من مواليد مونتري شمال المكسيك 1951. من اصول هندية اذ يرجع نسب والده الى قبائل المايا في الجنوب المكسيكي. اصدر حتى اليوم اربع مجاميع شعرية
ـ الفجر بعيدا 1992
ـ وادي في شرق البلاد1999
ـ ميريدا 2006
ـ مكسيكو تنتظر غودو 2010
يعيش منذ اكثر من عشرين عاما في العاصمة مكسيكو, يعمل محررا ادبيا في صحيفة الانفرسال. ترجم شعره الى الانجليزية والبرتغالية. حاز على جائزة الشعر التي تمنحها مؤسسة اوكتافيو باث في عام 2008 عن مجموعته «ميريدا» وهو اسم لمدينة في جنوب المكسيك في اقليم الشاباس.
يبدو كارلوس افيلا ، ضمن المجاميع الشعرية الاربعة التي اطلعنا عليها ، كأنه يستجيب لما كتبه انتونان ارتو في ثلاثينات القرن المنصرم في ان «المكسيك قادرة على احياء اساطيرها ، اذ هي قادرة على ترصدها وبعثها من جديد «. استعادة التاريخ والاساطير لكن بتأويل آخر جديد وشعري هو الموضوع الاكثر تواترا في اعمال دفيلا. فالحوار بين الشاعر والعالم يبدو اعادة صياغة وبحث وتركيب جديد للخيال المكسيكي واعادة لتاريخ التدمير للخيال المكسيكي السابق للاحتلال الاسباني. ابتعاد الآلهة وتخليها عن الشعوب المكسيكية هي نتيجة لخطيئة اصلية كانت راسخة في المتخيل الديني المكسيكي ، كما عبر اوكتافيو باث. لكن كارلوس افيلا لايؤمن بها بل يناقضها ويضع الثقل الاكبر في المأساة على عاتق الغزاة وقوة سلاحهم. اغلب قصائده تدور في محور اعادة القص للواقعة الكبرى التي تمثلت في غزو المكسيك وتدمير حضاراتها المختلفة في زمن قياسي والنضال الشرس ضد المحتلين الاسبان. القصيدة تروي لنا ما هو مخفي عن انظار المؤرخين، اليومي والخيالي في الحياة المكسيكية لشعوب البلاد. في نفس الوقت فانها تروي لنا ماتخمر في الذاكرة الشعبية الاكثر حياة من ذاكرة المؤرخين. يروي افيلا التاريخ على لسان جده حينا او جدته ليبرز المعاناة الدائمة والحاضرة لأحفاد تلك الحضارات. فهو الذي ينحدر من اصول هندية مازال ينزف في مخيلته الشعرية رغم انتظاره لغودو.
يختلف كارلوس افيلا عن مجايليه من شعراء المكسيك كدافيد هيرتا صاحب مجموعة «العضال» او صديقته المقربة كورال براجو الاكثر قربا من الشعر الامريكي ، في لغته البسيطة وانحيازه الكلي للتاريخ المروي شفاهيا. اغلب قصائده تبدو نضالا ضد النسيان فهي استعادات للتراث الحضاري النادرللمكسيك قبل الاحتلال الاسباني ومراحل الابادة التي تعرضت له شعوب القارتين الشمالية والجنوبية. محاولات لصياغة المخفي من التاريخ والاساطير الازتيكية خصوصا .يتكلم كارلوس افيلا لا بأسم المكسيك فحسب بل بشهيق وزفير شعوب قارة لم يبق منها غير الاطلال ونماذج انترولوبوجية تنضح بثقل التاريخ المأساوي للقارة. «الكلمة مرآة الشاعر» يقول افيلا في احد حواراته. في هذه المرآة العميقة تكون الكتابة الشعرية هي قراءة للمعنى المخفي خلف ركام هائل من الرموز الحية والميتة في القصيدة. انها فرصة لرواية التاريخ الدامي وكشف الجروح التي مازالت تنزف في الجسد والمخيلة المكسيكية الحزينة التي عبر عنها قبله خوان رولفو واوكتافيو باث وكارلوس فوينتس وآخرون من ارض البراكين. من هذه اللحظة ، لحظة القصيدة ، فأن مهمة الشاعر هي اعادة تركيب العالم القديم كجذر للحاضر ومتاهته خلف اقنعة الموت التي يضعها المكسيكي في كل احتفالية.. لكن افيلا يكرس في قصائده افكار ووقائع الموت على السنة الناجين من مذابح الاسبان وما تحول الى رموز ترويها اجيال حتى اليوم باعتبارها التاريخ الحقيقي لأزالة حضارتي الاستيك والمايا. يركز الشاعر في اكثر قصائده على فكرة الابادة التي تعرض لها اجداده ، مبتعدا عن الواقع الذي رسمته الرواية الاسبانية للغزو ، وهو اكثر من ذلك يسخر من رمزها الاول احيانا كما في قصيدة «هزيمة كورتيس» فالفاتح العظيم للمكسيك في هذا القصيدة يبدو «كمسخرة» او قدر طائش.
