أما بالنسبة للفجستون فقد كان خالي الوفاض ليس معه شيء من البضاعة ولا شيء من المؤونة ، أدخلناه _ سعيد بن علي وأنا _ الى المعسكر، طلب لفجستون دليلا يرشده الطريق الى بحيرة مريرو. ذهب وعاد ثانية هذه المرة بحماس لزيارة رواندا الخاصة بالكازمبي أعطيناه بعض الادلاء كما أنه اختار أحد أقاربي واسمه سعيد بن خلفان لمصاحبته الى تلك الحدود. (والحقيقة أن أحد أقارب والدي واسمه محمد بن صالح النبهاني استوطن رواندا ، أعرف ذلك لأني تدزرته منذ زمن بعيد بصحبة الوالد . بعد أن خسر كل تجارته ). بعثت الى هذا الرجل رسالة شفوية مضمونها أن لفجستون سوف يصله والرجاء منه أن يقابله بما يليق ويسهل له أموره. قام أصحاب المعروف بايصال لفجستون الى هدفه باحترام وتقدير شديدين . ثم ان لفجستون طلب أدلاء آخرين ليبلغ أماكن أخرى.
كان لفجستون قد أخبرني في وقت مضى أنه عندما غادر زنجبار أبحر الى فاجو .Nagao وقبل هذا قال لي : "عندما غادرت الساحل تركت حزم أشيائي لتصل الى أوجيجي ببحيرة تانجانيقا، سأكون ممتنا لك اذا تمكنت من ارسالها الى أوجيجي". بعيد هذه المحادثة جاءني بعض الأصحاب من أوجيجي لشراء الصفر وبينهم أحد أصدقائي واسمه هيبي Hebee الذي صاحبني في بعض رحلاتي بين بحيرة تانجانيقا وأورو الدالا . أعطيته الصناديق وقلت له : "عندما يأتيك مالكها سلمها له أعيقه أتعاب هذه العملية وبعضا من بضاعتي ليتاجر بها.
" بعد أن أنهينا جميع أعمالنا بدأنا رحلة العودة الى الساحل . زرنا الساموا للسلام عليا في جو مفعم بالصداقة . وبالرغم من أنه رفض مقابلتي الا أنه قابل أقاربي. وصلنا أورونجو واظهر ناسها استقبالا حسنا لنا كما قاموا بحمل العاج الخاص بي الى مامبوي Mambwe هنا تركت أقاربي ذاهبا الى رويمبا بحثا أفي محمد بن مسعود . عرض علي أهل رويمبا رجالا لحمل العاج الى حدود مامبوي وهكذا كانوا متعاونين معي لأنني قمت بالتصدي للساموا اذ لم يستطع أحد مقاومته من قبل فكان الساموا وكاذيمبي azembe يتقاسمان السيطرة على المنطقة . ولكل هذا قام سكان مامبوي بنقل العاج الى فياكا Nyika حمله رجال هذه المنطقة الأخيرة الى أوسانا Usafa وأوروري . عندما وصلنا الى هذه النقطة البعيدة أخذنا استراحة قصيرة لبعض الوقت . كانت الزعامة في هذا الزمان في يد مريري Merere واحد من الزعماء الأقوياء يقر له بذلك Hehe أوبينا Ubena وزعيم مانتيجويرا . Mtangwira كانت علاقتنا به علاقة مودة فالية من أية شائبة .
