أحمد بلحاج آية وارهام
شاعر مغربي
فِي المَسَاءِ
تَجِيءُ الْحَيَاةُ
مُعَطَّرَةً
بِتَوَارِيخِهَا،
تَكْتُبُ الْمَاءَ فِي سَالِفٍ
وَالشَّجَرْ
فِي أَخِيهِ
الَّذِي فَطَمَتْهُ الْمَنَافِي،
هُنَاكَ يَدٌ
تَشْرَبُ الرِّيحَ
فِي كَأْسِ صَمْتٍ
وَتَمْسَحُ دَمْعَ الْمَدَى
بِمَنَادِيلِ يُتْمٍ
كَأَنْ نَبْضَهَا
عُشْبُ ذَاتٍ
تَقَمَّصَهَا وَعْيُهَا
فَارْتَدَتْ هَجْسَهَا،
هِيَ بَابٌ
لِمَا نَسِيَتْهُ الْكُهُوفُ
عَلَى كَلْسِهَا.
كُلَّمَا الْمَاءُ عَادَ إِلَى جِذْرِهِ
وَلَدَتْ
ضَوْءَهَا الْأَرْضُ
فِي خِفَّةٍ
وَرَمَتْ
فِي الْغِيَابِ
مَشِيمَةَ هُوِّيَةٍ
وَقَفَتْ
لُغَةً
فِي حُلُوقِ الزَّمَنْ.
لَيْسَ مِنْ بَصْمَةٍ
تُثْبِتُ الرُّوحَ
إِنْ سَافَرَتْ
فِي غَيَاهِبِ مَا مِنْهُ جَاءَتْ
كَشُعْلَةِ وَهْمٍ،
هُوَ الصَّمْتُ
أَرْضُ الظُُنُونِ
إِذَا خَرَجَ الظِّلُّ
مِنْ جِلْدِهِ
وَاسْتَوَى سَرْحَةً
تَتَأَمَّلُ أَعْضَاءَهَا
فِي مَرَائِي الْإِنَاثِ،
وَتَحْلُمُ
أَنْ تَتَزَوَّجَ ذِئْبًا
يُؤَانِسُهَا
فِي عَرَاءِ الْفَرَاغِ
وَفِي حِنْدِسِ الْكَلِمَاتِ
الَّتِي تَأْكُلُ الطِّينَ
حِينَ يُصَلِّي
لِغَيْرِ دَمِهْ.
مُقْمِرٌ
نَفَسُ الْخَوْفِ فِينَا
عَلَى حَائِطِ الْعَيْنِ
تَرْقُصُ أَلْوَانُهُ،
رَقْصُهَا
مَاعزٌ
فِي سُفُوحِ الْهَوَاجسِ
يَجْذِبُ أَسْلَافَهُ
بَعْدَ أَنْ يَلِجَ اللَّيْلُ
فِي سَمِّ سَكْرَتِهِ،
خَرَجَتْ أُمُّهُ
تَمْشِطُ الْأَرْضَ عَنْهُ
تَصِيحُ
النَّبَاتُ لُغَاتُ خُطَاهَا
إِذَا فِي الْهَجِيرِ
تَمَطَّى صَدَاهَا
سمعتَ الَّذِي مِنْهَا سَالْ:
(الْكَذِبُ مِظَلَّتِي،
كُلَّمَا
مَسَح أَعْمَاقِي الْغُبَارُ
الْتَفَتَ النَّهَارُ
وَأَلْقَى عَلَى عَوْرَةِ فَمِي
شَمْسَ أَشَوَاكٍ
عَلَّهَا
تُلَمِّعُ أَظْفَارِي
بِتَحِيَّةٍ
يُشْرِقُ مِنْهَا
وَقْتٌ
لَايَصْعَقُ
وَرَائِحَةٌ
تَنْزِلُ الْأَعَالِي
فِي ضِيَافَةِ أَحْلَامِهَا.
لَوْ صَدَّقْتُ الغُبَارَ
لَكُنْتُ غَيْرَ نَفْسِي
وَلَفَتَحَتِ الْأَنْهَارُ طَرِيقَهَا
فِي جَسَدِي).
أَصَاخَ دَمِي
نَدِيَتْ فِي عُرُوقِي
سَمَاءٌ
تَلَبَّسَهَا شَجَنٌ،
هَلْ تُسَمِّي السَّمَاءُ حِكَايَتَهَا
لِبَصِيرٍ؟!
وَتُشْعِلُ فَانُوسَهَا
فِي عِظَامِ الْعَدَمْ؟!
أَصَابِعُكِ ائْتَلَقَتْ
مِنْ مَحَابِرِ رُوحِي
وَضَلَّتٰ بَسَاتِينُهَا
فِي مَعَانِي انْفِتَالِي
لَكِ النَّفْسُ أَوْقَدَتِ الْحُلْمَ
حِينَ اسْتَوَيْتِ
عَلَى حَافَةٍ
مِنْ هَشَاشَتِهَا
غَيْرَ أَنَّكِ غُصْتِ بِهَا
فِي وُحُولِ اللَّهَبْ.
تَلْهَثُ الشَّمْسُ. خَلْفَ أَسْمَائِهَا. للِرِّيحِ عَرَبَاتٌ مَمْلُوءَةٌ بِأَكْيَاسِ النَّدَمِ. لَا قَطْرَةَ تَسْأَلُ عَنْ أَرْضِ شَهْوَتِهَا. لَا أَحَدَ يُطِلُّ عَلَى ذَاتِه بِذَاتِ غَيْرِهِ. عَيْنٌ وَاحِدَةٌ تُحَدِّقُ فِينَا. مُنْذُ أَلِفِ الزَّمَنِ إِلَى مَا بَعْدَ يَائِهِ. تَكْتُبُ فِينَاَ الْحَقِيقَةُ عَمَاءَهَا.بِاسْمِ فَاكِهَةٍ لمْ نَأْكُلْهَا. بِأَنَامِلِ سَحَرٍ مُبَلَّلٍ بِضَوْءِ الْغَوَايَةِ.