في أجواء الفوضى التي يتخبّط فيها المجتمع الكوني، وفي ظلّ تغييب متعمّد ومدبّر للجوانب الفكرية والثقافية والفنيّة، لتحلّ مشاهد الموت والدمار، لا يبقى متّسع، أو مساحة للحياة والبناء والتقدّم، إلا عبر ما يلتقي حوله المتخاصمون فكريًّا وحضاريًّا، وهو البناء الفكريّ البحثيّ، وما يتخلّله من أعمال فنيّة ونقدية، تشكّل قاسمًا مشتركًا للوجود الانسانيّ على مساحة هذه الكرة الأرضيّة.
وتعدّ المناهج النقديّة، من المداميك الرئيسية في تفعيل الدور الثقافي، وترسيخ المثاقفة بين الشعوب، كما تعدّ جسورًا بين الحقب والمراحل المتتالية للعمليّة البحثيّة والنقديّة، وما تخلّلها من مشاهد عكست حالات التقدّم والتراجع التي شهدها مختلف الأمم على مسرح هذا الكون الفسيح. وهذا يعود إلى طبيعة النقد والناقد، وما هو ملقى فوق أكتاف النقاد من مسؤولية ترقية المجتمعات عبر ترقية الفنون وتصويبها ومراقبتها، ووضع أسس للسير على منوالها، إذ « إنّ النقد الأدبي- كما هو معروف- أحد أبنية الثقافة المعقّدة، ففي هذا البناء تتجمّع وتنصهر معارف إنسانية شتّى وأدوات معرفية كثيرة، وعلى الناقد أن يكون متعدّد حرف، بتعبير ياكبسون، وهو يعالج مادّة غامضة ومركّبة ومعقّدة على الرغم من سطحها الخارجي الرقراق الناعم.»(1) وهذا يجعلنا على يقين شبه مطلق، بأنّ النقد وما يستدعيه من خلق مناهج، هو العملية الأقدر على الحركة والتواصل والانصهار الانساني رغم التحوّلات والاختلافات والاصطفافات على المستوى الفكري والحضاري. إذ « ليس بين العلوم الانسانية علم هو أسرع في التطور، وأمضى في الحركة، وأبعد عن الثبات والجمود من النقد الأدبي.»(2) وهذا مرتبط بشرط أساسيّ، وهو أن يكون الناقد مثقّفًا قبل أن يحصر مهامه في تخصصه النقدي، فالثقافة يجب أن تسبق النقد، ليسهم النقاد في إيجاد الحلول لما هو في حالة اعوجاج لدى الشعوب، فالمثقفون نقّاد يشاركون في شؤون المجتمع وبما فيها النقد، بينما النقاد مثقفون يغلب عليهم التخصّص، ولا يكادون يلتفتون إلى شؤون الأمّة إلا بمقدار ما يصلهم النقد بها.
لذا، سوف نحاول في هذا المقال، تسليط الضوء على ذلك التواصل بين النقد العربي الحالي من جهة، والتراث العربي والمناهج الغربية الحديثة من جهة ثانية، كمحاولة نرمي من خلالها إلى اظهار بذرة النقد العربي القديم وتجلّيها في أسس أبرز المناهج النقدية الغربية الحديثة.
ومن خلال ذلك، لا بدّ من الإطلالة على علاقة الذات بالتراث من جهة، وبالنقد الغربي من جهة ثانية، عبر تقديس الأول لدى شريحة من المفكرين والنقاد، والذوبان في الثاني عبر شريحة أخرى.
ـ النقد العربي: بين تقديس الذات والذوبان في الآخر:
إذا ما عدنا إلى النقد ومناهجه على الساحة العربية، فسوف نجد التباسات في طبيعة العلاقات التي تنتجها هذه الحركة العلميّة الانسانيّة التي لا تعرف التوقّف.