يذكرنا في هذه القصيدة ، بما يعرفه القليل وهو هزيمة كورتيس في حرب الاسبان مع الجزائر ونجاته لكن بعد ان ذاق طعم الهزيمة وعارها. فتبدو القصيدة اعادة كتابة للتاريخ ، حقيقية رغم ترميزها. وهكذا الحال مع قصائد كثيرة في مجموعته « مكسيكو تنتظر غودو «التي تتمحور حول استحالة الاجابة على اسئلة فقدت معناها الاصلي ونكهتها لأنها لم تجد جوابا في الحاضر. في هذا المعنى فأن شعره مكمل لمحاولات دي لا فيسكاس و اوكاتفيو باث وبحوث جان ماري لولكليزيو في «الحلم المكسيكي» حيث يسلط الضوء على حضارة منسية لو كتب لها التاريخ الاستمرار لغيرت وجهة حضارتنا الحديثة. فبفقدانها خسرت البشرية حضارة الوان وتعازيم وتصورات غيبية وروحانية عميقة.
شعر كارلوس افيلا يبدو كترديد لجوقة مسرح اغريقي تراجيدي يروي الفصول الدامية لحظة افول حضارة وبزوغ اخرى « الالهة ترحل لأن الزمن انقضى، وهاهي عودة زمن آخر وآلهة اخرى وعصر آخر « كتب اوكتافيو باث.
وصول غودو
اشتريت بطة من سوق الاربعاء
على المائدة
قالت زوجتي انها دجاجة مشوية
واضربت عن الطعام.
ّكنت اتمشى في حديقة اينشتاين
افكر بقصيدة لهولدرلين
فذرق عصفور على كتف معطفي
ضحكت النادلة
التي كانت تنظف منضدة على الرصيف
غادرها الزبائن
قبل ان يمرق العصفور
في سماء ذلك الصباح
من يعلم بمصيره حينما يرن المنبه؟
الشراشف تشبه الاكفان
السرير مثل تابوت
والليل مثل ظلمة القبر
مع ذلك
نستيقظ في الصباح
ونحن نصفر لحنا
ونمضي لمصيرنا اليومي
بعد ان ندفع اجرة الحافلة
التي ستقلنا الى حيز اكبر في المقبرة
ـ صباح طيب ، قالت بولين
اجبتها بأبتسامة
وانا اقطع غصن وردة
ثم امطرت السماء
فدخل كل منا ، بولين وانا ، في متاهة
لم يتوقف المطر طوال اليوم
وضاع كل منا في متاهته
كما ضاع اثر الصباح
تحت رذاذ المطر.
تحت شجرة الافوكاتو
يسكن سنجاب مرقط منذ شهور
نتسابق انا واياه عل جمع الثمر
حين ترافقني القطة حتى الشجرة
املأ سلتي فاكهة بلون زبد بحر هائج
وحين اكون وحدي
اعثر على ثمرة او اثنتين
مقطعتا الاوصال
وارى السنجاب
يداعب ثمرة ثالثة على غصن شاهق.
اخبرني البستاني انه شاهد افعى
افعى كبيرة خلف اكمة ورد الفلومبيون
مرت ايام والبستاني غائب عن الحديقة
وفي صباح رأيت الافعى تتدلى من غصن شجرة تفاح
قلت لزوجتي لنتعرى ونلتقط صورة هناك
لم يكن ثالث بيننا
مر الصباح
وغابت الافعى
وحين جاء البستاني
كان الوقت متأخرا
قالت حوائي:
دائما يصل غودو متأخرا.
المركب السكران
حين قرأت المركب السكران
كان الوقت ظهيرة
وكأس نبيذ ابيض بين يدي
كنت في اوتكان
وكان البحر امامي.
حين تركت نفسي للموج
نسيت القصيدة والشاعر
وهبطت الى عمق الكاريبي
رأيت سلاحف وطيورا تشق الماء
رأيت اسماكا ذهبية وشذرية
رأيت صخورا بلون الدم
وعناقيد من عقيق البحر
وبقايا سفينة خشيبة
ساكنة، منذ قرنين، في الاعماق
الماء في المستنقعات كان يتعفن
والاسماك تهرب من الشباك
بينما الغسق كان يرسم حمرته على الماء
لم ابك فقرص الشمس الغاربة كان بهيا
والقمر الذي بزغ اكثر بهاء
لم ار السفن التي تشحن القطن الانجليزي
وقمح الفالاند
رغم ذلك
حملني الماء الى ماكنت احلم فيه
رأيت هنديات يسبحن في الليل
ينسجن من خيوط الماء قصصا
ينثرن عطرهن على الساحل
حيث تبيض السلاحف
كن يغنين للأله كوتزال كوات وريشه المقدس
بينما الرجال كانوا يرقصون بعيدا
خلف النخيل
عند بركة تنفث الدخان
رأيت صخورا هناك
نحت الانسان عليها مستقبله بأحرف من زمرد
ويوما كان الذهب يغطي الصخور
قبل ان يأتي الانسان الحصان من هذا البحر
الانسان الذي شعره من ذهب
والذي فتت الصخر
واباد اجدادي في حرب صاخبة
رأيت في المساء مكسيكو القديمة تخرج من البحيرات
على ايقاع ضرب الطبول والصافرات
بيضاء كالسراب
عامرة كانت واشبه بحلم من فضة وريش
وكانت تنتظر غودو
هزيمة كورتيس
الفاتح العظيم عبر البحر المتوسط سباحة
بعد ان اغرق العرب سفينته قبالة الجزائر
قال لنا العربي ، كما يدعوه جابو
في المتوسط غرق مجده
واكل الملح درعه
ومازالت سفينته في الاعماق
حيث تنام اسماك الحمري.
