ظهر الخميس وصل الينا خبر رجوع الدكتور، وأنه ما يزال مريضا. لم يكن به شيء. حارس الدائرة الصحية كان قد ذكر أنه بقي نائما منذ البارحة والى الآن، وأنه كلما انتبه من نومه أخذ يبكي. كان من عادته بعد ظهر الخميس أو الأربعاء من كل أسبوع أن يتجه الى المدينة، مع زوجته. وهذه المرة كان قد ذهب مع زوجته أيضا، لكن سائق الشاحنة الذي أحضر الدكتور قال: "كان الدكتور وحده في السيارة ". ربما كان البرد قد أفقده القدرة على الإدراك. ترك الدكتور أمام مقهى، وذهب عنه.
لقد عثروا على سيارة الدكتور في أوساط المضيق. كانوا قد ظنوا في البداية أن عليهم أن يربطوا السيارة بشيء، ويسحبوها الى القرية، ولذلك كانوا قد أتوا بسيارة "الجيب " الخاصة بدائرة الصحة، ولكن ما إن جلس السائق خلف عجلة القيادة، ودفعها الآخرون عدة دفعات، حتى تحركت. قال السائق "هذا من أثر برودة البارحة، والا فالسيارة ليس بها شيء". حتى مساحات الزجاج لم تكن معيبة. ولم يكن أحد قد انتبه لغياب الزوجة الى أن صرخ الدكتور: «أختر، إذن أين أختر؟".
كانت زوجة الدكتور قصيرة القامة ونحيلة البنية ومتبخرة اللون، الى درجة أن من يردها يحسب أنها ستسقط أرضا في الحال. وكانت للزوجين غرفتان في مبنى الدائرة الصحية. وكانت الدائرة الصحية تقع. في الطرف الآخر للمقبرة، أي على مبعدة ميدان عن المنطقة المأهولة. لم يكن عمر الزوجة يزيد على تسعة عشر عاما، وكانت ترى أحيانا عند باب الدائرة الصحية، أو وراء النوافذ. فقط عندما يكون الجو مشمسا، كانت تتمشى بجانب المقبرة، وغالبا ما كانت تحمل بيدها كتابا، وأحيانا بعض الحلوى في جيب بلورتها البيضاء أو في حقيبة يدها. وكانت تحب الأطفال كثيرا، ولهذا كانت كثيرا ما تحضر الى المدرسة. عندما اقترحت عليها في يوم ما أن تتولى عني تدريس أحد الدروس إن شاءت، أجابت بأنها لا تمتلك سعة الصدر الكافية للتعامل مع الأطفال. والحق أن الدكتور هو الذي كان قد اقترح هذا، لكي تتسلى زوجته. وأحيانا أيضا كانت تذهب الى طرف القناة، حيث النساء.
عندما سقطت الثلوج الأولى، لم تعد ترى. كانت النساء قد رأينها جالسة الى جانب المدفأة، تقرأ شيئا، أو تسكب لنفسها بعض الشاي. وعندما كان الدكتور يخرج لتفقد بعض القرى الأخرى، كانت زوجة السائق أو الحارس تبقى عندها. وكأن صديقة، زوجة السائق، كانت أول من فهم، فقد قالت للنساء: "كنت أظن في البداية، عندما كنت أراها تكثر من الوقوف خلف النافذة وفتح الستارة، أنها تفتقد زوجها". كانت تقف خلف النافذة، وتنظر الى الصحراء البيضاء واللامعة أمامها. قالت صديقة: "إنها تتجه الى النافذة كلما ارتفع عواء الذئب ".
حسنا، كانت الذئاب تتجه في الشتاء، عندما تسقط الثلوج،الى المناطق المأهولة، هكذا الوضع في كل عام. وأحيانا يختفي كلب، أو شاة، أو حتى طفل، مما كان يستوجب التفتيش فيما بعد، على أمل العثور على قلادة، أو حذاء أو أي شيء من أشيائه. ولكن صديقة كانت قد رأت عيني الذئب البراقتين، وكيف كانت زوجة الدكتور تحدق فيهما، وعندما نادتها صديقة لم تسمعها.
وعندما سقطت الثلوج الثانية والثالثة، لم يعد في إمكان الدكتور أن يتجول لتفقد القرى المجاورة. وعندما رأى نفسه مضطرا للبقاء في منزله كل أربع ليال أو خمس من الأسبوع، وافق على المشاركة في دوراتنا. لم تكن دوراتنا نسائية ولكن حسنا، إذا حضرت زوجة الدكتور فإن بإمكانها أن تجلس حيث النساء، إلا أنها كانت قد قالت: "سأبقى في البيت " وفي الليالي التي كانت الدورة فيها تقع في بيت الدكتور، كانت زوجته تجلس الى جانب المدفأة تقرأ كتابا، أو تتجه الى النافذة وتنظر الى الصحراء، أو الى القبور، من نافذة هذه الناحية، وربما الى مصابيح القرية المضاءت.