فرج بعض رجالي مشبعين فلولى الأعداء وقبل أن يبلفوا هدفهم صادفوا رجلا أوروبيا انجليزي الأصل ، من الشخصيات الهامة يدعى لفجستون Livingston الأول . David كانوا هو والعشرة الذين معه – وهم من السكان المحليين -مشرفين على الهلاك . رجع بهم بعض رجالي الى المعسكر بينما تابع الآخرون بحثهم عن رجال الساموا، استمرت غاراتنا على الساموا مدة شهرين كاملين حتى أذعن وطب ايقاف الحرب . لقد كنا نريد أن نوقع معاهدة السلام أيضا بعد أن استسلم الساموا ودفع لي خمسين قطعة من العاج . تاجرنا معه أيضا بما يعادل 0 20 فرسيلة . لقد نفد العاج أجمعه مما دفعنا للتوجه الى كابويوي Kabwiri بحيرة مريرو went توازي في سعتها جزيرة تانجانيقا . Tangaika
***
حال وصولنا أرو ري لم نجد كنايتنا من الحمالين للذهاب ال الساحل لذا فقد رأيت الذهاب إلا أنه من الأصوب التوجه الى تابورة لجلب حمالين من قبيلة نيامويزي yamwezi العاج في عهدة أقاربي . للأسف لم أجد والدي محمد بن جمعة بتابورة فقد كان مسافرا الى كاذيناي Kavende كما أن جميع عرب تابورة كانوا خارجها في محاربة مكازيوي. لم آت هنا منذ خروجي من أوميانيامبي Unyanyembe الى الساحل ، هذه المرة أتيت لزيارة والدي. لم يبق أحد عدا سود بن سعيد بن ماجد المعمري _أخ سيف بن سعيد _ الذي سأل عني أثناء ذهابي ال المكان الذي يقطنا والدي حيث وجدت زوجته كاروناي بنت الزعيم فوناي كيرا- التي صارت امرأة يافعة _ولم تجعل لي فرصة لمغادرة المنزل الا بعد الحاح شديد مني. في اليوم الثاني عاد جميع العرب الذين كانوا في حملة فمد ميكازيوي وتد فعووا أحد قادتهم وهو سليمان بن راشد المنذري مما أحزنهم حزنا شديدا. لقد التقيت الكثير من أقاربي بعد فراق طويل دام شهرين الا أنني لم التق بوالدي بعد وليست هناك بوادر تقي بقرب وصوله . لذا فبعد أن جمعت ما أريد من الحمالين عدت الى أروري بصحبة سعود بن سعيد بن ماجد المنذري الذي كان _ مع أتباعه _يحملون بضائع الى نيامواجاNamwaga ورومبا Urangu Ruemba . لقد أكسبتني هذه الصحبة واحدا من أعز أصدقائي حيث كنا سويا مدة ستة عشر يوما قبل أن أتوجا الى الساحل لقد افترقنا عند نجو رورو Ngururero توجه المنذري الى مقصده بينما توجهت أنا الى أوروري.
***
أما من ناحية عملي في ساحل مريمه فقد عهدت به الى واحد من قبيلة امبوماجي Mbwamaji تقدر بستة آلاف دولار خمر أكثرها وما بقي معه لا يعمل ستة فرسيلات من العاج بل وجاريتين اشتر اهما بشوين فرسيلة من العاج لا تستحقان القيمة المدفوعة فيهما. غضبت عيه غضبا شديدا ولم أدر ماذا أصنع به فسجنته أربعة أيام ثم أطلقت مراحه وقلت له : "من يضرب نفسه لا يبكي (وأنا ضربت نفي لائتماني أمثالك على بضاعتي). كما أن أهوال أخي محمد بن مسعود والتي تقدر بستة آلاف دولار كانت في قبضة أحد وكلائه اسمه مادي بن بكر ناكي Maddi bin Bakarfaki والذي مات لاحقا مجدورا _لقد أضاع هذا الوكيل الكثير من تلك الأهوال . بعودتي من أوروري قادما من تابورة نزلنا مباشرة الى الساحل .
دخلنا دار السلام في 22 رمضان ونمنا ليلتنا في متوني مانجارا Mtoni Mangara الصباح توجهنا الى المدينة حاملين كميات عظيمة من العاج . كانت دار السلام آنذاك غاصة بالقادمين من زنجبار من عرب وبانيان وهنود (المسلمين تميزا لهم عن البانيان )وبها أيضا أوروبيون من (هو Mombasa وممباسا Lamu آخرون من بيمبا (المعروفة بالجزيرة الخضراء ) وبعض الأفارقة من أقاصي ساحل مريمه بالاضافة الى السفراء ورجال الأعمال من كل حدب وصوب . وحتى السيد ماجد – شخصيا_كان مناك لأنه يريد الاقامة في وسط البلاد لم التحديد اضافة من المترجم الانجليزي لم . لم تصل أية شاحنة حتى ذلك الوقت فكانت قافلتي أول القوافل . كان الصخب عاليا والفرحة عارمة بين التجار الأثرياء الذين اقترضت منهم نقودا فيما مضى، كانوا يملأ ون المكان . رأينا الذهاب الى زنجبار ولكن السيد لم يدعني (اذهب وحدي) بل أمرني أن أعطي التجار حقوقهم من العاج حتى يمكنهم المغادرة ومن ثم علي ان أنتظره لنرحل سويا بعد عيد الفطر. مكثنا حتى انقضى عيد الفطر فسافر السيد على سفينة فرنسية وسافر سكرتيره الخاص سليمان بن علي الدرمكي على أحدى سفن العميد الصغيرة أما بعض رجاله الآخرين وجميع العرب والبانيان والذين جاءوا من لامر وممباسا وعرب الجزيرة الخضراء فقد ركبنا واحدا من مراكب السيد ماجد الواسعة وصل السيد أولا ومن ثم سكرتيره الخاص وأخيرا مركبنا.