هرنان كورتس راعي دودة القز
نسي لسانه الدونا مارينا
نسي التي كان يسير خلف كلماتها
كما تسير الفرس خلف جوادها
الاسبان ينسون سريعا
المجد ينسيهم لعب الاقدار
كورتيس نسي المكسيك
بعد قبلة على شفاه ابنة الدوق اغويلار
في ساحة قصر بأشبيلية.
وحين تذكر ليالي مكسيكو وسواحل يوكاتان
اراد السير مرة اخرى نحو بلاد الذهب
نحو البيرو البعيدة
لكن الزمن عبث بساقيه فمضى نحو الشمال
في سهول كاليفورنيا ذاق طعم الحمى والفتن
فعاد ادراجه خالي الوفاض
انشغل اياما في النظر لدود القز تنسج الزمن
كان الشهر ايار
وخلفه كان ايار آخر بعيد قانيا
مرعبا بدوي الطبول
نام كورتيس في حديقة قصره
في الحلم جاء صبي بلباس الامبراطور
كان يشد جراحه بأوراق الذره
ـ مازالت في مقتبل العمر بعد هذي السنين
مازلت انزف يا مالنجا
لكني مازلت في مقتبل العمر
وما زلت غير راغب بالحياة معكم في جنتكم
استيقظ كورتيس صارخا
ماذا تريد مني يا مكتوزوما ؟
الا ترى الديزانتري كيف جعلني منبوذا ؟
لم ينم الفاتح بعد تلك القيلولة
على سواحل الجزائر بعد الهزيمة
تذكر كورتيس حلمه
بينما كان يسمع انين
الجنود الاسبان الجرحى
خلع درعه وراح ينظر للبحر
كأنه ينتظر وصول غودو
الترجمانة
قال جدي دون كارلوس ان المانالجا كانت اجمل امرأة في المكسيك
شعرها فاحم كقلب منجم
جلدها املس كالأفعى
وعيناها صفراوتين كدمع الشمس
اغرت الفاتح من اول نظرة
وحين انزلق جسده على جلدها الاملس
في ليلة مقمرة
كان كممحاة مسحت كل تاريخنا.
لم تشرق الشمس بعد ذلك اليوم
وصار الدم يخرج من الينابيع والغدران
والاطفال صاروا يولدون صارخين
وانقطع الحليب في ضروع الامهات
وملكنا الأله صار حزينا وفقد النطق
قالوا انه نسي لغة الاجداد
فالمالانجا سرقت لسانه
وعرفت تجاويف رأسه
الذي يخفي كنوز الازتيك
ويوما
بينما كانت تتمشى قرب اسوار مكسيكو
كانت احجار الاسوار تسقط مع خطوها
مع كل خطوة حجر سارت ثلاث سنين
ولم يبق من اسوار المدينة غير الذكرى
حتى دخل الفاتح المدينة دون عناء
فالطرق الى المعابد كانت مفتوحة
والاهرامات كانت تخفي ترابا
لكن حمامة كانت فوق المذبح اعلى الهرم
شاهدت المأساة
لم تحلق منذ ذلك اليوم
فهي تنتظر ان تروي الحدث حين وصول غودو
هرم كوليكان
اسلافي شيدوا هرم كوليكان
في قلب الغابة العذراء
هناك حيث يحفظ هوناب القرص الذهبي
حتى يوم فناء الكون
حينما ستبكي الالهة هلعا
وهم يرون النجوم تتفتت كما عرنوس الذرة تحت الرحى
يومها ستنتهي مهمة كوتزالكوت
خالق الريح والتقويم وشرق الدنيا
بعدذاك لن تشرق الشمس
فلن يكون لها بيت لتخرج من بابه.
قبل ذلك ، في الزمن البعيد
الى قلب الغابة
حمل شعب الاتزا الاحجار الثقيلة
تعرقت اجساد النبلاء
وهم يصعدون بالحجر لقلب السماء
حين صففوا حجر السلالم كانت عناية كسوشيبيلي
اله الجمال
تقود اصابعهم الرقيقة التي تشبه اوراق الاجاف
في الفجر سال دم الشمس من ثقب ابرة
ثم اشتد النزيف في الشفق ليخلق النور
فانساب الماء الكريم على الحجر الصقيل
على السلالم تجمع دم كنش اهو
نازلا، برقة اله ، درجة درجة
صافيا ، كماء الينابيع
نقيا كزهر الزعفران
حتى الصحن المقدس
فأرتجفت يدا الملك
هلل الأسلاف للأضحية
لدم الشمس الكريمة على سلالم الهرم
في الليل، على قرع الطبول
بادلوها بالاضاحي البشرية
هكذا كل ليلة يشكرون الدم بالدم
وفي الفجر يجمعون دم الشمس
برقة جامعي تويج الزعفران
في مروج الاندلس
بادلوا الظلمة بالنور دهرا
حين جاء القرصان في سنة الريح
باحثا عن الذهب
كان هرم كوكولكان مجدبا
فالعاصفة مرت قبل وصول الغريب
والشمس لم تعد تنزف هناك
تأمل السلم المفضي الى السماء
وكان كندورا يحوم فوق الهرم
لم يجرؤ القادم من البحر علىالصعود
وقف هناك سنينا
ينظر يمنة يسرة
ثم يحدق في الافق
كأنه ينتظروصول غودو.
