كانت آخر كلماته لي، وأنا أودّعه في المطار، من مقعده المتحرّك: الّلقمة المغمّسة بالدم والإذلال لا أريدها. أستطيع أن أعيش من كتابتي بلا إذلال، ولو متقشّفا. يجب أن أنْهي هذا الوضع، لقد جئت بطلب منهم، معزّزا مكرّما، وسأخرج من هنا...
1 تقترب منه سيرافينا، تعانقه بقوة هادئة، وتهمس في أذنه بأنها محرجة، فـ45 يوما قد مرّت عليها وهي حبلى بكائن جديد. يستقيم روميلو على السرير، وينظر بفظاعة إلى الجسد الأنثوي العاري الذي يغطيه العرق. ثمة شيء في داخله يجعل في...
«أنا مريض». يقول ذلك باستمرار. «العجز الذي تعاني منه ليس فيزيائياً. إنه نفسي. أنت تنسحب من واقعك إلى المرض، أنت تهرب». هذا هو ردّ الطبيب النفسي الذي لجأ إليه بعد أن فشل كل الأطباء الآخرين في تشخيص مرضه. كان قد...
كانت تلك القشة التي قصمت ظهر البعير. فقد عاد إلى الفندق قبل وقت الغداء وصعد إلى غرفته. كانت زوجته تمشط شعرها في الحمام، ولم تقفل الباب على نفسها، كما تفعل عادة. لذلك اعتقد أنه لا مشكلة من دخوله. لكنها صرخت...
حين دلفت من الباب المتحرك الذي يفتح في كلا الاتجاهين , شعرت أنها تدلف إلى عالم آخر لوهلة ثم تحرك ودار بها الباب فوجدت نفسها في الشارع ثانية حيث الحر الشديد والغبار وحركة الناس التي لا تنقطع, وحيث يمتد على...
أدرك الانتظار نصاب الصبر حوْلا وأيّاما عسرا. غلق التقى أبواب الحواسّ، وفتّح عليه بابَ الرّيان يدخله الخيال من أيّ نعمة شاء، فيستعين القلب باليُسر القادم على العسر المقيم، ويتأسّى الجسد الذي صام عن زينة الدّنيا ورذائلها المحبّبة إليه حتى ذوى...
حين وصل راشد حمد إلى محطة دوار فرق كانت آخر حافلة ليلية تابعة لنقليات الخليج تصل لتوها قادمة من مسقط وتربض في صف المواقف الفارغة كما تفعل كل ليلة في مثل هذا الوقت تقريبا. نصف ساعة ستكون كافية كي ينزل...
اذهب لا تتردد ، فليزرع الله في قلوبهم الرحمة. ! ـ أرجوك خوستينو، قل لهم ألا يقتلوني ـ لا أستطيع ، إن العسكري الموجود هناك لا يحب أن يسمع أي شيء عنك. ـ أسمعه كلامك ، استخدم مهارتك وقل له...
كان مييرز يسافر عبر فرنسا في عربة قطار من الدرجة الأولى في طريقه كي يزور ابنه الذي يدرس في ستراسبورغ. لم يكن قد شاهد الفتى لمدة ثمانية أعوام. ولم تحدث مكالمات هاتفية بين الاثنين في ذلك الوقت، ولم يتبادلا بطاقة...
منذ الصباح الباكر كان خبر عودة فاطمة هاربة من بيت خلف قد انتشر في أرجاء القرية ، لكن ذلك لم يكن يعني شيئا مقابل عودتها التي تؤكدها أم فاطمة لمن يسألنها ، جهزت الأم زاداً خفيفا لهما من البُر والسمن...
1) النص المفقود المسافران الجالسان في المقهى في حي تاميل، المقهى المفتوح على المطر والأشجار والعصافير والشارع، في البدء فتح المسافر الذي أعطى ظهره للجالسين خلفه وللشارع حاسوبه المحمول، وبدأ ينقل إلى صفحته الفيسبوكية ـ من كتاب يحمل في غلافه ...
يحدق في جدران الغرفة – التي تحولت في نظره إلى حدود جغرافية فاصلة. يرمش ببطء ثم يعاود التحديق ثانية في ذات الجدران. هي في الحقيقة ليست جدرانا، يتخيلها حواجز شفافة صنعتها كتب الأديان. يشعر بالسخط. ينهض ويبدأ في استعراض الغرفة...
(1) عالم صغير في غرفة بلا شك، من الصعب أنْ تحكم على الشخص من مظهره. هي بريطانية من أصل صيني. في الوهلة الأولى لم أجد فيها شيئًا ملفتا للانتباه. وذات يوم تحدثتُ معها بسبب نغمة هاتف كانت تنبعث من غرفتها....
سأكتب رسالة إلى فانيا، لا بد من ذلك. سأقول لها إنني ما زلت أتنفس، وإن من حولي ما زالوا كذلك أيضاً. فلعلها اعتقدت بأنني قد قضيت مع صاروخ غادرٍ صفع المخيم أو الحي الذي نقطنه، وبأننا الآن تحت الركام. سأضحك،...
عندما أنجبت (حفصة) ولداً صحيحاً سليماً تذكرت أن تفي بنذرها القديم الذي بسطته بحرقة وهوان عند آخر قبر من قبور الأجنة التي حدث أن طمرت نفسها في جدار الرحم ، وانغرست وعششت ومدت أصابع إسفنجية منمنمة ، تؤرجح الأغشية وتدغدغ...
كان «الميجر» معروفاً لأهل البادية معرفتهم بضباع الجبال المحيط بالسهل الذي يقطنونه، فقد كان صراعهم مع الضباع التي تهجم على أبنائهم وأغنامهم يكاد يكون كلّ ليلة، ولكثرة ما فقد من أولاد و أغنام وحمير، باتوا يعرفون هوية كلّ ضبع، فمنها...
كان يحمل آلته الكاتبة إلى الغابة أيام كان يقيم في مأوى اللاجئين في ضاحية فونتانبلو الباريسية ويكتب ذلك السيناريو الأبدي الذي ظل يعتمل في دماغه. يختمر سنوات طويلة. لقد رافقه منذ طفولته في الحبانية العراقية تلك الطفولة وتلك المدينة اللتين...
اقترب العيد فتذكرت السفر الحر .. أجمل ما كان من هواياتي وأجلّ ما تبقى من غواياتي . فطول المقام حبس ولو في النعيم . والغياب عن المكان المألوف حضور في أماكن جديدة يمنح الحياة معاني خفيفة منعشة . ولا سر...
لا ترسمني، ولا تحددّني بكلماتٍ بشريّةٍ سائحةٍ بدلالاتها، ولا تقدّمني امرأةً من لحمٍ ودَم، فأنا روحٌ تّتسع وتنبض. تَدْفق سابحةً وتتكوّر ضوءاً في عتماتٍ ثلاث، وتخرجُ شجرةً من شغفٍ وأحلام، وتمضي، لتعودَ إلى رَحْمٍ ورديّ آخر، لأكون شاهدةً على ما...
أتذكّرُ رجلا شابّا – رجلا لا يزال شابّا – صدّه الموتُ عن الموت – و ربما خطأ الحيف. نجحت قوّات الحلف في تثبيت أقدامها على التّراب الفرنسيّ، بينما كانت القوّات الألمانيّة المهزومة تقاتل عبثاً بشراسة غير مجدية. في منزل كبير...