جرجس شكري
مُدهشًا ذلك البيتُ الذي حفظوه
مئات السنين
من قسوة القدرْ.
أحلام الفلاح مازالت فوق السرير
تحدّق في الأمس
ولا تعرف الحقيقة
ملابس الزوجة تنظر نحو النافذة
ولا يأتي أحدٌ .
بابتسامةٍ بلهاء
نفتحُ أفواهنا ونلمس يد الزمن
نفكر في العظام التي ترقد
علي مقربةٍ من هنا
ونسألُ:
هل كان نهائيًا هذا التراب؟
بعد أن أطلقنا سراح هذه الكلمات
سمعنا أصواتًا تهمس من بعيدٍ
ماذا كان يدور بذهن هذا المسكين
حين كان يبني البيت؟
من حديقة الذاكرة
في طفولتي
كان يسكن بيننا ملاكُ
لم أعد أذكر اسمه
وجهه الشاحبُ
ما زال يملأ ذاكرتي
كسماءٍ صافيةٍ.
كان يرتدي قميصًا لا يتغير
وإذا مرّ رفع يده وابتسم
كعاصفةٍ.
كنا نتبعه،
يرفع شعره إلى الوراء
ويحجب قلبه عن المارة
وفقط
نسمع خطواتٍ
نحبها عن ظهر قلب.
الملاك الذي كان يقيم بيننا
أبدًا لم يتذوق طعم الحياة
ولم يعرف السعادة
ودائمًا
ما كان يجادلُ النجوم
وينام بعيدًا عن صراع الطبقات.
ذات مرةٍ
ألقى بنفسه في الظلام
وحاول أن يعبر وحيدًا
ولمّا نهروه
قضى حياته في أرضٍ بعيدةٍ
أبدًا
لم نصل إليها.
وحين مات
ذكرى قبره
لم يحفظها أحدٌ .