ويمكن حصر هذه العلاقات الغامضة والمولّدة إشكاليات لدى الذّات العربيّة، في علاقتين اثنتين، وهما: العلاقة بالمناهج النقدية الغربية الوافدة من وراء البحار، والعلاقة بالعملية النقدية العائدة إلى تراث عربيّ غنيّ بالفكر والأدب والنقد، وما يشكّله من ملاذ نرتدّ نحوه عبر عمليّة من النكوص حفاظًا على الهوية والوجود في ظلّ استلاب ثقافيّ لا يمكن نفيه أو تجاهله.
وبهذا، لم يبق أمامنا سوى الإقرار والاعتراف بجرأة قد تنتشلنا من بئر التخبّط، بأنّ ثقافتنا، والّتي تشكّل فيها العملية النقدية أحد أبرز مداميكها، تمرّ بأزمة لا تنفصل عن أزمة الذات وتمزّقها في الانتماء إلى ثقافة وافدة من دون تنقية، فنستحيل إسفنجة تمتصّ ما حولها من أمواه دون فلترة، فنسقط على أدبنا ونقدنا ما يتلاءم مع حياتنا الثقافية وما لا يتلاءم، متناسين أنّه رغم أهمية انفتاح العالم بعضه على بعضه الآخر فكريًّا وثقافيًّا، إلا أنّ هناك حيثياتٍ وخصوصيّاتٍ تتشكّل منها هويّة كلّ أمّة من الأمم.
« إنّ القول بعدم إقامة الحدود الصارمة بين الثقافات، لا يعني بأي حال من الأحوال غياب خصوصيات كل حقل ثقافي على حدة.»(3) وهذا الذوبان الأعمى، أنتج أزمة استخدام المصطلحات، إذ راح النقّاد العرب، وعبر عمليّة استلاب واضحة، يسقطون على نتاجاتنا الأدبية ما هو غريب، ويحاربون بعض ما يرونه صورة من صور التخلّف، فشكّلوا غربة مزدوجة، الأولى مع القارئ العربيّ الذي شعر بطلاسم تسيطر على ما يقرأ، والثانية مع الغربيين الذين وجدوا في النقد العربي والحداثة العربية، محاربة لما لا يشعرون به من قيود تسعى الحداثة النقدية الى تحطيمها ومحرّمات لم يعد الغربيّ يشعر بها. فـ» حينما ننقل نحن الحداثيين العرب المصطلح النقديّ الجديد في عزلة عن خلفيته الفكرية والفلسفية فإنه يفرغ من دلالته ويفقد القدرة على أن يحدّد معنى. فإذا نقلناه بعوالقه الفلسفية أدى إلى الفوضى والاضطراب، إذ إنّ القيم المعرفية القادمة مع المصطلح تختلف، بل وتتعارض أحيانًا، مع القيم المعرفية التي طوّرها الفكر العربي المختلف.»(4) وهذا يعود إلى الأزمة التي تعاني منها ثقافتنا، هذه الثقافة التي انبهرت بما جاء ليوقظها من سباتها، فظنّت أنّ الخلاص يكمن فيها، وراحت ترتدي أردية فضفاضة لا تليق بجسم ما زال هزيلا وفكر لم يستفق من صدمته وجرحه النرجسي العائد إلى تخلّفه وتقدّم الآخرين. بهذا يمكننا القول:» إنّ نقدنا المعاصر نقد مأزوم على الرغم من الضجيج الذي يرافقه خطوة خطوة. لقد أصابه العجز عن مواجهة المذاهب النقدية العالمية المعاصرة، فاستسلم لها. ولكنّه عدّ نفسه، مخادعة للذات وتضليلا لها، جزءًا من تلك المذاهب، فامتلأ بروح النخبة، وزها بشعور الاستعلاء الأرستقراطي، وكتب النقاد نقدًا يحار فيه المتلقي، فلا يستطيع أن يردّه إلى علم منضبط الأصول والاجراءات، ولا يستطيع أن يردّه إلى مذهب نقديّ بعينه. وانقطعت الصلة بين الموقف النقدي والموقف الاجتماعي، وكان هذا الانقطاع آية التخبط والاضطراب، وشاهد صدق على المآل الكئيب الذي آل إليه النقد الجديد.»( 5)