***
مكثنا في زنجبار ستة أشهر . استدعاني السيد ماجد وسألني : «هل تنوي السفر؟» فأجبت بالايجاب فرد : "اذن خذ بضاعتك من ستلادا Setlada الجمارك " "جميل جدا" كان ردي يمتع مسؤول الجمارك الحالي بتقدير السيد ماجد الذي لا يرفض له طلبا. لم أكن أود أن اسلم البضاعة بنفسي منهم اذ لا تعجبني طريقتهم البجحة في التعامل فهم يتصرفون باستعلاء كبير.لقد تعاملت مع الكثير من التجار وكان أكثر تعاملي مع نور محمد بن هرجي وابن سليمان وارث العدواني.
***
قررت بعد عام كامل القيام برحلة وذهبت الى راشد بن وارث العدواني ونور بن محمد وأخبرتهم أنني سوف أقوم برحلة تجارية ولا أريد أن أحصل على بضاعتي من تجار متعددين وأريدهم أن يزودوني بما احتاج . أجابوا أنه ليس لديهم البضاعة الكافية ولكنهم سألوني ألا أذهب الى البانيان وانهم سوف يكلمون السيد تاريا Taria الذي سيزودني بكل ما أريد . انتظرت طويلا ولم أجد منهم أي شيء كل ذلك والبنيان يبعثون الي بالرسل لتجهيز بضاعتي. عندما أيقنت أنه لا فائدة ترجى منهم ذهبت الى ستلادا وأخبرته بعزمي على السفر فما كان منه إلا أن زودني بما يعادل خمسين ألف دولار.
***
حتى هذا الوقت لم أكن أمك أي عقار بزنجبار وليس لدي بيت ولا مزرعة كل ما حققته هو أني تزوجت ابنة سليمان بن عبدالله البرواني صاحبة الثروة الكبيرة في زنجبار ومسقط .
ذهبت بعد صلاة الجمعة الى البانيان لتحصيل بضاعتي فاخذت في ذلك اليوم ما يزيد على ستة آلاف دولار. عندما كان الرجال منشغلين بتحميل البضاعة آهم وارث العدواني فسأل : لمن هذه البضاعة ؟ أجابوه : أنها لحميد بن محمد. ذهب مباشرة الى توريا تربان وأخبره بما رأى فأمره الأخير أن يسير الى مكان اقامتي لاحضاري الى منزل الامريكيين بشنجاني .Shangani
***
ذهبت في الوقت المحدد فوجدتا هناك حاضرا قبلي . سألني : "لماذا أخذت بضاعتك من البانيان ؟ لقد قلت لوارث العدواني أن حميد يكن أن يأخذ من البضاعة ما يريد" قلت له : لم يخبرني العدواني بذلك . قال :
(على كل حال ) أعد للبانيان بضاعتهم وخذ ما تشاء.
ذهبت الى التاجر البانيان وأخبرته أنني أتفقت مع أحد الأثرياء – ولم اسم أحدا – أن يزودني بما أريد، فرفض البانيان استرداد البضاعة فبعثت اليه الأخ جمعة بن سيف بن جمعة بالبضاعة فلم يوافق أيضا فاقترح جمعه ان أزيد البانيان أربعة آلاف ليكون مجموع ما للبانيان عشرة آلاف دولار فرفضت بذلك.
ومع الجمعة الثانية كانت البضاعة الجديدة جاهزة للشحن . هذه هي المرة الأولى التي يجهز فيها تأريا قافلة تجارية . أخذت كميات كبيرة من البضاعة – كما أريد – وأرسلتها الى موكي كانجي هانسراج الهندي Mukoi Kanji Hansraj Hindi الحمالون ومؤونهم لأن الكميات كانت ضخمة جدا . عندما بلفت المحمولات عدد 200 ذهبوا مباشرة بها الى تابورة لتسلم ال والدي باوتورو.
***
لقد اشتريت كميات عظيمة من البارود وأخذتها الى منانزموجا Mnazmimoja أولا ومن ثم الى باغاني Baghani حيث أقيم . كانت قيمة خمسة وعشرين رطلا من البارود الانجليزي تساوي ثلاثة وثلاثة أرباع الدولار بمسر ذلك الوقت وبلغ ما في حوزتي منه ما يعادل خمسة آلاف دولار . بعد عشرة أيام أخذتها للشحن في باجمويو .Bagamoy بعض البارود كان قد حمل من قبل .