جابالا
بين البراكين حفر سيد الماء هذه البحيرة
ثم سحر المياه فصبت وابلها ثلاثة ايام
امتلأت الحفرة بالماء
فجاءت الثعابين واستوطنت بين القصب
القصب الذي نما بينما كان سيد الماء ساهما
يحدق في قطرات اللؤلؤ الساقطة.
قالت جدتي راعية البقر قرب كوالدالاخار
ان قطرات سقطت خارج حفرة السيد
في ايام تحولن الى ساحرات
فكل مايخلق سيد الماء هو سحر
في الليالي المقمرة
كن يجتمعن هناك عند ضفة البحيرة
قريبا من الطريق المفضي الى بيت دون افيلا
كن يحكن السلال والسجاجيد الملونة من شعرهن الطويل
في الصباح
حينما يتبخر ماء البحيرة
عائدا الى العين الذهبية
كانت كلابنا تقودنا الى لقى عجيبة
منثورة حول بقايا رماد
تقول جدتي راعية البقر
بمرور الايام
تركنا الابقار في المروج وحدها حتى عجفت
صرنا نرعى الكلاب
ونتبعها وهي تشم الضفاف
وفي يوم
نسينا ابقارنا التي قادتها خيول الكرنغو الى تكساس
هكذا صرنا نبيع السلال والسجاجيد
على الطريق الماضي الى تكيلا
ومن يومها ماتت البحيرة
فعدنا خادمات لنساء الكرنغو
ذوات الارداف الكبيرة
لكن…
وتصمت جدتي طويلا
تفرك اصابعها ثم تصلي
كأنها تنتظر عودة غودو
من مجموعة مكسيكو تنتظر غودو
عقد الدم
في اول الزمان
تأمل اسلافي الافق في الغروب
فارتجفوا هلعا وبردا
حينما اختفت الحمرة خلف القصب
عاشوا الفناء تلك الليلة
دبت الافاعي بين اقدامهم
والوحوش الكاسرة نهشت لحمهم
سدوا آذانهم حين عوت آفات الغابة
الارض ارتجت تحت اقدامهم
حينما مر قطيع تابير مذعور
اكل النمل اطفالا
تلك الليلة
تحت انظاركويولاكسوكي « اله القمر
المحدق في ارض الظلمات
لم يأت احد من الهة الجنوب الاربعمائة
الآلهة التي ستسقط يوما من اعالي الهرم
فبكى الرجال حين تاهت نبالهم في الظلمة
لكن احدا لم ير الدموع
والغابة كانت تعيش ليلها بمسرة
فقطعان الفراش المملوكي تتناسل بصمت
وزهرة الهوتلكو تمتص ندى الاوراق
بينما سحلية الكوان هاجعة فوق اوراق ندية
تنتظر مرور فريسة
والفناء كان ليل الغابة الذي بلا خرم ليمر منه النور
الظلام الذي يكسر العزيمة بين ظلوع الرجال
ويمحي المحبة من سواد عيون النساء
وكالنبل يخترق حشاشات الرضع
عرف اسلافي لب اليأس تلك الليلة
حينما انبرى شيخهم ليهتف ان العالم ومضة نور
والحياة حلم فراشة
والموت يقظة هي بالمرصاد لكل من شم رحيق زهرة الأوركيدية
على الارض كل نفس ذائقة الموت
الآلهة حسب لاتعرف الاقدار
لأن عقدها مع النور ازلي
ونحن بلا عقد والظلمة في ميكتلان مصيرنا
انطرح الاسلاف على الارض الندية بأنتظار الموت
وران الصمت كحل اخير
كما في يوم سيأتي بعد دهور
حينما
لكن بينما في العلا كانت نجمة تصعد للسماء
كان شرق الدنيا ينصبغ بالحمرة كقلب نابض
كانت نجمة المساء تعود
براقة كانت كما ريش طيور الغابة
من اطرافها اللانهائية كان النور ينبجس كالدم
دبت النجمة في السماء
كما تدب افعى راسمة طريق زحفها
بقطرات سيالة كالدم
افعى مجللة بالريش
كان كوتزالكوات يمرق يتبعه النور
حينذاك نهض الاسلاف عن بكرة ابيهم
صلوا للمرة الاولى
شقوا صدر محارب اثير
ووهبوا قلبه الراجف للنور كي يصطبغ بالحمرة
ثم ساروا تحت الشمس ماضين الى البحر
وقفوا هناك كأنهم يتأملون الابدية
الملك الشاعر
«انا الشاعر ، سيد الكلمات والنشيد
انا المغني تحت سماء اليشم
نشيدي يوقظ ارواح اصدقائي الموتى «
تحت سماء اليشم
تنضج الكلمات كما عرانيس الذرة
ومن فمي يسيل لحنها
كما الماء في فردوس تلالوكان
انا نيزوالوكوتيل
ملك على شعب الازتيك في شبابي
وشاعر مدى العمر
اضع الزمرد في فواصل الكلام
اغني سلالتي وامجاد الالهة
امسك اوتار الكلام كما امسك وتر القوس
يزهر الربيع حين اغني
والاوركيديا تتفتح على الطريق