وهذا ما تنبّه إليه النهضويون العرب ذوو الفكر القومي، حين تبنّوا الاشتراكية الوافدة من الغرب ولكن حاولوا تطويعها بما يتلاءم وطبيعة الحياة العربية، نظرًا إلى خصوصية الواقع العربيّ، فالأمّة العربية، « لا تشبه في شيء حالة الأمم الغربية في مطلع القرن التاسع عشر التي أنهت دور تشكيلها واستكملت شروطها ودخلت في دور جديد هو التوسّع، في حين لا تزال الأمة العربية إلى حد كبير فاقدة لحريتها وسيادتها، وهي علاوة على ذلك فاقدة لوحدتها القومية، تشكو من تجزئة أقطارها(…) أما نحن فليس هناك ما يوجب علينا أن نتبنّى الفلسفة المادية حتّى نكون اشتراكيين، لأنّ الروح بالنسبة إلينا هي الأمل الكبير والمحرّك العميق لنهضتنا.»( 6)
أمّا الأزمة الثانية، فهي أزمة داخليّة، تعود إلى اتّخاذ نقادنا اليوم، التراث العربي وما فيه من تجارب ذات بصمات مشرقة على الصعيد العلمي والنقدي والفكري، مثالا لا يقبل المساس به، فاستحال شبيهًا بأيقونة مقدّسة، وتحوّل إلى منتِج ثقافي (بكسر التاء)، بعد أن كان منتَجا ثقافيًّا (بفتح التاء)، من دون الالتفات إلى ضرورة ربط أي فكر بظروف أنتجته وأسهمت في بلورة أداته العقلية والتفكيرية، فلا بدّ من « ربط العقل العربي بالثقافة التي ينتمي إليها، الثقافة التي أنتجته ويعمل على إعادة انتاجها. ومعنى ذلك أننا ننظر إلى العقل بوصفه عقلا مكوّنًا أيّ فاعلية منتجة لثقافة، وعقلا مكوّنًا أي مجموع المبادئ والقواعد الفكرية المؤسسة لتلك الفاعلية والتي تشكّل في الوقت ذاته القاعدة الابستمولوجية لتلك الثقافة أو نظامها المعرفي.»(7 )
واتُّخذ التراث، رغم أهميّته وضرورة الرجوع إليه، مرجعًا تتحدّد الهوية الحالية من خلاله، فتناسى من ينادي بذلك، ما شهدته الحياة من تبدّلات وتحوّلات على مختلف الصعد، وأصبح التراث غير قادر على مواكبة العصر بقراءات قديمة تتناسب وطبيعة العوامل التي أنتجتها. وتولّد ما يشبه العرف المقدّس للماضي والقديم أكثر من مجرّد احترامه والاستفادة منه، وأيّ تغيير يطرأ يجب أن يكون مستلهمًا من ذلك الماضي، فقد « كانت للمتقدم أولية على المتأخر، أو كان له على المتأخر أمر زائد. فالمتأخر محتاج ذاتيًّا إلى المتقدّم، وللمتقدّم زيادة كمال على المتأخر. ومن الناحية المرتبية نصل أولا إلى المتقدم، انطلاقًا من الأصل والمبدأ. فالمتقدم يفوق المتأخر بالزمان والطبع والذات والشرف والرتبة. في هذا المنظور يأخذ التغير معنى سلبيًّا، أي يصبح انحرافًا عن الثابت… وينتج عن ذلك أنّ رفض التغيّر يتضمّن ازدراء للمحدث.»(8) رغم أنّ المتأخّر، ينبغي أن يكون أكثر معرفة من المتقدّم لما تسنّى له من معارف لم تتسن للسابقين، فـ» المتأخّر يقف على أكتاف المتقدّم، أي على وعي الأسلاف مضافًا إليه وعي عصره. وهذا ما يمنحه اتّساعًا في الرؤية لم يكن متاحًا للأسلاف…استعارة الوقوف على الأكتاف تضيء هذه الفكرة، فالأعلى يتسع إدراكه، ولو كان طفلا، أكثر من مجال إدراك من يقف على كتفيه ولو كان رجلا ناضجًا.»