بعد شهر من تحميل البارود وفي حوالي الساعة التاسعة مساء جاءني أحدهم
واستدعاني فنزلت اليه من الطابق الثاني . نزلت لأجد سليمان بن سعيد بن سليمان البرواني وسيف بن غفيل اللذ ين أخبراني أن الشيخ سليمان بن علي يدعوني لملاقاته ذهبت اليه فسألني : "ألست أنت الذي حمل البارود من أمام القنصلية ؟ اعترفت بذلك . قال : «هل أنت مجنون »؟ أجبته : «لدي أسبابي لعمل ذلك ». قال : «ألم تعلم أنه ممنوع شحن البارود في المدينة ؟» ادعيت أنني لا أعرف هذا المنع فقد قضيت مدة طويلة خارج زنجبار في أسفار طويلة . واعملوا استجوابهم قائلين : «لماذا تحفظ البارود داخل منزلك ؟ الا تعلم أنه من أراد بارودا فعليا أن يحمله الى مركبه من كيزينجو Kizinge ويغادر من هناك ؟ لا يمكن أن يدخل البارود الى المدينة معلقا». كررت بأنني لا أعرف كل ذلك فأمررني بالعودة في اليوم الثاني.
عدت الى منامي وذهبت اليهم في اليوم الثاني حوالي الساعة العاشرة . قيل لي أن السيد ماجد أمر بسجني مدة شهر كامل أو أن أدفع القيمة الكاملة للبا رو«. فأجبت أنني أوثر الدفي على السجن . «ما قيمة ما عندك ؟ أعتقد أنه يزيد عل أربعة آلاف ولكنني أفضل الدفع على السجن ولو لمدة يوم واحد (أخبرت فيما بعد ) أن السيد ماجد لا يعرف شيئا عما حدث وهذه جميعها أعمال التنصل وأنه من الأفضل أن أبقر في السجن مدة أيام في لام ضائهم. وافقت على ذلك وحصلت على غرفة جيدة وكان عبيدي يخدمونني حتى الاماء كان مسموحا لمن يبتن معي. دخلت السجن قبيل المغرب ونمت الليلة الثانية وغادرت في اليوم الثاني.
بقيت مدة عشرين يوما ثم أهبت الى باجامويو لاخلي كل الحمولة هناك وواست مسيري. كان المتبقي من الحمولة يساوي 300 والحمالون عل أهبة الامتداه. خلفت ورائي أخي وكلفته بأن يرى أعمالي الى عودتي بعد السلام عل السيد ماجد في دار السلام . كانت رحلتي موفقة وأمرت أفي أن يتقدم وينتظرني في كويري Kwere لأنني سوف أذهب الى زنجبار لوداع تأريا. تحرك أفي على مهل . وفي زنجبار بقيت مدة ستة عشر يوما لحضور زواج أولاد راشد العدواني حيث أله علي تأريا للبقاء . أخيرا استعلت الذهاب الى باجامويو ومنها الى كويري ولم ألحق بأخي الذي انتظرني لعدة أيام .
***
تبعته والتقينا في أو ساجارا Usagara ذهبنا سويا حتى حدود أوجوجو "Ugogo تفشى وباء الكوليرا . وراءنا قافلة عبد الخير فادم حمد بن راشد بن سلوم الخنجري وسيف بن سعد والي تابورة . وفي زيارته الأول . وناصر بن حمد المسروري، وفي زيارته الأولى أيضا حاملا بعض البضاعة ، عبد الخير _من جانب آخر _ يحمل بضاعة عظيمة تخص سيده المقيم في تابورة . واصلوا جميعا المشوار عبر طريق ميزا نزا Mizanza
أخذنا الطريق الرئيسي ولكن المؤونة التي اشتريناها من أو سوجارا أوشكت عن الانتهاء ولم نجد مؤونة في أوجوجو ولا في أي قرية من القرى التي مررنا بها. كنا في أشد الحاجة ورجالنا يتساقطون كل يوم . عندما وصلنا أخر قرية باوجوجو كان طريقها مقطوعا بالمحاربين الذين قالوا لنا إننا ممنوعون من دخول القرية . وقالوا : "عودوا مستديرين حول القوية عبر الأدغال لتبلغوا مجوندا مكالي ,Mgunda Mkali عودوا القهقرى واذا ما دخلتم القرية فسوف نفتك بكم ". وبما انه أفي الأكبر سألته : «بماذا تشير يا محمد» فقال : «الرأي رأيك »، قلت له «اذا ذهبنا عبر غابات مجوندا مكالي فإنها رحلة أحد عشر يوما وليس لدينا سوى اليسير من الطعام وقد نهلك بالطاعون والمجاعة ، لندخل القرية بالقوة فإذا ابتدأ ونا فسوف نرد عليهم " فوافقني على ذلك .
