ما فتئت القصيدة الحديثة تنعطف على ذاتها لتتأمّل وظائفها، أوتتدبّر منزلتها، أوتصوّر لحظة تخلّقها جامعة بذلك بين الإبداع والتّأمّل في الإبداع جمع تآلف وانسجام. ولم ينشأ هذا النمط من الشّعر عن ”رغبة في التعليم والتوجيه وإنّما نشأ عن اقتناع بأنّ العمل الشّعري هو إحدى مغامرات العقل الذي يعمل ويتأمّل ذاته باستمرار“1 فالقصيدة الحديثة أصبحت ، في معظم تجلّياتها ، تخبر عن نفسها فيما تُخبرُ عن العالم ، وتحيل على ذاتها فيما تحيل على الخارج ناهضة، على حدّ عبارة رولان بارت ، بوظيفة مزدوجة مؤسسة فضاءً جديدًا يسوده الالتباس حيث نجد الشّعر والتّفكير في الشّعْر يتداخلان تداخل التّعْميةِ والتّسوية.
وإذا عدنا إلى مدونة نزار قباني الشعرية يتضح انطواؤها على عدد كبير من القصائد التي تدور حول الشّعر تعدّد شرائطه أوتوضّح خصائصه أوتبرز وظائفه، وربّما تبسّطت فوصفت معاناة الشّاعر وهويروّض اللّغة ويعقد القوافي ويقيم الأوزان.
تملّك الشّاعر نزار قباني إحساسا قويا بأنّه يكتب شعرا جديدا ،مختلفا ، لهذا تردّد الخطاب الواصف في مدوّنته كاشفا ، من خلاله ،عن خصائص قصيدته الجديدة أومعدّدا وظائفها، أوواصفا لحظة خلقها وكتابتها. وكأنّ هذا الخطاب بات ضرورة تقتضيها جدّة هذه القصيدة وحداثتها، فمن شأن الخطاب الواصف أن يكشف عمّا استخفى من أسرار الكتابة وغوامض القصيدة، بل ربّما تحوّل هذا الخطاب، في بعض الدّراسات، مفتاحا يلج به النّقّاد قصائد المدوّنة ليدركوا رموزها ويفتحوا مغالقها.
ولم يقتصر نزار قباني على الشّعر يفصح عن موقفه من فعل الكتابة وإنّما عمد إلى كتابة نصوص نثرية ، نشرها في بعض المجلات أو صدّر بها بعض دواوينه ، كاشفا من خلالها عن الأسس الفكريّة والفنّيّة التي ينهض عليها مشروعه الشعريّ.
إنّ المتأمّل في أعمال الشاعر الكاملة يلحظ أنّ جميع نصوصها ، على تقاذف المسافات بينها ، تجمعها وحدة اللغة ووحدة طرائق الأداء ووحدة الجرح الوجوديّ. لكن رغم تشابك الأجناس الأدبيّة داخل هذا المدوّنة فإنّ «التفكّير بالشعر» ظلّ هو السائد يوجّه كلّ النصوص، نثرية كانت أم شعريّة ، ويضفي عليها مسحة استعاريّة تخرجها من أساليب النثر المألوفة وتفتحها على لغة الشعر وطقوسه الغريبة .فنزار قباني ظلّ ، على امتداد حياته ، يقيم شعريّا في الأرض ، يحوّل كلّ شيء إلى موسيقى ومجاز وشعر..كلّ عمله ظلّ يتمثّل : في إجراء الأشياء على غير مسمّياتها ، في تحريض الاسم على المسمّى ، في تسليط الثقافة على الطبيعة ،في فتح الكلمات على إمكانات دلاليّة جديدة تتجاوز بها حدودها المعجمية الضيقة .
شعر نزار قباني هو من قبيل النصوص الكبرى التي تنطوي على أصوات قادمة من أزمنة شتى ، تبلّل قصائده بماء التاريخ فتجعلها يانعة دائما ، غضة ابدا.فهذا الشعر موصول بالذاكرة ، منقطع عنها في آن . فهو يسترجع ويستبق ، يزكي ويستبق..كأنّ الكتابة عنده لعبة محو وإثبات ، تأصيل واجتثاث..
وابتغاء الإحاطة بخصائص هذا الشعر سنعوّل على الشعر ذاته نستقرئه ونستفهمه..فقصائد نزار قباني ربّما قالت عن نفسها أكثر ممّا قاله النقاد عنها ، على حدّ عبارة محمود درويش
هذه القصائد إنّما تنهض دليلا على وعي الشاعر المبكّر بتجربته، وهو الوعي الذي قاده إلى تأمّل قصائده فيما كان يتأمّل العالم، وإلى استقراء أسرار الشّعر فيما كان يستقرئ أسرار الواقع من حوله.