(9) وهذا يقود إلى القول، بأنّ أيّ انفتاح، ولو كان انفتاحًا مدروسًا، على الغرب ومناهجه، فهو تكوين هوية مستلبة لا صلة لها بجذورها التاريخية، فـ « التطور خارج مقومات الذات، يكشف عن غلط، فكل تطور قسري، هو عودة إلى الوراء، وتضييع للوقت، بينما كل عودة إلى الأنا واعتزاز بطاقة الذات، هو انبثاق حقيقي نحو النموّ والرقيّ.(10)
لقد رفض الكثيرون ما يمكن اعتماده من المناهج النقدية الحديثة الغربية، ونادوا بحداثة ذاتيّة تنطلق من إحياء التراث والاتكاء على الماضي، في بلورة مناهج نقدية تصلح لنصوص عربيّة ذات كيان وهوية خاصة. فـ» نحن فعلا بحاجة إلى حداثة حقيقية تهزّ الجمود وتدمّر التخلّف وتحقّق الاستنارة، لكنّها يجب أن تكون حداثتنا نحن، وليست نسخة شائهة من الحداثة الغربية.»(11) وبهذا نرى اقبالا من الكثيرين على ما أنتجته الحضارة الغربية الحديثة، رغم رفض الأداة الفكرية التي انتجت هذه المنجزات، ما يجعلهم أمام انفصام في النظرة إلى الغرب، « ولعلّ في هذا ما يكشف، من جهة، عن تناقض العربي ذي الذهنية الاتباعية، في موقفه من الحداثة الغربية: فهو يأخذ المنجزات الحضارية الحديثة، لكنه يرفض المبدأ العقلي الذي أبدعها. والحداثة الحقيقية هي في الإبداع لا في المنجزات بذاتها.»( 12)
هذه العلاقة المزدوجة، والملتبسة في الحالين، تلتقي في خيط رفيع، مفاده الغربة عن حقيقة المناهج النقدية التي تشكّل سلسلة، وكل مرحلة زمانية أو مكانية، ليست سوى حلقة فيها مسبوقة بما أنتجها، وهي سبب لما سيليها أيضًا فـ» لا تعني الكتابة عن الفكر النقدي الأدبي المعاصر انقطاع الصلة بين الماضي والحاضر، بل على العكس من ذلك، فاستيعاب التطوّر الحالي في اتّجاهات الفكر النقدي العالمي المعاصر، لا يمكن أن يكون وافيًا ودقيقًا إلا من خلال منظور تطوري وشامل لتاريخ النقد الأدبي وخلفياته المنهجية الممتدّة في الماضي. كما أن حصول هذا الاستيعاب لا يستغني أيضًا عن تتبع الخطوات التي قطعتها النظرية الأدبية، باعتبارها شديدة الارتباط بالتحولات الحاسمة التي شهدتها مناهج التحليل وممارسات النقد الأدبي على السواء.»(13) فليس من المجدي الذوبان المطلق في بحيرة الغرب على أنّه الأحدث، ففي الأمور الفكرية والأدبية والنقدية، لا يلغي الأحدث ما سبقه كما هي الحال في الاكتشافات العلمية، فينبغي الشعور بالكيان والوجود، والابتعاد من فكرة الدونية التي أوجدت في ما وصل اليه الغرب مثالا يُحتذى دون الاستفادة مما لدينا، فـ» إنّ إحساسنا العميق بالأزمة التي تلفّ وجوه حياتنا جميعًا وتتأصل فيها، حياة عربية مأزومة، وثقافة عربية مأزومة، وإنسان عربيّ مأزوم- هو الذي دفعنا إلى الانحياز المنهجي أو إلى شطط الاستعارة من الآخر. ولئن كان هذا الاحساس مشروعًا وصحيحًا ونبيلا، فإنّ ما جرّ إليه من اغتراب عن الذات أو محاولة الفرار منها إلى الآخر ليس مشروعًا ولا صحيًّا ولا نبيلا.