من دون تمييز، وهو الاستدلال الصبور ضمن نظام من المفاهيم المترابطة منطقياً. انظر: محيي الدين صبحي: 1988، النقد الأدبي الحديث بين الأسطورة والعلم، الدار العربية للكتاب، ليبيا، ص56
14 يرى لوسيان غولدمان أن الفلسفة بعامة تعبير تصوري عن مختلف رؤيات العالم، وتحمل بعض الحقائق الجوهرية المتعلقة بعلاقات الإنسان بالآخرين، وعلاقة الناس بالكون، وهذه الحقائق يجب أن توجد بالضبط في قاعدة العلم الإنسانية، وبالخصوص في مناهجها. انظر: لوسيان غولدمان: 1966، العلوم الإنسانية والفلسفة، ترجمة يوسف الأنطاكي، مراجعة د. محمد برادة، المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، ص45.
15 يرى. محمد عابد الجابري أن العلم معرفة الواقع، لكن معرفة الواقع لا تنشأ في الفكر البشري بوساطة كشف مباشر لبنية الواقع. إن معرفة الواقع هي نشاط إنساني، والنشاط الإنساني رابطة خاصة بين الذات والموضوع، ويعني ذلك أن النشاط المعرفي يغير الواقع. انظر: محمد عابد الجابري، مدخل إلى فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ط5، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ص42.
16 تكون المعرفة العقلية نظاماً من المفاهيم والرموز المجرّدة، وتتميز ببنية خطية تسلسلية تنمذج تفكيرنا وكلامنا، ولا يستطيع النظام التجريدي للفكر المفهومي أن يفهم الواقع فهماً تاماً، فمملكة المعرفة العقلية هي مملكة العلم الذي يصنف ويحلل. انظر: فريتجوف كابرا: 1999، الطاوية والفيزياء الحديثة، ط1، ترجمة حنا عبود، دار طلاس، دمشق، ص31، 33.
17 انظر: الثنائيات الضدية: دراسة في المصطلح ودلالاته: 2017، سمر الديوب، العتبة العباسية، العراق، ص9
18 نذكر على سبيل المثال ستيفن هوكنغ: 2003، الكون في قشرة جوز، ترجمة مصطفى إبراهيم فهمي، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ع 290، مارس.
19 انظر ترجمته في: ابن خلكان: 1994، وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1/113، 116
ياقوت الحموي: د. ت، معجم الأدباء، تحقيق مرجليوث، دار إحياء التراث، بيروت، نسخة مصورة عن طبعة دار المأمون بمصر، 3/ 107، 217
جلال الدين السيوطي: 1964، بغية الوعاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة البابي الحلبي، ص136-137.
20 قال المعري في مقدمة اللزوميات: «إنما أوقعوا التسمية على ما تلزم إعادته، فإذا فقد أخلّ، وهذه حركة لا يجوز عندهم أن تكون غير الفتحة، ولا حاجة إلى ذكرها فيما يلزم» المعري، أبو العلاء: د. ت، «اللزوميات»، تحقيق أمين عبد العزيز الخانجي، مكتبة الخانجي القاهرة، ومكتبة الهلال، بيروت، 2ج 1/12
وثمة إشارات في التراث العربي تشبه لزوم ما لا يلزم كما نجد لدى الأعشى والحطيئة لكنها ليست بمستوى ما قدّمه المعري، فقدم ديواناً من أحد عشر ألف بيت، وانفرد بموضوع النقد الاجتماعي والسياسي والحكمة، فلم يسبقه إليه أحد، فبدأ بمقدمة، ووسم عمله بالتأليف، والكتاب تحدّ على صعيد هندسة الشكل والبناء المعماري، وقد أشار إلى أنه بنى هذا الكتاب على حروف المعجم، المقدمة ص20، فبدأ بالطويل، ثم الوافر، والكامل كما رتبها الخليل، فالشعر لديه صناعة تقوم على العقل والفكر.
21 للتوسع في قدرة العقل على الفاعلية ينظر: محمد عابد الجابري: 2009، نقد العقل العربي. . تكوين العقل العربي، ط10، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، ص16.
22 اللزوميات، المقدمة، 1/5/ 1/26. السَّقب: ولد الناقة، أو ساعة ولادته، وهو خاص بالذكر، الرَّأل: ولد النعام.
23 من هنا يمكن تفسير المواقف المتباينة من شعره، فمَن نقد شعر المعري كان وثوقياً في نقده، وكان المعري شاكاً في كل شيء، ومعظم الدراسات حول شعره نقدت موقفه السياسي والديني، وكان المعري ذا تفكير علمي يقوم على الشك، ومن خالفه خالف العقل ودوره في تقديم المعرفة.
