شيء في أعماقي يولد ويموت
شيء لذيذ كأنه الخدر وقاس
كأنه الاختناق
فإلى أي جهة ستمضي أيتها
الريح
الصباحات الملبدة بدفء
المشاعر
انفجرت هذا الصباح
قاذفة أشلاءها المتهالكة على
رأسي
الأشجار السابحة في الفضاء
خلعت قشورها
وقفت عارية تماما في وجه
العاصفة
تراجعي ايتها الريح وادخلي في
قلب التابوت
***
طويلة كانت الرحلة
طويلة ومتعبة
أيها الليل
أيها الليل
أيها الليل
علي أن أقف ثانية
أن أتلمس الجدران بأناملي
الضعيفة
وأقف من جديد
أي أجنحة ترفرف في الفراغ
أي أشباح تتلبسني
أشتهي رعشة الحمى
لسعة النار
وخز الابر
أشتهي طعنة خنجر
كي أصرخ آه
أصرخ آه
مخنوقة هي الكلمة في صدري
فاصرخي معي
ايتها الحمامة النائمة على
مخدتي
طويلة كانت الرحلة ولذيذة
أسقف انهارت، جسور تركمة،
بنايات عالية تهدمت في ثانية،
رجال مسلحون اقتحموا ضلوع
الموت، نساء صامتات كأن على
رؤوسهن حطت طيور اليأس،
على رؤوسهن نامت العاصفة.
***
شيء غريب يولد ويموت في
أعماقي
لم يحدث أبدا
أن هذه المرايا عكستني كما أنا
أو شكلت من فراغي صورة
تشبهني تماما
لم يحدث أبدا
أنني رأيت وجهي في المرآة
يا هذا البياض
امزجني قليلا بحمرة الفوضى
فربما أتشكل بين يديك
جميلة كانت الرحلة
الآن فقط
اكتشفت أنها كانت جميلة
ومزيفة
×××
عند الحدود
رأيت مدينة خرافية ليس لها
مثيل
مدينة محاطة بأغصان عريضة
مدفونة بنبيذ الصباح
فهل أدخل ؟؟
مدينة من الماس تلمع
كلما سقطت عليها أشعة
بنفسجية
تلمع أيضا كلما هدها التعب
فهل أدخل؟؟
أقدماي ترتجفان
رغبتي تزداد اصرارا
أيتها الرغبة المجنونة لا
تقتحمي هذا الأفق
اقذفي ذاكرتك في اليم
هذا الطريق الذي مشيت عليه
لم يكن الا خيوطا وهمية
هذه القهوة التي شربتها
على منضدة في الحديقة
لم تكن الا لقطة في فيلم
سينمائي سخيف
هذه الحمامة التي كانت تغني
كل مساء
وكنت تضحكين بسعادة بالغة
لم تكن إلا أغنية مكررة
افقدي الذاكرة ….
لا تقفي أمام المرآة
كي تصلحي شعرك المنسدل
باهمال
لا تضعي كمية هائلة من
الألوان على وجهك
أتركي دموعك تسيل،
كتلك الأمطار التي أغرقتك ذات
مساء
في الحديقة نفسها
افقدي الذاكرة …
فربما لم يكن كل ما حدث الا
حلما لذيذا
وانتهى
***
لا أستطيع أن أرفع رأسي
رأسي ثقيل.
أشعر بأطراف أظافر كثيرة
تنغرس في جبهتي
أنامل متعرجة تهز جمجمتي
بعنف
هل هذا هو الصداع؟؟
كم قرص أسبرين علي أن
ألتهم ؟؟
هل يكفي اثنان؟؟
هل يكفي ثلاثة ؟؟
أم لابد أن ألتهم الشريط بأكمله،
لتتوقف تلك الطاحونة وتهمد
على الحدود تبعثرت هامتك
هامتك الشامخة
تحولت الى مجموعة متداخلة
من الشخصيات
اعرف بعضها ولا اعرف
البعض الآخر
أنا التي كنت أنني
أستوعبها تماما
أراها الآن غريبة
كيف تحولت الى كل هذه الشخصيات
في ثانية ؟؟
كيف أصبحت مسالما، شرسا،
رومانسيا، قاسيا؟؟
كيف تمزقت الى أشلاء مختلفة ؟؟
هل هذا هو أنت؟؟
أم أنني كنت نائمة طوال الرحلة !!
***
منذ الأمس
وأنا أحاول أن أحفر في أعماقي
خندقا
وأغطيه برداء سميك
لكن الحدود كانت تتمدد كأنها أفعى
كأنها خيوط مطاطية
×××
في قلبك أيها النجم أخبيء أسراري
أنا العارية دوما
أبوح لك بآخر الأسرار
سيرحل
أعرف أنه سيرحل
سيترك بذوره في صدري
وسيرتمي في أحضان أخرى
أكثر مني جمودا
لكنه سيلامس غيوما حبلى
سيغتسل بأمطار حقيقية
سيرحل
أعرف أنه سيرحل
لا حقيقة إلا هذا الرحيل
فتلكن تلك الرحلة الأخيرة
لتكن آخر رعشة فرح أو خفقة حلم