كنا هذه المرة في بيتنا، عندما قال الدكتور: "يجب أن أعجل هذه الليلة في الذهاب ". يبدو أنه كان قد لمح ذئبا كبيرا في الطريق. قال مرتضوي: "ربما كان كلبا"، ولكنني قلت للدكتور إن الذئاب تكثر في هذه النواحي، فيجب عليه الاحتياط، والا ينزل مطلقا من السيارة. وفجأة قالت زوجتي: "دكتور، ماذا عن زوجتك ؟ في ذلك البيت، الى جانب المقبرة ؟»
قال الدكتور: "ولهذا السبب علي أن أعجل في الذهاب ".
وقال بعدها إن زوجته لا تخاف، وذكر أنه في ليلة ما، في منتصف الليل، انتبه من نومه فراها جالسة على كرسي، الى جانب النافذة.
وعندما ناداها، قالت "لا أدري لماذا يأتي هذا الذئب دائما الى مقابل هذه النافذة ». ولما نظر الدكتور،وجد ذئبا يجلس في الطرف الآخر المقابل لها، في الظلام المنير بالقمر، مطلقا عواءه جهة القمر بين الفينة والأخرى.
حسنا، متى يمكن تصور أن هذا الجلوس أمام النافذة والتحديق في ذئب ما، كبير ووحيد، سيتحول الى مسألة تشغل بال الدكتور، وحتى بالنا نحن جميعا؟
في ليلة ما، لم يحضر الى دورتنا. في البداية احتملنا أن تكون زوجته مريضة، أو هو، ولكن في اليوم التالي جاءت الزوجة بنفسها، بالسيارة الى إدارة المدرسة، وذكرت أنها مستعدة للمسا عدة بإعطاء الطلبة دروس الرسم.
الحق أن عدد الطلبة كان قد تناقص الى درجة أننا لو نعد بحاجة اليها، فقد كنا نجمعهم جميعا في فصل واحد، وكان بوسع السيد مرتضوي أن يقوم، وحده، بتدريسهم. ولكن حسنا، لم نكن جيدين في الرسم، لا أنا ولا مرتضوي. واتفقنا على صباح الأربعاء. ثم بدأت أنا الحديث عن الذئب، وذكرت أنه لا يتوجب عليها الخوف، فإذا لم يترك الباب مفتوحا، ولم يخرج أحد الى الخارج، فلن يكون ثمة خطر. بل ذكرت لها أن بإمكانهما أن يأخذا لهما منزلا في القرية، إن أرادا. قالت: ,لا شكرا. ليس مهما".
0 ثم أخذت تبين لي أنها في البدء خافت أي أنها في الليلة التي سمعت فيها عواءه أحست أنه لابد أن يكون قد اجتاز قبة الحديقة الخشبية الى هذا الطرف، وأنه الآن يقف مثلا خلف النافذة، أو خلف الباب، وعندما أضاءت المصباح، رأت سواده يطير فوق القبة، وبعدئذ رأت عينيه البراقتين. قالت: «كانتا، تماما، جمرتين ملتهبتين ". ثم قالت: "أنا أيضا لا أعرف لماذا عندما أنظر اليه , عيناه، في حالة السكون تلك.. تماما مثل كلب الماشية يتكيء على كلتا يديه، ويبقى ساعات يحدق في نافذة غرفتنا".
سألت: " لكن، لماذا أنت ؟»
فهمت، قالت: «قلت لك إني لا أعرف السبب. صدقني عندما أراه , وأرى عينيه على وجه الخصوص، لا أستطيع التحرك بعيدة عن النافذة ".
تحدثنا أكثر عن الذئاب، وذكرت لها أن الذئاب، أحيانا، عندما يشتد بها الجوع، تجلس في حلقة، تتبادل النظرات , ساعة، ساعتين , أي الى أن يغلب على أحدها الضعف، عندها تنقض عليه الذئاب الأخرى وتفترسه. وحدثتها أيضا عن الكلاب التي تختفي أحيانا، ثم لا يعثر بعد ذلك إلا على قلائد أعناقها. كانت زوجة الدكتور تتحدث أيضا، وكأنها كانت قد قرأت كتب جاك لندن. قالت: "أنا الآن أعرف الذئاب جيدا».