حينما تمسك يدي بشوكة الصبار
لاشيء ابدي في هذه الحياة
لا الملُك ولا الحجر المرصوف في الاهرامات
الارض معلقة على اغصان شجرة
وبالكلمات نروي نسغها
قبل ان تتحقق النبؤة
من اسلافي تعلمت حكمة حياتي:
شيئان لايمكن النضال ضدهما
الموت والحب
الكلمات وحدها تجتاز بنا السهوب التسع
وتجدد غمار العاطفة
كما قلوب الضحايا على المذبح تجدد العالم
حينما ترتعش في الهواء الطلق
او كما النشيد يحلق على ايقاع الطبول
ليعطي للغابة ثمار البشر الحلوة والمرة
حياتي حلم
والكلمات تبتكر مسرحه ووممثليه
عرشي محض لحظة عابرة
كحياة وردة
وشعري يجدد نذر الاسلاف
فالشمس ستشرق بعد الفجر
حينما تنطلق الكلمات من فمي
مبللة برذاذ الصباح ورحيق الزهر
لحظتها يكون لعرشي معنى في هذا الدوار
فالعالم سيعيش يوما آخر
حينما سيدفع نشيدي القدر خطوة للوراء
وشعبي سيمضي اماما
رفيقا لرحلة الشمس قبل المغيب
حيث يلتمع الريش طوال النهار.
ذكرى حفيد
جروحنا تخبرنا ان الماضي لم يكن حلما
فحينما كانت شجرة السييبا
وتدا يحمل قبة السماء
كانت الجبال جرار ماء
منها يسيل الماء للأنهار
وحول المدينة تلمع البحيرات كأجنحة نوارس
الربيع كان ابديا
لون الفراشات وحده كان يعلن الفصول
و المطر حين ينزل فلكي يفرش موائدنا بالفاكهة
النساء كن يحكن شراشف الاعراس
وينسجن المهفات
ويتقاسمن البتالكالي مع خزائن الملك
الرجال بمعاطف القنب الابيض في السوق
كانوا يرسمون حياتهم
كما ترسم الالهة اقدار البشر
وفي البعيد
كان البحر يمتزج بماء البحيرات
كنا ننصف الآلهة بدم طيور الحجل وقلوب المحاربين
وهي تنصفنا بديومة النور
بالفجر والضحى والظهيرة والعصر
وفي الليل تقاسمنا مصيرها
لننام مطمئنين جنب زوجاتنا
راسمين مستقبل اطفالنا
مسرورين بتنهدات العشق
وصرخة الانثى التي تسقط اوراق الشجر
جروحنا تخبرنا ان الماضي لم يكن حلما
فعند الجبال تدور الطرق ماضية للسهول
والغابة كانت تكفي لنزهاتنا
ولا احد ينتظر من البحر غير المحار والسمك
وغروب الشمس ثم شروقها
ليبدأ النهار
لم تكن الالهة تعرف الخداع
فلكل منهم يومه في ايامنا ولم نترك واحدا في شيخوخته
لم تكن حروبنا الا من اجلهم
كي يدوم العالم ولايسقط في لجة الفناء
حينما تموت الالهة عطشا
اهراماتنا تشهد
قصورنا تشهد
طبولنا تشهد
اناشيدنا تشهد
والحجر الكريم يشهد
والاسرى يشهدون
ان الذهب لم يكن غير دموع فرحنا بالحياة
جروحنا تخبرنا ان الماضي لم يكن حلما
على كل صخرة سال دمنا
ومياه البحيرات كلها تعرف لون الدماء
حديد السلاسل يعرف طعم جلودنا
وشراشف اسرة الفاتحين
تذكر الدم النقي لعذرواتنا
يوما
بعد المذبحة بقرون
حينما جفت البحيرات
وابتعد الماء
وصار البحر بعيدا
وفتت الزمان الصخور
وحديد السلاسل صار ترابا من الصدأ
ذرته الريح بعيدا
والشراشف تهرأت كما الزمان
لكن الجروح بقيت في الذكرى تنزف
تعلمنا ان الماضي لم يكن حلما
ولادة
قبل ليال من ليل مكسيكو الاخير
انتحبت امرأة ملسوعة بصراخ وليدها
الذي التهمه الجوع
كانت وحيدة خلف احراش البحيرة
على الطين كانت اقدامها ترسم الطريق
وتنظر الى لهب المشاعل الذي انار الهرم
بينما الطبول تقرع والمزامير تصفر
والرهبان يلقون التعاويذ في النار
لم يكن احد هناك ليسمع نحيبها في هذا الدوي
ونجوم الصيف كانت تقطر دما
بين قصب البحيرة تربعت لتسقي وليدها حليب الضرع
بينما الافاعي تنسل الى الماء
والبحيرة تلمع كدرع الفاتح الكبير
كما لو كانت تلد اطلقت هي والرضيع صرخة واحدة
استجارت بكاوتيليكو ام الآلهه
جاءت المحزمة بالافاعي في عز الظلمة
بين القصب شقت طريقها
فانهزمت الخنازير البرية
انتصبت
في عينيها نار مشاعل
وفي حزامها تفح الافاعي
ومضت.