قررنا أن ندخل بالقوة عندها قال المحاربون : «ابقوا حيث أنتم وسوف نذهب لنستطع رأي الزعيم ». قلنا لهم اذهبوا الى الزعيم وبقينا ننتظر مدة ساعة ثم عادوا ليسمحوا لنا بأن نعسكر على النهر ولم يصرحوا لنا بدخول القرية أما طعامنا فسوف يحضر لنا، ولكنه يتوجب علينا المغادرة بعد يومين اثنين ، نزلنا على النهر الذي كان منحسرا وقربنا بعض الآبار التي استقينا منها . مكثنا يومين وخمرنا الكثير من الرجال ، وكان الوباء متفشيا.
رحلنا في الظلام لنبلغ قرية أفري يتزعمها كينجي .Kinie مات في تلك الليلة أكثر من سبعة من رجالنا. نظرنا في حجم البضاعة التي معنا ورأينا أن ندفن بعضا منها، دفنا ما معنا من فرز وأساور ورصاص وطلقات ومجموعة من السلاسل ومدفعين كنت قد جلبتهما معي. أبقينا ما لا يمكن «فنه والسكر والبارود. غادرنا في الصباح الباكر لنصل بعد أقل من أربع ساعات الى حدود مجوندا مكالي Mgunda Mkali . أخذنا استراحة مدتها أربع ساعات مات خلالها ستة من الرجال . غادرنا الساعة الثانية صباحا ثم توقفنا في الأدغال بعد مسير قصير.
..، وصلنا تورا Tora وقابلنا ناصر بن مسعود أبو أحمد حيث كان مقيما هناك . وهو صديق لحمد بن راشد بن سالمين الخنجري. ويبدو أن خادمه عبد الخير الذي كان يقود القافلة قد توفي وجميع الحمولة تشتتت خلال الطريق ، ولم يبق حيا من تلك القافلة سوى ثلاثة أشخاص رأينا منهم ناصر بن حمد المسروري والوالي سيف بن سعد وكانا بحالة مزرية . كنا أكثر حظا فلم يبلغ عدد الهلكي الربع من حملتنا. أضف الى ذلك أننا الوحيدون الذين وصلوا بسلام بين القوافل اللاحقة .
عندما بلغنا روبجا Rubuga والدي محمد بن جمعة لملاقاتنا ومعه بعض الأقارب كانت هذا المرة الأولى التي أراه خلالها بعد عودتي الى أوروا متوجها الى الساحل بعد حرب منيواسيري كنت عائدا آنذاك بلا بضاعة ولا سمعة . مضت سنوات عديدة لم أرد خلالها.
غادرنا رو بجا متوجهين الى تابورة لنصل الى قريتنا أوتورو lturu ، توفيت في هذا الزمن كاروناي ابنة فوناي كيرا وطلب ميكازيوا من والدي ان يتزوج ابنته ولكن والدي رفض هذا العرض لأنه يريد الزواج من الابنة الأخرى لفوناي كيرا واسمها نياسو . Nyaso استاء ميكازيوا من ذلك لأنه لا يريد أحد امن أبناء أفيه فهو على غير وفاق فههم . لم يبد أي اعتراض قوي وتزوج والدي ابنة فوناي كيرا التي كانت في عمر كاروناي. وجميع الأملاك .البشر والأشياء المملوكة _ في أوتورو الخاصة بكار وندي ونيا سو أصبحت في ملك والدي.
أقمنا في أوتورو أربعة عشر يوما، وفي أحد الأيام مر بجوارنا فيل فخرج اليه رجالي وتلوه واقلعوا منه العاج الذي وزناه فبلغ 80ارطلا. بعث الينا الزعيم ميكازيوي والوالي سيف بن سليمان اللمكي أمرين بتسليم العاج اليهما. فأجبت أن العاج يخصني ولن أتغن عنه ، هنا نشأ سوء التفاهم بيننا وأصبحت الحرب قاب قوسين ، هم مصرون عل أخذه وأنا مصر على الاحتفاظ به قال والدي : «انهم لن يتركونا» ، أعلن الزعيم والوالي حربنا وكنا عن اتم الاستعداد لهم .