في الأسبوع التالي يبدو أنها رسمت للاطفال وردة أو ورقة. لم أكن قد رأيت ذلك، ولكني سمعت.
كان يوم السبت، عندما سمعت من الأطفال أنهم وضعوا في المقبرة مصيدة. ومع جرس المدرسة الثالث ذهبت بنفسي بصحبة أحد الأطفال، ورأيت. كانت مصيدة كبيرة، اشتراها الدكتور من المدينة ووضع فيها قطعة كبيرة من اللحم. وبعد الظهر، ذكرت لي زوجتي أنها ذهبت لزيارة زوجة الدكتور. قالت: "حالتها ليست حسنة ". وذكرت أيضا أنه يبدو أن امرأة ما قد قالت لزوجة الدكتور أنها تخشي عليها الا تلد. حاولت زوجتي أن تخفف عنها. لقد مضت سنة كاملة على زواجهما. ثم حدثتها زوجتي عن المصيدة وقالت: «هنا سيسلخون جلده، كما في العادة، وسيذهبون به الى المدينة ». قالت زوجتي: «صدقني، اتسعت عيناها فجأة، وبدأت ترتجف، وقالت: "أتسمعين ؟ هذا صوته "، قلت لها: «يا امرأة، الآن ؟، في هذا الوقت من النهار.. وركضت زوجة الدكتور الى النافذة. كان الثلج في الخارج يتساقط. قالت زوجتي " أزاحت الستارة ووقفت الى النافذة. نسيت أصلا أن لديها ضيفة ".
صباح اليوم التالي، ذهب السائق ومجموعة من المزارعين لتفقد المصيدة. لم تكن قد مست. قال صفر للدكتور: «حتما لم يات البارحة ". فأجابه الدكتور: «بل إني، سمعت صوته بنفسي »، وقال لي: «هذه المرأة بدأت تصاب بالجنون. لم تنم البارحة طوال الليل. بقيت كل الوقت جالسة الى جانب النافذة تنظر الى الصحراء. وحينما استيقظت في منتصف الليل، بسبب عواء الذئب، وجدتها تتجه الى السلسلة الحديدية التي أحكمنا بها إغلاق الباب، صرخت: ماذا تفعلين يا امرأة ؟" ثم أخبرني أن مصباحا يدويا كان بيد زوجته، وكان مضاء أيضا.
كان لون الدكتور قد تغير، وكانت يداه ترتعشان. ذهبنا معا الى المصيدة. كانت مسالمة , وكانت قطعة اللحم ما تزال في مكانها. فهمنا من آثار أقدام الذئب أنه كان قد أقبل جهة المصيدة، حتى أنه جلس عندها. وبعدها كانت آثار أقدامه تصل مباشرة الى القبة الخشبية البعيدة للدائرة الصحية. رأيت وجه المرأة خلف النافذة، كانت تنظر الينا. قال الدكتور: "إني لا أفهم. على الأقل قل أنت شيئا لهذه المرأة ».
كانت عينا المرأة متسعتين. لون بشرتها المتبخر أصلا كان قد أصبح أكثر تبخرا. شعرها الأسود كانت قد جمعته وطرحته أماما على صدرها. يبدو أنها لم تكن قد زينت سوى عينيها، ليتها كانت قد صبغت شفتيها بشيء من أحمر الشفاه حتى لا تبدو بذلك القدر من البياض. قلت: «أنا شخصيا لم أسمع أن ذئبا جائعا يمكن أن يتجاهل كل هذا اللحم »، وأشرت الى آثار أقدامه، قال: «ذكر السائق أن الذئب لم يكن جائعا، لست أدري، لعله ذكي جدا".
أوردوا في الغد خبر اقتلاع المصيدة من مكانها، وأنهم اتبعوا خطها حتى عثروا عليها، وعليه. كان بين الحياة والموت، فقتلوه باستعمال معولين. ولم يكن كبيرا جدا. عندما راه الدكتور قال: «الحمد لله "، لكن زوجته قالت لصديقة: «رأيته بنفسي صباحا جالسا في طرف القبة الخشبية الآخر. أما هذا الذي اصطاده فلابد أن يكون كلبا أو دلقا يشبه الذئب، أو أي شيء آخر". ربما، وليس هذا ببعيد، أن تكون قد ذكرت هذا الكلام للدكتور أيضا، الأمر الذي أضطره الى الذهاب الى رجال الأمن. بعدها، بقي رجال الأمن ليلة أو ليلتين في منزل الدكتور. وكانت ,الليلة الثالثة، عندما سمعنا صوت رصاص. وفي الليل التالي لما تتبع رجال الأمن وبعض المزارعين مع سائق الدائرة الصحية خط الدماء ووصلوا الى هضبة الطرف الآخر من القرية، اكتشفوا خلف الهضبة داخل المضيق، آثار أقدام ذئاب، وعدم صفاء الثلوج، لكنهم لم يتمكنوا من اكتشاف قطعة عظم بيضاء واحدة. قال السائق: «الملحدون، أكلوا حتى عظامه ". لكنني لم أصدق هذا الكلام، وذكرت هذا للسيد صفر. قال صفر: " السيدة أيضا عندما سمعت، لم تزد على أن ابتسمت. الصحيح أن الدكتور هو الذي قال لي: اذهب وأخبرها. كانت السيدة جالسة الى جانب المدفأة , وكأنها كانت ترسم شيئا. لم تسمع صوت الباب. وعندما رأتني، بادرت الى قلب أوراقها».