في تلك الليلة
فار الدم من قلب محارب
الى النجم
مكسيكو تيبوزتلان
الطريق من مكسيكو الى تبيوزتلان طويل
ومليء بالذكريات والدم
هانحن ، بعد قرون
نقطعه عكس زحف الفاتح العظيم
لم نعد مكبلين بالحديد بل بالكلام
فنحن نكتب شعرا بلغة من ختموا على جلد اسلافنا بالنار والحديد
هؤلاء الذين تقاسموا جداتنا على هذا الطريق
صاروا في ليلة اخرى اضحيات
وكان رفاقهم في السلاح
يسمعون صراخهم المرعب
بينما كانوا يموتون سكرى على ايقاع الطبول
يذكر الهرم تلك الليالي
كما يذكر الطريق طلعة كوتماك
ايقونة الاستيك
حامل الرمح
ذو الصوت الرخيم
«ان نموت من اجل هذه المدينة خير من عبودية جنتكم»
ثم كان الصمت.
الحطام نحت وجه تلك الليلة
في جوع اجدادي
في الوباء المدبر بمكر الديانة الجديدة
في تعب الابطال على اسوار المدينة
وفي الدوي الذي ايقظ الالهة.
لم ير هيشيلوبوس من عليائه قمه اليأس
حينما يرمي الرجال انفسهم في الأتون
والنساء يمزقن اطفالهن بسكاكين الصوان
النٌبل انقرض في ليلة واحدة
في جيثوم نسيان الفاتح لوعده
العفونة صارت رائحة العالم
قبل ان يغمر التراب البحيرات
واجداث سكان مدينة
حيث كانت تقوم مكسيكو تينوكيتتلان
الالف ليلة مضت مع بريق السيوف
وليلة واحدة حزينة
ظلت في ذاكرة الاسبان
حينما انهمر مطر النبال
على رؤوس الباحثين عن كنز اكساياكاتزن
في تلك الايام
الاحجار ايضا محقت
والفهد المقدس خر صريعا برصاص جند الامبراطور
في الليل
عند شهر أب تئن احجار الكاتدرائية
حنينا الى وطنها عند اسوار المدينة البيضاء
فقد كانت يوما هناك
قبل ان تشرف على ساحة السكالو
في آب الدم يفور
من كاحل المصلوب
وحين تقرع الطبول
الماء ايضا يفور
في الاثر الباقي هناك
في الحفرة التي تفضي الى الطريق
بين مكسيكو و تيبوتزلان
في البعيد
عند قوائم الجبال
وحيث ينحني الطريق
مازال اثر قدم محارب
لم يصل الميدان
محفورا على صخرة
ينتظر طلوع الشمس
او انعكاس مدينة السراب في المرايا.
ميريدا
من هناك مر الاسبان يوما
يسحلون قطيع بنادقهم
وسلسلة من حديد حملها كورتيس في سفينته
كان سحر يوكاتان كالشمس التي تنضج الثمار
سرا من اسرار كلمات البحر والارض متصافحين
وميريدا كانت سرابا يدفع الفاتح الى البعيد
هناك الذهب ، ابعد قليلا
وفي الابعد قليلا هناك الابعد قليلا
ثم ابعد قليلا حتى طريق مكسيكو
حيث كل طريق يقود الى مكسيكو
« نحن لانفهم ماتقولون «
يوكاتان ، يوكاتان
ومر الاسبان مسرعين يسحلون سلسلة الحديد
باحثين عن كنز بعد عبور نهر من الدم.
تنتظر ندى البحر هذه الارض
تنتظر ثمار الصبار
وتنتظر قدوم فرانسيسكو دي مونتيغو
تنتظر الجمهوريون
كي تطعم مليون فم
وتنحت تمثال لفتاة من المايا
عارية الصدر
تطل من شرفة حاملة مهفتها.