وفي يوم المنازلة بيننا داهمهم نجوني عافيتي .Ngoni Makiti لم يخض عرب تابورة حربا قبل هذه الواقعة وهذه هي الأولى هذه السنة . برز نجوني من جانب نجومبي ,Ngombe جاء لبية لطلب مشآما ,Mshama ابن أخ ميكازيوي الطامع في زعامة تابورة بدلا من عمه كما ينوي قكا أيضا. ان تفجر هذه الحرب جعل الزعيم ميكازيوي والوالي بن سليمان مأخوذين بهذه المباغتة وفي أمس الحاجة الى مساممدتنا . أرسلوا الينا بخبر بروز نجوني وان مجموعة من مناصريهم من , Kwihare يقودهم عبدالله بن نصيب قد توجهوا لملاقاتهم . أرسلنا الى بعض مناموينا في تابورة أن يأتونا بأقصى سرعة ممكنة . قرعنا طبول الحرب ونما درنا مباشرة الى كو يهري _ على مسافة قصيرة من أونورو _ وبعد ساعتين وجدنا الوالي سعيد بن سالم (هكذا في الأصل السواحلي أيضا) والزعيم ميكازيوي اللذين أخبرانا أن نصوع لنجدة عبدالله بن نصيب ، لحقنا بعبدالله في نجومي وهو في حال لا يحسد عليه فقد أحاطوا به وتكوا من جيشه خمسين من شباب العبيد وأكثر من 100 من الاوغنديين الذين أرسلهم الزعيم موتيسا Mutesa الشيخ بن نصيب الموتا في لأن موتيسا كان قد بعث اليه بحراج من السيد ماجد الى (حيث يقيم في ) أوغندا. كان موتيسا قد أحضر كميات عظيمة من العاج لارسالها الى السيد ماجد كما بعث الى الشيخ ابن نصيب لينال هداياه . وعند وصولنا وجدنا ان الجميع قد قل وقد أخذ فاجوني جميع الماشية .
***
في طريق العودة لقينا بعض المحاربين من تابورة وعبدالله بن نصيب فقلنا لهم : "لنلحق بهم " (ناجوني) . فلم يرد علينا أحد، لقد تجاهلنا هؤلاء الناس وكأننا بهائم . قلت : «اذهبوا . سوف نلحق بهم بأنفسنا». بدأ الناس يعودون الى كوافيري وأهالي تابورة عادوا الى بلادهم بينما انشغلنا بوضع خطط المطاردة مع وصولنا الى كوافيري. التقوا جميعا معا وذهبنا حتى بلغنا سانجي Msange نجومبي _ هنا غير آخرون آراءهم وعادوا بينما تابعت تقدمي ومعي سعيد بن حبيب العفيفي الى مفوتو Mfutc يسكن سليمان بن ممالح النبهاني.واحد من أقاربي _ هنا كانت حدودأونيانيامبي Unyanyemt . نمنا ليلة واحدة قبل مطاردة ناجواني على ضفاف نهر نجومبي، ولكنهم كانوا قد عبروه . (عدلنا من خطتنا) وعدنا الى أو تورا. _
أعددنا أنفسنا للذهاب الى أوتوا ورويمبا ولكن أهالي تابورة لم يتركوا لنا هذا الغيار قالوا : " ترقبوا للحرب فعندما يهدأ الجميع سوف يعود فاجومني". جميع الموجودين من العرب والى «نيامويزي» مضطربون فلير لديهم فبرة بالحرب . بقينا شهرين ولم تظهر )ي بوادر لنا جومني( أرسلنا جمعة بن سيف على رأس قافلة الى )وتوا بينما بقينا شهوآفر فلم تبد أي بوادر للحرب هنا نمادرأفيومعه كثير من الرجال والبضاعة . ولم يبق سواي وسعيد بن علي بن منصور الهنائي وقليل من الحمولة فأكثرها سبق مع أخي. بعثنا الى البضاعة _من الفرزوا لعقود "الموجودة في أوجوجو فجيء بها وكان الفرق بين ستة الى ثمانية جنيهات للفرسيلة الواحدة مقارنة بقيمتها عندما دفنت في الرمال .
وجدنا أن المدة قد طالت منذ أن بعثنا ببضاعتنا فاخبرنا أهل تابورة بعزمنا وحاولوا اثناءنا من الرعيل في انتطار الحرب فلم نخضع وتركنا معهم مددا من الرجال – العدد الأكبر من رجالنا غادر مع محمد بن مسعود وجمعة بن سيف .هم سعيد بن علي الهنائي وسيد بن سليمان المغيري وعبدالله بن حمد بن سيد البوسعيدي وعلي بن محمد آلهنائي ومعهم عدد من الشباب من ساحل مريمه – حوالي خمسة عشر- بالاضافة الى سليمان بن سيف الاسماعيلي . بلغنا أوجالا Ugaila التربية من أوكونونجو Uknongo أرض الزعيم ويوفا – Riova المتمتع بقوة شخصية ونفوذ- وهو الأخ الأصغر للزعيم الحقيقي تدكا .Taka كان ريوفا متعجرفا وغادرا (في تعامله). أقام لنا معسكرا خارج المدينة في موقع يبعد خمس عشرة دقيقة مشيا والمسكر قرب مجموعة من آبار الارتواء.