بسبب من هذا جاءت القصائد التي تدور حول الشّعر تتأمّله، موصولة بالمقاطع التي تلتفت إلى العالم تستكشفه. فهي كلّها، في المدوّنة الشّعريّة ، في وضع معيّة جامعة.
في الممارسة الشعرية :
الكتابة استجابة لنداء الورقة
ينفرد نزار قبّاني بفكرتين طريفتين تردّدتا تردّدا لافتا في كتاباته الشّعريّة والنّثريّة على حدّ سواء. أمّا الفكرة الأولى فمؤدّاها أنّ الكتابة – عنده ناتجة ”عن الفزع من الفراغ الذي يشبه العدم وأنّ الشاعر يتّجه إلى إعدام هذا العدم بأن يصبّ في هذا الفراغ وجودا يملأه“(2) ومن ثمّ تصبح الورقة البيضاء حافزا للشّاعر على الكتابة، تصبح مصدر حياة تواجه العدم وتنتصر عليه. يقول نزار قبّاني ”التّحديق في فراغ الورقة يثيرني ويمنحني الأمل“(3) ثمّ يقول ”الورقة أمامي فراغ بارد يبحث عمّن يغطّيه، ومرفأ مفتوح لكلّ البحّارة“(4).
أمّا الفكرة الثانية فمؤدّاها أنّ الكتابة إشباع «للرّغبة» التي يولّدها «جسد» الورقة في نفس الشاعر:
إذا لمْ تستطِع أن تَكُونَ مدهِشًا
فإيَّاكَ أن تتحرَّش بورقةِ الكتابة(5)
هذا المقطع مفعم بالدّلالات الحسيّة، فالورقة باتت مصدر غواية، وبات فعل الكتابة فعل تحرّش، فيما انتهى الإدهاش قرين الإبداع. كلّ المقطع ينطوي على موازنة بين الكتابة والغواية، بين صورة الورقة، وصورة الأنثى.
ولمّا كانت الورقة مصدر إثارة لا تُردّ فإنّ الكتابة تتحوّل إلى تحرير للرّغبة، أوإذا استخدمنا عبارة «فرويد» تصبح استجابة لمبدإ اللّذة:
الورقةُ البيْضاء
جسَدٌ
وعلى الشَّاعر
أن يكونَ على مُسْتواها الحضارِي(6)
هذا الانحراف باللّذة عن موضوعها الأصلي: المرأة، إلى موضوع ثان هوالورقة تواترت صوره تواترا جليّا في مجاميع نزار قبّاني حتّى أنّ الورقة أضحت، في بعض القصائد، أولى من المرأة بالاشتهاء، والكتابة أحقّ من الأنثى بالاحتفاء:
ليسَ هناكَ امرَأةٌ أجملُ من قصائدِي
فلا تَغَارِي
إنْ أنا نمتُ معَ الأقلاَمِ والأوْرَاق(7)
هذه المعاني ذاتها تردّدت في كتابات نزار قبّاني النثريّة لتشير إلى العلائق التي تجمع بين المرأة والورقة. نقرأ في «قصّتي مع الشعر»: ”علاقة القصيدة بالورقة التي أكتب عليها علاقة فيها ملامح كثيرة من لعبة الجنس. فهي تبدأ كما تبدأ كلّ العلاقات الجسديّة برغبة في احتلال مساحة لا نعرفها من إقليم لا نعرفه“(8).
ثمّ يردف قائلا:”الورقة، كأيّ امرأة، يجب أن تتقن أصول اللّعبة وتعرف قواعد الصّيد واجتذاب الفرائس …“(9) هذا الاحتفاء بالورقة بوصفها مصدرا من مصادر اللّذة يحيلنا على تصوّر المتصوّفة لفعل الكتابة بوصفه وجها من وجوه الزواج الكوني. من ذلك أن ابن عربي قد ”رسّخ الكتابة… في فعل شبقيّ ينهض على اللذّة .يقول في «الفتوحات المكيّة»: ”فكان بين القلم واللّوح زواج معنويّ معقول، وأثر حسّيّ مشهود، ومن هنا كان العمل بالحروف المرقومة عندنا، وكان ما أودع في اللّوح من الأثر مثل الماء الدّافق الحاصل في رحم الأنثى وما ظهر من تلك الكتابة الجرميّة بمنزلة الأرواح المودعة في أجسامهم“(10).
إنّ ابن عربي يرفع الكتابة إلى مستوى اللذّة القصوى ثمّ يحلّها، تدريجيّا، محلّ الضرورة العليا، فهي في نظره وليدة المتعة وخالقة لها في آن، عنها تصدر وإليها تؤول.
لقد لاحظ أدونيس أنّ الحداثة قد تتأسّس، في بعض جوانبها، على الرّغبة ”وانفجار المكبوت وتحرّره“(11) وشعر نزار قباني أنموذج لهذه الحداثة التي ألغت الحدود بين الكتابة والجسد، بين المعرفة واللذّة، وحوّلت الشعر إلى تواطؤ حميم بين جسدين: جسد الشّاعر وجسد الورقة. فعن هذا التّواطؤ تنبثق البهجة الجذلى بوجود جديد.