( 14) وفي الوقت عينه ليس من المجدي التقوقع في صدفة الماضي والتراث والتعامي عمّا يدور حولنا من تطور بحجّة الحفاظ على الهوية واكتساب مناعة الصمود والبقاء عبر التغلّف بسياج الأسلاف دون اخضاع نتاجاتهم وابتكاراتهم للمخبر العصري الحداثي، فـ» لا يكفي الجزم بأنّ المفاهيم تتحرّك، وإنما ينبغي إبداع مفاهيم قادرة على إحداث الحركة»( 15) فالحركة دليل على الحياة، والسير إلى الأمام بخطى ثابتة واثقة، فـ «مسألة ثبات الأفكار هي إهانة للمثقّف أكثر من كونها إشادة به، فالأصل في المفكر أن يطوّر ويعيد مراجعة إنتاجاته، لأنّ الأفكار مثلها مثل الواقع، تاريخيّة وابنة زمانها ومكانها.»(16)
وبهذا ليس الابتكار والفنّ والنقد حكرًا على فضاء دون آخر، « لأنّ الله لم يقصر العلم والبلاغة والشعر على زمن دون زمن، ولا خصّ به قومًا دون قوم، بل جعل الله ذلك مشتركًا، مقسومًا بين عباده في كلّ دهر، وجعل كل قديم حديثًا في عصره.»(17)
وبهذا يمكننا أن نقول، بأنّ لا شيء يخرج من عدم مهما شعرنا بأنه جديد، فالله هو الذي يأتي من العدم، لكنّ الانسان يستلم الراية مما سبقه ويكمن خلقه وابتكاره في ما يضيفه من تجديد على ما بين يديه. فـ» لا توجد معرفة تنشأ من فراغ، ولا تبنى النظريات إلا من تراكم معرفي مكثّف، لذا يلتفت الباحثون دومًا إلى التراث لالتقاط اشارات ذات صلة بما تشكّل وخرج من ثوب نظرية أو منهج مستقل في العصر الحديث وما بعده»( 18)
وبهذا يمكننا الاستنتاج، بأنّ طائر النقد العربي الحديث، يحتاج إلى الجناحين كي يتمكّن من الطيران، جناح التراث الذي يستلهم منه ما يساعده في شقّ طريق البحث، وهو ما تظهر ملامحه في العديد من مناهج النقد الغربية، فـ «لا يمكن أن نتجاوز النظر في ما ورد في تراثنا النقدي العربي، ونحن ننظر بكثير من الانبهار لنظريات الغرب في هذا الاطار، مع التنبيه لضرورة عدم المغالاة في تقدير منجز تراثي لم يحظ بمتابعته والبناء عليه من حيث توقف، بالقدر الذي حظيت فيه النظريات والجهود النقدية الغربية من اهتمام.»(19 ) وجناح الحداثة الغربية وما وصلت إليه من انجازات على مستوى الفكر والنقد والفن عمومًا، شرط أن تكون العلاقة علاقة نديّة لا علاقة تقوم على السيطرة والفرض بالقوة. فلا يمكن أن تنشأ ثقافة وما فيها من عناصر، منعزلة عن الثقافات الأخرى، فـ « ليس ثمة ثقافة أو لغة لم تقع تحت تأثيرات لغة أو ثقافة أخرى، وهذه حال لا ترتبط بسيطرة ثقافة أو لغة على أخرى، ولكنها حال طبيعية تتأسس على أن لا ثقافة تتكون من ذاتها بذاتها، وعلى أن لا لغة تملك استقلالية عن بقيّة اللغات، ولذا فإنّ عمليات التأثير الثقافي واللغوي المتبادلة بين الثقافات واللغات مثّلت وتمثّل ظاهرة انسانية كبرى تجلّت وتتجلّى في حلقات الثقافات الانسانية المتعاقبة أو المتزامنة، تلك التي التقت وتحاورت وتفاعلت، وتلك التي تصادمت وتصارعت ولكنها أيضًا تفاعلت.»(20 )
الهوامش
1 – وهب أحمد رومية: شعرنا القديم والنقد الجديد- سلسلة عالم المعرفة- ع. 207- الكويت 1996- ص15.
