أوس حسن
شاعر عراقي
عندما يضيءُ العدم
مِن اللاشيء… كان شيئًا
حجرًا أو عشبًة في انحناءات الزمن
كلُّ شيءٍ يتحركُ… يدورُ
كلُّ شيءٍ يتكرّرُ..
أفكّرُ في المنسيّ من رموزِ الأقدمين
قبلَ أن تسقطَ الكلماتُ على الإنسانِ..
أفكّرُ في سماءٍ محدَّبةٍ..
بلا وجعٍ أزرقَ.. ولا أخطاء
أفكّرُ في الظلامِ الممتدِّ بعد النهايةِ …
أيُّ ريح ٍستبعثرُ مصائرَنا
ليبقى صوتُ الفكرةِ عالقًا هناك
كلُّ شيءٍ يتحرّكُ… يدورُ
كلُّ شيءٍ يزولُ
كُلُّ شيءٍ يتكررُ
لماذا ترعبُنا الأبديّةُ
وحياتُنا أرجوحةٌ يضيئُها العدمُ؟
خطأ العابرِ في الزمانِ
هذا الخريفُ يوقظُ فينا حواسَّ العالمِ البعيدِ…
خيط ُالعتمةِ يشطرُ المساءَ إلى نصفين …
طائرٌ متوارٍ بين الغيومِ الداكنةِ ..
أشجارٌ تصلّي للرياحِ..
أصواتُ الغائبينَ في منزلٍ مهجورٍ
لا أحدَ يبالي بهذه الكينونةِ..
لا أحدَ يبالي كم مرّةً احترقت الأرضُ
وكم مرّةً أغرقَها شتاءُ الآلهةِ
كخطأ يكرّرُ نفسَهُ نعبرُ في الزمانِ.
وحدكَ في عزلةِ الروحِ تسمعُ صمتَكَ..
وحدكَ في الحريّةِ يحاصرُكَ خوفُكَ
طوبى لكَ أيّها المقذوفُ في العراءِ….
أيّها العالقُ في ظلمةِ الأبدِ!
عدمٌ.. وصيرورة
النجمُ غائبٌ في مزاميرِ الرعاةِ
نائمٌ إلى الأبد…..
دخانٌ… وسماءٌ عاصفةٌ
الذئبُ يعوي عند رأسِ الجبل
والسيلُ ينحتُ وجهًا في الصخور
نارٌ في الأعالي..
وصرخةٌ من أعماق الكهوف
أنا الكائنُ في العدمِ
سأنامُ
لتكتملَ الأشياءُ..
سأنامُ لأخلقَ العالَمَ ….
وأرقصَ على أنقاضِ الخرابِ.
نقصٌ في الوجود.. امتلاءٌ في الكينونة
لا يهمُّها إن كانتْ تتدلّى من غصنٍ أخضرَ
أو مقطوفًة في مزهريّةٍ…
مسحوقةً تحت عجلاتِ الحربِ…
وأحذيةِ الجنودِ
الوردةُ.. وردةٌ في قميصِ شاعرٍ
في حزنِ امرأةٍ..
وليلِ شَعرِها الطويلِ..
لا تعي عطرَها الأخّاذَ ..
ولا تحلّلها البطيء بين طيّاتِ الكتبِ
لا يهمُّها إن كُنَّا أشرارًا.. أو طيّبين
نحملُ أسماءَنا وندفنُها معنا..
والوردةُ.. وردةٌ قبل أن نولدَ
تفتحُ قلبَها للريحِ..
وتُزهرُ على قبرِ القاتلِ…
والقتيلِ…….
جرح
إيهِ يا حزيران المضطرب..
ها هي صحراؤك تطلق ذئابها الجائعةَ
وليلك يلمع كسكين القاتل..
أنا طفلك القديم يا حزيران…
طفل الوديان والسهول..
ألهو بخوفي ..
وأعدو وحيدًا تحت شمس الظهيرة..
خذني إليك يا ألمي المقدس..
أنا لم أكبر إلا في الدموع..
خذني كجرحٍ يضيءُ القبرَ
إلى الظلمة هناك…….
حيث تلمع سكين القاتل إلى الأبد.