فتنة الوضوح
إنّ شّعر نزار قباني موصول بالأدب الشّفوي ينطوي على قوانينه الخفيّة، ويحتضن نواميسه السرّيّة، فهوالشّعر الذي يخاطب الذّاكرة، ويستنفر ما اختزنت من صور وأجراس. بسبب من هذا احتفى هذا الشّعر بالإيقاع وعدّه عنصرا من عناصره الأولى:
كُنْتُ مَسْكُونًا د بالرَّنِينِ كأرْغُنِ كنِيسَة
و كُنْتُ أهْدُلُ كالحَمَائِمِ(12)
كانَ يَخْتَبِئُ في حُنْجُرَتِي عُشُّ عَصَافِير(13)
إنّ عبارة «الحداء» التي خلعها الشّاعر على شعره هي أقرب العبارات التي تفصح عن جوهر تجربته الشّعريّة. فالإيقاع ليس حلية أوزينة وإنّما هو»دالٌّ أكبر» يوجّه القصيدة وينظّم معانيها ويشدّ مفترقها شدّ تآزر وانسجام، فالدّلالة لا تنبجس من طرائق تصريف القول فحسب وإنّما تنبجس من أساليب تنغيمه وتوقيعه، أي إنّ الشّاعر لا يكتب وإنّما يغنّي، ولا ينظم وإنّما ينشد، وهو بذلك يعقد صلة وثقى بالمواقف الشّعريّة القديمة: مواقف الإنشاد وتلقّف الشّعر عن طريق الأسماع.
لكنّ الشّاعر، وإن استعاد طقوس الإنشاد القديم، فإنّه لم يستعد لغته أوصوره أوعبارته، فشعر قبّاني ما فتئ ينعى اللّغة القديمة ويبشّر بلغة جديدة:
أنْعَى لكُمْ، يا أصْدِقَائِي اللُّغَةَ القَدِيمَه
والكُتُبَ القديمَة
أنْعَى لكم
كلامَنَا المَثْقُوب كالأحْذِيَة القَدِيمَة
ومُفْرَدَاتِ القهر والهِجَاءِ والشَّتِيمَة(14)
لغة نزار قبّاني لغة جديدة استرفدت اللّغة ”الموجودة على شفاه النّاس“(15) أخذت منها ”حرارتها وشجاعتها وفتوحاتها“(16) واسترفدت، في الوقت ذاته، لغة الشّعر القديم فأخذت منها إيقاعاتها ومعجمها العشقيّ الباذخ.
إنّ الدّعوة إلى استرفاد اللغة اليومية وإلى ربط الأدب بالحياة، وإلى استخدام لغة قريبة المأخذ ترتدّ إلى أربعينات القرن العشرين. وهذه الدّعوة إنّما تفصح، من ناحية أولى، عن المأزق الذي تردّت فيه القصيدة العربيّة بعد أفول الحركة الرّومنطيقيّة، كما تفصح، من ناحية ثانية، عن الرّغبة في اكتشاف مصادر شعريّة مختلفة يمكن أن تمدّ القصيدة الحديثة بطاقات جماليّة وروحيّة جديدة. وهذا ما ذهب إليه، على سبيل المثال، النّاقد محمّد مندور حين دعا الشّاعر المعاصر إلى الانصراف عن «أسلوب الذّاكرة»(17) والإقبال على لغة الحياة يسترفدها. فالكتابة الحديثة تقتضي المصالحة بين الشّاعر ونصّه من جهة أولى، وبين النصّ والعالم الذي صدر عنه من جهة ثانية. بناء على هذا عدّ القصيدة الصّادقة هي القصيدة التي تكون سليلة الحياة لا سليلة الذّاكرة ودعا إلى الاقتداء بالشّاعر الجاهليّ الذي كان قريبا من الحياة، منها يمتح مفرداته وصوره ورموزه.
هذه الآراء هي التي مهّدت السّبيل لاستقبال أفكار ت-س أليوت الدّاعية إلى استلهام ”لغة الحياة… التي نستعملها ونسمعها“(18). فهذا الشّاعر قد انتهى بعد قراءة للشّعر الانجليزي إلى صياغة قانونه الذي ينصّ على ”أنّ الشّعريجب ألاّ يبتعد ابتعادا كبيرا عن اللّغة العاديّة اليوميّة“(19) لكنّ هذا لا يعني أنّ على الشّاعر أن يستخدم الكلام الذي يتداوله النّاس في مخاطباتهم، وإنّما يعني أن يتّخذ من تلك اللّغة «مادّة غفلا» يصنع منها نصّه، فيكون شأنه شأن النحّات الذي يشكّل الصّخر وفق رؤياه.
