صفر
الموت هي الكلمة الوحيدة
التي لا يكون لها معنيان
في الحقيقة
وفي المجاز ..
-1-
تلكَ المرأة تغارُ في أسنانِها
عندما ترى اللون الأصفر ..
-2-
علينا أن نحدد بوضوح مسألة تخصُّ لونَ الدماء
ففي الحقيقة ليس لون الدماء الأحمر
وإنما لون آثار الدماء، بعدما يقلُّ
تركيز محلول الحياة بعد ارتطامِه الفادح
بالملابس واللون الحقيقي للدماء
هو الأرجواني ..
فهو مزجٌ بين حمرة الحياة
وزرقة الموتِ
في الجسد الواحد ..
-3-
في الحقيقة، إنَّ تسمية الألوان تشبه اللغة كثيرا، ففي حالةِ اللغة قد أتت لتقدم وظيفة تسمية الحالات، مثلاً النوم له مراتب أرهق الثعالبي النيسابوري نفسه في تسميتِها، ولكن في الحقيقة كان يمكن الذهاب للأبد في التسمية. مثلا الساعة بها دقائق والدقائق بها ثوان، ولو أردنا يمكنني تقسيم الوقت إلى المالانهاية، وسوف نسمي الأوقات الصغيرة تسميات دلع مثل [ماكرو ونانو].
كذلك في اللغة، يمكنك أن تسمي طبقات الأحمر، غامق، غامق جدا، غامق جدا جدا جدا، حتى تصل للأسود، أو فاتح، فاتح جدا جدا، فاتح جدا جداجدا، وهلمَّ جرَّا.
فشلت اللغة في تسمية طبقات الألوان، لأنَّها فشلت في فهم لا نهائية التقسيم الداخلي للوقت، ولذلك نكتفي بتسمية الحدود الفاصلة بين الأبيض والأسود بأسماء عابرة، ونحاول جاهدين تطبيق هذا ضمن مسيرة تطورنا اللغوي الجمعي على تسمية الأشياء تدريجيا، ومن الأشياء الألوان، وهذا السرُّ الرئيسي الكَبير في هذا الكون المُظلم.
-4-
المقاربة الرئيسية في تسمية الألوان
كانت منطلقة من فكرة وجود الضوء
واختفائه، ولذلك أعطي الظلام بصورة ظالمة
صفة اللون الأسود ..
بينما الضوء في الواقع يمكن أن يوضح
بجلاء تام، صفاء اللون الأسود في سرير الأبنوس..
-5-
نحن ندخل في المجاز كلَّ يوم ضمن مسيرة تطورنا اللغوي الجمعي، فمنذ حولنا الأفكار لأصوات، والأصوات إلى كلمات مرسومة في كتاب، أو رقاع جلدية، إلى عالم الإنترنت، والآن عوالم هواتف اللمس، ولعله قريباً سوف يخترعون ما يمكنه أن ينقل الفكرة من إنسان لإنسان دون حاجة للغة على الإطلاق، هُناك ينهي المجاز مهمته الكونية التي بدأت منذ الانفجار العظيم.
-6-
الظلامُ إضافةً إلى وظيفته الكونية ــ
فهو الساتر الرئيسي لذنوب كل العاهرات في الأرض..
-7-
ممارسة الجنس والضوء تفهم من عدة زوايا ..
فالرجل الذي يريد ممارسته والضوء مفتوح ..
قد يريد أن يستمتع زيادة، أو يريد أن يطمئن إلى خياره
أو يريد أن يطمئن إلى خلوها من المرض ..
والرجل الذي يريد ممارسته والضوء مغلق ..
قد يريد إخفاء شيء عنها، أو إخفاء شيء منها ..
أو قد تكون قناعة أن الخيال أجمل من الواقع دائما..
أما المرأة التي تطلب ممارسة الجنس والضوء مغلق
فهي في الغالب تريد إغماض عينيها عن هذا الجسد المشعر
الذي سوف ينتهك أنوثتها بعد قليل ..
والتي تطالب بممارسته والضوء مفتوح ..
قد تكون زوجة بدأت إدراك لذة الجنس ..
أو تكون عاهرة لا يعنيها أن يظهر تهدل جسدها..
أو قد تكون عارضة أزياء واثقة تماما أن هذا الرجل سوف يدور رأسه بقوَّة ..
-8-
الحياة تبدأ وردية في الطفولة
ثمَّ تصبح بنيَّة قبل البلوغ بقليل ..
ثم تبدأ بالاخضرار بعد البلوغ ..
ثم تخضرُّ بشكل حاد وتفقد لونَها ..
حتى تموتُ وهي بيضاء ..
هذا في حالة الذكور ..
أما في حالة الإناث
فهي تبدأ بطفولة وردية .
