امرأة للريح كلها
تدلجين في الحافة التي تقطعك أجراسا وعويلا
وتنتحبين ببياض عميق من الشمع
وفي الفتيل الذي يحرس
إغفاءاتك
ترمقين جسارة اللهب ،
وصحراء تشراك الوثني.
معتمة أصابعك العارية
حين يتنزه فوق فواكهها ثلج
قديم
موقظا فراشات كانت تقاسمك
الذهاب الخافت الى رقصة
في الغياب . .
واذ تتركين ورقة اليتم على الندف
تكتشفين لطخة الدم الذي لا يشبه إلا دموع إله منام
عند أول البياض أخرس
إلا من خطيئة اللعثمة
أثارك تمحوها رياح
تضحك ببطشة ما ينتهي كي
ينتهي
(وحدها الريح تعرف كيف
يحمي
الأبدية من عيون فاتنة )
ولكن هاك دائما شفائية
تجلو عبيرك لشمام المسافات
ذلك القادم من نسيان
ينام في أتفه الأفعال ،
وفي رنين المعدن النازف
بصراخ الموتى
(أولئك الذين كان أباطرة
الصدفة ينبشون قبورهم
ويسرقون أسنانهم
التي ضحكت حتى الفناء)
هذا ما يعطيك النبرة الواثقة
لموجة تعود دوما بزبد أكبر
لتمجد فرغ البحر ويأسه العظيم
أو لتثغو بحليب العواء
لمن حرثوا الأزرق بمخالب
النميمة
والجنون
(هل هناك أقرب من نبضك
لهذا الوجع الذي يمتد
من اللازورد الى الغرف المغلقة
بإحكام بخواتم الدساتير
والشرائع )
غير أن ما يشبهك في اختلاج
النباتات البحرية هو تعريشها
بحنان على جراح الأحجار
التي تتآكل بصبر الأرامل
وما يعطيك قسمة الهباء
هو النعاس المختفي في بياض
صحراء البحر
والسخرية التي تقف كالبومة
على أجمل الخرائب
هناك في غطرسة المجد البليد
وفي الخطب التي يركما بناءون
بأيد من حنين ثم يصرخون
جزاء سنمار
ثم إنك هكذا
مولعة بالسير عكس الجهات
لا أرض لتمسك بوصلتك
التي تؤشر لكارثة
تتنزه في عويل السلالات ،
ولا استراحة لقدميك السادرتين
خارج جنوح العناصر
الى حيث لا شفاء من لسعة الحب .
وكلما خضت غمارا بردف غنوج
ونهد لا يفرق بين أعراسه الموحشة
ستكتشفين ضيق الخرافة
التي رعتها القبائل والأنساب .
وحدها الرقة التي تشرق نادرا
عند أحلامنا الشاسعة
ستمسكك بيد أخف
من ثقل الخطيئة كله
الأوصال
أيتها الأوصال
تسفحين عند طعنة الصباح
أرجوانك المنثور
حيث تكونين قريبة من رجفة الكائن
وهو يلملم الساعات في زوادة الخراب
طاعنا كيتم في غابة محترقة
لك انحناءة المرأيا، وتجاعيد الليالي
ولك الهباء لامعا ومقترنا بأشياعه
ملتفا على فتيل يلهب البراري
ويزوغ عند هاجس المرارة
اقطفي الآن ثمارك المريبة
وادخلي الى احتضار موحش
أنت مداره واختلاجه الأليف .
ايتها الأوصال
لم يكن لنا منك سوى حداد أرض
تشهر القسوة في الأحجار
والرهافة التي تقاسم التراب فتنة الغبار
والممالك الغريقة في البلادة والحنين
لك ما نساه الذاهلون في غبش
يزين للفريسة موتها
وللرماد شهوة الصهيل .
ايتها الأوصال
هيأنا لك انتباه دم يسوق قطيع
أجراسه
بالهذيان والطنين
فلتهيئي لنا إذن مديح أقمار تركناها
على درج البيوت
والنوافذ القريبة من نعاس البحر
حيث تخصب الأمواج عندما
تلامسها
نساء الساحل ، وتنزع الأصداف
قمصان الرنين
حين نرفعها الى أذاننا
لنسأل الفراغ عمن قد عشقنا
وانتظرنا و مواجهة العواصف
كلها
ولفحة الجهات منذورة لغموض
يشهرون للمنارات البعيدة
شارة الرحيل ، المواكب
هكذا لك هيأت نوارس أزرقها
وهربت رفيف أجنحة
تصفق للكوارث والجنون
وهيأت لك الرمال ملمسها
المريب
حتى تدخلي في رقصة الهلاك
ايتها الأوصال لم ننتصر حين اقتربنا من حديقة
الحراس
كنا نجمع الرعشات في عقد
نطوق الشتاء به
ونسفح الماء على خفرت العتبات
كي يعود التائهون
نلمس الكراسي والمرايا
أين كان ينظر الفناء بعينه المقيتة
نلمس الزوايا المظلمة
والشرفة الأكثر وحشة من
الكواكب المقفرة
التي تخوض عتمة الفراغ
ساحبة وراءها الافول
نلمس الوسادات اليتيمة
واللحافات التي يعرش النسيان
فيها
نلمس كل ما تركنا عند رهبة
الوداع
ونرتجف لعبق
لم يسعف الروح لتنحني لتحية
الخراب .
أيتها الأوصال
لم يعد يرتق النهوض باكرا
جراح تغريباتنا
ولم تعد لنا هواجس نجس بها
المدافن
موغلين في جسارة اللهب .
منتظرين خبب الخيول وهي تطعن
السهل
بحوافر البرابرة القساة .
ايتها الأوصال
شاركناك خيباتنا
وكنت لنا صديقة المدارات
التي لم ترتهن لغير ليلنا
في هدأة المسار وجفلة العناصر
لكنك الآن تجوسين الخدوش بهيبة
الطقوس
وريبة السبل الكثرة وهي تجلو
خطها المجهول للندماء والأسرى.
حكيم ميلود (شاعر من الجزائر)