والواقع أنّ نزار قباني كان ضمن تيار شعري دعا إلى استلهام اللغة اليوميّة والإفادة من طرائقها في التصوير والتعبير..فغاية نزار قباني كانت تتمثل في جعل الشعر مثل الرغيف متاحا للجميع.. ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلاّ متى كانت لغة الشعر مستلهمة من لغة الحياة.
لكنّ لغة نزار قبّاني لا تستمدّ قيمتها من استرفاد اللغة اليوميّة فحسب وإنّما تستمدّها من صورها وطرائقها في تصريف القول وإجراء الكلام.
كلّ هذا يتيح لنا القول إنّ أسباب ذيوع هذه المدوّنة كامنة في النصّ ذاته، في رموزه وكناياته وأجراسه وأقنعته، لهذا نخطئ التّأويل إذا فزعنا إلى عناصر خارجة عن المدوّنة نتمحّلها ونستفتيها:
هَلْ كُنْتِ قبْلَ قَصَائِدِي موْجُودَة؟
أم إنَّنِي بالشِّعْر
أوْجَدْتُ النِّسَاءْ(20)
فالنصّ لدى الشّاعر ليس مجرّد مادّة تشغل حيّزا في المكان وإنّما هو رؤية ونقل للذّات إلى الوجود، وهو سبيله إلى الكشف والمعرفة وجسره إلى اكتمال الارتواء وتمام الفرح.
لكنّ النصّ لا يتحقّق إلاّ بالمتعة، متعة اللّغة والفنّ فهي قوّته وعنوان وجوده وتحقّقه.
فليست المرأة هي الأوْلى بالنّظر والتدبّر في شعر نزار قبّاني، وإنّما النصّ ذاته. فامرأة نزار، مثل كلّ نساء الشّعراء، كائن قُدّ من كلمات وحروف وورق.
المتقبّل في قصيدة نزار قباني
تتعدّد الاشارات في ثنايا قصائد نزار قباني إلى المتقبّل وتتنوّع، فربّما لوّحت له جملة من الألفاظ، أوأومأ له مقطع من المقاطع، أو أحال عليه نصّ شعريّ أو بعض نصّ. فالشّاعر لا يكتفي بالقصيدة يكتبها وإنّما يلتفت أيضا إلى متقبّلها يحاوره أو يسائله أو يستدرجه إلى استكمال ما ظلّ في قصيدته ناقصا مبتورا.
ونزار قباني قد خاطب «القارئ» خطابا مباشرا، فشرح له ما استسرّ من تجربته الشّعريّة، وكشف له ما انبهم من رموزها. في هذا السّياق تندرج قصيدته التي تصدّرت ديوانه الأوّل «قالت لي السّمراء»(21) والتي جاء فيها:
عزَفْتُ ولم أطْلب النَّجم بيْـتًا
ولا كان حُـلمِيَ أن أخْـلُدَا
إذا قيلَ عـنِّي «أحـسَّ» كفَاني
ولا أطْـلُبُ «الشّاعِر الجيّدَا»
شعرْتُ بشيءٍ فكوَّنت شيْـئا
بعـفـوِيَّة دون أن أقْـصدَا
فالشّاعر يعمد في هذه الأبيات إلى إبراز الأسس التي ينهض عليها خطابه الشّعريّ وهي:
– اعتماد الموسيقى أصلا من أصول الكتابة الشّعريّة:
فالشّاعر لا يتكلّم وإنّما «يعزف» ولا يخاطب جارحة النّظر، وإنّما يخاطب جارحة السّمع، فشعره، كما جاء في هذه القصيدة، «حداء» نتلقّاه أجراسا وأصواتا قبل أن نتلقّاه معاني ودلالات.
هذا الاحتفاء بالموسيقى ربّما كان أثرا من آثار الشّعراء الرّمزيّين في شعر نزار قبّاني. فهؤلاء افتتنوا بالموسيقى لأنّها أكثر الفنون نقاء، وأقلّها مرجعيّة. إنّها نظام دوالّ دون مدلولات، عن طريقها يمكن للشّاعر أن يتخفّف من مضامينه ويجعل الشّعر يحيل على نفسه ولا يحيل على شيء آخر خارجه.
– اعتبار الشّعر لغة الوجدان:
يأتي فعل «يحسّ» في البيت الثّاني ليحيل على مملكة الوجدان التي منها بمتح الشّاعر قصائده. فقبّاني ظلّ على صلة وثقى بالرّومنطيقيّين، فهو،مثلهم، يؤمن بأنّ الشّعر مصدره «وطن النّفس» هذا الوطن الذي يشترك فيه أكثر النّاس انفرادا مع كلّ من يشعر ويحسّ(22)، ووطن النّفس هو وطن الحقيقة لهذا كان الشّعر الصّادر عنه شعرا صادقا بالضّرورة، أي شعرا قادرا على التّأثير في سامعيه، قادرا على توجيههم الوجهة التي يريد.
