سعدت كما سعد غيري بانطلاق مهرجان مسقط السينمائي الأول أو (الثاني) خلال الفترة من 20 وحتى 27 يناير الماضي. هذه السعادة حقيقية بقدر ما عبرت عن فرح يخامر كل مثقف وأديب ومهتم بالابداع..
أشير أولا الى اهمية هذا المهرجان وغيره من المهرجانات والفعاليات الثقافية وضرورة انجاحها واستمراريتها ودعمها ماديا ومعنويا حكوميا وأهليا.
والاشارات الايجابية التي ذكرتها اللجنة المنظمة حول المهرجان بأنه حقق نجاحا كبيرا حسبما ذكر لاحقا وعبر وسائل الاعلام وكذلك خلال الاجتماعات التحضيرية للمهرجان (الثالث) بنادي الصحافة في شهر فبراير الماضي بمشاركة دولية وحضور سينمائي مكثف وتقديم الجوائز »الخنجر الذهبي«.
كما إنني أحيي القائمين على تنظيمه لانه بصراحة كما نعرف ويعرف الجميع ان العمل ليس هينا.
هذا التقديم للجهود المشكورة التي بذلها الاعضاء المنظمون ليست كافية لانجاح المهرجان لنقول أن لدينا مهرجانا سينمائيا.
فنجاح المهرجان الحقيقي يرتبط بشروط تنظيمية وفنية ومشاركة محلية مهما كانت نسبتها وحضورها.
اذا كان المهرجان قد خطا خطوة أولى في الطريق الصح. فالطريق الصحيح يتطلب وجود آليات ورؤى وتصورات مهما كانت, وأقول بدائية للفعل السينمائي الحقيقي في سلطنة ع مان.
حيث إنه لا يعقل بتاتا ألا يوجد فيلم سينمائي واحد مهما كان نوعه في السلطنة حتى الآن. هناك بعض المحاولات البسيطة جدا من أصدقاء شاهدنا لهم تلك المحاولات الجادة. وقد توقفت منذ زمن.
كما انه توجد بعض الافلام التسجيلية قام بها بعض العاملين والرحالة الاجانب خلال اقامتهم في ع مان.
فالاشتغال في مجال العمل السينمائي ليس سهلا من عدة وجوه.. حيث لا توجد أندية سينمائية, ولا توجد مؤسسات تنشط في هذا الحقل المتشابك والمعقد والجماعي وغير المربح في نظر أولئك البشر الذين ينظرون إلى الابداع عموما بعين الربح والخسارة.
كما ان العوامل البيئية والاجتماعية لا تساعد حقيقة في انتشار الفن السابع. وقد وصلت الحالة في مرحلة انتشار الفيديو ان تحولت القاعات السينمائية التي بنيت بداية السبعينات من القرن الماضي والتي تعرض الأفلام الهندية- الامريكية على غالبيتها وبنسبة أقل العربية (المصرية) الى محلات (سوبر ماركت) أو عمارات لقاطنين من شتى أرجاء المعمورة. وقد اندثرت تلك الحيطان البيضاء التي تسمرت عليها أعيننا من لحظة تسلسل الأسماء وظهور (الحرامية) وانتصار (البطل) في تلك الافلام قبل ثلاثة عقود.
وحتى لا يتم التجاوز على مقومات الفعل السينمائي وليس الواقعي واشكالاته فقط, أشير هنا وهذه ليست وصايا, الى ان البداية المنطقية والواقعية من حيث الحال بالنسبة للسينما في ع مان تتمثل كالتالي: كيف يقام مهرجان سينمائي أول أو مهرجان ثان دون أن يعرض فيه فيلم سينمائي عماني أو عماني مشترك مهما كان نوعه روائيا أو تسجيليا.
وهنا أتصور نفسي أحد ضيوف مهرجان مسقط السينمائي.. ماذا ستكون ردة فعلي تجاه مهرجان مدعو له دون أن أشاهد فيلما كما قلت وطنيا مهما كان نوعه: في المسابقة الرسمية- خارج المسابقة- على الهامش- على الحيطان, لمكان يحتضن مهرجانا تقدم فيه جوائز مشمولا بحضور مكثف وتغطية اعلامية واسعة ولجنة تحكيم.
وهنا أطرح تساؤلا: جل القائمين على تنظيم المهرجان من خريجي المعاهد السينمائية عربية- دولية? ومعظمهم لهم مشاركات وأعمال درامية تليفزيونية والاخراج التليفزيوني – ومعظمهم أيضا يعملون كمنتسبين للعمل بالتليفزيون. أقول, لماذا لم يبدأ المهرجان خطواته الأولى بالأفلام التسجيلية تحت عنوان ؛مهرجان مسقط للاشرطة التسجيلية« ويتم تطوير المهرجان تدريجيا خلال فترة زمنية لنقل ثلاث أو اربع سنوات ليصبح حاملا نفس الاسم الحالي ثم تطور الفكرة الى »مهرجان مسقط السينمائي الدولي« وهكذا.
أعرف ان السينما لغتها الخيال والحلم, والاشتغال في الخيال الخصب. كما في فيلم ؛برادايس« الايطالي.
أود بداية أن اشير الى نقطة مهمة وهي الأفلام التسجيلية. فـ 95% من المخرجين السينمائيين في كل دول العالم بدأوا أعمالهم السينمائية اخراجا في تلك الأفلام. وقد أشرت مرة في نادي الصحافة أيام تبنيه عروض جادة لبعض الأفلام ومناقشتها وكذلك التقائي ببعض الاصدقاء المخرجين, منهم منظمون لهذا المهرجان بأن بدايتهم الحقيقية والطبيعية مع الطبيعة والحياة وان نشاطهم المتميز إن أرادوا سيكون في هذا المجال »الأفلام التسجيلية« وهذا كما لا يخفى على أحد لسهولة الاشتغال فيها.
كما ان ع مان كانت ولا تزال مكانا مغريا للاشتغال في مجال الافلام التسجيلية, صحيح أن تغيرات الحياة المدنية والمدينية ورغبة القرية بالتمثل بالمدينة ضيع الفرص في بعض الاحيان لبؤرة العين السينمائية, لكن هناك فرصا لا تعدم وما زالت طرية للتسجيل والمتابعة والرصد.
أتمنى أن ينطلق مهرجان مسقط السينمائي في دورته الثالثة في موعده- يناير 2003م وقد استعدت الهيئات المنظمة له وكذلك المهتمون بتنظيمه وقد اكتملت استعداداتهم للاعلان عن مشاركة عروض عمانية في هذا المهرجان وإلا فإن استمراره سيكون دون معنى.
في الختام ليس مهما التوأمة بين مهرجانات أخرى أو تدويل المهرجان . المهم, هل سيكون للفيلم العماني – مهما كان – نوعه حضور في المهرجان القادم أم لا??!.
ط.م