يعترف ياقوت الحموي بالمعري شاعراً، أديباً، فيراه غزير الفضل، شائع الذكر، وافر العلم، غاية الفهم، عالماً باللغة، جيد الشعر، جزل الكلام. انظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء: د. ت، تحقيق مرجليوث، دار إحياء التراث، بيروت، نسخة مصورة عن طبعة دار المأمون بمصر، ص379
لكنّ ياقوتاً يذكر أن الناس يختلفون في أبي العلاء، فمنهم من يراه زنديقاً، ومنهم من يراه زاهداً عابداً، كما فعل ابن الجوزي، انظر: تعريف القدماء بأبي العلاء، 2003، ط4، جمع وتحقيق مصطفى السقا، وعبد الرحيم محمود وعبد السلام هارون وإبراهيم الأبياري، بإشراف د. طه حسين، دار الكتب والوثائق القومية، مصر.
24 اللزوميات: 2/439
25 المصدر السابق: 1/275
26 المصدر السابق: 1/407
27 اللزوميات: 1/246
28 رأفت كامل، واصف: د. ت، أساسيات الفيزياء الكلاسية والمعاصرة، ط3، دار النشر للجامعات، القاهرة، ص22-23.
29 اللزوميات: 1/40
30 المصدر السابق: 1/218
31 المصدر السابق: 1/215
32 ستيفن هوكنغ: 2003، الكون في قشرة جوز، ترجمة مصطفى إبراهيم فهمي، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ع 290، مارس، ص107.
33 اللزوميات: 1/34
34 المصدر السابق: 2/336
35 المصدر السابق: 2/447
36 اللزوميات: 2/201
37 المصدر السابق: 2/349
38 يقول قانون تدفق السوائل: لكي يتحرك سائل داخل أنبوبة يجب بذل كمية من الطاقة على شكل شغل يتحول إلى طاقة حركية. أساسيات الفيزياء الكلاسية، ص98.
39 اللزوميات: 2/372 وخرط القتاد: من أمثالهم يضرب في الأمر يكون من دونه مانع، وفي الوصول إليه مشقة.
40 المصدر السابق: 1/44 أنَى: حان
41 المصدر السابق: 2/218
42 يرى شاكر عبد الحميد أن الأدب الساخر علامة من علامات التحذير من الممارسات الخاطئة، أو هو شكل من أشكال المقاومة. انظر: شاكر عبد الحميد: 2003، الفكاهة والضحك، رؤية جديدة، منشورات عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ص51
43 اللزوميات: 1/92
44 أسس هوسرل Husserl علم الظواهر بهدف الوصول إلى تخطيط منطقي للتصورات الذهنية، ورأى أن حالات العقل الرئيسة ينبغي أن توصف لما لها من مهمة قصدية، فالموضوعات كلها الرياضية والطبيعية والاجتماعية يمكن جعلها موضوعات للنظر العقلي.
The Foundation of Phenomenology, M. Farber, Harvard University Press, 1943, pp. 15
45 للتوسع في نظرية الأوتار الفائقة ينظر موقع ناسا بالعربي: http://nasainarabic. net
46 اللزوميات: 2/272
47 الطاوية والفيزياء الحديثة، ص125 ويرى الفيزيائيون أن الكون كله منخرط في نشاط وحركة لا ينتهيان في رقص كوني مستمر للطاقة، المرجع السابق ص205
48 اللزوميات: 2/313
49 المصدر السابق: 1/379
50 أساسيات الفيزياء الكلاسية، ص25
51 الطاوية والفيزياء الحديثة، ص195
52 المرجع السابق، ص203
53 المرجع السابق، ص203
54 الكون في قشرة جوز، ص29
55 المرجع السابق، ص112
56 اللزوميات: 2/313
57 طه حسين: 1963، تجديد ذكرى أبي العلاء المعري، ط6، دار المعارف، القاهرة، ص251
58 اللزوميات: 2/65
59 المصدر السابق: 1/185
60 المصدر السابق: 1/82
61 المصدر السابق: 1/161
62 للتوسع في الفكرة ينظر: وحدة المعرفة، ص98
63 اللزوميات: 1/310
64 الكون في قشرة جوز، ص96
65 اللزوميات: 2/127
66 -البعد الثالث، باجتماع عدد لا نهائي من البعد الثاني يتكون لدينا البعد الثالث، وهو عالمنا الذي نحيا فيه، وفيه حرية الحركة في الاتجاهات كلها، ومن بدهيات البعد الثالث أن الشيء نفسه لا يمكن أن يكون في مكانين مختلفين في الوقت نفسه، كما لا يمكن لشيئين أن يكونا في المكان، والزمان نفسهما. وثمة علماء يتكلمون على أبعاد أخرى، كالبعد الرابع، وفيه تصبح قوانين الفيزياء التي تتحكم بالبعد الثالث مجرد لعبة.