– الإلحاح على عفويّة الكتابة
يؤكّد الشّاعر في البيت الثّالث أنّه لا يتقصّد الكتابة وإنّما يأتيه الكلام عفوا دون تعمّل واستكراه. وفي هذا ما يذكّرنا من جديد بالرّومنطيقيّين الذين يرون الشّعر انسيابا تلقائيّا للعواطف لا جهد فيه ولا مشقّة(23).
لكنّ الشّاعر لم يقتصر، في هذه القصيدة، على وصف ملامح تجربته الشّعريّة بل التفت أيضا إلى «المضمون» الذي دارت عليه قصائده:
بأعراقِـي الحُـمْرِ إمْـرَأة
تسير معِي في مطاوِي الرِّدَا
تفحُّ، وتـنفُـخُ في أعظمِي
فـتَجْعلُ من رِئـتِي موقِـدَا
هو الجنْس أحْمِلُ في جَوْهَرِي
هيولاه من شاطِـئِ المبْـتَدَا
بتَرْكِيبِ جِسْمِيَ جوعٌ يَـحِنُّ
لآخَرَ… جوعٌ يمـدّ اليَدَا…
ولولايَ ما انفَـتَحَتْ ورْدَة
ولا فَـقَع الثّديُ أو عرْبَـدَا(24)
في هذه الأبيات يتأنّى الشّاعر في وصف «امرأته» التي تختلف اختلافا بيّنا عن نساء الشّعراء الحداثيين. امرأة قبّاني ليست رمزا يحيلنا على شيء آخر خارجها، وإنّما هي كيان وجسد وروح.
ومن المعلوم أنّ المرأة في الكثير من القصائد الحديثة قد تحوّلت إلى قناع لمعان أخفى، بل ربّما أجراها الشعراء، في قصائدهم، مجرى المجاز حيث تعلّق على غير ما وضعت له في أصل اللّغة على سبيل النّقل، فتؤول، بسبب ذلك، إلى أداة فنّية تمكّنهم من الكلام بشيء وهم يريدون غيره. لكنّ المرأة، في شعر نزار قبّاني، كيان نابض بالحياة، مشدود إلى الواقع بأكثر من واشجة فهي إذا استعرنا عبارات الفيلسوف «هيدغر» قد جمعت بين نبض الفنّ وهدير الوجود.
هذه المرأة التي تحتفي بها القصيدة هي المرأة/الجسد، المرأة/الرّغبة، المرأة/الفتنة أي المرأة التي تحيل على مبدأ اللذّة، يناهض مبدأ الواقع، وينحرف عن قيمه التي تسترذل الجسد وتحرّم المتعة.
-نزار قبّاني والنقاد
إذا كانت المؤسّسة النّقديّة لم تول مدوّنة قبّاني كبير عنايتها، ولم تتأمّلها تأمّلا فاحصا متأنّيا فإنّ «الجمهور» أقبل عليها، بحماسة كبيرة، يتلقّفها سماعا وقراءة.
سعة انتشار هذه المدوّنة واحتفاء الجمهور بها عدّهما بعض النقّاد «ممّا يصم الشّاعر»(25)، إذ أنّ الاحتكام إلى الجمهور احتكام إلى ”غموض الغرائز وعماء الانفعال الذي يلتهب ويترمّد سريعا“(26)، فتاريخ الآداب العالميّة ”يحفل بأسماء شعراء انكسفوا وغمروا في عصرهم، وآخرين تألّقوا واختلسوا شهرتهم بفضل أمّية الشّعب وغفلته“(27).
هذه الآراء لم تستقرئ الظّاهرة، ظاهرة ذيوع مدوّنة الشّاعر، استقراء عاقلا، وإنّما فزعت إلى الأحكام تتمحّلها. فليس الذّيوع، في كلّ الأحقاب، من دلائل التخوّن، ولا الانكساف في جميع الحالات من علامات التفوّق.
انصراف النقّاد عن العناية بهذه التّجربة، وانشغالهم عنها بتجارب أخرى بدت أكثر استجابة لمفاهيم الحداثة، هما اللذان دفعا الشّاعر إلى التّهوين من شأن النّقد:
يُحَاوِلُ النَّقد أن يتعلَّقَ بعرَبَةِ الشِّعْر
ولكنّ الحوذيّ يضربه بالكرْباج
فيسْقُطُ مضرّجًا بدمِ أحْقَادِه(28)
محتكما إلى أفق تقبّل أوسع:
الشّهرَةُ ذَبحتْنِي
كيفَ يُمكِنُنِي أن أنامَ مع 200 ملْيونِ عربِيِّ
في غُرفةٍ واحدة وسرِيرٍ واحِد(29)
فالشّاعر لم يفتأ، على عكس الكثير من الشعراء، يشيد بـ»الجمهور» فهو، في نظره، عيار الشّعر وبوصلته(30):
أتَجَوَّلُ فِي الوطَنِ العربِيِّ لأقْرَأ
شِعْرِي للجُمْهُور
فأنَا مُقْتَنِعٌ منذُ بَدَأت
بأنَّ الأحْرُفَ أسْمَاك
وبِأنّ المَاءَ هوَ الجُمْهُور(31)
يجيب أدونيس القارئ وليس الجمهور(32).