بيضاء وعذراء كالقديسات
ميريدا
بين الموج والغابة التي لاتنتهي
والرذاذ الذي تحمله الريح
لتحلق النسور بتثاقل في سماء لازورد
ترصد قوارض تمر مسرعة بين الحجر
بينما الفاتح يمر مسرعا بلهفة الباحث عن الذهب
تاركا خلفه السراب
تاركا ميريدا والبحر
المحارب الاخير
اهو الليل الاخير
في هذه المدينة التي كانت بيضاء هذا الفجر
كان شيمالبوبوكا يقول لنفسه
ذلك المساء البعيد
لم يترك رمحه بعد
ونطاقه مازال يحمل خنجر الصوان
كان ينظر في ساحة الاحتفالات المطلية بالدم
هذا المساء
ويصغي لدوي الطبل الاخير
الذي سيصمت بعد قليل
كما المشاعل التي ستوقف رقص لهيبها على الاسوار
كان يفكر
الآلهة تركتنا رغم آلاف القلوب التي ارتجفت في العراء
لأجلها انتزعت القلوب من الاقفاص الصدرية
قلوب المحاربين الاشداء ، رفاق الطفولة
وقلوب الاعداء المسبلي الهامات
سينتهي الزمن للأبد
ولن يبقى للأخوة معنى
سيفقد ريش الطيور بريقه
ويصير الزمرد فحما
سيأتي عصر الظلمة والسوط
ولن تشرق الشمس من جهة بكاب…
الألهة ايضا ستصبح عمياء
لن ترى اطفالها بعد اليوم
ولن يرى احد دموعها في الظلمة
ستبكي الالهة حتما حينما تأتيها الاخبار
ستشم بارود الاسبان الذي لوث العالم
وتعلم بأخبار القيامة
ناعور الايام سيوقف دورانه
فلا دم نقي ولا ماء سيتدفق من فم تلالوك
سيعبر البشر الانهار التسعة
ليهيموا في العدم حيث لاريح ولا نور
ولا دم يجري في عروق البشر والدواب
بعد هذا المساء لن تضرب الايدي جلود الطبول
لن يطلي كاهن وجهه برقائق الذهب
ستنتهي الشجاعة
لن يستضيف احد ا ضيفا
ولن تستقبل الاهرامات نور روح العالم
بدم القطا في الصباح
لن يمص العصفور الطنان رحيق الورود
ستمحى الوان الجهات الاربع
وتنصهر المعادن في بوتقة العدم
حينما يريم الصمت على هذه المدينة
في لحظة
شقت قدماه طريقا بين الجثث المكدسة
خلفه كان عويل ونيران
وامامه كان الموت يبرق من فوهات البنادق
رمى رمحه بعيدا بقوة يأسه
لم يره يسقط
فقد خر صريعا قبل رمحه
القرص الشمسي
كان يشرب الكاكاو بالماء كل صباح
ويفطر بخبز الذرة الزرقاء
الرجل الذي رآى القرص الشمسي
محارب المايا
الرجل الذي لم يفارقه الرمح
سار خلف قطيع الخنازيرالبرية
مضى الى قلب الغابة
سار بين ادغال لم ترها عيني كنش اهو
شم عفونة الغاب في الاغصان الميتة
بينما كانت الافاعي الصفراء تتدلى
واصوات طيور تعطي النذير لصغارها
لم تترك عينيه قطيع الخنازير البرية
اضلافها كانت تحرث ارض الغابة
وترفع الاوراق الميتة للهواء
بما يكفي للتراب كي يشهق جرعة هواء
كان من قوم شيشن اتزا الذين فجرو ا عين الماء
محارب المايا
مضى بعيدا
الى المكان الذي لم يصله البشر
هناك رفع ذراعه ودفع بكتفه اليمنى
شق الهواء الراكد برمحه
وبلله بدم الحيوان في لمح البصر
لم يسمع غير صرخة مطعون
وخفق اجنحة طيور مذعورة
ثم غاب عنه القطيع
حمل فريسته على كتفيه وسار
بينما كان دم الدابة يختلط بعرق جسده
في عودته شاهد ثقب النور يهز اوراق الغابة
تبع خط النور فخف الحمل على كتفيه
ولايدري كيف وصل الى ارض الكثبان
كانت الارض تبرق بجلال
شاهد الآلهة في شبابهم يحملون قرصا وهاجا
كأنه وجه كسوشياكتزال» الهه الورد والشباب والحب»
كان فلذة قلب اوتزلوبوشتيلي
الاله المضحي من اجلنا
ابن كواتليسو
المرأة التي طرزت ثوبها بالافاعي
في الرمل دفنوا القرص وصعدوا الى السماء
متشابكي الايدي كما لو انهم يرقصون
في كثيب الرمل كان القرص يضئ
جاعلا الرمال بلون الذهب
بلون دم الفريسة مختلطا بعرق المحارب
لم يبرح المكان
محارب المايا
دار حول المدفن ناثرا بقدميه الرمل المقدس
ترك فريسته على الرمل
سمى الهة الجهات الاربعاء
اهداهم صيده بدمه الذي لم يجف بعد
وحين جن الليل سمع هسيس النار
لم تر عينيه نورا ولم تحرق جلده نارا
لكنه كان يشعر بأبرة الموت توخز قلبه
من الثريا كانت النجوم تسقط كالمطر
في السماء تلألأ ريش الافعى كسرب طيور
فخرج القرص من مدفنه كتاج ملك
فأنهزم الليل فوق ا لرمل وفي عمق الغابة
وعلى ماء النهر حيث تبرق افاعي الماء
لكن محارب المايا كان يموت رويدا
نازفا كل دمه
لقد رآى مالاتراه الا عين الالهة
في ارض الكثبان كان يموت
على عينيه كانت ذرات الرمل تتطاير كالهوام
ويداه تشيران الى قرص الشمس
كأنه يريد ان يقص مارأى
