"المدينة كالأصحاب. كا.. المدينة التي- تغرق في الفوضى وقي الخيانة " يعقوب الحبسي
أنه لن يمر هذا اليوم دون أي شيء (سأحكي) الانارة التي تضحك كأعياد الميلاد، روائح الأرصفة المختلطة ببصاق التجار- السمراوات المنتشرات على امتداد الشارع ما بين مطرح والحيل الشمالية، الحلأقون الفلبينيون بأوداجهم المنتفخة وشفاههم الرطبة ة بيوت العازبات في (يتيئ) المجمعات التي تفوح وسط القرم، المخ اجر المليئة بأنواع التبغ والمجلات المزركشة، الأندية الشواطيء، المثقفون، الصحف، الوظائف المكيفة.
هكذا بدت مسقط ليعقوب الحبسي وهو يهفس الجبنة الحلومي بمقهى الليلك، ويقسم برأسه المشتعل انه لن يرجع الى ولايته المرتمية بعيدا (كسمرة النوق) ينهش البدو والخرفان ودوامات الجن "لا يحب الشوارع الترابية الصماء ولا احاديث العربان ولا مذابح يوم العيد ويكره القيظ المليء بالشوك ورائحة الرطب ".
. وكان يعقوب فى المقهى يتصفح الجريدة ويندس وراءهـا كلما شاهد أحدا يعرفه وكثيرا ما كان يتلصص من أعلى الجريدة ليرى ما يحدث في طاولات المقهى من أحاديث وقهقهات ومواعيد حتى ظن الهندي الـ (فورمن) وهو يتأمله يحذر أنه أحد المخبرين الذين يمرون بالمقهى بين الحين والآخر.
وانه ليس عاديا على الاطلأق- قاقترب:
– شاي.. عسير تازج- لحمة راش
– ساندويتش روبيان لا راس ولا رجل
انزل يعقوب الجريدة ووقعت عينه على فلبينية كانت تعبر الشارع الخلفي للمقهى وما إن نهض ونفض داشداشته قليلا وسرح شعره بالمشط الصغير الموجود في جيبه باستمرار حتى غابت الفلبينية قي غمرة السيارات والأبواق التي كانت تدلع لسانها بصرخات انجليزية مكسرة "هى- هالو.. كد ايفننج" غضب يعقوب وركل الرصيف وركب سيارته ثم انطلق تاركا الفلبيتية والمقهى والساندويتش كان يعقوب يقود سيارته باتجاه شاطيء القرم يسارا حيث تكون الحركة فالشاطيء مقسوم الى جزء قليل مضاء وآخر معتد م والجانب المضاء قيل أن رجلا غنيا من مكان ما قد تبرع به وبما أن الجانب المضاء كان مليئا بالرياضيين ولاعبي الكرة فضل يعقوب الجلوس على كرسي حجري بجوار مواقف السيارات وفرش عينيه على اتساعهما في الممرات الفاصلة بين الشاطيء وفندق (الانتركونتيننتال) حيث كانت مخابيء الرومانسيات الليلية إلا أن ضحكة تشبه عطسة لينة أدارت عينيه الى الجانب الآخر من الشاطيء حيث خرج من وسط العتمة اثنان أحدهما كان يرتدي (شورتا) وقميصا فضفاضا والآخر كان لا يرتدي إلا إزار (الى نصف الركبة،
– من ؟
يعقوب؟!
أووه!
فاستدار ورمى بنفسه بين الحشائش والأشجار القريبة من المواقف وكأنه لم يسمع وظل مختبئا الى أن انصرف هذا اللذان يذكرهما بامتياز وان كان لم يرهما منذ تسع سنوات على أقل تقدير
إلا أنه مازال يذكر تماما انهما آكثر من يحلف بهما ابوه.
"يا ليتك لو تكون مثل أولاد الحامدي والله لمشي في شوارع الحارة وما حد يقدر يزنك"
أحيانا يشعر يعقوب بأن والده أسوأ شيء مر عليه منذ لحظة ولادته تلك السخرية المتناهية التي كان يحملها والتي كانت أحد اسباب هروبه الى مسقط يزإحم الأرصفة بسيارات أصدقائه التي كان يستعيرها من حين الى آخر.
لتذهـب يا أبي أنت والملعونون معك الى حيث لأ يعلم مكانكم أحد سوى الحامدي الذي يكون معكم هناك تحت أبعد جبل وأكبر مزبلة قي القرية (كشرة البلدية).
نهض ليعقوب من بين الحشائش وارتمى في سيارته وهرب.
وفى اليوم التالي وتحديدا الحادية عشرة صباحا (بالبرجركنج) قرأ يعقوب على صفحة الاعلانات بجريدة الوطن التالي:
لخريجي الثانوية العامة فرص وظيفية جيدة
لحامون.. بناؤون.. نجارون.. حما لون
تبعث السير الذاتية على العنوان التالي:
ش.ع. م
ص. ب123
ر.ب 424
وفي الصفحة المقابلة على مساحة نصف عمود قرأ:
تنعى أسرة الحامدي
المغفور له بإذن الله سالم بن راشد الحبسي
بعد أن…
علي الصوفي (قاص من سلطنة عمان)