اترك لكَ بيتين من الشعر وارحل
بيتا أسكننا بخوفه ودفئه
وساكننا بالذي لا يسكن إليه
وبيتا فارغا
ليملأه الحالمون
بما لم نقوَ
اترك بيتين لم يقرأهما احد
انا مزمارك المكسور وارحل
فعلى من تتكئ الآن
ايها العجوز
عكازك العاشق ولّى
ضفتك التي تبكي عليها
حين يضيق عليك الحال.
٠٠٠
لم يكن بيدي
امر فيضك لم يكن
وغول على كل باب
وما كان بإمكان البراءة
ان تفيض على العسف
غول يراني
في مراياه القديمة
ويرى خطو اصحابي
على درب مقفل للصباح
يقسو على جيرتي وخلاني
على الا ئبين في المدينة والقرى
يشوش صوت امي
بخوفها والاغاني
يهيل احجار قلقه الثقيلة
على بكائها النهاريّ
حيث امرّ هناك طفلا
بيديه الشغوفتين
اصفاد خبز بليغة
واوراق بيضاء
خططْتُ قلبي عليها
في هذيانه الاول .
٠٠٠
حين لم يكن على الباب غول
ولم يكن الخوف صرْفا
كان طيف هراوة
يتقافز في الطرقات
كم من الورود اختبأت في اوراقها
وكم من طفل بال رعبا في السرير
وانا كل وقتي
احاول طرد الاشباح من النافذة
٠٠٠
اذكر كم مرة
اخْفتْ امي اوراقنا السرية
في تنورها
لينضج عليه خبز الملائكة
الحمام ايضا يتذكر
القطة التي تولّدت
في فراشي
فسحة الدار تتذكر
الاحجار التي تصاقطت من الحائط القديم
الميازيب التي ارتقبت طويلا
ايّ غيمة عابرة في السماء
معابد الطفولة التي اقفلت
مزارات الاولياء التي هجرتهُا
من يديكَ شربتُ ماء حكمتي
وبه اغتسلتُ
من خطايا لم ارتكبها
لم يبق لذاك الصبي اللاهث خلفك
اسرار محبة لم يبح بها
ولم تبق تلك السماء صافية
لاعود اليها
رافعا قلبي بالدعاء
٠٠٠
بعض فلّ امي يضحك
وبعضه يبكي
علي الاصدقاء يتراشقون
بالجراح وبالعتب
وانا اقيس الزمان
على جمره
حزينا
على كل شمعة ذرفها المساء
وعلى كل ضحكة
تكسر رنينها دون ان تصل .
اخبرتك :
لم يعد ما يكفي من الحلم
لأبقى
وما يكفي من الرحيل
لأحلم
على طرق لم تتسع
لكلمات المرحبا الصافية .
هنا يا صاحبي مقتلنا:
الكثير من المرارات والبهدلة
وانت بضفتك الوحيدة
عاجزا
عن التحديق الى غيماتك التي تنتظر
وعاجزا
عن تذكير الفصول
بالانوثة والذكورة
وعاجزا
عن تلقيح الارض التي تشتهيك .
اتعرف اين ضفتك
يا سميري الآن
وعلى ايّ رصيف ثلجيّ
يفرش احلامه الغريب
على ايّ مقعد بارد
يستضيف الاغاني الدافئة
وفي ايّ شتاء داعر
يكتب عنك هذه المرثاة
٠٠٠
في كل خطوة اتعثر بك
انت تبللني ايها الشقي
في اوقات لا مطر فيها
واماكن بلا انهار
ولا جراء توهوه
قرب ساقية اوغدير
من زمن وانت تخيط فيّ
اماكن من
قارتين لا تتشابهان :
صحارى مقصية من ذاكرة الانهار
وفراديس تحاول الافلات من الغرق
حدود زمانين
ضاع فيهما الذي ضاع
الذي يتشابه والذي يختلف
خريف وربيع معا
شوك قاس واعشاب طرية.
اخرجُ من بللكَ
ارى وجهي يابسا
في زجاج الواجهات
وجهي الذي
يتطافح هناك
وينكمش هنا على طاولة
لا كوًوس للاصدقاء عليها
ولا احاديث
تشتل ازهارها في الخشب..
٠٠٠
يا رحمة الارض على الحياة
يا رحمة شجر تلجأ اليه العصافير
حين يأزف اغترابها
كلّ دعاء الجذور لكَ
كل بسملة لابدّ ان تمرّ الى جوارك
او تقيم
كّل تضرع لا تستسيغه السماء
دون ختم انفاسك
كلّ بهللة او دروشة
لم تهتد الى سبيلك
لا تصحّ
كلّ رأفة لاتحطّ
بردا وسلاما
على ارواح الكائنات
دون اياديك الرحيمة .
٠٠٠
كيف اضعتَ لغة الهدير
اتذْكرُ كنتَ ناي المكان
هسيس الشجر
رقصة الزروع في عنفوانها
تمدد يديك على الضفتين
بعد كل جماع لتستريح
لا ملاذ لك الآن بضفة
ولا امان للزلّ
يقتفي ساعديك
ولا لخطاك الهزيلة
على الارض من اثر .
٠٠٠
لمَ
كلّما اغترفتُ مائي من راحتيك
اندلع الغبار
وكلما وضعت قلبي في سلال البساتين
لتقطفه عابرة
في ظهيرة صافية
ضاع ضوع يديها
وتلعثمتْ بسملة الامل
عتبي على الاسماك التي لم تفرق
بين قبلي المائية
وما يرسل الغريق
من تحايا اخيرة
للحصّيوة وللحوايج
قبل ان تفاجئها
عصى شمس ضريرة
وقبل ان يفتح الولد سجلات خسائره
وقبل ان يسقط المشمش من اعالي المطر
كان يكفي ان تستعيد حورية الاحلام
قبل ان تغرق في حفنة من تراب الذاكرة.
فواز قادري
شاعر من سورية يقيم في ألمانيا