إن عالم البعد الواحد تحدّه نسختان من عالم البعد الصفري، وعالم الأبعاد الثلاثة الأولى مكاني، في حين أن البعد الرابع زمني. ومَن يعيش في عالمنا؛ عالم البعد الثالث غير قادر على اختراق بعد أعلى منه، لكنه قادر على ذلك في البعد الأدنى منه، والبعد الثالث بعد محكوم بمنطق الثنائيات الضدية، وحين نرتقي إلى بعد أعلى يتحول التضاد إلى وحدة. ينظر: الثنائيات الضدية: دراسة في المصطلح ودلالاته، ص55
للتوسع في الأبعاد، وهي متعددة، فبعض الدراسات تقول إن الأبعاد ستة عشر بعداً، والهدف من دراسة الأبعاد تكوين هندسة موحدة للكون بأكمله، ينظر:
Malt Williams: http: universetoday. com/author/mill 7 nova 2016
67 ياقوت الحموي، معجم الادباء، 3/126
68 اللزوميات: 1/335
69 المصدر السابق: 2/4
70 اللزوميات: 2/389
71 الطاوية والفيزياء الحديثة، ص264
72 الحركة العنيفة التي شنت ضده دليل على قدرته على تحريك الساكن. ويعدّ ابن العديم الوحيد الذي لم يبدِ أي تحفظ من المعري، وله كتاب بعنوان الإنصاف والتحري في دفع الظلم عن أبي العلاء المعري، ضمن تعريف القدماء بأبي العلاء للثعالبي، ص4.
73 اللزوميات: 2/369
74 طه حسين: 1963، مع أبي العلاء في سجنه، دار المعارف، القاهرة، ص101
75 اللزوميات: 1/398
76 الكون في قشرة جوز، ص181
77 الطاوية والفيزياء الحديثة، ص76
78 الكون كله شبكة دينامية من النماذج الطاقية غير القابلة للفصل. الطاوية والفيزياء الحديثة، ص78
79 اللزوميات: 2/309
80 اللزوميات: 1/240
81 للتوسع ينظر: فاسيلي بودوستنيك وأوفشي ياخوت: 1979، ألف باء المادية الجدلية، ترجمة جورج بولتيزر روجي بيس، موريس كافين، دار الطليعة، سورية.
82 اللزوميات: 1/302
83 اللزوميات: 2/113
84 المصدر السابق: 1/327
85 يرى بعض الفلاسفة أن الموجودات أعداد، وأن العالم عدد ونغم، فعالمنا شبيه بعالم الأعداد.
إخوان الصفا وخلان الوفا، رسائل فلسفية، د. ت، رسائل فلسفية، الرسالة الأولى في العدد، القسم الأول، ط5، مطبعة نخبة الأخبار، الرسالة الأولى في العدد، القسم الأول، ص22.
وكل كلمة عددية تدلّ على شيء واحد، أو زمرة من الأشياء، وتستبعد الأشياء الأخرى، والمعرفة الرياضية ليست شيئاً مستقلاً وقائماً في ذاته، بل هي جزء من مجموع التفاعلات البشرية.
جون ماكليش: العدد من الحضارات القديمة حتى عصر الكمبيوتر، ترجمة: خضر الأحمد، موفق دعبول، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ع 251، ص10
86 اللزوميات: 1/357
87 المصدر السابق: 2/336
88 أساسيات الفيزياء الكلاسية والمعاصرة، ص90
89 اللزوميات: 1/184
90 أساسيات الفيزياء الكلاسية والمعاصرة، ص284
91 الكون في قشرة جوز، ص29
92 المرجع السابق، ص19
93 اللزوميات: 1/218
94 الطاوية والفيزياء الحديثة، ص59
95 الطاوية والفيزياء الحديثة، ص186
96 اللزوميات: 1/347
97 للتوسع ينظر: كولن ويلسون: 1978، المعقول واللا معقول في الأدب الحديث، ط4، ترجمة أنيس زكي حسن، دار الآداب، بيروت، ص138
98 الجندي، محمد سليم: 1962، الجامع لأخبار أبي العلاء، تعليق عبد الهادي هاشم، دمشق، المجمع العلمي العربي، دار صادر، بيروت، 3ج ، 3/1288، 1290
99 للتوسع في نظرية الكم الفيزيائية ينظر:
فيرنر هايزنبرغ: 2009، المبادئ الفيزيائية لنظرية الكم، ط1، ترجمة: محمد صبري عبد المطلب، انتصارات محمد حسن الشبكي، كلمة وكلمات عربية للترجمة والنشر، هيئة أبو ظبي للثقافة، والقاهرة.
100 اللزوميات: 1/276
101 الطاوية والفيزياء الحديثة، ص177
102 المرجع السابق، ص140
103 http/www. sciencealert. com/physicists-just figured-out-how-quantum-mechanics-pops-up-in-game-theory.