عزيز أزغاي
1 –
ها هم يترجَّلُون عن أحْصِنَتِهم؛
الشُّعراءُ الجائلونَ،
الذين أنْهَكتْهم
منافي اللُّغة.
2 –
بَعد كلِّ هذه السَّنواتِ،
لا أحدَ منهم فَهِم المُتَع
بِكاساتِ التّجْربة.
3 –
هَا هُمْ يَعُودونَ أَخيراً،
تَسْحَبُهم بَصيرةُ الشَّيْخُوخة
نحو مَشْفى المَكْفوفين.
4 –
بعد كل هذه الأسفار،
كلُّ شيءٍ عاد إلى طُفولتِه:
الحُدوسُ والتَّخيُّلاتُ
وبعدُ النّظر.
شيءٌ واحدٌ بقيَ عالقاً
في القصائدِ،
آثارُ أقْدامِهِمْ
التي شَقَّقَتْها الطَّريق.
5 –
الأسْبابُ التّي حَمَلوها،
فَوْق أكْتافِهم،
نَحْو مُرتَفَعاتِ العُزْلة،
لم تكنْ كافيةً للتَّدْفِئةْ،
مُجرّدُ تاريخٍ من الكَدماتِ
ينْقُصُهُ الشَّجنْ.
6 –
بعد قليلٍ،
سيتحلّقونَ حوْلَ نارِ المُبارَزاتِ.
كلُّ واحدٍ سَيَمُدُّ يَديْهِ المَعْروقَتيْنِ
نَحْوَ جَسَارةِ الرَماد.
قَبْلَ أنْ يُغادِرواْ،
مثْلَ أبْطالٍ تْراجِيديِّينَ،
نَحْوَ مَتَاحفِ الأسْلحَة.
7 –
الْخِفّةُ الّتِي كانتْ لهُمْ في العَضَلاتِ،
هِي آخرُ غَنِيمةٍ
يَتباهَوْنَ بها
أمَام أثْقالِ اللُّغة.
8 –
كلُّ شيءٍ فاتَ،
ومَع ذَلكَ،
ظلُّوا يَبحثونَ عنْ أوْراقٍ التُّوتِ
المَنْزوعةِ
عن فُحُولَاتِهِمْ
المَيِّتةْ.
9 –
كلُّ شيءٍ فاتَ،
سِوى أنّ أصابِعَهم
ظلّتْ تُحصِي فُرَصَ الحَظِّ
فِي بَيَادِرِ العُجْمَة.
10 –
جَرِّبْ مرّةً أن تَقْتربَ منْ قَصائِدهِمْ،
ثمّةَ نِيرانٌ صَديقةٌ
سَتنشُبُ في أفْكاركَ
وتَنْدمْ.
11 –
بِضعُ خُطواتٍ تفصلُكَ عن الأهمّ،
إمّا تقطعها مُغْمضَ العينيْنِ
أو تَكْتفِي،
مثْلَ قِطعةِ رُخامٍ،
بِحِيادِ النَّظرْ.
12 –
قبلَ لحظاتٍ،
كانتْ حشْرجاتُهم تدُلُّ
قُطْعانَ الضَّغائِن
عَلى مَراعِي الألْغامْ.
13 –
شيءٌ واحدٌ،
لمْ تُفصِحْ عنهُ السّاحِراتُ،
مَفازاتُهم المُبْهمةُ
التي نَمَتْ فوْقَها الأعْشابْ.
14 –
جَميعُهم اسْتطابَ الإقَامةَ
في مَنافِي اللُّغةِ.
يا لَشجرِها الكَثيفِ
الذي لا تُؤكلُ
غَلّتُه.
15 –
ضرْبةُ الحظِّ الأَخِيرةِ،
كانَت الفَاكِهةَ المُرّةَ
في تقْديرِ الغَنائمِ.
16 –
لَا أحَدَ يَتذكَّرُهُم الآنَ،
سِوى يَدِ الموْتِ
تُربِّتُ عَلى أكْتافِهمْ
التي أخْطأتْها الأوْسِمةْ.