يقولون إنك لا تشبه أبي
في شيء
حتى أفتن بك
لكنني بك فُتنتُ
فلا تصوب عينيك
هكذا باتجاهي
كمدفعين يخترقان صدري
فلستُ نجاة الصغيرة
حتى ترسمني بشفتين
مثيرتين
وتعلق صورتي على حائطك
المتهاوي.
غرفُتك ضيقة فعلا
لن تتسع لظلي حين
أمده بالليل.
وحدي هنا أجمّع ما تبقى
من آثارك قرب نافذتي
التي أطلُ منها
على قلبي المهزوم أمامك.
كيف تجرؤ على النوم
وبيننا محيط مشتعل
بشوقي إليك
وحدي هنا أكلم
صورتَك
علها تخبرك بمتاهتي.
وبأن الكأس الخامس
هو من أوهمني سهولة
الوصول لجسرك!!
لكن «بروكلين» هذا بعيد
جدا
أريد فقط أن تراني
حين ألوّح
لك من فوقه
بيدي المرتعشة
لتعرف أيها المجنون
كم أحبكِ.
البحارة
قاطعوا البحارة
فقتلاهم هنا كثيرون
ثم إنني كلما رفعت عيني
لأنظر إليهم
أبصرت آثار دمائي على أطرف
أصابعهم.
لا تخبروهم
أنني هنا
وأنني عبرت المحيط
لأجلهم فقط.
ولم أعد أفعل شيئا
سوى أن أرسم
صورتهم على حائطي
ثم أمحوها.
لا أريدهم أن يعبثوا بروحي
يكفيني قلبي المتعب جدا
وأيامي التي صارت أثقل
من أحلامي.
دانيال
ماذا يمكن أن يعني لها
هذا الاسم الآن؟
تحاول دوما
أن تنسى صورته
المحفورة تحت
الجلد بعناية
كأن الزمن لم
يعبر عليها
ساعة واحدة!!
صوتُه يأتي من بعيد
مخترقا بعنف
كل المسافات
التي تفصلهما.
«ملامُح وجهه تذكرها
دوما
بحيِّها القديم «شبرا»
وحكاياته التي لا يبهت
بريقها.
لكن لماذا ينام هذا الولد
وحده
– دون غيره-
في حديقتها؟!!
ستظل تفرح
مثل طفلة
عندما تستعيد مشهده ثانية
«وهو في الحادية عشرة من عمره»
عندما دس لها ورقة
مطوية بخجل
بين كراستِها الصغيرة
مرسلا لها عبارةً واحدةً
كتبها بيدين مرتعشتين:
«وهل اختلاف الدين يمكن
أن يمنع الحبَ» ؟
فردت عليه ساخرةً :
« بل إنه قد يمنعنا أحيانا
من الحياة ذاتها».
بنيامين
هجر اسمه لئلا يعرف
هويته أحد
وفرَّ من بلد إلى بلد
ليغلق وراءه كل أبواب
الحنين
لكن لماذا بلاد الله الواسعة
صارت ضيقة عليه؟!
لا يصحو بنيامين
إلا على كوابيس
وأصوات هائجة
تذكره بجرائم أبيه
وإخوته
لم يتبق له
في هذا المكان
سوى صورة حبيبته
تسخر من حيرته
لكن إلى متى
سيظل تائها
في ظلمة الصحراء
يكلم الرب بلا جدوى
منذ أربعين عاما
ولِمَ صارت الآن
كل الأشياء حوله
محض استعارات
ميتة؟!