***
حينما تغادر أوجالا متوجها الى أوكونونجو أرض الأسد فن تجد أية قرية في طريقك . الأسد هذا أخ الزعيم الراحل لتابورة منيواسيرا. فمع وفاة فوندي كيرا صارت الزعامة لمنيواسيرا حتى تمرد فعزلناه وجعلنا مكانه ميكازيوي . وبوفاة الأخير – مات في نجوجو – فر الأسد الى آوكونونجو Ukonongo موهما السكان انه أمس هو الزعيم .
***
ولما وصلنا أرض الأسد رأينا أن نشتري لرجالنا كميات كثيرة من الطعام تكفي لمدة ستة الى سبعة أيام لأن المؤونة غالية حتى هنا في أرض الأسد. اشترط علينا الزعيم أن ندفع له خمس بقرات و00ا قطعة من الثياب حتى يمرح لنا بشراء ما نريد. فأعطيناه ما طب واشترينا كميات عظيمة من الذرة المطحونة من العديد من القرى المجاورة وحتى من قرية الزعيم نفسه التي كانت محكمة التحصين بخندق يحيط بها.
***
في الصباح بعث ويوفا أحد رجاله يدعونا لمقابلته في قريته . حوالي الساعة التاسعة صباحا قمت ومعي خمسة عشر رجلا متسلحين بالبنادق المشحونة والرصاص الاضافي. وفجأة وجدنا في الطريق واحدا من صغار عبيدنا اسمه ياقوت وهو رقيق لعلي بن محمد بن علي الهنائي قال لنا أنه أعتدي عليه وبعثر بما معه من ذرة دون أي سبب . قلت له :"لا تعمل من هذا قضية كبيرة وسوف أعطيك ذرة بدلا. أنت تعرف أننا دفعنا الكثير لهذا الزعيم المتعود ولا نريد اثارته . انه عدواني وحتى ميرامبو Miramo لم يقو على مناوشته لما مر هنا " . اقتنع ياقوت بما قلت وقبل أن ينتطرنا حتى نعود ونعطيه نصيبه من الذرة وتوجه الى المعسكر بينما تابعنا سيرنا لملاقاة الزعيم . دخلنا قويته وسألنا عنه فأ فذونا الى منزله . اقترح الزعيم علينا الذهاب الى حيث تسكن زوجته الأمامية حيث دخل وبتينا ننتظره . فجأة ظهر الغلام ، الذي بعثرت ذرته ، ثانية وهو متمنطق سلاحه . ناديته وضربته سبعة ميالا وما هي إلا لحظة صغيرة حتى تجمع السكان وهم يعرفون : "ذلك الغلام صاحب الذرة سلع نفسه وهو ينوي حربنا فلنحاربه إذن " ولم يكمل المتحدث كلامه حتى فتر علينا الرصاص والمسام . حاول الزعيم أن يتخلص من هذا الموقف فلم يستطع بينما الرصاص والسهام لا تزال منهمرة علينا. مسكت وقت له : اصرخ في رجالك أن يتوقفوا . وجدت أننا أمام موت محقق فأمرت باطلاق النار عليه ، تركته وكان متأثرا بطلقة في ظهره فسقط طريحا.
***
عندما رأوا سقوط زعيمهم هربوا في كل اتجاه حتى لم يبق شخص واحد. والواقع أن القرية كلها كانت مخمورة بجعة الذرة . لزمنا الحذر الشديد فالقرية شاسعة وتتكون من عدة منافق . ذهبنا الى البوابة الرئيسية للقرية وهي التي دخلنا منها عند مجيئنا كما أنما مقابلة لمعسكرنا ، علما أن للقرية ستة أبواب .
بحثنا عن اثنين من رجالنا لم نجدهما وغلب على ظننا انهما قتلا. وقفنا خارج البوابة مقابلين الطريق المتجهة الى معسكرنا وفجأة رأينا علمنا يرفرف مرفوعا بأيدي رجالنا. سألنا سالم بن سيف الاسماعيلي وسليمان وكوروجو – Garojeo من لوني.فيما اذا كانوا قد وصلوا الى المعسكر ، فأجابوا أنهم جاءوا بست أسيرات وانهن وراءهن في الطريق .