وبقدر ماكان نزار قباني يحتفي بالجمهور كان أدونيس ، على سبيل المثال ، ينظر إليه بارتياب فالجمهور يشير، في نظر هذا الشاعر ، إلى ”ذات جماعيّة عامّة، غامضة، غير ثابتة“(33). كما يشير، في الوقت ذاته، إلى ”حالة عامّة من التلقّي“(34). وهذه الحالة تقتضي من الشّاعر أن يعود إلى مراسم الشفويّة حيث السّمع ”أصل في وعي الكلام وفي الطّرب“(35)، كما تقتضي منه أن يقول ما يعرفه الناس مسبقا، فيكون كلامه مطابقا لما في نفس السّامع، يستعيده بطرق عديدة، كما يقتضي منه، أخيرا، أن يكون كلامه مبنيّا على الفائدة في حقيقته ومجازه.
وهذه الشعريّة القائمة على جماليّة الإسماع والإطراب تفرض ، في نظر أدونيس ، على الشّاعر شرائط عديدة منها ”أن يكون واضحا“(36) لا يستخدم من الصّور إلاّ أقربها ومن الاستعارات إلاّ أوضحها. وقد استجاب الشّاعر الحديث، في الكثير من الأحيان، لهذه الشّرائط فجعل شعره قريب المأخذ مألوف الصّورة، لا يستعمل من
المجاز إلاّ ما يقارب الحقيقة، ولا يبعد عنها ”هكذا تحوّل الشّاعر إلى منشد، لم يعد يخلق بقدر ما أصبح ينظم. لم يعد يعيش في عالمه الدّاخلي بقدر ما يعيش في العالم الذي يمثّل الآخرين ويعبّر عنهم“(37)،
فكيف سوّغ نزار قباني إقبال الجمهور على قصائده؟
إنّ المتأمّل في مدوّنة الشاعر يلحظ تردّد عدد من الأسباب يفزع إليها الشّاعر كلّما أراد تسويغ شهرته. وهذه الأسباب يمكن ردّها إلى سببين اثنين أوّلهما احتفاء شعره بالجسد، وثانيهما اعتماده لغة كنائيّة جديدة ، لغة استمدّت من «اللّغة اليوميّة» بضعة من مقوّماتها.
إنّ القصيدة الحديثة،في نظر نزار قباني، لا تستدعي الفهم والإدراك، بقدر ما تستدعي التّأمّل والتّعاطف والمشاركة الفاعلة. فهي، في الواقع، لا تتضّمن «أفكارا» و»مواقف» بقدر ما تتضمّن أخيلة وصورا، أي إنّها ليست رسالة تنطوي على جملة من المعاني الثّابتة وإنّما هي أفق مفتوح على دلالات شتّى.
وقد جنح نزار قباني، في نصوص كثيرة، إلى الجمع بينها وبين الوردة (أوالزّهرة) جمع مشاركة ومناسبة من أجل تقريب صورتها إلى الأذهان:
فالقصيدة كالوردة «لا تعني» وإنّما «تكون» وكالوردة لا «تشرح» عطرها أو تتأوّله بل تتركه ينتشر ويفوح. فوظيفة الوردة، إذا جاز لنا أن نتحدّث، في هذا السّياق، عن وظيفة، هي أن تتضوّع، ووظيفة القصيدة أن تبدع لغة جديدة، لهذا يصبح سؤال الشّاعر عن دلالة نصّه سؤالا غير ذي معنى:
فالقصيدة، مثل الوردة، لا تقول إلاّ نفسها، ومثلها أيضا لا تحتاج إلى «شرح» وإنّما إلى سمع مرهف يلتقط نداءها الخفيّ.
إنّ الشّاعر الحديث يمتنع عن «شرح» معاني قصيدته وهتك رموزها لإيمانه العميق بأنّ القصيدة لا تعني إلاّ نفسها:
لا أحَدٌ يَطْلُبُ من الورْدَةِ
أن تعْقدَ مؤتَمرًا صحَفِيًّا
تتحدَّثُ فيه عن تَارِيخِهَا
وفصِيلَةَ دمِهَا
وطبقها المُفَضّل
فلماذا نطْلُبُ من القَصِيدَة أنْ ترْتَكِبَ هذه الحَمَاقَة؟(38)
لهذا لا تعمد القصيدة الحديثة إلى استنفار قوى المتقبّل العقليّة وإنّما تعمد إلى استنفار ملكاته التخييليّة، فبهذه الملكات يتمكّن هذا المتقبّل من أن يخترق ليل القصيدة الطّويل فيبدّد بعض ظلمته.
