(1)
… شيء- هكذا- قد عبر، ولم يمكث طويلا كان المجذوبون قد ملأوا البلدة
في الوقت الذي ماتت فيه طفلة دون سبب واضح
وهاجم الوباء امرأة كانت تعتقد- طوال الوقت- أنها أمها.
شيء زال على الفور، تاركا مساحة بيضاء تحتاج من يلوثها قليلا.. ليمنح المشهد
دراميته.
لم يكن كل ذلك مجدبا
فقدت توارى رجال الجيش خلف دموع النشيد الوطني
وصفق الشعراء.
(2)
كانت تستطيع- رغم كل شيء- أن ترى ابتسامة المهزوم
وأن تتخيل الطفولة تمشي على ساقي نعامة ودون أن تحتاج لاخفاء رأسها عنهم
وجدت ابتسامتها تتسع
ويديها تصفقان للخاسر.
(3)
… ماذا يهم في أن الهواء م يحملهم الى البلدة
كعادته كل عام..
وأنه لم يهتم كثيرا بغريق مات دون أن يفقد قدرته
على التنفس
وكيف انهمرت روإئحهم الصحراوية رغم كل
شيء
حاملة عبيرا إبله.
كان يوم الاحتفال صعبا…
كما كان المرض جميلا دون شيخوخة
وللموت بهجة الفقد دون مقدمات.
لقد ظل كل شيء كما هو
فيما عدا الأرملة التي اكتشفت- فجأة- أن البيت
ليس بالجمال الذي طالما تخيلته
وأن حقيقة أن زوجها لم يكن خائنا لا تعني أنه
كان سويا طوال الوقت.
(4)
عندما صارح نفسه أخيرا أن عناية الله قد غادرته،
وجد صدره الخشن يتسع.
كان يوقن، رغم كل شيء.. أن ثمة عقابا بدأ يحل
عليه
دون أن تكون للسماء أية وساطة
بينه، وبين ملاكين يصران
– طوال الوقت-
أن يمشي معتمدا على ذراعيه.
(5)
كيف استطاعت إذن أن تستعير كتاب صديقتها
ذلك الكتاب بالذات- المهتريء الغلاف-
دون أن تلاحظ تشابها بين وردة ميتة فى ثناياه،
وفراشة محنطة،
وقلوب تجعل عشوائيتها آلاف المعاني تقفز،
وبين رجل مثل رب،
كان يصر دائما الا يرى سوى الشوك
كلما اقتربا من عربة التين.
(6 )
يبدو أنه ظل هناك
سعيدا مثل شرك
وربما لم ينتبه للأبواق التي حاصرته
ولصوت صرخات تناجيه.
كان لا يزال يعتقد أن للقضبان نفس ذكائها
القديم
حيث تكون للقطار تلك القدرة على تفاديه
في آخر لحظة.
(7)
… حتى بعد أن زالت عنها آثار قبلة الاب،
ظلت للشال نفس اللعنة
ولقسوة الأم قدرتها الغريبة عاى جعل الألم جميلا
مثل فخ.
فكيف ادركت
فجأة
أن لأخيها نفس صوته
وأن للأحلام
في النهاية
مواهبها الخاصة في التوبيخ
(8)
لماذا تبكين طوال الوقت
ياسحابة؟
(9)
حينها- صاركل شيء هادئا.. فقد أصبح
المجذوبون ناصعين كملائكة، ووديعين مع
رجال الأمن مثل أبناء فقدوا آباءهم قديما- ثم
عادوا ليجدوهم فجأة بعد يتم طويل.
للمرة الأولى تغرورق أعينهم، صامتين، في
شجن النشيد الوطني.
كأت طفولة خطرة هي التي مارست- أخيرا-
قدراتها القديمة على التنويم المغناطيسي.
… كل هذا ليس مبررا كافيا لما حدث، فقد كان
شىء جديد يندس في الابر الطبية كلما هموا
بالصراخ.. وللمرة الأولى، أحس الجميع بشدة
جمال أذرعهم التي تعرت منذ قليل، والى
الأبد..
طارق إمام (شاعر من مصر)