الحياة أقصر من قامتي
أتسلّقُ عمري
عثرةً ..عثرةً
وعندَ تخومِ الخدوشِ
أسقطُ متعثّرةً بخيبةٍ عالية
أتسلّقُ نهاري مرتعدةً
لا مرايا تضيءُ ملامحي
لا حكايا تهدْهدُ الليلَ
المُشْتعلَ قربَ مزاميرِ البال
لا سريرَ لقيلولةِ الذّكرياتِ المتوعّكة.
أتسلّقُ نهاري/كدماتي مُرْتعدةً
كأنثى تتكئ على شرشفِ الأوْهامِ المنهكة
وفي زمهريرِ القشعريرة
أسقطُ متعثّرةً بما يُشبهُ الحَيَوَاتِ المرهقةَ.
أتسلّقُ خريفي
عاصفةً…عاصفةً
لا شجرَ يرتشفُ غيابي
لا غيابَ يتوضأُ بحضوري
الحضورُ عكّازٌ أعْرجُ مُهْمَلٌ في بال الذّكريات
الغيابُ حشْرَجةُ العُمرِ المنتسكةُ أجنحتُهُ
في حَنْجرةِ اللا نهار.
والليلُ تارة على جبيني
حصانٌ عصيٌّ عن التّرويض
وتارة بالي الشّاهقُ بالتنهّدات.
لا سماء تتسع لي
لا أرض تتهجى خطواتي وتهيئوني أبجدية ناصعة للحضور.
الحضورُ ياقةٌ متهدّلةٌ على صدْرِ الأوهامِ الكثّةِ، يتهجاها الغياب.
الغيابُ ثوبٌ مُرقّعٌ بذنوبي.
لسْتُ المُذنبةَ كما يجبُ
إنما الحياةُ مئذنةٌ مُطْفَأَةٌ
تحْتَ ركبةِ الأمنيات..
تحتَ ياقةِ أنيني
أتسلّقُها، فأسقطُ متعثرةً باللاحياة…
لا سماء تنفتح لي ، لا أرض تتهجاني
ما بها الجهاتُ ترْتعدُ مِنْ قلقي
ما بها الحياةُ أعلى مِنْ ياقةِ أيّامي
وأقصرُ من قامتي ؟.
قميص
أفتح قميص اللغة
أنزوي فيه
كما لو أنه جنتي أو مدفأتي
أتسلل من البرد الذي راود أصابعي
كي تتبلد من شدته وما تبلدت
ظلت ناضجة بالحزن ولم تفقد
حاسة اللمس والحنان.
قميص اللغة وحده الكفيل بما لا تسعه الحياة.
أفتح قميص اللغة
أجدني على ياقته
بقعة نهار على قيد زوال
تتشبث بقشة ضوء ذابلة
كيما لا تتوعك أبجدية اللحظات
على هامش البال
أتسلل من الوجع الـ راود جهة القلب
منذ هطولي من الأسى والأنا ومعناي
أتحسس جهة القلب /شاسعة الجرح
شاسعة الغربة.
وحده قميص اللغة
وطني ومنفاي.
انقضامات
1:
أتمددُ في المعنى
أفتح بابا بقامة الأحلام
أدخل منه
إلى حياة ليست بانتظاري
أصافحها بحرارة لا مثيل لها
إلا في المفردات
تصافحني بقفازات من جليد
تقول طقسي لا يلائمها
فتنطفيء في البال فكرةُ الحياة
التي كُنتُها قبل قليل.
أتمددُ في المعنى / أتوعكُ
أقضمهُ، فانقضمُ.
2
أتمددُ في الأنا
فينفتحُ باب بقامة الأوهام
تتسلل المواسم الشاحبة
إلى رأسي المزموم بالذكريات المرتعشة
أتذكر أنّ رأسي
المزموم بالذكريات المرتعشة
أريكةٌ لوجع لا يجيدُ
التثاؤب أو النعاس.
كيف لي أخترع له مُسكنا أو منوما بقصيدةٍ
أو أبطنه باللامبالاة.
رأسي المزموم بالذكريات
أريكةٌ لتنهيدة لا تهدأ.
3
أتمددُ في اللغة
معصومة من الهنات وبعض الأخطاء.
أتمددُ في الذكرى
غير معصومة من الحسرة والبكاء.
4
أتمددُ في الحياة
مطفأة المسرات.
أخطئ في كتابة مفرداتها كما يجبُ
ويخطئ القلب المصابُ باللعثمة في لفظ
الغبطة بوريد معطوب النبض
الأخطاءُ مهنةُ القلب المتكور في سرير القلق.
هل الحياة هي فقط مادة الإملاء؟
5
أتمددُ في الأمنيات
أغفو وفي البال سقفٌ أبيضٌ
وسرير لائق
ووسادة تحنو على جبيني
تفتح جنتها الممكنة لخدوشي المكتظة كي تتماثل لغفوة دائمة.
أغفو وفي البال سقفٌ أبيضٌ
وجدران تليق بصبر أمٍ احترفها الحزن ومواسم متجهمة / حافية الفرح.
ونوافذ تطل على سماء تبتسم في أفقها ولا تستمرئ
حالة الغروب الركيك.
أصحو وفي الحنجرة لكنة الأنين
فالعمر ذاته
يرتجف من شدة العراء
والقلبُ ذاته إصيص لوجعي المتراكم منذ نعومة الليل
المربت على خطواتي المنقضمة الدروب.
6
أتمددُ في عزلة عالية
أتدرب على احتمال مخالبها
تتدرب على امتصاص حالاتي.
وقتها يتدربُ الليلُ على نهشي
يفردُ جناحيه
كيما يتأنق بعتمة أشد
ينفلتُ ناي الحكايات
من تنهيدة تتهجى نهارا مسهد النور
مطفأ التفاصيل
يذرفني ملامح خريف غائرة الشجن
فأتماثلُ للغياب.
نــوّارة لحــــــرش
شاعرة من الجزائر