2 – محمد زكي العشماوي: الرؤية المعاصرة في الأدب والنقد- دار النهضة العربية- (د.ط وت)- بيروت- ص136.
3 – حميد لحمداني: الفكر النقدي الأدبي المعاصر- ط. ثالثة- المغرب 2012- ص 4.
4 – عبد العزيز حمودة: المرايا لمحدّبة: من البنيوية إلى التفكيك- سلسلة علام المعرفة- ع.232- الكويت 1998- ص 63.
5 – وهب أحمد رومية: شعرنا القديم والنقد الجديد- ص 7.
6 – ميشيل عفلق: في سبيل البعث- (د.ط وت)- ص284.
7 – نصر حامد أبو زيد: مفهوم النصّ- المركز الثقافي العربي- ط. أولى- بيروت- 2014- ص75.
8 – أدونيس: الثابت والمتحوّل- دار الساقي- ج.أول- ط.عاشرة- بيروت 2011.
9 – نصر حامد أبو زيد: التفكير في زمن التكفير- المركز الثقافي العربي- ط. أولى- بيروت 2014- ص133.
10 – زكية بجة: النقد التطبيقي عند الجاحظ- رسالة ماستر- إشراف: د. صالحة المباركية- جامعة الحاج لخضر- الجزائر- 2005- ص7.
11 – عبد العزيز حمودة: المرايا المحدّبة- ص 11.
12 – أدونيس: الثابت والمتحوّل- ج.أول- ص 62.
13 – حميد لحمداني: الفكر النقدي الأدبي المعاصر- ص 3.
14 – وهب أحمد رومية: شعرنا القديم والنقد الجديد- ص21.
15 – عبد السلام بنعبد العالي: الكتابة بيدين- دار توبقال- ط.3- الدار البيضاء- 2008- ص31.
16 – هاني عواد: تحوّلات مفهوم القومية العربية من المادّي إلى المتخيّل- الشبكة العربية للأبحاث والنشر- ط. أولى- بيروت 2013- ص92.
17 – (ابن قتيبة- الشعر والشعراء- تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر- دار المعارف- مصر- 1966- ص63.
18 – فاطمة نصير: سيكولوجية الابداع والمبدعين: مقاربة من منظور النقد السيكولوجي- جدلية النقد والابداع في الآداب والعلوم الانسانية: تأليف مجموعة من الباحثين- إعداد وتقديم د. إدريس موحتات.. كلية الآداب والعلوم الانسانية- مكناس المغرب- ط. أولى 2016. ص111.
19 – مريم جبر فريحات: مفهوم السياق في نظرية النظم لعبد القاهر الجرجاني: من دلالئل الاعجاز إلى دلالة القراءة- مسالك الكتابة وآفاق التلقي في اللغة والأدب والحضارة- تأليف مجموعة من الباحثين-عالم الكتب الحديث للنشر- ط.أولى – إربد- الأدرن- 2016- ص 286.
20 – زياد الزعبي: من الصفر إلى الشيفرة: المثاقفة وتحولات المصطلح النقدي- عالم الفكر- العدد1- المجلد 36- الكويت 2007- ص 255.
علي نسر*