رسوم السيدة لا توصف. لم ترسم سوى ذلك الذئب. عينان حمراوان براقتان في صفحة سوداء، ومخطط بالقلم الأسود لذئب جالس، ومخطط آخر لذئب يعوي باتجاه القمر. كان ظل الذئب مبالغا فيه جدا، بحيث إنه غطى كامل الدائرة الصحية والمقبرة، ثمة مخطط أو مخططان لفم الذئب، الذي كان أكثر شبها بفم الكلاب، بخاصة الأسنان.
عصر الأربعاء، اتجه الدكتور الى المدينة. ذكرت صديقة أن حالة زوجته كانت سيئة، هكذا كان قد أخبرها هو. لم أصدق، فقد رأيتها بنفسي صباح الأربعاء. أتت الى المدرسة في الوقت المحدد وأخذت تعلم الأطفال الرسم. رسمت واحدا من مخططاتها تلك على السبورة، هي اخبرتني بذلك. وعندما سألتها: "لكن، لماذا الذئب ؟", قالت: "كما حاولت أن أرسم شيئا آخر لم أتذكر، أي أنني بمجرد أن وضعت الطبشورة على السبورة رسمته تلقائيا".
آسفني أن الأطفال قاموا بمحو رسمها في فترة الفسحة. لكنني عندما نظرت الى ما رسمه اثنان منهم احتملت أن الأطفال لم يتمكنوا من اتقان الرسم. فرسومات الأطفال كلها تشبه تماما كلب ماشية، بأذنين متدليتين، وذيل ملتف حول عجزه.
ظهر الخميس عندما بلغني أن الدكتور قد رجع، جزمت بأنه لابد أن يكون قد أحب أن تقضي زوجته ليلتها في المدينة، وأنه عائد الآن الى عمله. لم يكن لديه مرضى، إذ لم يأت أحد منهم من القرى الأخرى. لكن، حسنا الدكتور رجل يقدر المسؤولية. وبعدما ذكر "اختر" اتجه الجميع صوب المضيق، بسيارة الدكتور وجيب الدائرة الصحية، رجال الأمن ذهبوا أيضا، لكنهم لم يظفروا بشيء.
لم يكن الدكتور يتكلم، فبعد رجوع وعيه اكتفى – في غير حالات بكائه – بتأملنا فردا فردا، باتساع عيني زوجته. اضطررت الى تقديم كأس أو كأسين من العرق له لأجل أن يتكلم، فلعله لم يكن يريد أن يتكلم أمام الآخرين. لا أظن أنه كان بينهما أي خلاف , لكني لست أدري لم كان الدكتور يردد قوله: «صدقني لم يكن تقصيري».
وحينما استفسرت من زوجتي، ومن صديقة وصفر أيضا، لم يكن أي منهم يتذكر أن تكون أصوات الزوجين قد تعالت، خصومة ونزاعا. ولكنني كنت قد طلبت من الدكتور الا يذهب، حتى أنني أخبرته بان الثلج سيكون حتما، أكثر في المضيق، لكن ربما كان الحق مع الدكتور، لست أدري. وأخيرا قال: "حالتها ليست جيدة، أظن أنها لا تقدر على البقاء هنا، وعلى فكرة ما هذه الرسومات." نظرت بعدئذ، كانت قد رسمت عدة مخططات لمخالب الذئب. مخطط أو اثنان أيضا لأذنيه المتدليتين، هذا ما قلته حدسا.
لم يكن الدكتور يستطيع الحديث بوضوح. ولكن يبدو أن الثلوج كانت تتزايد في أوساط المضيق، بحيث غطت تماما الزجاج الأمامي. انتبه الدكتور الى أن مساحات الزجاج لا تعمل. اضطر الى التوقف. قال: «صدقيني لقد رأيته، بعيني هاتين رأيته واقفا وسط الطريق ". قالت اختر: "تصرف، فسنتجمد هنا من البرودة ".