او انه سينهض متكأ على باطن يديه
ليرى الموت واقفا هو الآخر
معركة كوالداخارا
الجبال التي لم تذق طعم الجليد الابدي
كانت ترى الصباح
من العلا كانت دموع تيوبا تتناثر كحبات الذرة
لتفتح طريقا بين الضباب
وفي البحيرة كانت الاسماك تلعب الغميضة مع النور
المحاربون اقسموا ان يطعموا الشمس ذاك النهار
ان يروو ضمأ توناتو
من دم الاعداء يشرب ويأكل قلب السماء
واهب الدفء والخصب
الأله الذي يجعل اعضاء الرجال كالصوان
الارض كانت موردة ذاك الصباح
كأن السهم الاصفر المقدس مر من هنا
من ثنيات الجبال كان شعب جوشيبيلا يهبط
كسيول الربيع
لم يبق احد بين البراكين
فالحرب ستكون الاخيرة
والغضب سيكون الاخير
والوليمة البشرية ستكون الاخيرة
النبؤة مثل دائرة تحيط العالم
هبط المحاربون نحو سهل كوالداخارا
تحت الريش اخفوا اجسادهم
على بريق النصال كانوا يرون العالم نقيا
للمرة الاخيرة
قبل ان تدوي مدافع الاسبان
وتحجب قامات الجنود بدخانها الاصفر
كالنبؤة التي تحيطهم احاطوا بالمدينة
مرددين التعازيم
عراة والريش يبرق كالمريا
كان المحاربون يشتمون ويرقصون على ايقاع وقع النبال
كانوا احرارا ذلك اليوم
بما يكفي لخلق المأساة
فالعبودية مهزلة مرة لاتليق بالمكسيك
ريشة بلا لون شارة المحارب العبد
بينما الاحرار تزهي رؤسهم بألوان الشمس
ذلك الصباح
دقت الطبول وشهقت المزامير حول كوالدالخارا المحصنة
لن تقف الحرب قبل الهزيمة لأن السلام رحلة صيد للغزاة
هؤلاء الذين اعتادوا صيدنا بالكلاب
تمزيق لحمنا
كما في اعياد بيدرو بوباديا القادم من الجحيم
لن تقف الحرب ذلك اليوم عند ابواب المدينة
فالارض لنا منذ رافقت الكلبة السوداء واتا كاميه
حينما كان العالم يلد رويدا رويدا
ليخلق المرأة والريح والجهات والانهار القادمة من الجبال
والاسبان لن يعودوا لأرضهم البعيدة ليحل السلام
كالريح انطلق شعب جوشيبيلا الى المعركة
ثملا بالاغاني وشراب البيوتل
قبل ا ن تغرق الارض بالنبيذ الذي كان يسري في عروق الرجال
كالمطر هطل الدم
وكالبرق لمعت مدافع الاسبان لتحجب شمس النهار
حتى تناماكسلي سقط مضرجا بدمه
بينما كان المحاربون يتدافعون من اجل الموت
لتسحقهم حوافر الخيول المحمحمة
ذلك الصباح
حينما رأى الرجال وجه الهزيمة بدل الشمس
انتحروا بالسكاكين
محارب يشق صدر محارب ليفتح له طريق الخلود
من اعالي الجبال كان الرجال يرمون بأجسادهم
كي لايحدقوا في وجه الهزيمة الاشبه بوجه انتونيو مندوزا
من نجا من الهول
مضى ليقتل اطفاله قبل ان يغرق ونسائه في البحيرة
مثقلين اكتافهم بكرات النحاس
في البعيد عند السفوح كانت البيوت تحترق
والنارتطقطق في خزين الذرة
لم يعد من احد هناك غير الصمت
فالجميع عبرو ا نحو سهول النور
وعلى ارض الواقعة بين اكداس الجثث
كانت فرس جريحة انهكتها النبال
دون سرج تنهض وتكبو
تشم الجثث وتصهل
كأنها تحتضر
او تروي الفجيعة.
سقوط الألهه
يوم غادرت الآلهه اعالي الهرم
اطلق الشؤم جناحيه
دار في سماء المكسيك حاجبا الشمس
ونجوم الليل
منذاك لم يسل الدم من صخرة المذبح الى السلالم
بل دمنا سال بين الشوارع
كان ملكنا المأسور
يصرخ من اعالى اسوار مكسيكو
تعالو انظرو دمنا في الشوارع
تعالو انظرو دمنا
من اعلى الهرم سقطت رؤوس الآلهه
جردها الغزاة من احجارها الكريمة
ومن بريق المعدن المقدس
في غفلة منا ارتقى الاسبان الاعالى
ليأخذوا ملك الالهه بحد نصال سيوفهم اللامعة
اوقفوا الزمان هناك اعلى الهرم
لن تنفع صلواتنا بعد ذلك اليوم
لن تنفعنا النبال والرماح واحجار المقاليع المدورة
الطبول ستقرع في حفل استقبال الصمت
المزامير ستفتح الطرق لليل
حيث سينقض على رماد الاسلاف
على فردوس تاموانكان
و الذرة سيصبح طعاما مشتركا للنبلاء والدواب
والذهب مصدرا للثراء
ودم الاضاحي نهاية حاسمة للحياة
سندور على انفسنا
فالعالم بعد ذلك اليوم لن يدور
وستتقاسمنا الجهات الاربع
بعد ان تجف البحيرات ويذوي بياض الحجر
سنغرق في السحر والتعازيم دون جدوى
فلن تولد الالهه من جديد
ولن يطير العصفور الطنان في سلام
والافعى الريشية ستمضي الى سباتها الازلي
واحفادنا في شعاب الجبال والغابات اسرى
سينتظرون عودة محارب يحمل اسم النقي كوتوموك
او عابر طريق وعر بين الصبار
يبحث عن اثر معجزة كانت يوما هنا.
«من مجموعة ميريدا «
—————————
جبار ياسين