وببلوغ أحمر …
وبحمرة تغمق بشكل حاد ..
حتى تصل سنَّ اليأس
وتفقد لونَها الأحمر تدريجيا
حتى تصل للبياض اللانهائي للموت ..
-9-
البروزاك حبوب الاكتئاب الشهير ــ
به لون أبيض ولون أخضر ..
لو كنت مكانَهم
لجعلته أحمر، وأزرق
فكلُّ مصائب الرجال
تكون بسبب وجود
أو غياب النساء …
والعكس ليس صحيحا بالضرورة ..
– 10-
ثمَّة تطور لغوي مجازي رهيب في مسألة تسمية الحلويات للأطفال ..
فالحامض تلقائيا أصبح أصفر أو أخضر
والحلو أصبح أحمر أو أسود ..
وهذه اللخبطة
هي التي جعلتنا حتى الآن
غير قادرين على تحديد موقف مجازي واضح من الألوان لغويا
-11-
أريد أحياناً أن أتناول ست حبَّات فياغرا
وثماني حبَّات فاليوم ..
وحبتي بروزاك ..
وحبتي أكتفيد ..
وأريد أن أرى هذه الأحلام التي ستغزوني
-12-
شعرت بالألم
لأنني وجدت جَمالية لونية
في علم إسرائيل ..
تَماما عندما أشعر بالذنب
عندما أسمع معزوفة صهيونية ..
وأستمتع بها ..
-13-
اللون ليس مسألة مطلقة
ولكنها مسألة مكان ..
فالسواد في العين محبب
ولكنه ليس محبباً في الكدمة ..
كذلك الحمرة محببة في الخدود
ولكنها ليست محببة في العين ..
اللون مسألة زمان ومكان وزمان ..
-14-
لماذا لا يصممون مسدسات حمراء ذات رصاص أزرق
هذا أقرب مجاز يصف الحرب والموت ..
-15-
من مساوئ عالم الطب أن المرضى
لا يمكنهم في العادة إشاعة السوء
عن الأطباء الذين قاموا بقتلهم ..
-16-
يقولون: عندما تركل من الخلف
فأعلم بأنَّك في المقدمة ..
ولكن إذا أطلقت عليك رصاصة في ظهرك
فستعلم أنك أدرت ظهرك لمن لا يستحق
وأنت تموت ..
– 17-
الخمر لا تجعلك تقول الحقيقة
هي أشبه بعدسة مكبرة
تكبر تلك اللحظة فقط
فإما تجعلك عاطفيا
أو شرساً
أو حزيناً
تكبر اللحظة تلك فقط
وتزيد من فداحتها ..
لا أكثر ..
– 18-
أخبرني رجل قضى سنتين في حاملة طائرات أمريكية
أنَّه كان يعرف كل شيء في العالم في تلك العزلة
فقط لأن الأقمار الصناعية لم تعد تخفي شيئا..
-19-
أشتهي أن أمسك سكينا
وأتتبع العروق في جسدي
حتى أصلَ إلى القلب
فأغرس فيه مقص أظافر
وبعض الخشبات التي تنقش بها الأسنان ..
وإبرة للوشم
وسأكتب على جداره
الأمل موجود
وإن غادر القلب ..
-20 –
الاكتئابيون لا يريدون الموت
يكتفون بأن يروا الحزن يملأ المكان
كما يملأ العفن القلوب والعقول ..
وعندما يقتربون من الموت ..
سيتذكرون الفرح
بعد أن يفوت الأوان ..
-21-
تخيلت مسدساً
ثم تخيلت رجلاً
تخيلت نفسي ألقم الرصاصات في المسدس
ثم تخيلت نفسي أطلق النار على صدره ..
رغمَ أنني كنت أتخيل
إلا أنني شعرتُ بلذّةٍ ما
أخافتني من نفسي ..
-22-
عليك ألا تتزوج امرأة ذات ذاكرة قوية
سيصعب عليك تطليقها لاحقاً ..
أما الزوج ذو الذاكرة القوية
فسيتذكر كل قطعة في المنزل
لأنَّه دفعَ دماء قلبِه عليها ..
بينما تلك اللاهية
تلوِّن أظافرها على الكنبة ..
-23-
الكوميديا
هي تلك المسافة
من كلمة أحبك
في رسالة نصية
إلى رسالة وسائط
بها أكرهك
ولماذا ..
-24-
مهما حاولت الابتكار
لا توجد طريقة رحيمة للموت
سوى الحياة ..
– 25-
أتعرفون من يحتاج إلى كاتب مجازات؟
شركات الدعاية والإعلان
تحتاج إلى كتَّاب مجازات
لصناعة تلك الجمل الواحدة
التي تروِّج للمنتجات
بطريقة كاذبة ..
كاتب من عُمان