قال الدكتور: "أما رأيتها". ثم أخرج يده خارج النافذة، عله يتمكن من إزاحة الثلج عن زجاج السيارة، لكنه لم يفلح. قال: "تعرفين أنه لا يمكن الابتعاد الى هناك ".
كان يقول الحق. ثم يبدو أن محرك السيارة قد توقف. وعندها وجهت اختر مصباحها اليدوي رأت ذئبا جالسا، الى جانب الطريق بالضبط. قالت: "انه هو. صدقني إنه غير ضار على الاطلاق. ربما لم يكن ذئبا أصلا، ربما كان كلب ماشية أو كلبا آخر. اذهب الى الخارج وانظر ما إذا كان يمكنك أن تصلح الأمر".
قال الدكتور: «أذهب الى الخارج ؟ أما رأيته بنفسك ؟
حتى عندما كان يقول هذا، كانت اسنانه تصطك بعضها ببعض. لونه كان قد انقلب أبيض، تماما مثل لون اضطراب وجه اختر عندما كانت تقف خلف النافذة وتنظر الى الصحراء أو الى الكلب قالت اختر: "ماذا لو رميت حقيبتي اليه ؟".
قال الدكتور: " ليحدث ماذا؟»
قالت: «حسنا، إنها جلدية. ففي أثناء انشغاله بأكلها، يمكنك القيام بعمل ما ".
وقبل أن ترمي حقيبتها، قالت للدكتور: «ليتني كنت قد أحضرت معي معطفي الجلدي!»
قال لي الدكتور: «ألم تقل لي بنفسك يجب عدم الخروج خارجا، أو مثلا فتح الباب ؟"
وعندما رمت اختر حقيبتها، لم يخرج الدكتور الى الخارج. وقال: "والله، رأيت سواده هناك، واقفا بجانب الطريق، لا يتحرك، ولا يعوي".
بعدها حاولت اختر أن تعثر على حقيبتها بواسطة مصباحها اليدوي، لكنها لم تنجح، وعندئذ قالت: " إذن، سأذهب بنفسي".
قال لها الدكتور: «لن تفعلي شيئا"، أو ربما قال. "لا يمكنك إصلاح شيء». لكنه يذكر أنه قبل أن يتلقى جوابها، كانت هي قد أصبحت في الخارج. لم يكن الدكتور يردها، فالثلج لم يكن يسمح له بذلك. ولم يسمع صوت استغاثتها (أو: تالمها). ويبدو أنه أقفل باب السيارة بعدئذ من خوفه، أو كانت اختر قد أقفلته. هو لم يحدد.
صباح الجمعة، عدنا الى الطريق من جديد، باحثين. لم يصحبنا الدكتور لم يستطع. كان الثلج مايزال يتساقط. لم يكن أحد ينتظر العثور على شيء. البياض كان في كل مكان. حفرنا في كل الأمكنة المحتملة. عثرنا، فقط، على الحقيبة الجلدية.
عندما استفسرت من صفر أثناء الطريق، قال: «ماسحات الزجاج لا يمكن أن تكون مهتمة به ". أنا شخصيا لا أفهم. وعندما جاءتني صديقة بالرسومات، ازدادت حيرتي. كانت ثمة ملحوظة سريعة ملصقة بها، تحمل اهداء الى مدرستنا الابتدائية. عندما كانت تريد الذهاب، أوصت الى صديقة بأن تاتيني بالرسومات كي أستعملها نماذج، هذا إذا لم تتحسن حالتها، أو لم تستطع المجيء يوم الأربعاء.
لم أستطع أن أقول لصديقة، ولا الدكتور أيضا، ولكن مخططات الكلاب، خاصة إذا كانت كلابا عادية، أي جمال تحمله للأطفال القرويين ؟
* لد هوشنك كلشيري في سنة 1316هـ.ش /1937م في مدينة اصفهان. تخرج في جامعة اصفهان متخصصا في اللغة الفارسية وآدابها. عمل في البدء محررا، ثم ما لبث أن تفرح للتأليف الأدبي. كان الى سنة 1991 يسكن طهران.. من مجموعاته القصصية: مثل هميشة (كالمعتاد)، غاز خانة كوجك من (مصلاي الصغير) والقصة المترجمة هنا هي من هذه المجموعة الأخيرة.
ذئب
نص : هوشنك كلشيري
ترجمة : احسان صادق سعيد(مترجم من سلطنة عمان)