***
توجهنا سويا الى القرية ولم نجد هناك رجلا واحدا بل ما يبلن 600 امرأة معهن من البضاعة والعاج ما يقارب عشرين حمولة وقيمتها ستة وعشرون فرسيلة . رأينا واحدة من جوارينا قلت ضربا وزوجها أحد عبيدي النصوصيين يلقب ببانجورا Bangura ومعناها الأسد _وكان من الشجاعة بمكان . عندما حضر ورأى مقتل زوجته قال : "عندما تحين ساعة الحرب فسأكون أول المسار عين الى الموت ".
بعثنا بعض الرجال للبشر عن سعيد بن علي بن منصور الهنائي وعن بقية رجالنا وبضاعتنا داخل هذه القرية المندحرة ، عادوا بسلام ، الرجال والبضاعة ولكن الحمالين من قبيلة نيامويزي لم يعودوا ومعهم بعض عبيدنا. يبلغ عدد القرى المجاورة لهذه القرية حوالي الـ00ا . بعد أنتظار قصير عاد بين خمسة عشر الى عشرين من الحمالين . خرجت بنفي (في صباح اليوم التالي ) للبحث في القرى المجاورة ومع حلول الظهر كنت قد جمعت كل من تفرق (من الحمالين ) في القرى القريبة . لم نجد أحدا من السكان في تلك القرى بل وجدنا حمالينا وبعض عبيدنا ، رأينا سبعة منهم قد لاقوا حتفهم وأربعة عادوا سنا مثخنين بجراحهم . ستون آخرون لم يعودوا بد وكانت وجهة نظرنا انهم لم يقتلوا ولو كانوا مقتولين لكنا وجدنا جثثهم والأغب انهم عادوا الى تابورة .
***
وصلنا أوجا لا Ugalla حيث لا تبعد تابور عن القاصد مسيرة خمسة أيام أو أقل ولكننا لم نكن قادرين على مفارقة موقعنا لعدم كفاية الحمالين لنقل بضاعتنا العظيمة . كنا هنا وقررنا محاربة أخ الزعيم تدكا ولكن وبد أن كنا على أهبة الاستعداد للتحرك اليه قال سعيد بن علي : "ليس من الحكمة أن تهجموا تاركين كل بضاعتكم في رعاية شخصي الوحيد فقد يحدث هجوم معاكس. ثم أن السلاح الذي معكم لا يزيد على 100 بندقية ". (عدلنا عن رأينا) وبقينا هنا سبعة أيام وفي فجر اليوم الثامن كانت طلائع هجوم بدأت في الظهور من قبل سكان واجالا وواكونونجوه .Wakonong فأسرع بانجورا .مدفوعا للثأر من قتلة زوجته _ بمفرده فعاجلوه بالموت . وكانت المواجهة كما توقع سعيد بن علي الذي فل بالداخل ، فحاربناهم حتى كمونا شوكتهم فعادوا القهقرى. أردنا الرحيل (بعد المعركة مباشرة ) ولكن الباقين من نيامويزي وبعض عبيدنا تأخروا مدة أربع ساعات . قل من الأعداء حوالي سبعين بينما لم تزد خسائرنا على أربعة قتل وستة جرحى. الآن عادت قواتنا جميعها.
***
عقب أربعة أيام ظهر لنا مجموعة من الناس اعتقدنا في البداية أنهم سيهاجموننا. ظهروا لنا جليا وكانوا حوالي خمسين ، عشرون من البلوش وثلاثون من العبيد جاءوا من تابورة برسالة من الوالي سعيد بن سالم اللمكي والشيخ ابن نصيب – رسول السيد ماجد بن سعيد الى أوغندا .كان ابن نصيب أوسع نفوذا حتى من الوالي نفسه الذي لا يقطع امرا دون مشورته . كما كانوا يحملون رسالة من والدي محمد بن جمعة يغبرنا أنه سمع عن حربنا اذ أخبره الحمالون بذلك وأن الزعيم تدكا قصدهم طالبا الحماية وملحا على احلال السلام وان ننسى العداوات القديمة ، كان الزعيم خائفا من العودة الى قريته التي تركناها له . (وفي نهاية رسالتهم ) ذكروا أنهم في طريقهم الينا.
ـــــــــ
* نشرت الحلقة الأولى لهذه السيرة في العدد السابق لمجلة (نزوى) ع 18، ابريل 1999 وقد تضمنت بدايات المرجبى في عالم التجددة ودور والده في تشجيعه على المني في هذا الدرب بالاضافة الى الى صراعه مع بعض الزعماء الافارقة على العاج وكان أكثرها اثارة هو صراعه للساموا.
ترجمة محمد المحروقي (كاتب من سلطنة عمان)