ج- الاحتفاء بالجسد أو شعريّة الغواية
تقرّ قصائد المدوّنة الواصفة أنّ هذا الشّعر قد استقطب القرّاء لأنّه يقول الرّغبة، ويسمّي الجسد، ويعلن عمّا تخفّى وتكتّم وظلّ في أعماق النّفس مطمورا.
عَلَى كُرَّاسَتِي الزَّرْقَاء
تَسْقُطُ كلَّ أقْنِعَتِي الحضَارِيَّهْ
ولا يَبْقَى سِوَى جَسَدِي
يعبِّرُ عن مَشَاعِرِه
بِلَهْجَتِهِ البِدَائِيَّه(39)
إنّ تاريخ الحضارة هوتاريخ نسيان الجسد والحاسّة والرّغبة فإذا تذكّرها المرء تداعت إلى ذهنه صور الخطيئة والإثم والعقاب. أمّا الشّعر فقد ظلّ ينهض، في التّاريخ، بوظيفة مقابلة، وظيفة تذكير الإنسان بجسده ورغائبه، وغائر مشاعره، لكأنّ الشّعر استدراك على الحضارة، فبينما تعزّز هذه ملكة النّسيان، يعزّز الشّعر ملكة التذكّر:
أنتزِعُ الأشكالَ من أشْكالِها
أزعْزِعُ الأشْياءَ من مكانِها
أزْرعُ سِكِّينِي بصدْرِ العصر
أرْتكِبُ الشِّعرَ ولا يَهُمُّنِي
إنْ قيلَ هذا بِدْعَةٌ أو قيلَ كُفْر(40)
هذا الشّعر هو شعر تعرية وكشف، غايته الأولى نزع المقدّس عن المرأة والرّجل والجسد والغريزة وهتك الحجب عن فعل الحبّ بوصفه فعل حياة واعلان وجود:
أمَارِسُ العِشْقَ على طرِيقَتِي
في الجَهْرِ لا في السِّر
أفْعَلُه تحتَ المَطَرْ
أفْعَلُه تحتَ الشّجرْ
أفْعَلُه على حَجَرْ
مُخْتَرِقًا كُلَّ الخُطُوط الحُمْرْ(41)
هذا الاحتفاء بالرّغبة ليس، في الواقع، إلاّ شكلا من أشكال الاحتجاج على ثقافة استرذلت الجسد، ودفعت مبدأ اللّذة إلى الارتداد إلى الدّاخل. غير أنّ هذا الارتداد لم يبطل فاعليّته بل دفع هذا المبدأ إلى التقنّع والتستّر ليستمرّ، وراء الحرمان، يعلن عن نفسه بطرائق شتّى.
وفي هذا السّياق نفهم مناهضة قبّاني لسلطان الأب، الأب المتسلّط القديم، الموزّع لحصص الطّعام، المقيّد للتصرّف الجنسي، المحرّم والمحلّل، القيّم على أخلاق الجماعة يحرسها:
لماذّا يسْتبدُّ أبي؟
ويُرهقُنِي بسُلْطتِه
ويَنْظُر لي كآنية كسطْرٍ في جرِيدتِه
ويحرِصُ أن أظلَّ لهُ
كأنِّي بعضُ ثرْوتِهِ
وأن أبْقَى بجانِبِه
ككُرْسِيٍّ بحجرته..
أيكفِي أنَّنِي ابنتهُ
وأنِّي من سُلالَتِهِ
أيطعِمُنِي أبي خبزًا؟
أيغمرنِي بنِعمتِه؟
كفرْتُ أنا.. بمالِ أبي
بلُؤلُؤه.. بفضَّته.. (41)
لكنّ قبّاني كثيرا ما لفت الانتباه إلى أنّ الحضارة عمدت إلى «تجريد» الأبوّة، وجعلت التسلّط يتّخذ أشكالا عديدة أخفى، فأمّنت بذلك استبطانه النّهائي داخل كلّ فرد:
أنا أنثَى..
أنا أنثَى
نهارَ أتيتُ للدُّنيا
وجدْتُ قرارَ إعدامِي..
ولم أرَ بابَ محكَمَتِي
ولم أرَ وجهَ حكَّامي(43)
إنّ شعر قبّاني بقدر ما كان شعر احتجاج على مبدأ الواقع كان شعر احتفاء بمبدأ اللذّة، ذلك الاحتجاج وهذا الاحتفاء هما، في اعتقادنا، من الأسباب القويّة التي أسهمت في انتشاره بين القرّاء.
– قصيدة قباني هي قصيدة الاحتمالات والظلال والأخيلة والمجازات يأخذ بعضها برقاب بعض ..الشعر هنا يتنكّب عن الوظيفة الإخباريّة وينهض بوظيفة كتابة الخفيّ والبعيد والمجهول ، كلّ غايته تجديد الرؤية إلى الوجود من خلال تجديد الرؤية الى اللغة. وفي هذا السياق يصبح المجاز أداة الشاعر لغته ، وهو ، إلى ذلك ، نافذة مفتوحة على الشعور واللاشعور ، على الذاتيّ والجماعيّ ، على الواقعيّ والأسطوريّ…في كلّ الأحوال لا يمكننا ان نترجم مضمون المجاز ، أو نحيط بدلالاته نحن نكتفي عادة بالحدس يتيح لنا إدراك بعض أسراره وخفاياه .
منطق قصيدة نزار قباني يشبه منطق الحلم حيث تتوالى الصور يتوالد بعضها من بعض دون علاقة واضحة تنتظمها..لكأنّ القصيدة تخففت من سلطان العقل الواعي ومضت تؤسس لنفسها منطقا مخصوصا لا يرى حرجا في الخروج عن وحدة المعنى والتسلسل المألوف للصور والرموز .
الهوامش
1 – عبد الغفّار مكّاوي، ثورة الشّعر الحديث . الهيئة المصريّة العامّة للكتاب . القاهرة 1974 ص 238
2 – عزّ الدين اسماعيل: مفهوم الشعر، مجلّة فصول عدد4 يوليه 1981 ص 51
3 – نزار قبّاني: قصّتي مع الشعر- منشورات نزار قبّاني بيروت 1973 ص 138
4 – المرجع السّابق، الصّفحة نفسها
5 – نزار قبّاني: الأعمال الكاملة ص286
6 – المرجع السابق ص280
7 – نزار قبّاني: الأوراق السريّة لعاشق قرمطي ص74
8 – نزار قبّاني: قصّتي مع الشعر ص 191
9 – المرجع السابق، الصّفحة نفسها
10 – ابن عربي: الفتوحات المكيّة – دار الفكر – د.ت ص139
11 – أدونيس: الشعريّة العربيّة ص111
12 – نزار قبّاني: سيبقى الحب سيّدتي ص133
13 – المرجع السّابق ص 131
14 – نزار قبّاني: الأعمال السّياسيّة ص5
15 – نزار قبّاني: قصّتي مع الشّعر ص 120
16 – المرجع السابق ص120
17 – محمّد مندور: في الميزان الجديد. مكتبة نهضة مصر.ط الثالثة ص 23
18 – محمّد النويهي: قضيّة الشعر الجديد. دار الفكر-مكتبة الخانجي-ط2 1971 ص19
19 – المرجع السّابق ص20
20 – نزار قبّاني: لا غالب إلاّ الحبّ – منشورات نزار قبّاني بيروت 1992 ص57
21 – نزار قبّاني: قالت لي السّمراء ص ص3-4
22 – عبد الغفّار مكّاوي: ثورة الشعر الحديث ص32
23 – لكن الشّاعر سرعان ما يناقض قوله الأوّل حين يشير في أحد الأبيات إلى الجهد الذي يبذله في كتابة قصيدته قائلا:
سألْـتُـكَ بالله كن نـاعِمًا
إذا ما ضمَمْتَ حروفِي غدا
تـذكّرْ وأنت تَـمُرُّ عليهَا
عذاب الحُروفِ لكي تُوجدَا
24 – نزار قبّاني: قالت لي السّمراء ص ص3-4
25 – إيليا حاوي: نزار قبّاني شاعر المرأة- دار الكتاب اللّبناني- دون تاريخ ص6
26 – المرجع السّابق ص7
27 – المرجع السّابق ص7
28 – نزار قبّاني: الأعمال الشّعريّة الكاملة ص359
29 – المرجع السّابق ص364
30 – حوار أجراه مع نزار قبّاني الشّاعر الصّحفي أحمد الشهاوي ضمن كتاب «نزار قبّاني- أنشودة حبّ مصريّة» دون تاريخ ص74
31 – نزار قبّاني: ديوان لا. منشورات نزار قبّاني بيروت 1993 ص39
32 – المرجع السّابق، الصّفحة نفسها
33 – المرجع السّابق ص101
34 – على جعفر العلاّق: الشّعر والتلقّي – دار الشّروق للنّشر والتّوزيع عمّان 1997 ص63
35 – أدونيس: الشعريّة العربيّة ص7
36 – أدونيس: زمن الشّعر ص165
37 – المرجع السّابق ص165
38 – نزار قبّاني:المجموعة الكاملة. الجزء الخامس ص99
39 – نزار قبّاني: يوميّات امرأة لا مبالية- منشورات نزار قبّاني بيروت 1969 ص69
40 – نزار قبّاني: قصائد مغضوب عليها- منشورات نزار قبّاني بيروت 1993 ص18
41 – المرجع السّابق، الصّفحة نفسها
42 – نزار قبّاني: يوميّات امرأة لامبالية ص ص 63-64
43 – المرجع السابق ص 51
محمّد الغزي *